الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 السجدة: " 18".
2 الأنعام: "122".
طريقان لا تسوية بينهما:
1-
هنالك فرق هائل كبير بين جوهر الدعوة الإلهية ومبادئها وأهدافها ووسائلها وآثارها في حياة الفرد والجماعة والإنسانية في آفاقها الواسعة ومجالاتها الرحبة.. وبين جوهر الدعوات الأرضية والتصورات الضيقة، والنظم الملتوية
…
إن المحور لهذا الفرق -كما يحدده المنهج القرآني- هو عدم التسوية بين المنهجين المتضادين، والطريقين المتعارضين، وهي حقيقة تشير إلى التباين الكامل بين الوجود الحق الذي ينبغي أن يحرص عليه الإنسان ويتطلع إليه، وبين الضياع الفارغ الذي يجب أن يحذر منه وينأى عنه إذا أراد لإنسانيته أن تمارس وجودها الذاتي الصحيح على هذه الأرض.
إنها حقيقة تدركها العقول وتشعر بها النفوس وتستوعبها الضمائر.. حقيقة فطرية بسيطة لا مجال للمكابرة فيها والتعامي عنها، والغفلة عن إيحائها العميق ومدلولها البالغ
…
ولذا فقد عرضها المنهج القرآني بأسلوب جميل أخاذ، نابض
بالحركة والحياة، مُشِيرًا -بالمثل المصور والمشهد المعبِّر- إلى أنها حقيقة يراها الناسُ بأبصارهم، ويشهدونها بحواسهم، ويعيشونها بخلجات قلوبهم ودفق مشاعرهم.
إنها مشاهد مرئية محسوسة مدْرَكَةُ في نواميس الكون، وواقع الأحياء، تستثير في الإنسان روح النزوع نحو الخير، وتبعد به عن الشر، وتحدد له السبيل الطيب الكريم، سبيل الإيمان الذي يحقق السعادة والطمأنينة والفلاح، وتنأى به عن السبيل المعوجة الفاسدة التي لا تتضح فيها الرؤية الصحيحة بما يغمرها من الظلام، ولا يفيء الإنسان فيها إلى ظل الأمن أو ينعم بحقيقة الحياة
…
وفي ذلك يقول عز وجل:
2-
فإذا كان من طبيعة الإنسان -كما أسلفنا- الإحساس بالسعادة والشقاء وإدراك هذا التنافي البعيد بين طريقي الخير والشر.. فإن من طبيعته كذلك الحرص على الثواب، والخوف من العقاب، ولهذا كان لا بد من تربيته على قاعدة المسئولية ومبدأ الجزاء، فذلك هو الحافز القوي الذي يدفع إلى الخير، والرادع الحاسم الذي يُكَفْكِفُ من غُلُوَاء الشر.. وذلك هو نهج الفطرة الذي جاءت به عقيدة الإسلام.. وهو نهج لا مجال لإنكاره والعدول عنه، فلا قيمة لأي محاولة ترمي إلى تربية الإنسان بمنأى عن فطرته، وتقويمه بما يتنافر مع خصائصه،
1 فاطر: "19-23".