الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَاوُد
(فَأتى بعرق فِيهِ تمر قدر خَمْسَة عشر صَاعا) قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَهُوَ أصح من رِوَايَة فِيهِ عشرُون صَاعا وَاعْلَم أَنه كَمَا تجب الْكَفَّارَة يجب التَّعْزِير أَيْضا وَادّعى الْبَغَوِيّ الاجماع على ذَلِك وَالْكَفَّارَة مَا ذكره وَهِي كَفَّارَة تَرْتِيب فَإِن عجز عَن الْجَمِيع اسْتَقَرَّتْ فِي ذمَّته وَلَو شرع فِي الصَّوْم أَو الاطعام ثمَّ قدر على الْمرتبَة الْمُقدمَة لم تلْزمهُ على الْأَصَح وَلَو كَانَ من من تلْزمهُ الْكَفَّارَة فَقِيرا فَهَل يجوز لَهُ صرفهَا إِلَى أَهله فِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا نعم للْحَدِيث وَالصَّحِيح أَنه يجوز كَالزَّكَاةِ وَسَائِر الْكَفَّارَات وَالْجَوَاب عَن الحَدِيث من أوجه
أَحدهَا أَنه لَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يدل على وُقُوع التَّمْلِيك وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن يملكهُ ليكفر بِهِ فَلَمَّا أخبر بِحَالهِ تصدق بِهِ عَلَيْهِ
الثَّانِي يحْتَمل أَنه ملكه أَيَّاهُ أَي أمره أَن يتَصَدَّق بِهِ فَلَمَّا أخبرهُ بحاجته أذن لَهُ فِي إطعامه لأَهله لِأَن الْكَفَّارَة بِالْمَالِ إِنَّمَا تكون بعد الْكِفَايَة
الثَّالِث يحْتَمل أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم تطوع بالتكفير عَنهُ وسوغ لَهُ صرفه إِلَى أَهله وَتَكون فَائِدَة الْخَبَر أَنه يجوز للْغَيْر التَّطَوُّع بِالْكَفَّارَةِ عَن الْغَيْر بِإِذْنِهِ وَأَنه يجوز للمتطوع صرفهَا إِلَى أهل الْمُكَفّر وَهَذِه الْأَجْوِبَة ذكرهَا الشَّافِعِي فِي الْأُم وَالله أعلم قَالَ
بَاب كَفَّارَة الْإِفْطَار وَمن يجوز لَهُ
(وَمن مَاتَ وَعَلِيهِ صَوْم من رَمَضَان أطْعم عَنهُ لكل يَوْم مد وَالشَّيْخ الفاني إِن عجز عَن الصَّوْم بفطر وَيطْعم عَن كل يَوْم مد)
من فَاتَهُ صِيَام من رَمَضَان وَمَات نظر إِن مَاتَ قبل تمكنه من الْقَضَاء بِأَن مَاتَ وعذره قَائِم كاستمرار الْمَرَض فَلَا قَضَاء وَلَا فديَة وَلَا إِثْم عَلَيْهِ وَإِن مَاتَ بعد التَّمَكُّن وَجب تدارك مَا فَاتَهُ وَفِي كَيْفيَّة التَّدَارُك قَولَانِ الْجَدِيد وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي أَكثر كتبه الْقَدِيمَة أَنه يخرج من تركته لكل يَوْم مد من طَعَام أفتت بذلك عَائِشَة رضي الله عنها وَابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَفِي حَدِيث رَوَاهُ
التِّرْمِذِيّ وَالصَّحِيح وَقْفَة على ابْن عمر وَالْمدّ ربع صَاع الْفطْرَة وَهُوَ رَطْل وَثلث بالعراقي وَالْقَوْل الآخر وينسب إِلَى الْقَدِيم وَنَصّ عَلَيْهِ أَيْضا فِي الأمالي فَقَالَ إِن صَحَّ الحَدِيث قلت بِهِ والأمالي من كتبه الجديدة بل قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم يجب أَن يصام عَنهُ وَأَنه لَا يتَعَيَّن الْإِطْعَام بل يجوز للْوَلِيّ أَن يَصُوم عَنهُ بل يسْتَحبّ لَهُ ذَلِك كَمَا نَقله النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم قَالَ النَّوَوِيّ الْقَدِيم هُنَا أظهر بل الصَّوَاب الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْم بِهِ لصِحَّة الْأَحَادِيث فِيهِ وَلَيْسَ للجديد حجَّة والْحَدِيث الْوَارِد فِي الْإِطْعَام ضَعِيف وَالله أعلم فعلى الْقَدِيم لَو أَمر الْوَلِيّ أَجْنَبِيّا فصَام عَنهُ بِأُجْرَة أَو بغَيْرهَا جَازَ كَالْحَجِّ وَلَو اسْتَقل الْأَجْنَبِيّ لم يجز على الْأَصَح وَهل الْمُعْتَبر على الْقَدِيم الْقَرِيب الْوَارِث أم الْعصبَة أم مُطلق الْقَرَابَة قَالَ الرَّافِعِيّ الْأَشْبَه اعْتِبَار الارث وَقَالَ النَّوَوِيّ الْمُخْتَار مُطلق الْقَرَابَة قَالَ فقد ورد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ
(لإمرأة تَصُوم عَن أمهَا) وَهَذَا يبطل احْتِمَال الْعُصُوبَة ويضعف قَول الارث فَإِنَّهَا غير مستغرقة لِلْمَالِ وَلم يستفسر مِنْهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك وَالله أعلم وَأما الشَّيْخ الْهَرم الَّذِي لَا يُطيق الصَّوْم أَو يلْحقهُ بِهِ مشقة شَدِيدَة فَلَا صَوْم عَلَيْهِ وَتجب عَلَيْهِ الْفِدْيَة على الْأَظْهر وَيجْرِي الْقَوْلَانِ فِي الْمَرِيض الَّذِي لَا يُرْجَى زَوَال مَرضه وَالله أعلم قَالَ
(وَالْحَامِل والمرضع إِن خافتا على أَنفسهمَا أفطرتا وَعَلَيْهَا الْقَضَاء وَإِن خافتا على ولديهما أفطرتا وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة عَن كل يَوْم مد)
إِذا خَافت الْحَامِل أَو الْمُرْضع على أَنفسهمَا ضَرَرا بَينا من الصَّوْم مثل الضَّرَر الناشىء للْمَرِيض من الْمَرَض أفطرتا وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاء كَالْمَرِيضِ وَسَوَاء تضرر الْوَلَد أم لَا كَمَا قَالَه القَاضِي حُسَيْن وَلَا فديَة كَالْمَرِيضِ وَإِن خافتا على ولديهما بِسَبَب إِسْقَاط الْوَلَد فِي الْحَامِل وَقلة اللَّبن فِي الْمُرْضع أفطرتا وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاء للإفطار والفدية على أظهر الْأَقْوَال لكل يَوْم مد من طَعَام لقَوْله
تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} وَبِذَلِك قَالَ ابْن عمر وَابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَلَا مُخَالف لَهما وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن يجب الافطار إِن أضرّ الصَّوْم بالرضيع وَلَو أَرَادَت وَاحِدَة أَن ترْضع صَبيا تقرباً إِلَى الله جَازَ الْفطر لَهَا ثمَّ هَذَا فِيمَا إِذا كَانَتَا مقيمتين صحيحتين أما لَو كَانَتَا مسافرتين وأفطرتا بنية التَّرَخُّص بِالسَّفرِ أَو الْمَرَض فَلَا فديَة عَلَيْهِمَا وَإِن لم تنويا التَّرَخُّص فَفِي وجوب الْفِدْيَة وَجْهَان كالوجهين فِي فطر الْمُسَافِر بالاجماع وَالأَصَح أَنه لَا كَفَّارَة هُنَاكَ قَالَ
(وَالْمَرِيض وَالْمُسَافر سفرا طَويلا يفطران ويقضيان)
يُبَاح للْمَرِيض وَالْمُسَافر الافطار فِي رَمَضَان قَالَ الله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} تَقْدِير الْآيَة فَأفْطر فَعدَّة من أَيَّام أخر ثمَّ يشْتَرط فِي الْمَرِيض أَن يجب ألماً شَدِيدا ثمَّ إِن كَانَ الْمَرَض مطبقاً فَلهُ ترك النِّيَّة من اللَّيْل وَإِن كَانَ متقطعاً كمن يحم وقتا دون وَقت نظر إِن كَانَ محموماً وَقت الشُّرُوع جَازَ أَن يتْرك النِّيَّة من اللَّيْل وَإِلَّا فَعَلَيهِ أَن يَنْوِي من اللَّيْل فَإِن احْتَاجَ إِلَى الْإِفْطَار أفطر ثمَّ هَذَا إِذا لم يخْش الْهَلَاك فَإِن خشيَة وَجب عَلَيْهِ الْفطر قَالَه الْجِرْجَانِيّ وَالْغَزالِيّ فَإِن صَامَ فَفِي انْعِقَاده احتمالات قَالَه الْغَزالِيّ وَاعْلَم أَن غَلَبَة الْجُوع والعطش كالمرض
وَأما الْمُسَافِر فَشرط الْإِبَاحَة لَهُ أَن يكون سَفَره طَويلا مُبَاحا فَلَا يترخص فِي الْقصير لعدم الْمُبِيح وَلَا فِي السّفر بالمعصية لِأَن الرُّخص لَا تناط بِالْمَعَاصِي فَلَو أصبح مُقيما ثمَّ سَافر فَلَا يفْطر لِأَنَّهَا عبَادَة اجْتمع فِيهَا السّفر والحضر فغلبنا الْحَضَر وَقَالَ الْمُزنِيّ يجوز لَهُ الْفطر قِيَاسا على من أصبح صَائِما فَمَرض نعم لَو أصبح الْمُسَافِر وَالْمَرِيض صَائِمين فَلَهُمَا الْفطر لِأَن السَّبَب المرخص مَوْجُود وَقيل لَا يجوز وَلَو أَقَامَ الْمُسَافِر أَو شفي الْمَرِيض حرم الْفطر على الصَّحِيح لزوَال سَبَب الاباحة ثمَّ إِن الْأَفْضَل فِي حق الْمُسَافِر ينظر إِن لم يتَضَرَّر فالصوم أفضل وَإِن تضرر فالفطر أفضل وَقَالَ فِي التَّتِمَّة وَلَو لم يتَضَرَّر فِي الْحَال لكنه يخَاف الضعْف لَو صَامَ وَكَانَ فِي سفر حج أَو غَزْو فالفطر أولى وَالله أعلم قَالَ