الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلق على بعضهم فيكون فيها الصواب، ويكون فيها الخطأ، ويكون فيها العدل، ويكون فيها الظلم، ولكن في ذلك اليوم قد انتهت الدنيا وأحكامها، فلا حكم يومئذ إلا إليه سبحانه، فلا ظلم، ولا جور ولا خطأ ولا نسيان. {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (1) إليه ترجع الأمور.
(1) سورة المدثر الآية 38
تاسعا: (مجيء جهنم أعاذنا الله منها)
في الموقف المهول المروع كثير الشدائد، ما شعر الخليقة إلا ومطلع مهيب يأتي إليهم، ألا إنه نار جنهم، تجر بأزمتها إلى أرض المحشر، ليرى المجرمون ما كانوا يوعدون وبه يكذبون، فعندما تخرج إليهم ويرونها يخرج منها عنق له عينان وأذنان ولسان يتكلم ويقول إنه موكل بثلاثة أصناف من الناس " كل جبار عنيد، وكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين " فلا هرب من ذلك ولا نجاة لمن كان من أولئك.
قال الله تعالى: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} (1) في يوم القيامة وعلى أرض المحشر عندما يؤتى بنار جهنم يتذكر العبد عمله في الدنيا، ولكن لا ينفعه تذكره ذلك. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام (2) مع
(1) سورة الفجر الآية 23
(2)
رواه مسلم في صحيحه، كتاب صفة النار، حديث 2842، ورواه الترمذي في سننه كتاب صفة جهنم باب 1 حديث 2573. وقال: قال عبد الله: والثوري لا يرفعه. وقال النووي: هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال: رفعه وهم، رواه الثوري ومروان وغيرهما عن العلاء بن خالد موقوفا، قلت: وحفص ثقة حافظ إمام، فزيادته الرفع مقبولة، كما سبق نقله عن الأكثرين والمحققين (شرح النووي على مسلم 17/ 178).
كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها» وحينئذ يخرج منها ذلك العنق. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار، وبكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين (1)» .
فهذه الصورة المفزعة من أهوال يوم القيامة التي تحصل على أرض المحشر - ليري الله سبحانه خلقه عظيم قدرته، فالجمادات تتكلم بأمر الله تعالى، فكذلك العنق من النار يتكلم، ويخبر بأن مهمته هو تعذيب الجبابرة العتاة، الحائدين عن الحق في الدنيا، الظالمين لأنفسهم ولغيرهم، وبالمشركين بالله تعالى، وبالمصورين الذين يضاهئون خلق الله تعالى. ولكل صنف من العصاة جزاء عند الله تعالى على صنيعه في الدنيا من الأعمال المخالفة لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل يأخذ من العذاب على قدر معصيته، إلا أن يعفو سبحانه ويتجاوز، فهو أهل لذلك، وكل المعاصي تحت المشيئة، إن شاء عذب سبحانه وتعالى عليها وإن شاء غفر، إلا من مات على الشرك فالله لا يغفر له ذلك، كما أخبر تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (2).
(1) رواه الترمذي في سننه كتاب صفة جهنم، باب 1، حديث 2574. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح. وقد رواه بعضهم عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا. وروى أشعث بن سوار عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
(2)
سورة النساء الآية 48
صفحة فارغة
وسطية أهل السنة في حكم مرتكب الكبيرة بين الخوارج والمرجئة
إعداد الدكتور / عواد عبد الله المعتق (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: فإنه من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك المسلمين على المحجة البيضاء لكن نتيجة بعض العوامل داخل الدولة الإسلامية وخارجها حدث الخلاف بين المسلمين حول بعض المسائل، مثل مسألة مرتكب الكبيرة، فقد انقسم الناس فيها إلى خوارج أفرطت في الحكم، وإلى مرجئة فرطت في الحكم، وإلى متوسطين وهم أهل السنة والجماعة. ونظرا لأهمية بيان وسطية أهل السنة والجماعة في هذه المسألة وانحراف الفرق المخالفة، فقد رأيت أن أكتب بحثا موجزا يتلخص في ما يلي: تمهيد: في التعريف بالكبيرة.
المبحث الأول: الذين أفرطوا في حكم مرتكب الكبيرة وهم الخوارج، ووافقهم المعتزلة في الحكم الأخروي.
المبحث الثاني: الذين فرطوا في حكم مرتكب الكبيرة وهم المرجئة.
المبحث الثالث: الذين توسطوا في حكم مرتكب الكبيرة وهم أهل السنة والجماعة.
وأخيرا أسأله تعالى الإعانة والتوفيق إنه سميع مجيب. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(1) وردت للكاتب ترجمة في العدد التاسع والعشرين صـ 1314.