الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَأتي أما من لَيْسَ أَهلا لَهُ كالجهلة والفسقة كقضاة الرشا والبراطيل فهم بِشَهَادَة سيد الْأَوَّلين والآخرين صلى الله عليه وسلم فِي النَّار لقَوْله عليه الصلاة والسلام الْقُضَاة ثَلَاثَة قَاض فِي الْجنَّة وقاضيان فِي النَّار قَاض عرف الْحق فَقضى بِهِ فَهُوَ فِي الْجنَّة وقاض عرف الْحق فَحكم بِخِلَافِهِ فَهُوَ فِي النَّار وقاض قضى على جهل فَهُوَ فِي النَّار وَقَالَ عليه الصلاة والسلام من كَانَ قَاضِيا فَقضى بِالْجَهْلِ كَانَ من أهل النَّار وَمن كَانَ قَاضِيا فَقضى بالجور كَانَ من أهل النَّار وَمن كَانَ قَاضِيا عَالما فَقضى بِحَق أَو بِعدْل يسْأَل التفلت كفافاً وَالْأَحَادِيث فِي ذَلِك كَثِيرَة قَالَ الْعلمَاء كل من لَيْسَ بِأَهْل للْحكم فَلَا يحل لَهُ الحكم فَإِن حكم فَهُوَ آثم وَلَا ينفذ حكمه وَسَوَاء وَافق الْحق أم لَا لِأَن إِصَابَة الْحق اتفاقية لَيست صادرة عَن أصل شَرْعِي فَهُوَ عَاص فِي جَمِيع أَحْكَامه سَوَاء وَافق الصَّوَاب أم لَا وَأَحْكَامه مَرْدُودَة كلهَا وَلَا يعْذر فِي شَيْء من ذَلِك كَذَا جزم بِهِ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم وَالله أعلم قَالَ
بَاب شُرُوط القَاضِي
(وَلَا يجوز أَن يَلِي الْقَضَاء إِلَّا من استكملت فِيهِ خمس عشرَة خصْلَة الاسلام وَالْبُلُوغ وَالْعقل وَالْحريَّة وَالْعَدَالَة والذكورة)
من لَا يصلح للْقَضَاء تحرم تَوليته وَيحرم عَلَيْهِ أَن يتَوَلَّى وَيحرم عَلَيْهِ أَن يَطْلُبهُ للْخَبَر الْمُتَقَدّم فَمن الصِّفَات الْمُعْتَبرَة لِلْإِسْلَامِ فَلَا تجوز تَوْلِيَة الْقَضَاء للْكَافِرِ لَا على الْمُسلمين وَلَا على غَيرهم لِأَنَّهُ ولَايَة السَّبِيل وَهُوَ لَيْسَ أهل لذَلِك وانتهر عمر رضي الله عنه أَبَا مُوسَى رضي الله عنه حِين اسْتعْمل كَاتبا نَصْرَانِيّا ثمَّ قَالَ لَا تدنوهم وَقد أَقْصَاهُم الله وَلَا تُكْرِمُوهُمْ وَقد أَهَانَهُمْ الله وَلَا تَأْمَنُوهُمْ وَقد خَوَّنَهُمْ الله وَقد نَهَيْتُكُمْ عَن إستعمال أهل الْكتاب فَإِنَّهُم يسْتَحلُّونَ الرشا وَمِنْهَا الْبلُوغ وَالْعقل لِأَن الصَّبِي وَالْمَجْنُون إِذا لم يتَعَلَّق بقولهمَا حكم على أَنفسهمَا فعلى غَيرهمَا أولى وَقد ادّعى الْإِجْمَاع عَلَيْهِ فِي الْمَجْنُون قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَلَا يَكْتَفِي بِالْعقلِ الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ التَّكْلِيف حَتَّى يكون صَحِيح التَّمْيِيز جيد الفطنة بَعيدا من السَّهْو والغفلة ليتوصل إِلَى وضوح الشكل وَذكر الإِمَام نَحوه وَكَذَا الْغَزالِيّ نعم قَالَ الرَّافِعِيّ يسْتَحبّ كَونه وافر الْعقل متثبتاً ذَا فطنة ويقظة وَمِنْهَا الْحُرِّيَّة لِأَن
العَبْد نَاقص عَن ولَايَة نَفسه فَعَن ولَايَة غَيره أولى وبالقياس على الشَّهَادَة وَمن لم تكمل فِيهِ الْحُرِّيَّة كالقن وَمِنْهَا الْعَدَالَة لِأَن الْفسق إِذا منع من النّظر فِي مَال الإبن مَعَ عَظِيم شفقته فَمنع ولَايَة الْقَضَاء الَّتِي بَعْضهَا حفظ مَال الْيَتِيم أولى وَسَوَاء كَانَ فسقه مِمَّا لَا شُبْهَة لَهُ فِيهِ أَو بِمَا فِيهِ شُبْهَة وَفِي وَجه لَا يضر مَاله فِيهِ شُبْهَة وَتَأْويل وَمِنْهَا الذُّكُورَة لقَوْله تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم لن يفلح قوم وَلَو أَمرهم إمرأة وَلِأَن القَاضِي مُحْتَاج إِلَى مُخَاطبَة الرِّجَال وَالْمَرْأَة مأمورة بالتحرز عَن ذَلِك وَالله أعلم قَالَ
(وَمَعْرِفَة أَحْكَام الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة وَالِاخْتِلَاف وطرق الِاجْتِهَاد وطرف من لِسَان الْعَرَب)
من صِفَات القَاضِي أَن يكون أَهلا للِاجْتِهَاد فَلَا يجوز تَوْلِيَة الْجَاهِل بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة كالمقلد لقَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم الْقُضَاة ثَلَاثَة فالمقلد فِي حكمه مقتف مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ علم وقاضي الْجَهْل لَا يدْرِي طَرِيقه وَلِأَن لَا يصلح للْفَتْوَى فالقضاء أولى لِأَن الافتاء اخبار غير مُلْزم وَالْقَضَاء إِخْبَار مُلْزم وَإِنَّمَا تحصل أَهْلِيَّة الِاجْتِهَاد بِأُمُور
أَحدهَا أَن يعرف من الْقُرْآن آيَات الْأَحْكَام وَهِي كَمَا قيل خَمْسمِائَة فَيعرف النَّاسِخ والمنسوخ وَالْعَام وَالْخَاص وَالْعَام الَّذِي أُرِيد بِهِ الْخُصُوص وَعَكسه وَالْمُطلق والمقيد والمحكم والمتشابه والمجمل والمفصل وَلَا يشْتَرط حفظه على ظهر الْقلب قَالَه الرَّوْيَانِيّ قَالَ الرَّافِعِيّ وَمِنْهُم من يُنَازع ظَاهر كَلَامه فِيهِ
الثَّانِي أَن يعرف من السّنة الْأَخْبَار الْمُتَعَلّقَة بِالْأَحْكَامِ وَيعرف مِنْهَا مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْكتاب الْعَزِيز وَيعرف الْمُتَوَاتر والآحاد والمرسل والمسند والمنقطع والمتصل وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل
الثَّالِث أَن يعرف أقاويل عُلَمَاء الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ رضي الله عنهم إجمعا واختلافاً لِئَلَّا يحكم بِمَا أَجمعُوا على خِلَافه أَو بقول ثَالِث
الرَّابِع الْقيَاس فَيعرف جليه وخفيه وتمييز الصَّحِيح من الْفَاسِد