الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعا: حقوق تورث وحقوق لا تورث:
تقسم الحقوق أيضا من وجهة نظر انتقالها إلى الورثة إلى قسمين: فهناك حقوق تنتقل إلى الورثة فتورث، وحقوق لا تنتقل ولا تورث، وفي هذا نجد خلافا بين الفقهاء مثاره حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من ترك مالا أو حقا فلورثته (1)» ، فمن الفقهاء من قال بوراثة الحقوق أخذا من إطلاق الحق في الحديث. ومنهم من نازع في ذلك؛ لأن المراد بالحق في الحديث حق قابل للانتقال، بدليل قوله: فلورثته - على ما مر - وليس كل حق قابلا للانتقال. وقالوا أيضا: إن الثابت في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: من ترك مالا وأما الزيادة الأخرى أو حقا فلم تثبت، وما لم يثبت لا يتم به الدليل (2).
ونعرض فيما يلي لأقوال العلماء في بعض الحقوق:
(أ) حقوق اتفقوا على أنها تورث:
كحقوق الارتفاق، سواء كانت تابعة للعقار المرتفق به أم منفردة عنه، فتنتقل إلى ورثة مالكها كما تنتقل الأعيان؛ وذلك لأن الوراثة خلافة قهرية بحكم الشارع وليست تمليكا اختياريا، ولأن الملك بالإرث يقع حكما لا قصدا، ويجوز أن يثبت الشيء حكما وإن كان لا يثبت قصدا (3).
وكذلك حق الكفالة بالدين، وحق حبس المبيع عن المشتري حتى يستوفي البائع عاجل الثمن، وحق حبس الرهن. فهذه الحقوق تورث لأنها من الحقوق اللازمة المؤكدة.
(1) تقدم تخريج الحديث تفصيلا فيما سبق صـ 12 من هذا الحديث.
(2)
الهداية وشروحها: 5/ 125 - 126، التركة والميراث د. محمد يوسف موسى صـ 74.
(3)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار: 6/ 445.
(ب) حقوق اختلفوا في انتقالها إلى الورثة:
كحق خيار المجلس وخيار الرؤية، فقال الحنفية: إنها لا تورث، وخالفهم في ذلك الشافعي وأحمد ومالك، وكحق خيار العيب الذي قال فيه الحنفية: إنه يثبت للورثة ابتداء، بينما قال الجمهور إنها تورث، وكذلك حق خيار الشرط وخيار الشفعة جرى فيهما هذا الخلاف، وحد القذف إذا مات المقذوف.
قاعدة فيما يقوم فيه الورثة مقام مورثهم من الحقوق:
وبحث ابن رجب الحنبلي رحمه الله قاعدة فيما يقوم فيه الورثة مقام مورثهم من الحقوق. وهي نوعان: حق له وحق عليه.
فأما النوع الأول: فما كان من حقوق يجب بموته، كالدية والقصاص في النفس، فلا ريب في أن لهم استيفاءه، سواء قلنا: إنه ثابت لهم ابتداء أو منتقل إليهم عن مورثهم، وما كان واجبا له في حياته إن كان قد طالب به أو هو في يده. . ثبت لهم إرثه. وأما إن لم يكن يطالب به: فإن كان من حقوق التملكات والحقوق التي ليست بمالية ففيه قولان. وإن كان حقوق أملاك ثابتة متعلقة بالأملاك الموروثة. . فينتقل إلى الورثة بانتقال الأموال الثابتة المتعلقة بها، بدون المطالبة بخلاف الضرب الأول، وهو حقوق التملكات. وفي ذلك صور من الرهن والكفالة.
وأما النوع الثاني: وهو الحقوق التي على المورث، فإن كانت لازمة قام الوارث مقامه في إيفائها، وإن كانت جائزة: فإن بطلت بالموت فلا