الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متفقون على جواز التعامل بغير الذهب والفضة إذا تعارف الناس على ذلك وراجت في الأسواق.
أدلة الفقهاء على حصر النقدية بالذهب والفضة:
يمكن الاستدلال من نصوص الشريعة على كون الذهب والفضة نقدين بالخلقة من الأدلة التالية:
أولا: قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} (1)(آل عمران - 14).
فقد ذكرت الآية الذهب والفضة في سياق ما يحبه الإنسان وخصتهما بوصف القناطير المقنطرة، والقنطار وزن يعرفه العرب واختلف في مقداره على أقوال أصحها أنه (1200) أوقية بدليل سبب نزول قوله تعالى:{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} (2) حيث نزلت في الصحابي الجليل عبد الله بن سلام رضي الله عنه عندما استودعه رجل من قريش تلك الكمية المذكورة من الذهب (3) ومهما كان مقداره فإن وصف الذهب والفضة بالمقادير دليل تخصيصها من بين الأموال المذكورة بالتقدير ولا يكون ذلك إلا للنقود المتداولة بين الناس بدليل قول السدي بأن معنى المقنطرة المضروبة، وأظن أن الدلالة على نقدية الحجرين من منطوق الآية ليس بعيدا والله أعلم.
وتفيد كلمة (للناس) اتفاق البشرية جميعا في مختلف عصورهم على استعمال الذهب والفضة في التداول النقدي وهو واقع لا ينكره إلا جاحد مكابر.
(1) سورة آل عمران الآية 14
(2)
سورة آل عمران الآية 75
(3)
فتح القدير للشوكاني 1/ 323، والخراج والنظم المالية الريس / 264.
ثانيا: قوله جل وعلا:
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (1)[التوبة-34] فقصر حرمة الكنز على الذهب والفضة دون غيرهما من الأموال دليل على تخصيصهما بهذا الحكم لأمرين:
أحدهما: قابليتهما للكنز من بين كل الأموال (2) المعروفة. والثاني أن كل النظريات الاقتصادية أثبتت بالتجربة أن منع النقود من التداول واكتنازها هو تعطيل للوظيفة النقدية، فدلت الآية على أن الذهب والفضة هما أصل الأثمان خلقة فهما الحاكمان في المبايعات ووسيلة قضاء الحاجات وكنزهما حبس للحاكم وعزل له عن وظيفته وتخريب للميزان وإفساد لمصالح الناس.
وعالم اليوم يعرف جيدا المضار المترتبة على الكنز أكثر من أي وقت مضى ففي الآية دلالة واضحة على تخصيص الحجرين بصفة النقدية.
ثالثا: أن تحريم اتخاذ النقدين أواني للطعام مما يدعم مكانتهما في التداول كنقد، وعلة التحريم أكبر من السرف أو المباهاة، إذ العلة هنا كونهما ذهبا وفضة، وللغزالي كلام رائع في تعليل هذا الحكم (3): فمن اتخذها آنية فقد كفر النعمة، ومثال هذا كمن استسخر حاكم البلد في الحياكة والمكس والأعمال الخسيسة. وهو ظلم كبير وكفران للنعمة واستخدام للحاكم في وظيفة غير وظيفته، ولما كان بعض الناس لا ينكشف لهم الحكم بالعقل جاء الحديث الشريف كاشفا للحكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه نارا من جهنم (4)» ومن رحمة الله
(1) سورة التوبة الآية 34
(2)
أحكام النقود في الشريعة الإسلامية، محمد سلامة جبر / 62.
(3)
كتاب الشكر في إحياء علوم الدين للغزالي.
(4)
رواه مسلم في كتاب اللباس والزينة عن عبد الله بن عبد الرحمن عن خالته أم سلمة، ووردت أحاديث في النهي عن الشرب بإناء الذهب والفضة في كل من: البخاري في كتاب الأشربة، سنن ابن ماجة في كتاب الأشربة وغيرها.