الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في تاريخ التسامح الديني في الإسلام، يطعن فيه المستشرقون المتعصبون وبخاصة المبشرين منهم، بأن مؤلفه كان مندفعًا بعاطفة قوية من الحب والعطف على المسلمين، مع أنه لم يذكر فيه حادثة إلا أرجعها إلى مصدرها.
ومن هؤلاء من يؤدي بهم البحث الخالص لوجه الحق إلى اعتناق الإسلام والدفاع عنه في أوساط أقوامهم الغربيين، كما فعل المستشرق الفرنسي الفنان "دينيه" الذي عاش في الجزائر، فأعجب بالإسلام وأعلن إسلامه وتسمى باسم:"ناصر الدين دينيه" وألف مع عالم جزائري كتابًا عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وله كتاب "أشعة خاصة بنور الإسلام" بين فيه تحامل قومه على الإسلام ورسوله، وقد توفي هذا المستشرق المسلم في فرنسا، ونقل جثمانه إلى الجزائر ودفن فيها1.
1 انظر: "المستشرقون ما لهم وما عليهم" للدكتور مصطفى السباعي.
وسائل الاستشراق:
لم يترك المستشرقون وسيلة لنشر أبحاثهم وبث آرائهم إلا سلكوها، ومنها:
1-
تأليف الكتب في موضوعات مختلفة عن الإسلام واتجاهاته ورسوله وقرآنه، وفي أكثرها كثير من التحريف المتعمد في نقل النصوص أو ابتسارها وفي فهم الوقائع التاريخية والاستنتاج منها.
2-
إرساليات التبشير إلى العالم الإسلامي لتزاول أعمالاً إنسانية في الظاهر كالمستشفيات والجمعيات والمدارس والملاجئ والمياتم، ودور الضيافة كجميعات الشبان المسيحية وأشباهها.
3-
إلقاء المحاضرات في الجامعات والجمعيات العلمية، ومن المؤسف أن
أشدهم خطرًا أو عداء للإسلام كانوا يستدعون إلى الجامعات العربية والإسلامية في القاهرة ودمشق وبغداد والرباط وكراتشي ولاهور وعليكرة وغيرها ليتحدثوا عن الإسلام!..
وحول هذه الظاهرة العجيبة في توجيه الدعوة إلى المستشرقين الذين يطعنون في الإسلام لإلقاء بحوثهم التي تتضمن أفكارهم المسمومة ضد الإسلام والمسلمين في البلاد الإسلامية، يقول بعض المفكرين الإسلاميين المعاصرين1:
"هذا من تقلبات الدهر وعجائب أمره، لقد مَرَّ على المسيحيين في أوروبا حين من الدهر كانوا يشدون فيه الرحال إلى الأندلس، ليتعلموا كتابهم المقدس -التوراة- من علماء المسلمين. أما الآن فقد انقلب الأمر رأسًا على عقب حيث أصبح المسلمون -واأسفاه- يرجعون إلى أهل الغرب "أوروبا وأمريكا" يسألونهم: ما هو الإسلام، وما هو تاريخه، وما هي حضارته؟ ليس هذا فقط. بل قد أصبحوا يتعلمون اللغة العربية منهم، ويستوردونهم لتدريس التاريخ الإسلامي. وكل ما يكتبونه عن الإسلام والمسلمين لا يجعلونه مادة للدراسة في كلياتهم وجامعاتهم فقط، ولكن يؤمنون به إيمانًا راسخًا مع أنهم -أعني أهل الغرب- قوم لا يسمحون لأحد إذا لم يكن من أتباع دينهم بأن يتدخل فيما يتعلق بدينهم وتاريخهم ولا في أتفه الأمور.
لقد نشر اليهود موسوعتهم tewish encyclopaedia وما فيها مقال واحد article كتبه أحد المسيحيين فضلاً عن أن يكتبه أحد من المسلمين، وقد قاموا أنفسهم بترجمة التوراة، ويربئون عن أن يمسوا الترجمة المسيحية. وعلى العكس من هذا فإن علماءهم يكتبون الكتب والمقالات عن الإسلام ويتلقاها المسلمون بكل ترحيب".
1 أبو الأعلى المودودي: "الإسلام في مواجهة التحديات المعاصرة" ص271.
4-
عقد المؤتمرات وإصدار المجلات الخاصة ببحوثهم عن الإسلام وتاريخه ونظمه وبلاده وشعوبه، وتقوم على تنظيم هذه المؤتمرات، وإصدار هذه المجلات جمعيات استشراقية في عدد من البلاد الأوروبية.
ومن أمثلة ذلك:
- في عام 1887م أنشأ الفرنسيون جمعية للمستشرقين ألحقوها بأخرى في عام 1920، وأتبعوا ذلك بإصدار "المجلة الآسيوية".
- تألفت في لندن في عام 1823 جمعية لتشجيع الدراسات الشرقية، وقبل الملك أن يكون ولي أمرها، وأصدرت هذه الجميعة "مجلة الجمعية الآسيوية الملكية".
- أنشأ الأمريكيون في عام 1842م جمعية باسم "الجمعية الشرقية الأمريكية" وأصدر بهذا الاسم مجلة تعني بالدراسات الاستشراقية.
- وأخطر المجالات التي يصدرها المستشرقون الأمريكيون في الوقت الحاضر هي مجلة "العالم الإسلامي The Muslim World" وهي مجلة أنشأها "صموئيل زويمر S.Zweimer" في سنة 1911م وتصدر الآن من "هارتفورد Hartford" بأمريكا. ورئيس تحريرها "كنيث كراج K.Cragg" وطابع هذه المجلة تبشيري سافر.
وللمستشرقين الفرنسيين مجلة شبيهة بمجلة "العالم الإسلامي" في روحها واتجاهها العدائي التبشيري واسمها أيضًا1 Le Mond Musulman.
5-
إنشاء الموسوعة "دائرة المعارف الإسلامية" وقد أصدروها بعدة لغات، وبدءوا بإصدار طبعة جديدة منها، وقد بدئ بترجمة الطبعة الأولى إلى اللغة العربية، وصدر منها حتى الآن ثلاثة عشر مجلدًا. وفي هذه الموسوعة
1 انظر: "التفكير الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي" تأليف: الدكتور محمد البهي ص535-536.
التي حشد لها كبار المستشرقين وأشدهم عداء للإسلام، قد دس السم في الدسم، وملئت بالأباطيل عن الإسلام وما يتعلق به، ومن المؤسف أنها مرجع لكثير من المثقفين عندنا بحيث يعتبرونها حجة فيما تتكلم به، وهذا من مظاهر الجهل بالثقافة الإسلامية وعقدة النقص عند هؤلاء المثقفين1.
1 انظر المرجع السابق ص536. وانظر "المستشرقون ما لهم وما عليهم" للدكتور مصطفى السباعي.