الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَي حرا كَانَ أَو عبدا مُسلما كَانَ أَو ذِمِّيا لقَوْله صلى الله عليه وسلم لجرهد وَهُوَ بجيم وهاء مفتوحين ودال مُهْملَة
(غط فخذك فَإِن الْفَخْذ عَورَة) وَقَوله مَا بَين سرته وركبته يُؤْخَذ مِنْهُ أَن السُّرَّة وَالركبَة ليستا من الْعَوْرَة وَهُوَ كَذَلِك على الصَّحِيح الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَأما الْحرَّة فعورتها فِي الصَّلَاة جَمِيع بدنهَا إِلَّا الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ ظهرا وبطناً إِلَى الكوعين لقَوْله تَعَالَى {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة رضي الله عنهم هُوَ الْوَجْه والكفان وَلِأَنَّهُمَا لَو كَانَا من الْعَوْرَة لما كشفتهما فِي حَال الْإِحْرَام وَقَالَ الْمُزنِيّ القدمان ليسَا من الْعَوْرَة مُطلقًا وَأما الْأمة فَفِيهَا وَجْهَان الْأَصَح أَنَّهَا كَالرّجلِ سَوَاء كَانَت قنة أَو مُسْتَوْلدَة أَو مُكَاتبَة أَو مُدبرَة لِأَن رَأسهَا لَيْسَ بِعَوْرَة بِالْإِجْمَاع فَإِن عمر رضي الله عنه ضرب أمة لآل أنس رَآهَا قد سترت رَأسهَا فَقَالَ لَهَا تتشبهين بالحرائر وَمن لَا يكون رَأسه عَورَة تكون عَوْرَته مَا بَين سرته وركبته كَالرّجلِ وَقيل مَا يَبْدُو مِنْهَا فِي حَال الْخدمَة لَيْسَ بِعَوْرَة وَهُوَ الرَّأْس والرقبة والساعد وطرف السَّاق لَيْسَ بِعَوْرَة لِأَنَّهَا محتاجة إِلَى كشفه ويعسر عَلَيْهَا ستره وَمَا عدا ذَلِك عَورَة وَالله أعلم قَالَ
بَاب مبطلات الصَّلَاة
(فصل وَالَّذِي تبطل بِهِ الصَّلَاة أحد عشر شَيْئا الْكَلَام الْعمد وَالْعَمَل الْكثير) إِذا تكلم الْمُصَلِّي عَامِدًا بِمَا يصلح لخطاب الْآدَمِيّين بطلت صلَاته سَوَاء كَانَ يتَعَلَّق بمصلحة الصَّلَاة أَو غَيرهَا وَلَو كلمة لما رُوِيَ عَن زيد بن أَرقم رضي الله عنه قَالَ كُنَّا نتكلم فِي الصَّلَاة حَتَّى نزل قَوْله تَعَالَى {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ ونهينا عَن الْكَلَام وَقَالَ عليه الصلاة والسلام لمعاوية بن الحكم السّلمِيّ وَقد شمت عاطساً فِي الصَّلَاة
(إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة الْقُرْآن) وَقَوله عمدا احْتَرز بِهِ عَن النسْيَان وَفِي مَعْنَاهُ الْجَاهِل بِالتَّحْرِيمِ لقرب عَهده بِالْإِسْلَامِ وَفِي مَعْنَاهُ من بدره الْكَلَام بِلَا قصد وَلم يطلّ وَكَذَا غَلبه الضحك لقَوْله عليه الصلاة والسلام
(رفع عَن أمتِي الْخَطَأ
وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ) نعم لَو أكره على الْكَلَام بطلت صلَاته على الْأَصَح لِأَنَّهُ نَادِر وَلِهَذَا تَتِمَّة مهمة ذَكرنَاهَا فِي شُرُوط الصَّلَاة وَأما الْعَمَل الْكثير كالخطوات الثَّلَاث المتواليات وَكَذَا الضربات تبطل الصَّلَاة وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الْعمد وَالنِّسْيَان كَمَا أطلقهُ الشَّيْخ وَالْأَصْل فِي ذَلِك الْإِجْمَاع لِأَن الْعَمَل الْكثير يُغير نظمها وَيذْهب الْخُشُوع وَهُوَ مقصودها وَيُؤْخَذ من كَلَام الشَّيْخ أَن الْعَمَل الْقَلِيل لَا يبطل وَوَجهه بِأَن الْقَلِيل فيمحل الْحَاجة وَأَيْضًا فَلِأَن مُلَازمَة حَالَة مِمَّا يسعر بِخِلَاف الْكَلَام فَإِنَّهُ لَا يعسر فَلهَذَا بطلت بِالْكَلِمَةِ دون الخطوة وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي مس الحصي
(إِن كنت فَاعِلا فَمرَّة وَاحِدَة) وَأمر بِدفع الْمَار وبقتل الْحَيَّة وَالْعَقْرَب وأدار ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما من يسَاره الى يَمِينه وغمز رجل فِي السُّجُود وَأَشَارَ لجَابِر رضي الله عنه وكل ذَلِك فِي الصَّحِيح وَلِهَذَا تَتِمَّة مرت فِي شُرُوط الصَّلَاة قَالَ
(وَالْحَدَث) الْحَدث فِي الصَّلَاة يُبْطِلهَا عمدا كَانَ أَو سَهوا وَسَوَاء سبقه أم لَا لقَوْله صلى الله عليه وسلم
(وَإِذا فسا أحدكُم فِي صلَاته فلينصرف فَليَتَوَضَّأ وليعد صلَاته) وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على ذَلِك فِي غير صُورَة السَّبق وَلِهَذَا تَتِمَّة مرت فِي شُرُوط الصَّلَاة قَالَ
(وحدوث النَّجَاسَة وانكشاف الْعَوْرَة) إِذا تعمد إِصَابَة النَّجَاسَة الَّتِي غير مَعْفُو عَنْهَا بطلت صلَاته كَمَا لَو تعمد الْحَدث وَأما المعفو عَنْهَا مثل أم قتل قملة وَنَحْوهَا فَلَا تبطل لِأَن دَمهَا مَعْفُو عَنهُ كَذَا قَالَه الْبَنْدَنِيجِيّ وَإِن وَقعت عَلَيْهِ نَجَاسَة نظر إِن نحاها فِي الْحَال بِأَن نفضها لَو تبطل لتعذر الِاحْتِرَاز عَن ذَلِك مَعَ أَنه لَا تَقْصِير مِنْهُ وَفَارَقت هَذِه الصُّورَة الْخَاصَّة سبق الْحَدث لِأَن زمن الطَّهَارَة يطول وَأما انكشاف الْعَوْرَة فَإِن كشفها عمدا بطلت صلَاته وَإِن أَعَادَهَا فِي الْحَال لِأَن السّتْر شَرط وَقد أزاله بِفِعْلِهِ فَأشبه لَو أحدث وَإِن كشفها الرّيح فاستتر فِي الْحَال فَلَا تبطل وَكَذَا لَو انحل الْإِزَار أَو تكة اللبَاس فَأَعَادَهُ عَن قرب فَلَا تبطل كَمَا ذكرنَا فِي النَّجَاسَة قَالَ الإِمَام وحد الطول مكث محسوس وَالله أعلم قَالَ
(وتغيير النِّيَّة) فِيهِ مسَائِل
الأولى إِذا قطع النِّيَّة مثل إِن نوى الْخُرُوج من الصَّلَاة بطلت بِلَا خلاف لِأَن من شَرط النِّيَّة بقاءها وَقد زَالَت وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو نوى الْخُرُوج من الصَّوْم حَيْثُ لَا يبطل على الْأَصَح وَالْفرق أَن الصَّوْم إمْسَاك فَهُوَ من بَاب التروك فَلم تُؤثر النِّيَّة فِي إِبْطَاله بِخِلَاف الصَّلَاة فَإِنَّهَا أَفعَال مُخْتَلفَة لَا يربطها إِلَّا النِّيَّة فَإِذا زَالَت زَالَ الرابط
الثَّانِيَة لَو نقل النِّيَّة من فرض إِلَى آخر أَو من فرض إِلَى نفل فَالْأَصَحّ الْبطلَان وَمِنْهُم من قطع ببطلانها
الثَّالِثَة إِذا عزم على قطعهَا مثل أَن جزم من الرَّكْعَة الأولى أَن يقطعهَا فِي الثَّانِيَة بطلت فِي الْحَال لقطعه مُوجب النِّيَّة وَهُوَ الِاسْتِمْرَار إِلَى الْفَرَاغ
الرَّابِعَة إِذا شكّ هَل يقطعهَا مثل أَن تردد فِي أَنه هَل يخرج مِنْهَا أَو يسْتَمر بطلت لِأَن الِاسْتِمْرَار الَّذِي اكْتفى بِهِ فِي الدَّوَام قد زَالَ بِهَذَا التَّرَدُّد قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَلم أر فِيهِ خلافًا قَالَ الإِمَام وَلَيْسَ من شكّ عرُوض التَّرَدُّد بالبال كَمَا يجْرِي للموسوس فَإِنَّهُ قد يعرض بالذهن تصور الشَّك وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ فَهَذَا لَا يبطل قَالَ
(واستدبار الْقبْلَة)
إِذا استدبر الْقبْلَة بطلت صلَاته كَمَا لَو أحدث إِذْ الْمَشْرُوط يفوت بِفَوَات شَرطه وَقد تقدم فِي فصل اسْتِقْبَال الْقبْلَة فروع مهمة فلتراجع قَالَ
(وَالْأكل وَالشرب والقهقهة وَالرِّدَّة)
من مبطلات الصَّلَاة الْأكل وَالشرب لِأَنَّهُ إِذا بَطل الصَّوْم بِهِ وَهُوَ لَا يبطل بالأفعال فَالصَّلَاة أولى وَلِأَنَّهُ يعد معرضًا عَن الصَّلَاة إِذْ الْمَقْصُود من الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة تَجْدِيد الايمان ومحادثة الْقلب بالمعرفة وَالرُّجُوع إِلَى الله تَعَالَى وَالْأكل يُنَاقض ذَلِك وَهَذَا إِذا كَانَ عَامِدًا فَإِن أكل نَاسِيا أَو جَاهِلا بِالتَّحْرِيمِ لقرب عَهده بِالْإِسْلَامِ وَنَحْوه كَمَا مر فِي شُرُوط الصَّلَاة فَلَا تبطل كَالصَّوْمِ وَهَذَا إِذا كَانَ قَلِيلا فَإِن كثر فَالْأَصَحّ الْبطلَان قَالَ القَاضِي حُسَيْن إِن أكل أقل من سمسمة لَا تبطل وَفِي السمسمة أَو قدرهَا وَجْهَان الصَّحِيح الْبطلَان وَالشرب كَالْأَكْلِ وَأما القهقهة وَهِي الضحك فَإِن تعمد ذَلِك بطلت صلَاته لِأَنَّهُ يُنَافِي الْعِبَادَة وَهَذَا إِذا بَان مِنْهُ حرفان فَإِن لم يبن فَلَا تبطل لِأَنَّهُ لَيْسَ