الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّافِعِيّ أَنه لايصح فَرَاجعه وَالله أعلم ثمَّ إِذا صَحَّ الِاقْتِدَاء صحت صَلَاة الصُّفُوف الَّتِي خلف الْمَأْمُوم وَإِن حَال بَين هَذِه الصُّفُوف وَبَين الإِمَام أبنية وَذَلِكَ بطرِيق التبع والصفوف مَعَ الْمَأْمُوم كالمؤتمين بِهِ حَتَّى لَا يجوز تقدمهم عَلَيْهِ فِي الْموقف وَإِن كَانُوا متأخرين عَن الإِمَام قَالَ القَاضِي حُسَيْن وَلَا يجوز تقدم تكبيرهم على تكبيره نعم لَو أحدث هَذَا الْمَأْمُوم الْمَتْبُوع أَو ترك الصَّلَاة لَا تبطل قدوة الصُّفُوف التَّابِعين لَهُ لِأَنَّهُ لَا يغْتَفر ذَلِك دواماً دون الِابْتِدَاء قَالَه الْبَغَوِيّ ثمَّ شَرط صِحَة ذَلِك مَا إِذا حصل بَين الْمَأْمُوم وَالْإِمَام محاذاة كَمَا إِذا صلى الإِمَام على صفة عالية وَصلى الْمَأْمُوم على صحن أَو عَكسه فَلَا بُد من محاذاة بَينهمَا وَلَو كَانَ يُحَاذِي رَأس الْأَسْفَل قدم الْأَعْلَى وَقيل يشْتَرط محاذاة الرَّأْس للركبة وَلَو كَانَا فِي الْبَحْر وَالْإِمَام فِي سفينة وَالْمَأْمُوم فِي أُخْرَى وهما مكشوفتان فَالصَّحِيح أَنه يَصح الِاقْتِدَاء إِذا لم يزدْ مَا بَينهمَا على ثلثمِائة ذِرَاع كالصحراء قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَكَذَا لَو كَانَ أَحدهمَا فِي سفينة وَالْآخر على الشط وَإِن كَانَتَا مسقفتين فهما كالدارين والسفينة الَّتِي فِيهَا بيُوت كَالدَّارِ ذَات الْبيُوت والخيام كالبيوت وَالله أعلم قَالَ
بَاب قصر الصَّلَاة وَجَمعهَا
(فصل وَيجوز للْمُسَافِر قصر الصَّلَاة الرّبَاعِيّة بِأَرْبَع شَرَائِط أَن يكون سَفَره فِي غير مَعْصِيّة) لَا شكّ أَن السّفر غَالِبا وَسِيلَة إِلَى الْخَلَاص من مهروب أَو الْوُصُول إِلَى مَطْلُوب وَالسّفر مَظَنَّة الْمَشَقَّة وَهِي تجلب التَّيْسِير فَلهَذَا حط من الصَّلَاة الرّبَاعِيّة رَكْعَتَانِ وَالْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة على جَوَاز الْقصر فِي السّفر الْمُبَاح الطَّوِيل وَفِي قصر المقضية خلاف وتفصيل بأتي إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ} الْآيَة وَالضَّرْب فِي الأَرْض السّفر وَورد عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ
(صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أبي بكر رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عمر رَكْعَتَيْنِ) وَقَالَ ابْن عمر
(سَافَرت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأبي بكر وَعمر وَكَانُوا يصلونَ الظّهْر وَالْعصر رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ)
ثمَّ شَرط السّفر أَن يكون فِي غير مَعْصِيّة فَيشْمَل الْوَاجِب كسفر الْحَج وَقَضَاء الدُّيُون وَنَحْوهمَا ويشمل الْمَنْدُوب كحج التَّطَوُّع وصلَة الرَّحِم وَنَحْوهمَا ويشمل الْمُبَاح كسفر التِّجَارَة والتنزه ويشمل الْمَكْرُوه كسفر الْمُنْفَرد عَن رَفِيقه قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد وَمن الْأَغْرَاض الْفَاسِدَة طواف الصُّوفِيَّة لرؤية الْبِلَاد والأقاليم قَالَ الإِمَام وَلَا يشْتَرط كَون السّفر طَاعَة بِاتِّفَاق وَعَن صَاحب التَّلْخِيص اشْتِرَاط الطَّاعَة وَاحْترز الشَّيْخ بقوله فِي غير مَعْصِيّة عَن سفر الْمعْصِيَة كالسفر لقطع الطَّرِيق وَأخذ المكوس وجلب الْخمر والحشيش وَمن تبعثه الظلمَة فِي أَخذ الرشا والجبايات وسفر الْمَرْأَة بِغَيْر إِذن زَوجهَا وسفر العَبْد الْآبِق وسفر الْمَدْيُون الْقَادِر على الْوَفَاء بِغَيْر إِذن صَاحب الدّين وَنَحْو ذَلِك فَهَؤُلَاءِ وأشباههم لَا يترخصون بِالْقصرِ لِأَن الْقصر رخصَة وَهَذَا السّفر مَعْصِيّة والرخص لَا تناط بِالْمَعَاصِي وكما لَا يقصر العَاصِي بِسَفَرِهِ لَا يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ وَلَا يتَنَفَّل على الرَّاحِلَة وَلَا يمسح ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا يَأْكُل الْميتَة عِنْد الِاضْطِرَار قَالَ فِي شرح الْمُهَذّب بِلَا خلاف وَفِي الرَّوْضَة حِكَايَة خلاف فِي أكل الْميتَة وَلَا معول عَلَيْهِ وَلَو وجد ظَالِما فِي مفازة فَلَا يسْقِيه وَإِن مَاتَ أفتى بذلك سُفْيَان الثَّوْريّ لتستريح مِنْهُ الْبِلَاد والعباد وَالشَّجر وَالدَّوَاب وَهُوَ مَسْأَلَة مهمة نفيسة وَاحْترز الشَّيْخ بِالصَّلَاةِ الرّبَاعِيّة عَن الْمغرب وَالصُّبْح فَإِنَّهُمَا لَا يقصران قَالَ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ بِالْإِجْمَاع لَكِن نقل الْعَبَّادِيّ عَن مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي من أَصْحَابنَا أَنه يجوز قصر الصُّبْح إِلَى رَكْعَة فِي الْخَوْف كمذهب ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَالله أعلم قَالَ
(وَأَن تكون مسافته سِتَّة عشر فرسخاً)
يشْتَرط فِي جَوَاز الْقصر كَون السّفر طَويلا وَهُوَ سِتَّة عشر فرسخاً كَمَا ذكره الشَّيْخ وَهُوَ ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ ميلًا بالهاشمي وَهِي أَرْبَعَة برد وَلَو حَبسه الرّيح قَالَ الدَّارمِيّ هُوَ كالإقامة فِي الْبَلَد من غير نِيَّة وَاعْلَم أَن مَسَافَة الرُّجُوع لَا تحسب فَلَو قصد موضعا على مرحلة بنية أَن يُقيم فَلَيْسَ لَهُ أَن يقصر لَا ذَهَابًا وَلَا إياباً وَإِن ناله مشقة مرحلَتَيْنِ لَا يُسمى طَويلا
وَاعْلَم أَيْضا أَنه لَا بُد للْمُسَافِر من ربط قَصده بِموضع مَعْلُوم فَلَا يقصر الهائم وَإِن طَال سَفَره وَيُسمى هَذَا أَيْضا رَاكب التعاسيف
(فرع) نوى مَسَافَة الْقصر ثمَّ نوى بعد خُرُوجه أَنه إِن وجد فلَانا رَجَعَ وَإِلَّا مضى فَالْأَصَحّ أَنه يترخص مَا لم يلقه فَإِذا لقِيه خرج عَن السّفر وَصَارَ مُقيما وَلَو نوى مَسَافَة الْقصر ثمَّ نوى بعد خُرُوجه أَنه إِذا وصل بلد كَذَا والبلد وسط الطَّرِيق أَقَامَ أَرْبَعَة أَيَّام فَأكْثر فَإِن كَانَ من مَوضِع خُرُوجه إِلَى الْمَقْصد الثَّانِي مَسَافَة الْقصر ترخص وَإِن كَانَ أقل ترخص أَيْضا على الْأَصَح وَالله أعلم قَالَ
(وَأَن يكون مُؤديا للصَّلَاة الرّبَاعِيّة وَأَن يَنْوِي الْقصر مَعَ الْإِحْرَام)
حجَّة كَون الصَّلَاة الَّتِي تقصر أَن تكون مُؤَدَّاة لما مر من الْأَدِلَّة أما المقضية فَإِن فَاتَت فِي الْحَضَر وقضاها فِي السّفر وَجب عَلَيْهِ الْإِتْمَام لِأَنَّهَا ترتبت فِي ذمَّته أَرْبعا وَادّعى ابْن الْمُنْذر وَالْإِمَام أَحْمد الْإِجْمَاع على ذَلِك وَقَالَ الْمُزنِيّ وَله قصرهَا وَحكى الْمَاوَرْدِيّ وَجها مثله لِأَن الِاعْتِبَار بِوَقْت الْقَضَاء كَمَا لَو ترك صَلَاة فِي الصِّحَّة لَهُ قَضَاؤُهَا فِي الْمَرَض قَاعِدا والقائلون بِالْمذهبِ فرقوا بِأَن الْمَرَض حَالَة ضَرُورَة فَيحْتَمل فِيهِ مَا لايحتمل فِي السّفر لِأَنَّهُ رخصَة أَلا ترى أَنه لَو شرع فِي الصَّلَاة قَائِما ثمَّ طَرَأَ الْمَرَض لَهُ أَن يقْعد وَلَو شرع فِي الصَّلَاة فِي الْحَضَر ثمَّ سَافَرت بِهِ السَّفِينَة لم يكن لَهُ أَن يقصر وَإِن فَاتَت الصَّلَاة فِي السّفر قَضَاهَا فِي السّفر أَو فِي الْحَضَر فَهَل يقصرها فِيهِ أَقْوَال أظرهاإن قصاها فِي السّفر قصر وغن تخللت إِقَامَته وَإِن قَضَاهَا فِي الْحَضَر أتم هَذَا مَا صَححهُ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وَصحح ابْن الرّفْعَة الْإِتْمَام مُطلقًا وَلَو شكّ هَل فَاتَت فِي الْحَضَر أَو فِي السّفر لم يقصر وَاعْلَم أَن شَرط الْقصر أَن ينويه لِأَن الأَصْل الْإِتْمَام فَإِذا لم ينْو الْقصر انْعَقَد إِحْرَامه على الأَصْل وَيشْتَرط أَن تكون نِيَّة الْقصر وَقت التَّحْرِيم بِالصَّلَاةِ كنيته وَلَا يشْتَرط دوَام ذكرهَا للْمَشَقَّة نعم يشْتَرط الانفكاك عَمَّا يُخَالف الْجَزْم بِالنِّيَّةِ فَلَو نوى الْقصر ثمَّ نوى الْإِتْمَام وَكَذَا لَو تردد بَين أَن يقصر أَو يتم أتم وَلَو شكّ هَل نوى الْقصر أم لَا لزمَه الإِمَام وَإِن تذكر فِي الْحَال أَنه نوى الْقصر لِأَنَّهُ بالتردد لزمَه الْإِتْمَام
وَاعْلَم أَن للقصر أَرْبَعَة شُرُوط
أَحدهَا النِّيَّة كَمَا ذكره الشَّيْخ
الثَّانِي أَن يكون مُسَافِرًا من أول الصَّلَاة إِلَى آخرهَا فَلَو نوى الْإِقَامَة فِي أَثْنَائِهَا أَو انْتَهَت بِهِ السَّفِينَة إِلَى دَار الْإِقَامَة لزمَه الْإِتْمَام
الثَّالِث أَن يعلم بِجَوَاز الْقصر فَلَو جهل جَوَازه فقصر لم تصح صلَاته لتلاعبه نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الْأُم قَالَ النَّوَوِيّ وَيلْزمهُ إِعَادَة هَذِه الصَّلَاة أَرْبعا الشَّرْط الرَّابِع
أَن لَا يَقْتَدِي بمقيم أَو بمتم فِي جُزْء من صلَاته فَإِن فعل لزمَه الْإِتْمَام وَلَو صلى الظّهْر خلف من يُصَلِّي الصُّبْح مُسَافِرًا كَانَ أَو مُقيما لم يجز لَهُ الْقصر على الْأَصَح لِأَنَّهَا صَلَاة لَا تقصر وَلَو صلى الظّهْر خلف من يُصَلِّي الْجُمُعَة فَالْمَذْهَب أَنه لَا يجوز لَهُ الْقصر وَيلْزمهُ الْإِتْمَام وَسَوَاء كَانَ إِمَام الْجُمُعَة مُسَافِرًا أَو مُقيما وَلَو نوى الظّهْر مَقْصُورَة خلف من يُصَلِّي الْعَصْر مَقْصُورَة جَازَ وَالله أعلم
(فرع) اقْتدى الْمُسَافِر بِمن علمه أَو ظَنّه مُقيما لزم الْإِتْمَام وَكَذَا لَو شكّ هَل هُوَ مُسَافر أَو
مُقيم يلْزمه الْإِتْمَام وَإِن اقْتدى بِمن علمه أَو ظَنّه مُسَافِرًا أَو علم أَو ظن أَنه قصر جَازَ لَهُ أَن يقصر خَلفه وَكَذَا لَو لم يدر أَنه نوى الْقصر فَلَا يلْزمه الْإِتْمَام بِهَذَا التَّرَدُّد لِأَن الظَّاهِر من حَال الْمُسَافِر أَنه يَنْوِي الْقصر وَكَذَا لَو عرض لَهُ هَذَا التَّرَدُّد فِي أثْنَاء الصَّلَاة لَا يلْزمه الْإِتْمَام وَالله أعلم قَالَ
(وَيجوز للْمُسَافِر أَن يجمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَبَين الْمغرب وَالْعشَاء فِي وَقت أَيهمَا شَاءَ)
يجوز الْجمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَبَين الْمغرب وَالْعشَاء جمع تَقْدِيم فِي وَقت الأولى وَجمع تَأْخِير فِي وَقت الثَّانِيَة فِي السّفر الطَّوِيل وَلَا تجمع الصُّبْح إِلَى غَيرهَا وَلَا الْعَصْر إِلَى الْمغرب
وَالْأَصْل فِي ذَلِك مَا رَوَاهُ معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ
(خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فَكَانَ يجمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء فَأخر الصَّلَاة يَوْمًا ثمَّ خرج فصلى الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا ثمَّ دخل ثمَّ خرج فصلى الْمغرب وَالْعشَاء جَمِيعًا)
ثمَّ لجمع التَّقْدِيم ثَلَاثَة شُرُوط أَحدهَا أَن يبْدَأ بِالْأولَى بِأَن يُصَلِّي الظّهْر قبل الْعَصْر وَالْمغْرب قبل الْعشَاء لِأَن الْوَقْت للأولى وَالثَّانيَِة تبع لَهَا وَالتَّابِع لَا يتَقَدَّم على الْمَتْبُوع فَلَو بَدَأَ بِالثَّانِيَةِ لم تصح وَيُعِيدهَا بعد الأولى
الشَّرْط الثَّانِي نِيَّة الْجمع عِنْد تحرم الأولى أَو فِي أَثْنَائِهَا على الْأَظْهر فَلَا يجوز بعد سَلام الأولى
الشَّرْط الثَّالِث الْمُوَالَاة بَين الأولى وَالثَّانيَِة لِأَن الثَّانِيَة تَابِعَة وَالتَّابِع لَا يفصل عَن متبوعه وَلِأَنَّهُ الْوَارِد عَنهُ عليه الصلاة والسلام وَلِهَذَا يتْرك الرَّوَاتِب بَينهمَا فَلَو وَقع الْفَصْل الطَّوِيل بَينهمَا امْتنع ضم الثَّانِيَة إِلَى الأولى وَيتَعَيَّن تَأْخِيرهَا إِلَى وَقتهَا سَوَاء طَال بِعُذْر كالسهو وَالْإِغْمَاء وَغَيره أم لَا وَلَا يضر الْفَصْل الْقصير وَاحْتج لَهُ بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لما جمع بنمرة أَمر بِالْإِقَامَةِ بَينهمَا ثمَّ جُمْهُور الْأَصْحَاب جوزوا الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ بِالتَّيَمُّمِ وَفِيه فصل مَعَ نوع طلب للْمَاء بِشَرْط أَن يكون خَفِيفا وَالصَّحِيح أَن الرُّجُوع فِي الْفَصْل إِلَى الْعرف هَذَا فِي جمع التَّقْدِيم أما جمع التَّأْخِير فَلَا يشْتَرط التَّرْتِيب بَين الصَّلَاتَيْنِ وَلَا نِيَّة الْجمع حَال الصَّلَاة على الصَّحِيح وَلَا الْمُوَالَاة نعم يجب أَن يَنْوِي فِي وَقت الأولى كَون التَّأْخِير لأجل الْجمع تمييزاً عَن التَّأْخِير مُتَعَدِّيا وَلِئَلَّا يَخْلُو الْوَقْت عَن الْفِعْل أَو الْعَزْم فَإِن لم ينْو عصى وَصَارَت الأولى قَضَاء وَالله أعلم قَالَ
(وَيجوز للحاضر فِي الْمَطَر أَن يجمع بَينهمَا فِي وَقت الأولى مِنْهُمَا)
يجوز للمقيم الْجمع بالمطر فِي وَقت الأولى من الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء على الصَّحِيح وَقيل يخْتَص ذَلِك بالمغرب وَالْعشَاء للْمَشَقَّة وَهَذَا بِشَرْط أَن تقع الصَّلَاة فِي مَوضِع لَو سعى إِلَيْهِ أَصَابَهُ الْمَطَر وتبتل ثِيَابه وَاقْتصر الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ على ذَلِك وَإِن كَانَ الْمَطَر قَلِيلا إِذا بل الثَّوْب وَاشْترط القَاضِي حُسَيْن مَعَ ذَلِك أَن يبتل النَّعْل كَالثَّوْبِ وَذكر الْمُتَوَلِي فِي التَّتِمَّة مثله وَاحْتج للْجمع بِمَا ورد عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
(صلى بِالْمَدِينَةِ ثمانياً جَمِيعًا وَسبعا جَمِيعًا الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء) وَفِي رِوَايَة مُسلم من غير خوف وَلَا سفر وكما يجوز الْجمع بَين الظّهْر وَالْعصر يجوز الْجمع بَين الْجُمُعَة وَالْعصر ثمَّ إِذا جمع بالتقديم فَيشْتَرط فِي ذَلِك مَا شَرط فِي جمع السّفر وَيشْتَرط تحقق وجود الْمَطَر فِي أول الأولى وَأول الثَّانِيَة وَكَذَا يشْتَرط أَيْضا وجوده عِنْد السَّلَام من الأولى على الصَّحِيح الَّذِي قطع بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَقيل لَا يشْتَرط وَنَقله الإِمَام عَن مُعظم الْأَصْحَاب وَلَا يشْتَرط وجوده فِي غير هَذِه الْأَحْوَال الثَّلَاثَة هَذَا هُوَ الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَقطع بِهِ الْأَصْحَاب وَقَول الشَّيْخ فِي وَقت الأولى يُؤْخَذ مِنْهُ أَنه لَا يجوز الْجمع بالمطر فِي وَقت الثَّانِيَة وَهُوَ كَذَلِك على الْأَظْهر وَفِي قَول يجوز قِيَاسا على جمع السّفر والقائلون بالأظهر فرقوا بِأَن السّفر إِلَيْهِ فَيمكن أَن يستديمه بِخِلَاف الْمَطَر فَإِنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهِ فقد يَنْقَطِع قبل الْجمع وَالله أعلم
(فرع) الْمَعْرُوف من الْمَذْهَب أَنه لَا يجوز الْجمع بِالْمرضِ وَلَا الوحل وَلَا الْخَوْف وَادّعى إِمَام الْحَرَمَيْنِ الْإِجْمَاع على امْتِنَاعه بِالْمرضِ وكذاادعى إِجْمَاع الْأمة على ذَلِك التِّرْمِذِيّ وَدَعوى الْإِجْمَاع مِنْهُمَا مَمْنُوع فقد ذهب جمَاعَة من أَصْحَابنَا وَغَيرهم إِلَى جَوَاز الْجمع بِالْمرضِ مِنْهُم القَاضِي حُسَيْن وَالْمُتوَلِّيّ وَالرُّويَانِيّ والخطابي وَالْإِمَام أَحْمد وَمن تبعه على ذَلِك وَفعله ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فَأنكرهُ رجل من بني تَمِيم فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أتعلمني السّنة لَا أم لَك وَذكر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فعله قَالَ ابْن شَقِيق فحاك فِي صَدْرِي من ذَلِك شَيْء فَأتيت أَبَا هُرَيْرَة رضي الله عنه فَسَأَلته عَن ذَلِك فَصدق مقَالَته وقصة ابْن عَبَّاس وسؤال ابْن شَقِيق ثابتان فِي صَحِيح مُسلم قَالَ النَّوَوِيّ القَوْل بِجَوَاز الْجمع بِالْمرضِ ظَاهر مُخْتَار فقد ثَبت فِي صَحِيح مُسلم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
(جمع بِالْمَدِينَةِ من غير خوف وَلَا مطر) قَالَ الأسنائي وَمَا اخْتَار النَّوَوِيّ نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَيُؤَيِّدهُ الْمَعْنى أَيْضا فَإِن الْمَرَض يجوز الْفطر كالسفر فالجمع أولى بل ذهب جمَاعَة من الْعلمَاء إِلَى جَوَاز الْجمع فِي الْحَضَر للْحَاجة لمن لَا يَتَّخِذهُ عَادَة وَبِه قَالَ أَبُو