الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون تظهيرا كاملا ناقلا للملكية، ولو كان على سبيل الضمان لكان التظهير تظهيرا تأمينيا. وذهب البعض الآخر إلى أن عملية الخصم عبارة عن بيع العميل ورقته التجارية بأقل من قيمتها مقابل تعجيل البنك المشتري دفع قيمتها وتظهيرها له تظهيرا كاملا. ولعل هذا الرأي أقرب إلى واقع الأمر، وإلى نحو هذا يشير الأستاذ علي جمال الدين عوض فيقول: فالخصم أساسا قريب جدا من فكرة الشراء. أي تبادل قيمتين فالعميل يتملك النقود والبنك يتملك الورقة وليس في ذلك خلاف. ا. هـ (1).
وذهب الأستاذان علي البارودي وأدوار عيد إلى القول بأن عملية الخصم لا تعدو أن تكون تظهيرا ناقلا للملكية بحكم شروطه وآثاره وقواعد قانون الصرف، وأنه لا حاجة إلى بيان سبب التظهير هل هو حوالة أو قرض؛ لأنه يكفي أن يكون السبب موجودا وهو أن القيمة وصلت وأن تكون بيانات التظهير الناقل للملكية كاملة.
(1) انظر عمليات البنوك من الوجهة القانونية صـ 476.
الوصف الفقهي الإسلامي لعمليات الخصم:
لئن وجد الخلاف في تكييف طبيعة الخصم قانونيا هل هو قرض أو حوالة بحق أو بيع فإن الجميع متفقون على أن نتيجة الخصم هو تملك الخاصم لكامل قيمة الورقة التجارية بعد تظهيرها له تظهيرا كاملا.
وعلى أي حال فإن المسحوب عليه لا يخلو إما أن يكون هو القائم بعملية الخصم أو لا، فإن كان هو القائم بعملية الخصم فيمكن القول بأن الخصم يعتبر من قبيل الصلح عن المؤجل ببعضه حالا، وقد اختلف الفقهاء في حكمه فذهب بعضهم إلى أن ذلك غير جائز لأن الصلح في معنى البيع فكأنه باع عشرة بثمانية مثلا، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن التفاضل في بيع الذهب
بالذهب والفضة بالفضة، فقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز (1)» متفق عليه.
وقال ابن حجر على حديث ابن أبي حدرد في باب الصلح بالدين والعين: قال ابن بطال: اتفق العلماء على أنه إن صالح غريمه عن دراهم بدراهم أقل منها جاز إذا حل الأجل، فإذا لم يحل الأجل لم يجز أن يحط عنه شيئا قبل أن يقبضه مكانه. ا. هـ (2).
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك لما فيه من الإسراع ببراءة الذمة. قال في الاختيارات الفقهية: ويصح الصلح عن المؤجل ببعضه حالا، وهو رواية عن أحمد وحكي قولا للشافعي. ا. هـ (3).
وسئل الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن الصلح عن المؤجل ببعضه حالا، فأجاب وأما الصلح عن المؤجل ببعضه حالا فالذي يظهر لي الصحة. وأجاب أيضا إذا كان لرجل على آخر عشرة أريل مثلا وأراد أن يعجل له بخمسة ويترك الباقي ففيه خلاف مشهور بين العلماء، قال في الإنصاف: ولو صالح عن المؤجل ببعضه حالا لم يصح، هذا هو المذهب نقله الجماعة عن أحمد وعليه جماهير الأصحاب، وفي الإرشاد والمبهج رواية يصح واختاره الشيخ تقي الدين لبراءة الذمة هنا، وكدين الكتابة جزم به الأصحاب في دين الكتابة ونقله ابن منصور. انتهى. والذي يترجح عندي هو القول الأخير، وهو الذي اختاره الشيخ تقي الدين - قدس الله روحه -. ا. هـ.
(1) صحيح البخاري البيوع (2177)، صحيح مسلم المساقاة (1584)، سنن الترمذي البيوع (1241)، سنن النسائي البيوع (4570)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 4)، موطأ مالك البيوع (1324).
(2)
فتح الباري جـ 5 صـ 311.
(3)
الاختيارات الفقهية صـ 134.
وسئل بعضهم عمن له ريالان عند رجل نسيئة وأخذ ريالا ونصفا فأجاب: الأئمة الأربعة لا يجوزونه وأفتى لنا عيال الشيخ بالجواز وهو الذي نعمل به الآن. ا. هـ (1).
وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي إجابة على سؤال عن ذلك: الصحيح جواز الصلح عن الدين المؤجل ببعضه حالا لأن فيه إسراع براءة الذمة ولا محذور فيه، وقصة بني النضير تدل عليه وكثيرا ما تدعو الحاجة إليه. ا. هـ (2).
أما إذا كان الخاصم غير المسحوب عليه فلا نعلم خلافا بين أهل العلم في منع ذلك واعتباره من صريح الربا لأنه من قبيل بيع دراهم بدراهم أقل منها فضلا عن أنه لم يتم التقابض بين طرفي العقد في مجلسه.
وللأستاذ محمد باقر الصدر رأي في وصف عملية الخصم نستحسن إيراده إكمالا للفائدة فهو يقول:
وواضح أن عملية خصم الورقة التجارية هي في الواقع تقديم قرض من البنك إلى المستفيد لتلك الكمبيالة مثلا مع تحويل المستفيد البنك الدائن على محرر الكمبيالة، وهذا التحويل من الحوالة على مدين. وهناك عنصر ثالث إلى جانب القرض والتحويل وهو تعهد المستفيد الذي خصم الورقة لدى البنك بوفاء محرر الورقة عند حلول أجلها، فبحكم القرض يصبح المستفيد مالكا للمبلغ الذي خصم البنك به الكمبيالة، وبحكم الحوالة يصبح البنك دائنا لمحرر تلك الكمبيالة، وبحكم تعهد المستفيد بالوفاء يحق للبنك أن يطالب بتسديد قيمة الكمبيالة إذا تخلف محررها عن ذلك عند حلول موعدها
(1) الدرر السنية جـ 5 صـ 138.
(2)
الفتاوى السعدية صـ 336.
وبحكم كون المحرر مدينا للبنك نتيجة للتحويل يتقاضى البنك منه فوائد على تأخير الدفع عن موعده المحدد وعلى هذا الأساس يصبح ما يقتطعه البنك الخاصم للكمبيالة من قيمة الكمبيالة لقاء الأجل الباقي لموعد حلول الدفع ممثلا للفائدة التي يتقاضاها على تقديم القرض إلى المستفيد الطالب للخصم وهو محرم لأنه ربا. وأما ما يقتطعه كعمولة لقاء الخدمة أو لقاء تحصيل المبلغ إذا كان يدفع في مكان آخر فهو جائز لأن العمولة لقاء الخدمة هي أجرة كتابة الدين التي تقدم أن بإمكان البنك أن يتقاضاها في كل قرض يقدمه، وأما العمولة لقاء تحصيل المبلغ في مكان آخر فهو من حق البنك أيضا - إلى أن قال - وهناك اتجاه فقهي إلى تكييف عملية خصم الكمبيالة على أساس البيع وذلك بافتراض أن المستفيد الذي تقدم إلى البنك طالبا خصم الورقة يبيع الدين الذي تمثله الورقة وهو مثلا مائة دينار - بخمسة وتسعين دينارا حاضرة فيملك البنك بموجب هذا البيع الدين الذي كان المستفيد يملكه في ذمة محرر الكمبيالة لقاء الثمن الذي يدفعه فعلا إليه فيكون من بيع الدين بأقل منه إلى آخر ما ذكره (1).
وبعد فإن المسائل الجديرة من المجلس بإبداء رأيه الشرعي نحوها تتلخص فيما يلي:
1 -
الإيداع بفائدة.
2 -
الإيداع بلا فائدة.
3 -
أخذ العمولة على الإيداع.
4 -
أخذ العمولة على إيداع الوثائق والمستندات من حيث فتح الملف بذلك ومن حيث حفظها ومن حيث قيام البنك بلازم الوثائق من بيع وتحصيل أرباح ونحو ذلك.
(1) البنك اللا ربوي في الإسلام صـ 156 - 160.
5 -
مسألة استئجار الخزائن الحديدية هل يعتبر ذلك إجارة أو وديعة أو وديعة مضمونة، وبالنسبة لأخذ العمولة على ذلك هل تعتبر أجرة للخزانة أو للحفظ أو على كل منهما.
6 -
أخذ الفائدة وإعطاؤها على القروض.
7 -
أخذ العمولة على فتح الاعتماد البسيط.
8 -
أخذ العمولة والفائدة على الضمانات المصرفية - خطابات الضمان -.
9 -
أخذ العمولة على الاعتماد المستندي. .
10 -
الأوراق التجارية، تظهيرها، تحصيلها، خصمها. وأخذ العمولات على ذلك.
هذا ما تيسر إعداده، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
حرر في 16/ 7 / 1396هـ
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن منيع
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز