الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول الترجمة الفارسية
لمعاني القرآن الكريم
إعداد الدكتور / أحمد السيد الحسيسي (1)
عربية القرآن الكريم:
اختار الله سبحانه وتعالى بحكمته وعلمه اللغة العربية لغة وبيانا لكتابه الخالد، لأن هذه اللغة فيها من مزايا التعبير والبيان ما لم تحظ به لغة غيرها، ولن يسع كتاب الله غيرها، ولو كان في الوجود لغة تفضل اللغة العربية في الكشف عن دقائق البيان وأسرار التعبير، ما جاوزها القرآن إلى غيرها، ولكن نزوله باللغة العربية دليل قاطع على نفي هذا الاحتمال. فاللغة العربية أسمى اللغات على الإطلاق، والدليل أن عالم الغيب والشهادة ارتضاها أداة لوحيه المنزل على أكرم رسله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
وعربية اللغة والبيان القرآني جاء النص عليها في مواضع متعددة من القرآن، منها قوله تعالى:{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} (2){إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (3)، وقوله:{حم} (4){وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} (5){إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (6)، وفي قوله:{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (7){نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} (8){عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} (9){بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (10)، وقوله:{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (11)
(1) الأستاذ المشارك بكلية الآداب جامعة عين شمس، والمعار لكلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية.
(2)
سورة يوسف الآية 1
(3)
سورة يوسف الآية 2
(4)
سورة الزخرف الآية 1
(5)
سورة الزخرف الآية 2
(6)
سورة الزخرف الآية 3
(7)
سورة الشعراء الآية 192
(8)
سورة الشعراء الآية 193
(9)
سورة الشعراء الآية 194
(10)
سورة الشعراء الآية 195
(11)
سورة فصلت الآية 3
وقوله: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (1)، وقوله:{وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} (2)، وقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} (3)، وقوله:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (4)، وقوله:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} (5).
ونعرف أن لكل لغة سمات خاصة في بنائها التعبيري الذي تتميز به عن غيرها من اللغات، شاء ذلك أهلها أو لم يشاءوا، فهم ينطلقون في البناء التعبيري خاضعين لمؤثرات البيئة بشتى ألوانها، من بيئة طبيعية إلى اجتماعية واقتصادية وسياسية وغير ذلك.
والمعروف أن اللغة لها خصائصها الفريدة وسماتها المميزة عن غيرها من اللغات، والتعبير العربي يحمل في طياته من الدقة والبراعة بحيث يختلف المعنى إذا قدمت أو أخرت كلمة عن أخرى، كما أنها تختلف عن غيرها من اللغات في تكوين الجملة نفسها كتقديم الفعل على الفاعل، والموصوف على الصفة، وغير ذلك مما يعرفه كل ملم باللغة العربية وغيرها من اللغات الأجنبية.
(1) سورة الزمر الآية 28
(2)
سورة الأحقاف الآية 12
(3)
سورة طه الآية 113
(4)
سورة النحل الآية 103
(5)
سورة الشورى الآية 7
وترجمة القرآن إلى لغة أخرى تذهب بإعجازه ويصبح شأنه شأن أي كتاب عادي مهما حوى من أحكام وفضائل وشرائع، فهو في النهاية يمكن مجاراته.
وقد تحدى الرسول صلى الله عليه وسلم العرب قاطبة - وهم أهل البلاغة والبيان - أن يأتوا بسورة من مثله، وليس من الضروري أن يأتوا بمعاني القرآن نفسها وإنما في مثل القرآن، لأن التحدي لم يكن فيما يحويه القرآن من أحكام وشرائع، ولكن لما يحويه من نظم بديع وتركيب بليغ، فإن أتوا بمثل نظمه من غير أن يكون صدقا فقد أفلحوا وأظهروا حجتهم.
والترجمة تذهب بهذا النظم البديع، وتفسد ذلك التركيب البليغ الذي تتميز به لغة القرآن، ولنضرب لذلك مثلا:
قوله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} (1) نجد الترجمة الفارسية نقلته بلفظه فتقول: " بس ما بركوش تاجند سالي برده بيهوشي زديم " أي فضربنا على آذانهم ستار الغفلة عدة سنوات، وهذا غير مفهوم للمنقول إليه، إذ لا يفهم المقصود من الآية.
فالتصوير الذي نراه في الآية ويتمثل في الضرب على الآذان لا تستطيع الترجمة الحرفية أن تؤديه أو تفي به إلا بعد أن تفسد الصورة، وتشوه ملامحها.
ومثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} (2) فالمعنى الحرفي لقوله {لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} (3) سقطوا سامعين
(1) سورة الكهف الآية 11
(2)
سورة الفرقان الآية 73
(3)
سورة الفرقان الآية 73