الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُبِحْ نقضها مهما كان السبب، حتى ولو كان لنصرة قوم مسلمين، وفي ذلك يقول عز وجل:
وقد أوجب القرآن الكريم إتمام العهود لأصحابها الذين استقاموا على عهودهم، ولم يكن غَدْرُ فريق منهم -كما حصل من المشركين غير مرة- سببًا لسقوط العهد للمستقيمين منهم عليه.
وفي ذلك يقول عز وجل:
1 الأنفال: "72".
2 التوبة: "7".
نماذج من الوفاء بالعهود:
وليس يتجلى حرص المسلمين على الوفاء بعهودهم، كما يتجلى في تلك الوقائع التي كان فيها الوفاء بالعهد شاقًّا على النفوس؛ لتجافيه مع عواطفهم القلبية ومشاعرهم الوجدانية، ولكن المسألة في هذا الأمر لا يستجاب فيها لنداء العاطفة، بل يلبي فيها نداء المبدأ الذي اتسمت به شرعة الإسلام، وهو الوفاء بالعهد، ولو تصادم مع ما ترغب فيه النفوس، وتميل إليه المشاعر.
1-
قال ابن إسحاق -في ذكر ما جرى عليه أمر قوم من المستضعفين بعد صلح الحديبية:
"فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه أبو بصير عتبة بن أُسِيد بن جارية، وكان ممن حُبِسَ بمكة، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثا رجلاً من بني عامر بن لؤي، ومعه مولى لهم، فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الأزهر والأخنس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بصير، إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمتَ، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، فانطلق إلى قومك". فقال أبو بصير: يا سول الله، أتردني إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ قال:"يا أبا بصير، انطلق فإن الله تعالى سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا"1.
2-
وقد غدر بعض المشركين بصلح الحديبية -وهو المقصود بالعهد عند المسجد الحرام في قول الله عز وجل:
فلم يبطل النبي صلى الله عليه وسلم عهد سائرهم، ولم يقبل عنده قرشيًّا يجيئه في أثناء قيام العهد عملاً بما اتفق عليه المسلمون والمشركون. وفي ذلك يقول أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بعثتني قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأيت النبي وقع في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله لا أرجع إليهم، قال: "إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع إليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع".
3-
بل روي في الوفاء بالعهد ما هو أكثر من ذلك؛ لأنه عهد آحادٍ في مثل
1 السيرة النبوية: لابن هشام. ج3 ص337.
2 التوبة: "7".