الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعِرَاقِيّين السُّقُوط وَالْأَظْهَر أَنَّهَا لَا تسْقط لاطلاق الْأَدِلَّة وَالله أعلم قَالَ
بَاب حكم الصَّائِل
فصل وَمن قصد بأذى فِي نَفسه أَو مَاله أَو حريمه فَقتل دفعا عَنهُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
من صال على شخص مُسلم بِغَيْر حق يُرِيد قَتله جَازَ للمقصود دَفعه عَن نَفسه إِن لم يقدر على هرب أَو تحصن بمَكَان أَو غَيره فَإِن قدر على ملْجأ وَجب عَلَيْهِ ذَلِك لِأَنَّهُ مَأْمُور بتخليص نَفسه بالأهون وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح من اخْتِلَاف كثير وَقيل لَهُ الثَّبَات ومقاتلته فَإِن لم يقدر على ملْجأ فَلهُ مقاتلته بِشَرْط أَن يَأْتِي بالأخف فالأخف فَإِن أمكنه الدّفع بالْكلَام أَو الصياح أَو الاستغاثة بِالنَّاسِ لم يكن لَهُ الضَّرْب فَإِن لم ينْدَفع إِلَّا بِالضَّرْبِ فَلهُ أَن يضْربهُ ويراعى فِيهِ التَّرْتِيب فَإِن أمكن بِالْيَدِ لم يضْربهُ بِالسَّوْطِ وَإِن أمكن بِالسَّوْطِ لم يجز بالعصا وَإِن أمكن بِجرح لم يقطع عضوا وَإِن أمكن بِقطع عُضْو لم يذهب نَفسه فَإِن لم ينْدَفع إِلَّا بالاتيان على نَفسه فَلهُ ذَلِك وَلَا قصاص عَلَيْهِ وَلَا دِيَة وَلَا كَفَّارَة لقَوْله تَعَالَى {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} الْآيَة وَلِأَن الصَّائِل ظَالِم والظالم مُعْتَد والمعتدي مُبَاح الْقِتَال ومباح الْقِتَال لَا يجب ضَمَانه وَالله أعلم
وَهل يجب الدّفع عَن نَفسه إِذا كَانَ الصَّائِل مُسلما مُكَلّفا قيل يجب لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} وكا يجب على الْمُضْطَر إحْيَاء نَفسه بِالْأَكْلِ وَالرَّاجِح أَنه لَا يجب بل لَهُ الاستسلام لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لما وصف مَا يكون من الْفِتَن فَقَالَ حُذَيْفَة رضي الله عنه إِنَّه لَو أدركني ذَلِك الزَّمَان فَقَالَ ادخل بَيْتك واخمل ذكرك فَقَالَ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت لَو دخل بَيْتِي فَقَالَ إِذا راعك بريق السَّيْف فاستر وَجهك وَكن عبد الله الْمَقْتُول وَلَا تكن عبد الله الْقَاتِل وَفِي بعض الْأَلْفَاظ وَكن خير بني آدم أَي الْقَائِل {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي} إِلَى قَوْله تَعَالَى {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} وَصَحَّ أَن عُثْمَان رضي الله عنه منع عُبَيْدَة عَنهُ وَكَانُوا أَرْبَعمِائَة فَقَالَ من ألْقى سلاحه فَهُوَ حر وَقَالَ عليه الصلاة والسلام إِن بَين يَدي السَّاعَة فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم يصبح الرجل فِيهَا مُؤمنا ويمسي كَافِرًا ويمسي مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم والقائم خير من الْمَاشِي والماشي خير من السَّاعِي فاكسروا قسيكم واقطعوا أوتاركم واضربوا سُيُوفكُمْ
بِالْحِجَارَةِ فَإِن دخل على أحد مِنْكُم فَلْيَكُن كخير ابْني آدم وَيُخَالف الْمُضْطَر فَإِن فِي الْقَتْل شَهَادَة بِخِلَاف ترك الْأكل وَالله أعلم وَإِن قصد فِي مَاله وَإِن قل كدرهم فَلهُ أَن يَدْفَعهُ عَنهُ لقَوْله عليه الصلاة والسلام من قتل دون مَاله فَهُوَ شَهِيد وَله تَركه لِأَنَّهُ يجوز إِبَاحَته نعم إِن كَانَ المَال حَيَوَانا وَقصد اتلافه وَجب الدّفع لحُرْمَة الرّوح قَالَه الْبَغَوِيّ مَا لم يخف على نَفسه وَالله أعلم
2 -
وَإِن قصد حريمه كزوجته وَأمته وَولده وَنَحْوه بقتل أَو لينال من أحدهم فَاحِشَة كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَجب عَلَيْهِ الدّفع لتَحْرِيم إِبَاحَة ذَلِك لِأَنَّهُ حق غَيره وَقد رُوِيَ أَن امْرَأَة خرجت تحتطب فتبعها رجل يراودها عَن نَفسهَا فرمته بفهر فَقتلته فَرفع ذَلِك لعمر فَقَالَ قَتِيل الله وَالله لَا يودى هَذَا أبدا وَلم يُخَالِفهُ أحد فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقيل فِي الْوُجُوب الْخلاف فِي الدّفع عَن نَفسه وَالْمذهب الأول وَبِه جزم الْبَغَوِيّ وَالْمُتوَلِّيّ وشرطا فِي الْوُجُوب أَن لَا يخَاف على نَفسه وَإِلَيْهِ أَشَارَ الإِمَام وَالْغَزالِيّ هَل يجب الدّفع عَن الْغَيْر إِذا لم يكن من حريمه فِيهِ طرق للأصحاب أَصَحهَا أَنه كالدفع عَن نَفسه فَإِن كَانَ قَاصِدا كَافِرًا وَجب الدّفع وَكَذَا إِن كَانَ القاصد بَهِيمَة وَإِن كَانَ مُسلما بَالغا فَفِيهِ الْخلاف وَقيل يجب الدّفع هُنَا قطعا لِأَن الْحق للْغَيْر لَكِن بِشَرْط أَن لَا يغلب على ظَنّه هَلَاك نَفسه وَقيل لَا يجب قطعا وَحَكَاهُ الإِمَام عَن الْمُحَقِّقين من عُلَمَاء الْأُصُول لِأَن ذَلِك من وَظِيفَة الْوُلَاة دون الْآحَاد فعلى هَذَا فِي جَوَازه خلاف وَالله أعلم قَالَ
(وعَلى رَاكب الدَّابَّة ضَمَان مَا تتلفه)
إِذا كَانَ مَعَ الشَّخْص دَابَّة ضمن مَا تتلفه من نفس أَو مَال سَوَاء أتلفت لَيْلًا أَو نَهَارا وَسَوَاء كَانَ سائقها أَو قائدها أَو راكبها وَسَوَاء أتلفت بِيَدِهَا أَو رجلهَا أَو عضها أَو ذنبها لِأَنَّهَا تَحت يَده وَعَلِيهِ تعهدها وَسَوَاء كَانَ الَّذِي مَعَ الدَّابَّة مَالِكهَا أَو أَجِيرا أَو مُسْتَأْجرًا أَو مستعيرا أَو غصبا لشمُول الْيَد وَسَوَاء فِي ذَلِك الْبَهِيمَة الْوَاحِدَة أَو الْعدَد كَالْإِبِلِ المقطورة أَو المساقة وَفِي وَجه إِن كَانَت مِمَّا تساق كالغنم فساقها لَا يضمن وَإِن كَانَت مِمَّا تقاد فساقها ضمن وَالصَّحِيح أَنه يضمن فِي الْحَالين وَبِه قطع الجماهير
وَاعْلَم أَن ضَمَان النَّفس يكون على العقلة إِذا كَانَت الدِّيَة طَوْعًا وَقَول الشَّيْخ وعَلى رَاكب الدَّابَّة يَشْمَل مَا إِذا كَانَ وَحده وَمَا إِذا كَانَ مَعَه سائق أَو قَائِد وَهُوَ كَذَلِك لقُوَّة يَده وَلَو كَانَ مَعَ الدَّابَّة سائق وقائد فَالضَّمَان عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَلَو كَانَ يسير الدَّابَّة فنسخها إِنْسَان فرمحت وأتلفت شَيْئا فَالضَّمَان على الناخس على الصَّحِيح وَلَو أمسك اللجام فوكبت رَأسهَا فَهَل يضمن مَا تتلفه قَولَانِ