الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومعلوم أن الكذب حرام، وإذا كان مع اليمين صار أشد تحريما، لكن لو دعت الضرورة أو المصلحة الراجحة إلى الحلف الكاذب فلا حرج في ذلك لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من «حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي المعيط رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيرا أو ينمي خيرا، قالت ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس والحرب، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها (1)» رواه مسلم في الصحيح.
فإذا قال في إصلاح بين الناس: والله إن أصحابك يحبون الصلح ويحبون أن تتفق الكلمة، ويريدون كذا وكذا، ثم أتى الآخرين وقال لهم مثل ذلك، ومقصده الخير والإصلاح فلا بأس للحديث المذكور.
وهكذا لو رأى إنسانا يريد أن يقتل شخصا ظلما أو يظلمه في شيء آخر، فقال له: والله إنه أخي، حتى يخلصه من هذا الظالم إذا كان يريد قتله بغير حق أو ضربه بغير حق، وهو يعلم أنه إذا قال: أخي تركه احتراما له، وجب عليه مثل هذا لمصلحة تخليص أخيه من الظلم.
والمقصود أن الأصل في الأيمان الكاذبة المنع والتحريم، إلا إذا ترتب عليها مصلحة كبرى أعظم من الكذب، كما في الثلاث المذكورة في الحديث السابق.
(1) صحيح البخاري الصلح (2692)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2605)، سنن الترمذي البر والصلة (1938)، سنن أبو داود الأدب (4921)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 404).
س:
هل يخرج الشرك الأصغر صاحبه من الملة
؟.
ج: الشرك الأصغر لا يخرج من الملة، بل ينقص الإيمان وينافي كمال
التوحيد الواجب، فإذا قرأ الإنسان يرائي، أو تصدق يرائي، أو نحو ذلك نقص إيمانه وضعف وأثم على هذا العمل لكن لا يكفر كفرا أكبر.
س: قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1) على من يعود الضمير في قوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ} (2)؟.
ج: يعود على المدعوين، والمعنى ادع الناس إلى سبيل ربك، فالضمير في جادلهم يعني المدعوين سواء كانوا مسلمين أو كفارا ومثلها قوله تعالى:{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (3) وأهل الكتاب هم الكفرة من اليهود والنصارى فلا يجوز جدالهم إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، فالظالم يعامل بما يستحقه.
(1) سورة النحل الآية 125
(2)
سورة النحل الآية 125
(3)
سورة العنكبوت الآية 46
س: ما حكم من يوحد الله تعالى ولكن يتكاسل عن أداء بعض الواجبات؟.
ج: يكون ناقص الإيمان، وهكذا من فعل بعض المعاصي ينقص إيمانه عند أهل السنة والجماعة؛ لأنهم يقولون: الإيمان قول وعمل وعقيدة، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. ومن أمثلة ذلك ترك صيام رمضان بغير عذر أو بعضه، فهذه معصية كبيرة تنقص الإيمان وتضعفه، وبعض أهل العلم يكفره بذلك.
لكن الصحيح أنه لا يكفر بذلك ما دام يقر بالوجوب، ولكن أفطر بعض الأيام تساهلا وكسلا.
وهكذا لو أخر الزكاة عن وقتها تساهلا، أو ترك إخراجها فهو معصية وضعف في الإيمان، وبعض أهل العلم يكفره بتركها.
وهكذا لو قطع رحمه، أو عق والديه، كان هذا نقصا في الإيمان وضعفا فيه، وهكذا بقية المعاصي.
أما ترك الصلاة فهو ينافي الإيمان ويوجب الردة ولو لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (1)» . وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2)» رواه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه.
والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(1) سنن الترمذي الإيمان (2616)، سنن ابن ماجه الفتن (3973)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 246).
(2)
سنن الترمذي الإيمان (2621)، سنن النسائي الصلاة (463)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 346).
(3)
صحيح مسلم الإيمان (82)، سنن الترمذي الإيمان (2620)، سنن أبو داود السنة (4678)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 389)، سنن الدارمي الصلاة (1233).