المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(فرع) الصَّحِيح الْمَشْهُور أَن الْمَرْأَة لَا تستقل بِالْفَسْخِ بل لَا - كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌أَنْوَاع الْمِيَاه

- ‌بَاب أَقسَام الْمِيَاه

- ‌بَاب جُلُود الْميتَة وعظمها

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌بَاب السِّوَاك

- ‌فَرَائض الْوضُوء

- ‌سنَن الْوضُوء

- ‌بَاب الِاسْتِنْجَاء وآداب التخلي

- ‌نواقض الْوضُوء

- ‌مُوجبَات الْغسْل

- ‌فَرَائض الْغسْل

- ‌سنَن الْغسْل

- ‌(الأغسال المسنونة)

- ‌بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب إِزَالَة النَّجَاسَة

- ‌بَاب الْحيض وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم بِالْحيضِ وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم على الْجنب والمحدث

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وأوقاتها

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات المسنونة

- ‌بَاب شَرَائِط صِحَة الصَّلَاة

- ‌بَاب أَرْكَان الصَّلَاة

- ‌بَاب سنَن الصَّلَاة

- ‌بَاب هيئات الصَّلَاة

- ‌بَاب مَا تخَالف فِيهِ الْمَرْأَة الرجل

- ‌بَاب مبطلات الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة

- ‌بَاب مَا يتْرك سَهوا من الصَّلَاة

- ‌بَاب الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة

- ‌بَاب صَلَاة الْجَمَاعَة

- ‌بَاب قصر الصَّلَاة وَجَمعهَا

- ‌بَاب صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة الْكُسُوف والخسوف

- ‌بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء

- ‌بَاب صَلَاة الْخَوْف

- ‌بَاب مَا يحرم على الرِّجَال من لِبَاس وَغَيره

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يلْزم الْمَيِّت

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌بَاب مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وشرائط وُجُوبهَا فِيهِ

- ‌بَاب أنصبة مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة

- ‌بَاب زَكَاة الْفطر

- ‌بَاب أهل الزَّكَاة

- ‌بَاب صَدَقَة التَّطَوُّع

- ‌كتاب الصّيام

- ‌بَاب فَرَائض الصَّوْم

- ‌بَاب مفسدات الصَّوْم

- ‌بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم

- ‌بَاب مَا نهي عَن صَوْمه

- ‌بَاب كَفَّارَة الْإِفْطَار وَمن يجوز لَهُ

- ‌بَاب صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌كتاب الْحَج

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الْحَج

- ‌بَاب أَرْكَان الْحَج

- ‌بَاب وَاجِبَات الْحَج

- ‌بَاب سنَن الْحَج

- ‌بَاب مُحرمَات الاحرام

- ‌بَاب الدِّمَاء الْوَاجِبَة فِي الْإِحْرَام

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من الْمُعَامَلَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْبيُوع

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌بَاب الْخِيَار

- ‌بَاب السّلم

- ‌بَاب الرَّهْن

- ‌بَاب الْحجر

- ‌بَاب الصُّلْح

- ‌بَاب الْحِوَالَة

- ‌بَاب الضَّمَان

- ‌بَاب الْكفَالَة بِالْبدنِ

- ‌بَاب الشّركَة

- ‌بَاب الْوكَالَة

- ‌بَاب الْإِقْرَار

- ‌بَاب الْعَارِية

- ‌بَاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْقَرَاض

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الْإِجَارَة

- ‌بَاب الْجعَالَة

- ‌بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة

- ‌بَاب احياء الْموَات

- ‌بَاب الْوَقْف

- ‌بَاب الْهِبَة

- ‌بَاب اللَّقِيط

- ‌بَاب الْوَدِيعَة

- ‌كتاب الْفَرَائِض والوصايا

- ‌بَاب الْوَارِثين

- ‌بَاب الْفُرُوض الْمقدرَة وأصحابها

- ‌بَاب الْوَصِيَّة

- ‌كتاب النِّكَاح وَمَا يتَّصل بِهِ من الْأَحْكَام والقضايا

- ‌بَاب شُرُوط عقد النِّكَاح

- ‌بَاب الْمُحرمَات

- ‌بَاب عُيُوب الْمَرْأَة وَالرجل

- ‌بَاب الصَدَاق

- ‌بَاب الْمُتْعَة

- ‌بَاب الْوَلِيمَة على الْعرس

- ‌بَاب التَّسْوِيَة بَين الزَّوْجَات

- ‌بَاب الْخلْع

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌بَاب صَرِيح الطَّلَاق وكنايته

- ‌بَاب الطَّلَاق السّني والبدعي

- ‌بَاب مَا يملكهُ الْحر وَالْعَبْد من تَطْلِيقَات

- ‌بَاب الرّجْعَة

- ‌بَاب الْإِيلَاء

- ‌بَاب الظِّهَار

- ‌بَاب اللّعان

- ‌بَاب الْعدة

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء

- ‌بَاب الرَّضَاع

- ‌بَاب النَّفَقَة

- ‌بَاب الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْقَتْل

- ‌بَاب الْقصاص فِيمَا دون النَّفس

- ‌بَاب الدِّيات

- ‌بَاب الْقسَامَة

- ‌بَاب كَفَّارَة الْقَتْل

- ‌كتاب الْحُدُود

- ‌بَاب حد الزِّنَا

- ‌بَاب حد الْقَذْف

- ‌بَاب حد الْخمر

- ‌بَاب حد السّرقَة

- ‌بَاب حد قطاع الطَّرِيق

- ‌بَاب حكم الصَّائِل

- ‌بَاب قتال الْبُغَاة

- ‌بَاب الرِّدَّة وَحكم الْمُرْتَد

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌بَاب الْغَنِيمَة

- ‌بَاب الْفَيْء

- ‌بَاب الْجِزْيَة

- ‌كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة

- ‌بَاب الزَّكَاة وَالصَّيْد

- ‌بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌بَاب الْعَقِيقَة

- ‌كتاب السَّبق وَالرَّمْي

- ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور

- ‌بَاب الْيَمين

- ‌بَاب النّذر

- ‌كتاب الْأَقْضِيَة

- ‌بَاب شُرُوط القَاضِي

- ‌بَاب آدَاب الْقَضَاء

- ‌بَاب الْقِسْمَة

- ‌بَاب الدعاوي والبينات

- ‌بَاب الشَّهَادَة

- ‌بَاب أَقسَام الْمَشْهُود بِهِ

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌بَاب الْوَلَاء

- ‌بَاب التَّدْبِير

- ‌بَاب الْكِتَابَة

- ‌بَاب أَحْكَام أم الْوَلَد

الفصل: (فرع) الصَّحِيح الْمَشْهُور أَن الْمَرْأَة لَا تستقل بِالْفَسْخِ بل لَا

(فرع) الصَّحِيح الْمَشْهُور أَن الْمَرْأَة لَا تستقل بِالْفَسْخِ بل لَا بُد من الرّفْع إِلَى الْحَاكِم كَمَا فِي الْعنَّة لِأَنَّهُ أَمر مُجْتَهد فِيهِ وَقيل لَهَا أَن تفسخ بِنَفسِهَا كالرد بِالْعَيْبِ فعلى الصَّحِيح إِذا ثَبت عِنْده الاعسار تولى الْفَسْخ بِنَفسِهِ أَو أذن لَهَا أَن تفسخ فَلَو لم ترفع إِلَى القَاضِي وفسخت بِنَفسِهَا لعلمها بعجزه لم ينفذ فِي الظَّاهِر وَهل ينفذ بَاطِنا وَجْهَان قَالَ الإِمَام الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَام الْأَئِمَّة أَنه لَا ينفذ بَاطِنا

وَاعْلَم أَن القَاضِي إِنَّمَا يفْسخ أَو يإذن لَهَا فِيهِ بعد إمهال ثَلَاثَة أَيَّام من اعساره فِي الْأَصَح وَالله أعلم

(فرع) لَهُ أم ولد وَعجز عَن نَفَقَتهَا فَعَن أبي زيد أَنه يجْبر على عتقهَا وتزويجها إِن وجد خاطباً رَاغِبًا وَقَالَ غَيره لَا يجْبر عَلَيْهِ بل يخليها لتكسب وتنفق على نَفسهَا كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ وَصحح النَّوَوِيّ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة الثَّانِي وَالله أعلم قَالَ

‌بَاب الْحَضَانَة

فصل فِي الْحَضَانَة وَإِذا فَارق الرجل زَوجته وَله مِنْهَا ولد فَهِيَ أَحَق بحضانته إِلَى سبع سِنِين ثمَّ يُخَيّر بَين أَبَوَيْهِ فَأَيّهمَا اخْتَار سلم إِلَيْهِ

الْحَضَانَة بِفَتْح الْحَاء هِيَ عبارَة عَن الْقيام بِحِفْظ من لَا يُمَيّز وَلَا يسْتَقلّ بأَمْره وتربيته بِمَا يصلحه ووقايته عَمَّا يُؤْذِيه وَهِي نوع ولَايَة إِلَّا أَنَّهَا بالاناث أليق لِأَنَّهُنَّ أشْفق وَأهْدى إِلَى التربية وأصبر على الْقيام بهَا وَأَشد مُلَازمَة للأطفال وَمؤنَة الْحَضَانَة على الْأَب لِأَنَّهَا من أَسبَاب الْكِفَايَة كَالنَّفَقَةِ فَإِذا فَارق الرّقّ الرجل زَوجته فالأم أَحَق بحضنة الْوَلَد مِنْهُ وَمن غَيره من النِّسَاء بِالشُّرُوطِ الَّتِي تَأتي وَاحْتج لتقديمها بِمَا روى عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جَاءَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن ابْني هَذَا كَانَ بَطْني لَهُ وعَاء وثديي لَهُ سقاء وحجري لَهُ حَوَّاء وَإِن أَبَاهُ طَلقنِي وَأَرَادَ أَن يَنْزعهُ مني فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنْت أَحَق بِهِ مالم تنكحي ثمَّ إِنَّمَا يحكم بالطفل للْأُم دون الْأَب إِذا كَانَ صَغِيرا لَا يُمَيّز فَإِن ميز خير بَين الْأَبَوَيْنِ فَيكون عِنْد من اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَسَوَاء فِي ذَلِك الابْن وَالْبِنْت وَاحْتج للتَّخْيِير بِمَا روى أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خير غُلَاما

ص: 446

بَين أَبِيه وَأمه وَفِي رِوَايَة فَأخذ بيد أمه فَانْطَلَقت بِهِ وَاخْتلف فِي سنّ التَّمْيِيز فَالَّذِي جزم بِهِ هُنَا فِي أصل الرَّوْضَة أَنه فِي الْغَالِب ابْن سبع سِنِين أَو ثَمَان سِنِين تَقْرِيبًا

وَاعْلَم أَن الْمدَار على التَّمْيِيز سَوَاء حصل قبل السَّبع أَو بعْدهَا وَلَا بُد مَعَ التَّمْيِيز أَن يكون عَارِفًا بِأَسْبَاب الِاخْتِيَار وَإِلَّا أخر إِلَى حُصُول ذَلِك لِأَن التخييز غنما فوض إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أعرف بحظه لِأَنَّهُ قد يعرف من أَبَوَيْهِ مَا يَدْعُو إِلَى اخْتِيَاره وَلِلنَّاسِ عِبَارَات فِي ضبط التَّمْيِيز وَأحسن مَا ذكر أَن يصير الطِّفْل بِحَيْثُ يَأْكُل وَحده وَيشْرب وَحده ويستنجي وَحده وَالله أعلم

وَاعْلَم أَن حكم أم الْأُم مَعَ الْأَب أَو الْجد حكم الْأُم وَإِذا تنَازع الاناث فِي الْحَضَانَة قدمت الْأُم ثمَّ أمهاتها تقدم الْقُرْبَى فالقربى ثمَّ أم الْأَب ثمَّ أمهاتها ثمَّ أم الْجد ثمَّ أمهاتها وَلَا حق لأم الْأَب ثمَّ الْأَخ لِلْأَبَوَيْنِ ثمَّ للْأَب ثمَّ الْأُخْت للْأُم ثمَّ الْخَالَة ثمَّ الْعمة هَذَا هُوَ الْأَظْهر إِذا تمحض الاناث فَإِن اجْتمع مَعَ النِّسَاء رجال قدمت الْأُم ثمَّ أمهاتها ثمَّ الْأَب ثمَّ أمهاته ثمَّ الْجد ثمَّ الْأَخَوَات ثمَّ الْخَالَة ثمَّ الْعمة على النَّص وَأما الْأُخوة وبنوهم والأعمام وبنوهم فَإِنَّهُم كَالْأَبِ وَالْجد فِي الْحَضَانَة يقدم الْأَقْرَب مِنْهُم فَالْأَقْرَب على تَرْتِيب الْمِيرَاث على النَّص

وَاعْلَم أَن بَنَات الْأَخَوَات يقدمن على بَنَات الْإِخْوَة كَمَا قدم الْأُخْت على الْأَخ وَالأَصَح ثُبُوت الْحَضَانَة للْأُنْثَى الَّتِي لَيست بِمحرم كبنتي الْخَالَة والعمة وبنتي الْخَال وَالْعم فَإِن كَانَ الْوَلَد ذكرا استمرت حضانته حَتَّى يبلغ حدا يَشْتَهِي مثله وتتقدم بَنَات الخالات على بَنَات الأخوال وَبَنَات العمات على بَنَات الْأَعْمَام ويقدمن بَنَات الخؤولة على بَنَات العمومة وَالله أعلم قَالَ

(وشرائط الْحَضَانَة سَبْعَة الْعقل وَالْحريَّة وَالدّين والعفة وَالْأَمَانَة والخلو من زوج وَالْإِقَامَة فَإِن اخْتَلَّ شَرط سَقَطت)

قد علمت أَن الْحَضَانَة ولَايَة وسلطة وَأَن الْأُم أولى من الْأَب وَغَيره لوفور شفقتها فَإِذا رغبت فِي الْحَضَانَة فَلَا بُد لاستحقاقها من شُرُوط

الأول كَونهَا عَاقِلَة فَلَا حضَانَة لمجنونة سَوَاء كَانَ جنونها مطبقاً أَو متقطعاً نعم إِن كَانَ ينْدر وَلَا تطول مدَّته كَيَوْم فِي سِنِين فَلَا يبطل الْحق بِهِ كَمَرَض يطْرَأ وَيَزُول وَوجه سُقُوط حَقّهَا بالجنون أَنه لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا مَعَ الْجُنُون حفظ الْوَلَد صيانته بل هِيَ فِي نَفسهَا تحْتَاج إِلَى من يكفلها فَكيف تكون كافلة لغَيْرهَا وَالله أعلم

ص: 447

الثَّانِي الْحُرِّيَّة فَلَا حضَانَة لرقيقة وَإِن أذن السَّيِّد وَوجه الْمَنْع أَن مَنْفَعَتهَا للسَّيِّد وَهِي مَشْغُولَة عَن الْحَضَانَة بِهِ وَلِأَن الْحَضَانَة نوع ولَايَة وَلَا ولَايَة لرقيق ثمَّ إِن كَانَ الْوَلَد حرا فالحضانة بعد الْأُم للْأَب وَغَيره وَإِن كَانَ رَقِيقا فحضانته على السَّيِّد وَهل لَهُ نَزعَة من الْأَب وتسليمه إِلَى غَيره وَجْهَان بِنَاء على الْقَوْلَيْنِ فِي جَوَاز التَّفْرِيق وَهل لَهَا حق الْحَضَانَة فِي وَلَدهَا من السَّيِّد وَجْهَان الصَّحِيح لَا حضَانَة لنقصها وَلَو كَانَ الْوَلَد نصفه حر وَنصفه رَقِيق فَنصف حضانته لسَيِّده وَنِصْفهَا لمن يَلِي حضانته من أَقَاربه الْأَحْرَار وَالله أعلم

الثَّالِث كَونهَا مسلمة إِن كَانَ الطِّفْل مُسلما بِإِسْلَام أَبِيه فَلَا حضَانَة لكافرة على مُسلم لِأَنَّهُ لَا حَظّ لَهُ فِي تربيتها لِأَنَّهَا تغشه وينشأ على مَا كَانَ يألف مِنْهَا وَلِأَنَّهُ ولَايَة وَلَا ولَايَة لكَافِر على مُسلم وَقيل تحضنه الْأُم الذِّمِّيَّة حَتَّى يُمَيّز وَالصَّحِيح الأول لما ذكرنَا والطفل الْكَافِر وَالْمَجْنُون الْكَافِر يثبت لقريبه الْمُسلم حضانته وكفالته على الصَّحِيح لِأَن فِيهِ مصلحَة لَهُ وَالله أعلم

الرَّابِع وَالْخَامِس الْعِفَّة وَالْأَمَانَة فَلَا حضَانَة لفاسقة لِأَنَّهَا ولَايَة وَلَا تأمن أَن تخون فِي حفظه وينشأ على طريقتها

وَاعْلَم أَنه لَا يشْتَرط تحقق الْعَدَالَة الْبَاطِنَة بل تَكْفِي الْعَدَالَة الظَّاهِرَة كشهود النِّكَاح قَالَه الْمَاوَرْدِيّ قَالَ فَلَو ادّعى أحد الْأَبَوَيْنِ فسق الآخر ليكفل قَوْله وَلَيْسَ لَهُ إحلافه بل هُوَ على ظَاهر الْعَدَالَة حَتَّى يُقيم مدعي الْفسق عَلَيْهِ بَيِّنَة كَذَا ذكره ابْن الرّفْعَة وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيّ لَا بُد من ثُبُوت أَهْلِيَّة الْأُم عِنْد القَاضِي إِذا نازعها الْأَب أَو غَيره من الْمُسْتَحقّين وَالله أعلم

السَّادِس كَونهَا فارغة خلية عَن النِّكَاح لقَوْله عليه الصلاة والسلام أَنْت أَحَق بِهِ مالم تنكحي وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَة بِالزَّوْجِ فيضرر الْوَلَد وَلَا أثر لرضا الزَّوْج بذلك كَمَا لَا أثر لرضا السَّيِّد بحضانة الْأمة وَلَو رَضِي الْأَب مَعَه فَهَل يسْقط حق الْجدّة الْأَصَح فِي الْكِفَايَة لِابْنِ الرّفْعَة أَنه يسْقط حق الْجدّة وَيكون عِنْد الْأُم وَقَالَ فِي التَّهْذِيب لَا يسْقط حق الْجدّة فقد يرجعان فيتضرر الْوَلَد فَلَو تزوجت أم الطِّفْل بِعَمِّهِ فَهَل تبطل حضانتها وَجْهَان أصَحهمَا لَا تبطل لِأَن الْعم صَاحب حق فِي الْحَضَانَة وشفقته تحمله على رِعَايَة الطِّفْل فيتعاونان على كفَالَته بِخِلَاف الْأَجْنَبِيّ وَبِهَذَا قطع الامامان الْقفال وَحجَّة الْإِسْلَام الْغَزالِيّ

وَاعْلَم أَن الْخلاف مطرد فِي حق كل من لَهَا الْحَضَانَة ونكحت قَرِيبا للطفل لَهُ حق فِي الْحَضَانَة بِأَن نكحت أمه ابْن عَم الطِّفْل أَو عَم أَبِيه وَكَذَا تبقى حضانتها إِذا كَانَ زَوجهَا جد الطِّفْل أَي أَب أَبِيه

ص: 448

لِأَن لَهُ حَقًا فِي الْحَضَانَة وَصُورَة الْمَسْأَلَة إِذا كَانَت الحاضنة جدة أَن يتَزَوَّج رجل بِامْرَأَة وَابْنه ببنتها من غَيره ثمَّ يَجِيء للِابْن ولد ثمَّ تَمُوت الْأُم وَالْأَب فتنتقل الْحَضَانَة إِلَى أم الْأُم وَهِي زَوْجَة الْجد وَالله أعلم

السَّابِع الْإِقَامَة وَإِنَّمَا تكون الْأُم أَحَق بالطفل إِذا كَانَ الأبوان مقيمين فِي بلد وَاحِد فَأَما إِذا أَرَادَ أَحدهمَا سفرا يخْتَلف فِيهِ بلدهما نظر إِن كَانَ سفر حَاجَة كحج وتجارة وغزو لم يُسَافر بِالْوَلَدِ لما فِي السّفر من الْخطر وَالْمَشَقَّة بل يكون مَعَ الْمُقِيم إِلَى أَن يعود الْمُسَافِر سَوَاء طَالَتْ مُدَّة السّفر أم قصرت وَقيل للْأَب السّفر بِهِ إِذا طَال سَفَره وَإِن كَانَ السّفر سفر نقلة إِن كَانَ ينْتَقل إِلَى مَسَافَة الْقصر فللأب انتزاع من الْأُم ويستصحبه مَعَه سَوَاء كَانَ الْمُنْتَقل الْأَب أَو الْأُم أَو أَحدهمَا إِلَى بلد وَالْأُخْرَى إِلَى بلد آخر احْتِيَاطًا للنسب فَإِن النّسَب يتحفظ بِالْآبَاءِ وَفِيه مصلحَة للتأديب والتعليم وسهولة الْقيام بمؤنتة وَسَوَاء نَكَحَهَا فِي بَلَدهَا أَو فِي الغربة فَلَو رافقته الْأُم فِي الطَّرِيق دَامَ حَقّهَا وَكَذَا فِي الْمَقْصد وَلَو عَاد من سفر النقلَة عَاد حَقّهَا وَيشْتَرط أَمن الطَّرِيق وَأمن الْبَلَد الَّذِي ينْتَقل إِلَيْهِ فَلَو كَانَا مخوفين لغارة وَنَحْوهَا لم يكن لَهُ انْتِزَاعه مِنْهَا وَإِن كَانَت النقلَة إِلَى دون مَسَافَة الْقصر فَهَل يُؤثر ذَلِك وَجْهَان

أَحدهمَا لَا ويكونان كالمقيمين فِي دارين من بلد وأصحهما أَنه كمسافة الْقصر وَلَو قَالَت إِنَّمَا تُرِيدُ سفر التِّجَارَة فَقَالَ بل النقلَة فَهُوَ الْمُصدق بِيَمِينِهِ على الْأَصَح وَقَالَ الْقفال يصدق بِلَا يَمِين فعلى الصَّحِيح لَو نكل حَلَفت وَأَمْسَكت الْوَلَد

وَاعْلَم أَن سَائِر الْعَصَبَات من الْمَحَارِم كالجد وَالْأَخ وَالْعم بِمَنْزِلَة الْأَب فِي انتزاع الْوَلَد مِنْهَا وَنَقله إِذا أَرَادَ الِانْتِقَال احْتِيَاطًا للنسب وَكَذَا غير الْمَحَارِم كَابْن الْعم إِن كَانَ الْوَلَد ذكرا فَإِن كَانَت أُنْثَى لم تسلم إِلَيْهِ قَالَ الْمُتَوَلِي إِلَّا إِذا لم تبلغ حدا تشْتَهى وَفِي الشَّامِل لِابْنِ الصّباغ أَنه لَو كَانَ لَهُ بنت ترافقه سلمت إِلَى ابْنَته

وَاعْلَم أَن الْمحرم الَّذِي لَا عصوبة لَهُ كالخال وَالْعم للْأُم فَلَيْسَ لَهُ نقل الْوَلَد إِذا انْتقل لِأَنَّهُ لَا حق لَهُ فِي النّسَب وَالله أعلم وَقَول الشَّيْخ فَإِن اخْتَلَّ شَرط سَقَطت وَجه ذَلِك أَن عِلّة اسْتِحْقَاق الْحَضَانَة مركبة من هَذِه الصِّفَات وَلَا شكّ أَن الْمَاهِيّة المركبة من أَجزَاء تَنْتفِي بِانْتِفَاء جُزْء مِنْهَا أَلا ترى أَن الصَّلَاة المستجمعة للشروط تصح بِوُجُود شُرُوطهَا وَلَو انْتَفَى شَرط مِنْهَا بطلت كَذَلِك هَهُنَا وَالله أعلم

(فرع) هَل يشْتَرط مَعَ هَذِه الشُّرُوط فِي اسْتِحْقَاق الْأُم الْحَضَانَة أَن ترْضع الْوَلَد إِن كَانَ رضيعاً وَجْهَان

أَحدهمَا لَا بل لَهَا الْحَضَانَة وَإِن لم يكن لَهَا لبِنْت أَو امْتنعت من الارضاع فعلى الْأَب على

ص: 449

هَذَا أَن يسْتَأْجر مُرْضِعَة ترْضِعه عِنْد الْأُم وَهَذَا مَا صَححهُ الْبَغَوِيّ وَالصَّحِيح الذب قطع بِهِ الْأَكْثَرُونَ يشْتَرط ذَلِك لعسر اسْتِئْجَار مُرْضِعَة قَالَ الاسنوي وَلم يذكرُوا من الشُّرُوط كَونهَا نصيرة وَمُقْتَضَاهُ ثُبُوت الْحَضَانَة للعمياء وَهُوَ كَذَلِك وَالله أعلم قَالَ

ص: 450