الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العقد من التزامات ومطالبات تتصل بتنفيذ حكمه، فعقد البيع حكمه نقل الملكية، وحقوقه تسليم المبيع ودفع الثمن.
وبذا يكون لكلمة " حق " معنى عام وهو المرادف للملك، ومعنى خاص وهو الحق إطلاقا، ومعنى أخص وهو حقوق الارتفاق.
وقد يطلق الحق مجازا على غير الواجب للحض عليه والترغيب في فعله، إلى غير ذلك من الإطلاقات (1).
(1) الملكية في الشريعة، د. عبد السلام العبادي: 1/ 93 - 94. الملكية للخفيف: 1/ 6.
تعريف الحق اصطلاحا:
1 -
عرف اللكنوي الحق بأنه حكم يثبت فقال: " الحق: الموجود، والمراد به هنا حكم يثبت ". ولا شك أنه يقصد بقوله: حكم، أن الحق يثبت من قبل الشارع، لأن هذا مفهوم كلمة حكم على لسان الفقهاء، وبذا يمكن القول بأن الحق هو الحكم الذي قرره الشارع.
ويرد على هذا التعريف أنه غير قويم، لأن الحكم في اصطلاح الأصوليين هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء أو تخييرا أو وضعا. والحق ليس هو الخطاب، وإنما هو أثر الخطاب. وإن أريد بالحكم ما اصطلح عليه الفقهاء، وهو الأثر المترتب على الخطاب، فالتعريف غير مانع، لأن الأثر لا يقتصر على ما جعله الشارع لازما وثابتا، بل يشمل أيضا ما جعله الشارع مباحا، ويشمل أيضا
الأحكام الوضعية، وهي ليست حقا لأحد، مع أنها حكم ثابت، فيكون التعريف تعريفا بالأعم.
2 -
وعرفه العيني في البناية شرح الهداية بأنه: " ما يستحقه الرجل "(1). وهذا ظاهر في أنه يريد بالحق ما استحقه الإنسان على وجه يقره الشرع ويحميه فيمكنه منه ويدافع عنه.
ولفظ (ما) في التعريف، عام يشمل الأعيان والمنافع والحقوق المحددة، كما أن الاستحقاق الوارد في التعريف متوقف على تعريف الحق، وهذا يتوقف على معرفة الاستحقاق، فيلزم منه الدور، وهو عيب في التعريف، إلا أنه يجعل الحق قريبا مما هو معروف عند المحدثين من المشتغلين بالقانون الوضعي، مع مراعاة ما بينهما من اختلاف (2).
3 -
وعرفه القاضي حسين المروزي الشافعي بأنه: اختصاص مظهر فيما يقصد له شرعا. وهذا التعريف له وزنه من عدة نواح:
الأولى: أنه عرف الحق بأنه اختصاص، وهو تعريف يبرز ماهية الحق بشكل يميزه عن غيره من الحقائق الشرعية الأخرى.
الثانية: أن وصف هذا الاختصاص بأنه " مظهر فيما يقصد له " يبين أن طبيعة هذا الاختصاص تقوم على وجود آثار وثمار يختص بها صاحب الحق دون غيره في الأشياء التي شرع الحق فيها، وهذه الأشياء قد تكون مادية وقد تكون معنوية.
(1) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، لابن نجيم: 6/ 148.
(2)
نقل هذا التعريف الدكتور العبادي في الملكية: 1/ 96 - 97 عن طريق الخلاف للمروزي.
الثالثة: أنه يدل على أن فقهاء الشريعة قاموا بتعريف الحق تعريفا صحيحا.
الرابعة: أن الفقه الإسلامي سبق علماء القانون في تعريف الحق بأنه اختصاص وهذا يدل على سمو الفقه الإسلامي وكماله (1).
من تعريفات المحدثين:
1 -
عرفه الدكتور محمد يوسف موسى بأنه: (مصلحة ثابتة للفرد أو المجتمع أو لهما، يقررها الشارع الحكيم)(2).
2 -
وعرفه الشيخ علي الخفيف بأنه: " ما ثبت بإقرار الشارع وأضفى عليه حمايته "(3).
3 -
وعرفه الشيخ مصطفى الزرقا بأنه: " اختصاص يقرر به الشارع سلطة أو تكليفا "(4).
التعريف المختار:
ويمكن أن نعرف الحق بتعريف لا يرد عليه الاعتراض السابق ويكون جامعا مانعا فنقول: الحق هو " اختصاص ثابت شرعا لتحقيق مصلحة، يقتضي سلطة أو تكليفا ".
فالاختصاص هو جوهر الحق وميزته، وقولنا: ثابت شرعا: إشارة إلى أن مصدر الحق هو الشرع، فحيث أقره الشارع ثبت. وتحقيق المصلحة هي ثمرة الحق وغايته. وأما موضوعه: فهو ما يقتضيه من سلطة أو تكليف.
(1) عن الملكية في الشريعة الإسلامية، د. عبد السلام العبادي: 1/ 96 - 97.
(2)
الفقه الإسلامي، د. محمد يوسف موسى صـ 210.
(3)
الملكية في الشريعة، للخفيف: 1/ 6.
(4)
المدخل إلى نظرية الالتزام صـ 10.