الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَو كَانَ الْمَغْصُوب من ذَوَات الْقيم كالحيوان وَغَيره من غير الْمثْلِيّ لزمَه أقْصَى قيم الْمَغْصُوب من وَقت الْغَصْب إِلَى وَقت التّلف لِأَنَّهُ فِي حَال زِيَادَة الْقيمَة غَاصِب مطَالب بِالرَّدِّ فَلَمَّا لم يرد فِي تِلْكَ الْحَالة ضمن الزِّيَادَة لتعديه وَتجب قِيمَته من نقد الْبَلَد الَّذِي حصل فِيهِ التّلف قَالَه الرَّافِعِيّ وَكَلَام الرَّافِعِيّ مَحْمُول على مَا إِذا لم ينْقل الْمَغْصُوب فَإِن نَقله قَالَ ابْن الرّفْعَة فَيتَّجه أَن يعْتَبر نقد الْبَلَد الَّذِي تعْتَبر الْقيمَة فِيهِ وَهُوَ أَكثر البلدين قيمَة قَالَ ابْن الرّفْعَة فِي الْبَحْر عَن وَالِده مَا يُقَارِبه وَالْعبْرَة بِالنَّقْدِ الْغَالِب فَإِن غلب نقدان وتساويا عين القَاضِي وَاحِدًا مَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب البيع وَالله أعلم
(فرع) لَو ظفر بالغاصب فِي بلد التّلف والمغصب مثلي وَهُوَ مَوْجُود فَالصَّحِيح أَنه إِن كَانَ لَا مُؤنَة لنقله كالنقد فَلهُ مُطَالبَته بِالْمثلِ وَإِلَّا فَلَا يُطَالِبهُ ويغرمه قيمَة بلد التّلف لِأَنَّهُ تعذر على الْمَالِك الرُّجُوع إِلَى الْمثل وَالله أعلم قَالَ
بَاب الشُّفْعَة
فصل وَالشُّفْعَة وَاجِبَة بالخلطة دون الْجوَار فِيمَا يَنْقَسِم دون مَالا يَنْقَسِم وَفِي كل مَا لَا ينْقل من الأَرْض كالعقار وَنَحْوه
الشُّفْعَة من شفعت الشَّيْء وثنيته وَقيل من التَّسْوِيَة والاعانة لِأَنَّهُ يتقوى بِمَا يَأْخُذهُ
وَهِي فِي الشَّرْع حق تملك قهري يثبت للشَّرِيك الْقَدِيم على الْحَادِث بِسَبَب الشّركَة بِمَا يملك بِهِ لدفع الضَّرَر وَاخْتلف فِي الْمَعْنى الَّذِي شرعت لأَجله فَالَّذِي اخْتَارَهُ الشَّافِعِي أَنه ضَرَر مُؤنَة الْقِسْمَة واستحداث الْمرَافِق وَغَيرهَا وَالْقَوْل الثَّانِي ضَرَر سوء الْمُشَاركَة
وَالْأَصْل فِي ثُبُوتهَا ورد
(قضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَة فِي كل مَا لَا يقسم فَإِذا وَقعت الْحُدُود وصرفت الطّرق فَلَا شُفْعَة) وَفِي رِوَايَة فِي
(أَرض أَو ربع أَو حَائِط) وَالرّبع الْمنزل والحائط الْبُسْتَان وَنقل ابْن الْمُنْذر الاجماع على إِثْبَات الشُّفْعَة وَهُوَ مَمْنُوع فقد خَالف فِي ذَلِك جَابر بن زيد من كبار التَّابِعين وَغَيره إِذا عرفت هَذَا فَقَوْل الشَّيْخ وَاجِبَة أَي ثَابِتَة يَعْنِي
تثبت للشَّرِيك المخالط خلْطَة الشُّيُوع دون الشَّرِيك الْجَار للْحَدِيث السَّابِق وَقَوله فِيمَا يَنْقَسِم دون مَا لَا يَنْقَسِم فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن الْعلَّة فِي ثُبُوت الشُّفْعَة ضَرَر مُؤنَة الْقِسْمَة فَلهَذَا تثبت فِيمَا يقبل الْقِسْمَة وَيجْبر الشَّرِيك فِيهِ على الْقِسْمَة بِشَرْط أَن ينْتَفع بالمقسوم على الْوَجْه الَّذِي كَانَ ينْتَفع بِهِ قبل الْقِسْمَة وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وَلِهَذَا لَا تثبت الشُّفْعَة فِي الشَّيْء الَّذِي لَو قسم لبطلت منفعَته الْمَقْصُودَة مِنْهُ قبل الْقِسْمَة كالحمام الصَّغِير فَإِنَّهُ لَا يُمكن جعله حمامين وَإِن أمكن كحمام كَبِير ثبتَتْ الشُّفْعَة لِأَن الشَّرِيك يجْبر على قسمته وَكَذَا لَا شُفْعَة فِي الطَّرِيق الضّيق وَنَحْو ذَلِك وَقَوله وَفِي كل مَا لَا ينْقل احْتَرز بِهِ عَن المنقولات أَي لَا تثبت الشُّفْعَة فِي الْمَنْقُول لقَوْله صلى الله عليه وسلم
(لَا شُفْعَة إِلَّا فِي ربع أَو حَائِط) وَتثبت فِي كل مَالا ينْقل كالأرض والربوع وَإِذا ثبتَتْ فِي الأَرْض تبِعت الْأَشْجَار والأبنية فِيهَا لِأَن الحَدِيث فِيهِ لفظ الرّبع وَهُوَ يتَنَاوَل الْأَبْنِيَة وَلَفظ الْحَائِط يتَنَاوَل الْأَشْجَار
وَاعْلَم أَنه كَمَا تتبع الْأَشْجَار الأَرْض كَذَلِك تتبع الْأَبْوَاب والرفوف المسمرة للْبِنَاء وكل مَا يتبع فِي البيع عِنْد الاطلاق كَذَلِك هُنَا
وَاعْلَم أَن الْأَبْنِيَة وَالْأَشْجَار إِذا بِيعَتْ وَحدهَا فَلَا شُفْعَة فِيهَا على الصَّحِيح لِأَنَّهَا منقولة وَإِن أريدت للدوام فَإِذا عرفت هَذَا فَلَا شُفْعَة فِي الْأَبْنِيَة وَفِي الأَرْض الْمَوْقُوفَة كالأشجار لِأَن الأَرْض لَا تستتبع وَالْحَالة هَذِه وَكَذَلِكَ الْأَرَاضِي المحتكرة فاعرفه وَالله أعلم قَالَ
(بِالثّمن الَّذِي وَقع عَلَيْهِ البيع وَهِي على الْفَوْر فَإِن أَخّرهَا مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهَا بطلت)
قَوْله بِالثّمن مُتَعَلق بِمَحْذُوف تَقْدِير الْكَلَام أَخذ الشَّفِيع الْمَبِيع بِالثّمن وَالْمعْنَى أَخذ بِمثل الثّمن إِن كَانَ الثّمن مثلِيا أَو بِقِيمَتِه إِن كَانَ مُتَقَوّما وَيُمكن حمل اللَّفْظ على ظَاهره حَيْثُ صَار الثّمن إِلَى الشَّفِيع وَالِاعْتِبَار بِوَقْت البيع لِأَنَّهُ وَقت اسْتِحْقَاق الشُّفْعَة كَذَا علله الرَّافِعِيّ وَنَقله الْبَنْدَنِيجِيّ عَن نَص الشَّافِعِي وَلَو كَانَ الثّمن مُؤَجّلا فَالْأَظْهر أَن الشَّفِيع مُخَيّر بَين أَن يعجل وَيَأْخُذ فِي الْحَال أَو يصبر إِلَى مَحل الثّمن وَيَأْخُذ لأَنا إِذا جَوَّزنَا الْأَخْذ بالمؤجل أضررنا بالمشتري لِأَن الذمم تخْتَلف وَإِن ألزمناه الاخذ بِالْحَال أضررنا بالشفيع لأجل يُقَابله قسط من الثّمن فَكَانَ مَا قُلْنَا دفعا للضررين ثمَّ الشُّفْعَة على الْفَوْر على الْأَظْهر لقَوْله صلى الله عليه وسلم
(الشُّفْعَة كحل العقال) مَعْنَاهُ أَنَّهَا تفوت عِنْد عدم الْمُبَادرَة كَمَا يفوت الْبَعِير الشرود إِذا حل عقاله وَلم يبتدر إِلَيْهِ وروى
(الشُّفْعَة
لمن واثبها) وَلِأَنَّهُ حق ثَبت لدفع الضَّرَر فَكَانَ على الْفَوْر كالرد بِالْعَيْبِ وَالله أعلم
وَاعْلَم أَن المُرَاد بِكَوْنِهَا على الْفَوْر طلبَهَا لَا تَملكهَا نبه عَلَيْهِ ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب فاعرفه وَقيل تمتد ثَلَاثَة أَيَّام وَقيل غير ذَلِك فَإِذا علم الشَّفِيع بِالْمَبِيعِ فليبادر على الْعَادة وَقد مر ذَلِك فِي رد الْمَبِيع بِالْعَيْبِ فَلَو كَانَ مَرِيضا أَو غَائِبا عَن بلد المُشْتَرِي أَو خَائفًا من عَدو فليوكل إِن قدر وَإِلَّا فليشهد على الطّلب فَإِن ترك الْمَقْدُور عَلَيْهِ بَطل حَقه على الرَّاجِح لِأَنَّهُ مشْعر بِالتّرْكِ وَهَذَا فِي الْمَرَض الثقيل فَإِن كَانَ مَرضا خَفِيفا لَا يمنعهُ من الْمُطَالبَة كالصداع الْيَسِير كَانَ كَالصَّحِيحِ قَالَه ابْن الرّفْعَة وَلَو كَانَ مَحْبُوسًا ظلما فَهُوَ كالمرض الثقيل وَلَو خرج للطلب حَاضرا كَانَ أَو غَائِبا فَهَل يجب الْإِشْهَاد أَنه على الطّلب الصَّحِيح فِي الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة أَنه إِذا لم يشْهد لَا يبطل حَقه وَصحح النَّوَوِيّ فِي تَصْحِيح التَّنْبِيه أَنه فِي الْغَالِب يبطل إِذا لم يشْهد وَالْمُعْتَمد الأول كَمَا لَو بعث وَكيلا فَإِنَّهُ يَكْفِي وَلَو قَالَ الشَّفِيع لم أعلم أَن الشُّفْعَة على الْفَوْر وَهُوَ مِمَّن يخفي عَلَيْهِ صدق وَلَو اخْتَلَفْنَا فِي السّفر لأجل الشُّفْعَة صدق الشَّفِيع قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَلَو رفع الشَّفِيع الْأَمر إِلَى القَاضِي وَترك مُطَالبَة المُشْتَرِي مَعَ حُضُوره جَازَ وَلَو أشهد على الطّلب وَلم يُرَاجع المُشْتَرِي وَلَا القَاضِي لم يكف وَإِن كَانَ المُشْتَرِي غَائِبا رفع الْأَمر إِلَى القَاضِي وَأخذ وَلَو أخر الطّلب وَقَالَ لم أصدق الْمخبر لم يعْذر إِن أخبرهُ ثِقَة سَوَاء كَانَ عدلا أَو عبدا أَو امْرَأَة لِأَن خبر الثِّقَة مَقْبُول وَمن لَا يوثق بِهِ كالكافر وَالْفَاسِق وَالصَّبِيّ والمغفل وَنَحْوهم قَالَ ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب وَهَذَا فِي الظَّاهِر أما فِي الْبَاطِن فالاعتبار بِمَا يَقع فِي نَفسه من صدق الْمخبر كَافِرًا كَانَ أَو فَاسِقًا أَو غَيرهمَا وَقد صرح بِهِ الْمَاوَرْدِيّ وَعلله بِأَن مَا يتَعَلَّق بالمعاملات يَسْتَوِي فِيهَا خبر الْمُسلم وَغَيره إِذا وَقع فِي النَّفس صدقه وَالله أعلم قَالَ
(وَإِذا تزوج امْرَأَة على شقص أَخذه الشَّفِيع بِمهْر الْمثل)
مَكَان بَين اثْنَيْنِ نكح وَاحِد مِنْهُمَا امْرَأَة وَأصْدقهَا نصِيبه من ذَلِك الْمَكَان وَهُوَ مِمَّا يثبت فِيهِ الشُّفْعَة فلشريكه أَن يَأْخُذ ذَلِك المهمور بِالشُّفْعَة وَكَذَا لَو كَانَ ذَلِك الْمَكَان ملك امْرَأَة وَملك شخص آخر فَقَالَت للزَّوْج خالعني على نَصِيبي من ذَلِك الْمَكَان أَو طَلقنِي عَلَيْهِ فَفعل بَانَتْ مِنْهُ وَاسْتحق الزَّوْج ذَلِك الشّقص وللشفيع أَخذه من الزَّوْج كَمَا أَن لَهُ أَخذه من المرا فِي صُورَة الاصداق وَيَأْخُذهُ بِمهْر الْمثل لَا بِقِيمَة الشّقص على الرَّاجِح وَوَجهه أَن الْبضْع مُتَقَوّم وَقِيمَته بِمهْر الْمثل لِأَنَّهُ بدل الشّقص فالبضع هُوَ ثمن الشّقص وَالله أعلم قَالَ