الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فرع) إِذا ادَّعَت الْمَرْأَة أَنَّهَا حَاضَت فَإِن لم يتهمها بِالْكَذِبِ حرم الْوَطْء وَإِن كذبهَا لم يحرم فَلَو اتفقَا على الْحيض وَاخْتلفَا فِي انْقِطَاعه فَالْقَوْل قَوْلهَا قَالَه النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَالله تَعَالَى أعلم وَاعْلَم أَن تَحْرِيم الِاسْتِمْتَاع مُسْتَمر حَتَّى يقطع الدَّم وتغتسل لقَوْله تَعَالَى {حَتَّى يطهرن فَإِذا تطهرن فاتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} وَلَا فرق فِي الْغسْل بَين الْمسلمَة والذمية فَإِذا اغْتَسَلت ثمَّ أسلمت أعادت الْغسْل على الصَّحِيح وَالله أعلم قَالَ
بَاب مَا يحرم على الْجنب والمحدث
(وَيحرم على الْجنب خَمْسَة أشباء الصَّلَاة وقرءة الْقُرْآن وَمَسّ الْمُصحف وَالطّواف واللبث فِي الْمَسْجِد) سمى الْجنب بذلك لِأَنَّهُ يبعد بالجنابة عَن هَذِه الْأَشْيَاء أما تَحْرِيم الصَّلَاة فبالاجماع وَفِي مَعْنَاهَا سُجُود التِّلَاوَة وَالشُّكْر وَأما تَحْرِيم الْقِرَاءَة وَلَو آيَة أَو حرفا سَوَاء أسر أَو جهر إِذا نطق بِلِسَانِهِ فَلقَوْله صلى الله عليه وسلم
(لَا تقْرَأ الْحَائِض وَلَا الْجنب شَيْئا من الْقُرْآن) وَاحْتج للتَّحْرِيم بقول عَليّ رضي الله عنه
(لم يكن يحجب النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الْقُرْآن شَيْء سوى الْجَنَابَة) وَرُوِيَ يحجز وَقد كَانَ منع الْجنب القراة مَشْهُورا بَين الصَّحَابَة رضي الله عنهم
وَلَو لم يجد مَاء وَلَا تُرَابا وَصلى فَهَل تحرم الْفَاتِحَة أم لَا وَجْهَان أصَحهمَا عِنْد الرَّافِعِيّ بَقَاء التَّحْرِيم ويعدل إِلَى الذّكر وَصحح النَّوَوِيّ وجوب الْقِرَاءَة
وَأما تَحْرِيم مس الْمُصحف فَإِذا حرم على الْمُحدث فالجنب أولى وَإِذا حرم الْمس فالحمل أولى بِالتَّحْرِيمِ وَأما تَحْرِيم الطّواف فَلقَوْله صلى الله عليه وسلم
(الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة) وروى أَيْضا
(الطّواف بِمَنْزِلَة الصَّلَاة إِلَّا أَن تَعَالَى أحل فِيهِ النُّطْق فَمن نطق فَلَا ينْطق إِلَّا بِخَير) وَأما تَحْرِيم اللّّبْث فِي الْمَسْجِد فَلقَوْله تَعَالَى {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل حَتَّى تغتسلوا} أَي لَا تقربُوا مَوَاضِع الصَّلَاة
وَلقَوْله عليه الصلاة والسلام
(إِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جنب)
وَاعْلَم أَن التَّرَدُّد فِي الْمَسْجِد بِمَنْزِلَة اللّّبْث وَلَا فرق فِي اللّّبْث بَين الْقعُود وَالْقِيَام وَاحْترز الشَّيْخ بِالْمَسْجِدِ عَن غَيره كالمدارس والربط وَنَحْوهمَا ثمَّ هَذَا إِذا لم يكن عذر فَإِن كَانَ كَمَا لَو احْتَلَمَ فِي الْمَسْجِد وَلم يتَمَكَّن من الْخُرُوج لإغلاق الْبَاب أَو لخوف على نَفسه أَو مَاله قَالَ الرَّافِعِيّ وليتيمم بِغَيْر تُرَاب الْمَسْجِد قَالَ النَّوَوِيّ يجب التَّيَمُّم وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الصَّغِير إِنَّه مُسْتَحبّ وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب إِن التَّيَمُّم بِتُرَاب الْمَسْجِد حرَام وَيجوز التَّيَمُّم بِمَا حَملته الرّيح إِلَيْهِ وَقَوله واللبث يَقْتَضِي أَنه لَا يحرم الْمُرُور فِيهِ وَهُوَ كَذَلِك لِلْآيَةِ وكما يحرم لَا يكره إِن كَانَ لَهُ غَرَض مثل كَون الْمَسْجِد أقرب فِي الطَّرِيق وَإِن لم يكن لَهُ غَرَض كره قَالَه فِي الرَّوْضَة تبعا للرافعي وَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب إِنَّه لَا يكره وَالْأولَى أَن لَا يفعل وَقيل يحرم العبور إِن وجد طَرِيقا غَيره وَحَيْثُ عبر لَا يُكَلف الاسراع وَيَمْشي على الْعَادة قَالَه الإِمَام
(فرع) إِذا تلفظ الْجنب بِشَيْء من أذكار الْقُرْآن كَقَوْلِه فِي ابْتِدَاء أكله باسم الله وَفِي آخِره الْحَمد لله وَعند الكرب
(سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين) أَي مطيقين وَنَحْوه إِن قصد الذّكر فَقَط يحرم وَإِن قصد الْقُرْآن حرم وَإِن قصدهما حرم وَإِن لم يقْصد شَيْئا فَجزم الرَّافِعِيّ بِأَنَّهُ لَا يحرم قَالَ الإِمَام وَهُوَ مَقْطُوع بِهِ لِأَن الْمحرم الْقُرْآن وَعند عدم الْقَصْد لَا يُسمى قُرْآنًا وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب أَشَارَ الْعِرَاقِيُّونَ إِلَى التَّحْرِيم قَالَ ابْن الرّفْعَة وَهُوَ الظَّاهِر قَالَ الطَّبَرِيّ فِي شرح التَّنْبِيه الْوَجْه الْقطع بِالتَّحْرِيمِ لوضع اللَّفْظ للتلاوة وَالله أعلم قَالَ
(وَيحرم على الْمُحدث ثَلَاثَة أَشْيَاء الصَّلَاة وَالطّواف وَمَسّ الْمُصحف وَحمله)
تحرم الصَّلَاة ذَات الرُّكُوع وَالسُّجُود على الْمُحدث بِالْإِجْمَاع وَسُجُود الشُّكْر والتلاوة كَالصَّلَاةِ وَكَذَا صَلَاة الْجِنَازَة وَفِي الحَدِيث
(لَا يقبل الله صَلَاة بِغَيْر طهُور وَلَا صَدَقَة من غلُول) والغلول بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة الْحَرَام وَأما تَحْرِيم الطّواف فَلقَوْله صلى الله عليه وسلم
(الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة) كَمَا مر وَأما مس الْمُصحف فَلقَوْله تَعَالَى {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} وَالْقُرْآن لَا يَصح مَسّه فَعلم بِالضَّرُورَةِ أَن المُرَاد الْكتاب وَهُوَ أقرب مَذْكُور وَعوده إِلَى اللَّوْح الْمَحْفُوظ مَمْنُوع لِأَنَّهُ غير منزل وَلَا يُمكن أَن يُرَاد بالمطهرين الْمَلَائِكَة لِأَنَّهُ نفى وَإِثْبَات وَالسَّمَاء لَيْسَ فِيهَا مطهر فَعلم أَنه أَرَادَ
الْآدَمِيّين وَكتب النَّبِي صلى الله عليه وسلم كتابا إِلَى أهل الْيمن وَفِيه
(لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر) وَيحرم مس الصندوق والخريطة الَّتِي فيهمَا الْمُصحف لِأَنَّهُمَا منسوبان إِلَيْهِ والعلاقة كالخريطة إِن قصد بذلك حمل الْمُصحف وَإِن لم يَقْصِدهُ بل قصد حمل الصندوق أَو الخريطة أَو قصد مسهما فَلَا صَححهُ النَّوَوِيّ وَلَو لف كمه على يَده وقلب الأوراق بهَا حرم قطع بِهِ الْجُمْهُور لِأَن الْكمّ مُتَّصِل بِهِ وَله حكم أَجْزَائِهِ كَمَا فِي السُّجُود على ذَلِك وَأما تَحْرِيم الْحمل فَلِأَنَّهُ أفحش من الْمس نعم لَو خَافَ عَلَيْهِ من غرق أَو حرق أَو نَجَاسَة أَو كَافِر وَلم يتَمَكَّن من الطَّهَارَة وَالتَّيَمُّم أَخذه مَعَ الْحَدث للضَّرُورَة فالأخذ وَالْحَالة هَذِه وَاجِب قَالَه النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَالتَّحْقِيق وَالله أعلم