الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصَّلَاة
بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وأوقاتها
(الصَّلَوَات المفروضات خمس الظّهْر وَأول وَقتهَا زَوَال الشَّمْس وَآخره إِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثله بعد ظلّ الزَّوَال)
الصَّلَاة فِي اللُّغَة الدُّعَاء قَالَ الله تَعَالَى {وصل عَلَيْهِم} أَي ادْع لَهُم
وَفِي الشَّرْع عبارَة عَن أَقْوَال وأفعال مفتتحة بِالتَّكْبِيرِ مختتمة بِالتَّسْلِيمِ بِشُرُوط وَالْأَصْل فِي وُجُوبهَا قَوْله تَعَالَى {وَأقِيمُوا الصَّلَاة} أَي حَافظُوا عَلَيْهَا وَالْأَحَادِيث فِي ذَلِك كَثِيرَة جدا وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على ذَلِك وَبَدَأَ بِذكر أَوْقَاتهَا لِأَن أهم أُمُور الصَّلَاة معرفَة أَوْقَاتهَا لِأَن بِدُخُول الْوَقْت تجب وبخروجه تفوت وَالْأَصْل فِي التَّوْقِيت الْكتاب وَالسّنة قَالَ الله تَعَالَى {إِن الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتاً} أَي مَكْتُوبَة موقتة وروى ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
(أمني جِبْرِيل عليه السلام عِنْد الْبَيْت مرَّتَيْنِ فصلى بِي الظّهْر حِين زَالَت الشَّمْس وَكَانَ قدر شِرَاك النَّعْل وَصلى بِي الْعَصْر حِين كَانَ ظله مثله وَصلى بِي الْمغرب حِين أفطر الصَّائِم وَصلى بِي الْعشَاء حِين غَابَ الشَّفق الْأَحْمَر وَصلى بِي الْفجْر حِين حرم الطَّعَام وَالشرَاب للصَّائِم فَلَمَّا كَانَ الْغَد صلى بِي الظّهْر حِين كَانَ ظله مثله وَصلى بِي الْعَصْر حِين كَانَ ظله مثلَيْهِ وَصلى بِي الْمغرب حِين أفطر الصَّائِم وَصلى بِي الْعشَاء إِلَى ثلث اللَّيْل الأول وَصلى بِي الْفجْر باسفار ثمَّ الْتفت إِلَيّ وَقَالَ يامحمد هَذَا وَقت الْأَنْبِيَاء من قبلك وَالْوَقْت مَا بَين هذَيْن الْوَقْتَيْنِ)
والشراك بشين مُعْجمَة مَكْسُورَة أحد سيور النَّعْل والظل فِي اللُّغَة السّتْر تَقول أَنا فِي ظلك وَفِي ظلّ اللَّيْل وَهُوَ يكون من أول النَّهَار إِلَى آخِره والفيء يخْتَص بِمَا بعد الزَّوَال
(وَقَوله زَوَال الشَّمْس) أَي فِيمَا يظْهر لنا لَا مَا فِي نفس الْأَمر لِأَن الشَّمْس إِذا انْتَهَت إِلَى وسط السَّمَاء وَهِي حَالَة الاسْتوَاء يبْقى للشاخص ظلّ فِي أغلب الْبِلَاد وَيخْتَلف مِقْدَاره باخْتلَاف الْأَمْكِنَة والفصول فَإِذا مَالَتْ الشَّمْس إِلَى جَانب الْمغرب حدث الظل فِي جَانب الْمشرق فحدوثه فِي مَكَان لَا ظلّ للشاخص فِيهِ كمكة وَصَنْعَاء الْيمن هُوَ الزَّوَال وزيادته فِي مَكَان للشاخص فِيهِ ظلّ هُوَ الزَّوَال الَّذِي بِهِ يدْخل وَقت الظّهْر فَإِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثله غير ظلّ الزَّوَال حَالَة الاسْتوَاء فَهُوَ آخر وَقت الظّهْر قَالَ
(وَالْعصر وَأول وَقتهَا الزِّيَادَة على ظلّ الْمثل وَآخره فِي الإختيار إِلَى ظلّ المثلين وَفِي الْجَوَاز إِلَى غرُوب الشَّمْس)
إِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثله فَهُوَ آخر وَقت الظّهْر وَأول وَقت الْعَصْر للْخَبَر لَكِن لَا بُد من زِيَادَة ظلّ وَإِن قلت لِأَن خُرُوج وَقت الظّهْر لَا يكَاد يعرف إِلَّا بِتِلْكَ الزِّيَادَة فَإِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ خرج وَقت الِاخْتِيَار وَسمي بذلك لِأَن الْمُخْتَار هُوَ الرَّاجِح وَقيل لِأَن جِبْرِيل عليه السلام اخْتَارَهُ وَقَوله الْجَوَاز إِلَى غرُوب الشَّمْس حجَّته قَوْله عليه الصلاة والسلام
(وَقت الْعَصْر مَا لم تغرب الشَّمْس) وَاعْلَم أَن للعصر أَرْبَعَة أَوْقَات وَقت فَضِيلَة وَهُوَ إِلَى أَن يصير الظل مثل الشاخص وَوقت جَوَاز بِلَا كَرَاهَة وَهُوَ من مصير الظل مثلَيْهِ إِلَى الاصفرار وَوقت كَرَاهَة يَعْنِي يكره التَّأْخِير إِلَيْهِ وَهُوَ من الاصفرار إِلَى قبيل الْغُرُوب وَوقت تَحْرِيم وَهُوَ تَأْخِير الصَّلَاة إِلَى وَقت لَا يَسعهَا وَإِن قُلْنَا كلهَا أَدَاء قَالَ
(وَالْمغْرب وَقتهَا وَاحِد وَهُوَ غرُوب الشَّمْس)
دَلِيل ذَلِك حَدِيث جِبْرِيل عليه السلام لِأَنَّهُ أم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي وَقت وَاحِد فِي الْيَوْمَيْنِ وَمَتى يخرج وَقت الْمغرب فِيهِ قَولَانِ الْجَدِيد الْأَظْهر أَنه يخرج بِمِقْدَار طَهَارَة وَستر عَورَة وأذان وَإِقَامَة وَخمْس رَكْعَات وَالِاعْتِبَار فِي ذَلِك بالوسط المعتدل وَالْقَدِيم لَا يخرج حَتَّى يغيب الشَّفق الْأَحْمَر لقَوْله صلى الله عليه وسلم
(وَوقت الْمغرب إِذا غَابَتْ الشَّمْس مَا لم يسْقط الشَّفق) وَعَن بُرَيْدَة رَضِي الله
عَنهُ
(أَن سَائِلًا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن مَوَاقِيت الصَّلَاة فصلى بِهِ يَوْمَيْنِ فصلى بِهِ الْمغرب فِي الْيَوْم الأول حِين غَابَتْ الشَّمْس وصلاها فِي الْيَوْم الثَّانِي قبل أَن يغيب الشَّفق ثمَّ قَالَ أَيْن السَّائِل عَن وَقت الصَّلَاة فَقَالَ الرجل هَا أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ
(وَقت صَلَاتكُمْ بَين مَا رَأَيْتُمْ) وَالْأَحَادِيث فِي ذَلِك كَثِيرَة قَالَ الرَّافِعِيّ وَاخْتَارَ طَائِفَة من الْأَصْحَاب الْقَدِيم ورجحوه قَالَ النَّوَوِيّ الْأَحَادِيث الصحيجة مصرحة بِمَا قَالَه فِي الْقَدِيم وَتَأْويل بَعْضهَا مُتَعَذر فَهُوَ الصَّوَاب وَمِمَّنْ اخْتَارَهُ من أَصْحَابنَا ابْن خُزَيْمَة والخطابي وَالْبَيْهَقِيّ وَالْغَزالِيّ فِي الْإِحْيَاء وَالْبَغوِيّ فِي التَّهْذِيب وَغَيرهم وَالله أعلم قَالَ
(وَالْعشَاء وَأول وَقتهَا إِذا غَابَ الشَّفق الْأَحْمَر وَآخره فِي الإختيار إِلَى ثلث اللَّيْل وَفِي الْجَوَاز إِلَى طُلُوع الْفجْر الثَّانِي)
وَيدخل وَقت الْعشَاء بغيبوبة الشَّفق للأحاديث قَالَ ابْن الرّفْعَة وَهُوَ بِالْإِجْمَاع وَالِاخْتِيَار أَن لَا يُؤَخر عَن ثلث اللَّيْل لحَدِيث جِبْرِيل عليه السلام وَغَيره وَفِي قَول حَتَّى يذهب نصف اللَّيْل لقَوْله صلى الله عليه وسلم
(وَقت الْعشَاء إِلَى نصف اللَّيْل) قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب إِن كَلَام الْأَكْثَرين يَقْتَضِي تَرْجِيح هَذَا وَصرح فِي شرح مُسلم بِتَصْحِيحِهِ فَقَالَ إِنَّه الْأَصَح وَوقت الْجَوَاز إِلَى طُلُوع الْفجْر الثَّانِي للْأَخْبَار وَذكر الشَّيْخ أَبُو حَامِد أَن لَهَا وَقت كَرَاهَة وَهُوَ مَا بَين الفجرين وَالله أعلم قَالَ
(وَالصُّبْح وَأول وَقتهَا طُلُوع الْفجْر آخِره فِي الِاخْتِيَار إِلَى الاسفار وَفِي الْجَوَاز إِلَى طُلُوع الشَّمْس)
أول وَقت الصُّبْح طُلُوع الْفجْر الصَّادِق وَهُوَ الْمُنْتَشِر ضوؤه مُعْتَرضًا بالأفق وَهُوَ الثَّانِي دَلِيل حَدِيث جِبْرِيل عليه السلام أما الْفجْر الأول فَلَا وَهُوَ أَزْرَق مستطيل وَيُسمى الْكَاذِب لِأَنَّهُ ينور ثمَّ يسود وَوقت الِاخْتِيَار إِلَى الاسفار لبَيَان جِبْرِيل عليه السلام ثمَّ يبْقى وَقت الْجَوَاز إِلَى طُلُوع الشَّمْس لقَوْله صلى الله عليه وسلم
(من أدْرك من الصُّبْح رَكْعَة قبل أم تطلع الشَّمْس فقد أدْرك الصُّبْح)
وَاعْلَم أَن الْجَوَاز بِلَا كَرَاهَة إِلَى طُلُوع الْحمرَة فَإِذا طلعت يبْقى وَقت الْكَرَاهَة إِلَى طُلُوع الشَّمْس إِذا لم يكن عذر