الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنْكح اعْتِمَادًا على قَوْلهَا إِنَّهَا خلية عَن الْمَوَانِع وَهل يجب على الزَّوْج الْبَحْث عَن الْحَال قَالَ الرَّوْيَانِيّ يجب عَلَيْهِ فِي زَمَاننَا هَذَا وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق يسْتَحبّ وَالله أعلم قَالَ
بَاب الْإِيلَاء
فصل فِي الْإِيلَاء وَإِذا آلى الشَّخْص أَن لَا يطَأ زَوجته مُطلقًا أَو مُدَّة تزيد على أَرْبَعَة أشهر فَهُوَ مول
هَذَا فصل الْإِيلَاء وَهُوَ فِي اللُّغَة الْحلف وَفِي الشَّرْع الْحلف عَن الِامْتِنَاع من وَطْء الزَّوْجَة مُطلقًا أَو أَكثر من أَرْبَعَة أشهر وَكَانَ طَلَاقا فِي الْجَاهِلِيَّة فَغير الشَّارِع صلى الله عليه وسلم حكمه
وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فاؤوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَقَالَ أنس رضي الله عنه آلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من نِسَائِهِ شهرا وَكَانَت انفطت رجله الشَّرِيفَة فَأَقَامَ فِي مشربَة لَهُ تسعا وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ نزل فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّك آلَيْت شهرا فَقَالَ الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ يَوْمًا
وَهل يخْتَص الْحلف بِاللَّه تَعَالَى أم لَا قَولَانِ الْجَدِيد الْأَظْهر لَا يخْتَص كَمَا هُوَ ظَاهر إِطْلَاق الشَّيْخ لَا طَلَاق الْآيَة فعلى هَذَا لَو قَالَ إِن وَطئتك فعلي صَوْم أَو صَلَاة أَو حج أَو فَعَبْدي حر أَو إِن وَطئتك فَأَنت طَالِق أَو فضرتك طَالِق وَنَحْو ذَلِك كَانَ موليا ثمَّ شَرط انْعِقَاده بِهَذِهِ الالتزامات أَن يلْزمه شَيْء لَو وطئ بعد أَرْبَعَة أشهر فَلَو كَانَت الْيَمين تنْحَل قبل مجاوزته أَرْبَعَة اشهر لم تَنْعَقِد فَلَو قَالَ إِن وَطئتك فعلي أَن أُصَلِّي هَذَا الشَّهْر أَو أصومه أَو أَصوم الشَّهْر الْفُلَانِيّ وَهُوَ يَنْقَضِي قبل مُجَاوزَة أَرْبَعَة أشهر من حِين الْيَمين لم ينْعَقد الْإِيلَاء وَلَو قَالَ إِن وَطئتك فعلي أَن أطلقك فَلَيْسَ بمول لِأَنَّهُ لَا يلْزمه بِالْوَطْءِ شَيْء وَالله أعلم قَالَ
(ويؤجل لَهَا إِن سَأَلت ذَلِك أَرْبَعَة أشهر ثمَّ يُخَيّر بَين التَّكْفِير وَالطَّلَاق فَإِن امْتنع طلق عَلَيْهِ القَاضِي)
إِذا صَحَّ الْإِيلَاء ضربت الْمدَّة وَهِي أَرْبَعَة أشهر بِنَصّ الْقُرْآن الْعَظِيم سَوَاء كَانَا حُرَّيْنِ أَو
رقيقين أَو أَحدهمَا حر وَالْآخر رَقِيق لظَاهِر الْآيَة وَلِأَنَّهَا مُدَّة شرعت لأمر جبلي وَهِي قلَّة الصَّبْر عَن الزَّوْج فَلم تخْتَلف بِالرّقِّ وَالْحريَّة كمدة الْعنَّة وكسن الْحيض وَلَيْسَ المُرَاد بِضَرْب الْمدَّة أَنَّهَا تفْتَقر إِلَى من يضْربهَا كالعنة بل المُرَاد أَن يُمْهل أَرْبَعَة أشهر من غير حَاكم لِأَنَّهَا ثَابِتَة بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع نعم إِن كَانَ الْمولى عَنْهَا رَجْعِيَّة فالمدة تضرب من الرّجْعَة وَهَذَا الْأَجَل هُوَ حق للزَّوْج كالأجل فِي حق الْمَدْيُون فَإِذا انْقَضتْ الْمدَّة وَالزَّوْج حَاضر وطالبت الْمَرْأَة بالفيئة وَلَا مَانع والفيئة الْجِمَاع وَسمي بِهِ من فَاء إِذا رَجَعَ لِأَنَّهُ امْتنع ثمَّ رَجَعَ فَإِن جَامع وَأَدْنَاهُ أَن يغيب الْحَشَفَة فِي الْفرج فقد وافاها حَقّهَا لِأَن سَائِر الْأَحْكَام تتَعَلَّق بالحشفة وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الثّيّب وَالْبكْر لَكِن من شَرط الْبكر اذهاب الْعذرَة نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي لِأَن الالتقاء لَا يكون غَالِبا إِلَّا بِهِ ثمَّ لَا فرق بَين أَن يَطَأهَا فِي حَالَة يُبَاح لَهُ الْوَطْء أم لَا مَعَ قيام الزَّوْجِيَّة وَلَا فرق بَين أَن يكون اخْتِيَارا أَو إِكْرَاها على الصَّحِيح وَتحصل الْفَيْئَة ويرتفع الْإِيلَاء وَلَو وَطئهَا وَهُوَ مَجْنُون فالنص حُصُول الْفَيْئَة لِأَن وطأه كَوَطْء الْعَاقِل فِي التَّحْلِيل وَتَقْرِير الْمهْر وَسَائِر الْأَحْكَام وَفِي وَجه لَا تحصل فَيُطَالب عقب إِفَاقَته
وَاعْلَم أَن الصَّحِيح إِنَّه إِذا وطئ وَهُوَ مكره أَو مَجْنُون لَا تنْحَل الْيَمين وَإِن حصلت الْفَيْئَة وَبَطل حَقّهَا من الْمُطَالبَة فَإِذا وَطئهَا سَوَاء كَانَ فِي الْمدَّة أَو بعْدهَا سَوَاء كَانَ بعد التَّضْيِيق أَو قبله فَإِن كَانَت الْيَمين بِاللَّه لزمَه كَفَّارَة على الْأَظْهر للْأَخْبَار الدَّالَّة على ذَلِك وَالْآيَة وَقيل لَا كَفَّارَة لقَوْله تَعَالَى {فَإِن فاؤوا} الْآيَة وَأجَاب الْقَائِلُونَ بالأظهر بِأَن الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة إِنَّمَا ينصرفان إِلَى مَا يعْصى بِهِ والفيئة الْمُوجبَة لِلْكَفَّارَةِ مَنْدُوب إِلَيْهَا فَإِن لم يَفِ طُولِبَ بِالطَّلَاق لما رُوِيَ عَن سهل بن أبي صَالح عَن أَبِيه قَالَ سَأَلت اثْنَي عشر نفسا من الصَّحَابَة عَن الرجل يولي فَقَالُوا كلهم لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء حَتَّى تمْضِي عَلَيْهِ أَرْبَعَة أشهر فَيُوقف فَإِن فَاء وَإِلَّا طلق فَإِن لم يُطلق فَقَوْلَانِ
أَحدهمَا يجْبر عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ والتضييق بِمَا يَلِيق بِحَالهِ ليفيء أَو يُطلق وَلَا يُطلق الْحَاكِم لقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ} فأضافه إِلَى الْأزْوَاج وَلِأَنَّهُ مُخَيّر بَين شَيْئَيْنِ الْفَيْئَة أَو الطَّلَاق فَإِذا امْتنع لم يقم القَاضِي مقَامه كمن أسلم على أَكثر من أَربع نسْوَة
وَالثَّانِي يُطلق القَاضِي عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَح لِأَنَّهُ حق لمُعين تدخله النِّيَابَة فينوب عَنهُ الْحَاكِم كَالدّين وَيُفَارق اخْتِيَار الْأَرْبَع لِأَنَّهُ لم يتَعَيَّن حق وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَإِذا طلق القَاضِي فَإِنَّمَا يُطلق وَاحِدَة رَجْعِيَّة فَلَو طلق الْحَاكِم ثمَّ بَان أَن الزَّوْج وطئ قبل الطَّلَاق تَبينا أَنه لم يَقع وَكَذَا لَو بَان أَنه طلق قبله لم يَقع طَلَاق الْحَاكِم وَلَو وَقع طَلَاق الْحَاكِم أَولا وَقع على الْأَصَح وَقيل إِن جهل الزَّوْج طَلَاق الْحَاكِم لم يَقع قَوْله إِن سَأَلت يُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّهَا إِذا لم تسْأَل لَا يُطَالب الزَّوْج بِشَيْء وَهُوَ كَذَلِك كالمديون