الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذكور؛ وعلى الوجهين الأخيرين يقابله: الباطل، وعلى الوجه الأول يقابله: البطلان (1).
وقد جاء في حاشية " قمر الأقمار " في الأصول: " الحق: الموجود، والمراد به هنا حكم يثبت ". والمراد بالحكم في هذا التعريف أن الحق يثبت من قبل الشارع؛ لأن هذا هو مفهوم كلمة " حكم " على لسان الفقهاء. ولذا يمكن القول بأن الحق هو: " الحكم الذي قرره الشارع "(2).
وعرفه الزيلعي بأنه " ما استحقه الإنسان "، وهذا التعريف ظاهر في أنهم يريدون بالحق: ما استحقه الإنسان على وجه يقره الشرع ويحميه، فيمكنه منه، ويدفع عنه.
وقبل أن نعرض لتعريفات الفقهاء والأصوليين للحق، نلمع إلماعة موجزة إلى ما تطلق عليه كلمة الحق وفيم تستعمل؟.
(1) انظر: الكليات، لأبي البقاء الكفوي: 2/ 237 - 238.
(2)
انظر: الفقه الإسلامي د. محمد سلام مد كور صـ 172.
استعمالات كلمة " الحق " في الفقه الإسلامي:
بينا - فيما سبق - استعمال علماء اللغة لكلمة " حق " وما تفيده هذه الكلمة، ومن استعمالات اللغويين استمد الفقهاء والأصوليون تعريف الحق.
وهو في استعمال فقهاء الشريعة الإسلامية بمعنى الملك (1)، وهو شامل لكل أنواعه، فهو أعم من المال، إذ يشمل: الأعيان والمنافع والديون والحقوق المطلقة.
(1) انظر: بدائع الصنائع للكاسني: 8/ 4012 - 4013، مطبعة الإمام بالقاهرة.
أما المال: فهو ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره إلى وقت الحاجة، منقولا كان أو غير منقول، فكل ما أمكن حيازته وإحرازه والانتفاع به انتفاعا معتادا، يعتبر مالا عند الفقهاء.
وأما الأعيان: فهي الأشياء المشخصة المعينة، كبيت وكرسي وصبرة حنطة. . . فكلها من الأعيان. وأقول: هذه الدار حقي، وهذا البيت حقي مثلا (1).
وأما المنافع: فهي ما يستفاد من الأشياء عند استعمالها، فمن يستأجر دارا لسكناه أو ليقيم بها عملا أو مصنعا، فإنه ينتفع بهذه الدار، ومن يستعير كتابا يقرؤه فإنما ينتفع بقراءته، ومن يستأجر دابة أو سيارة أو يستعيرها ليركبهما فإنه ينتفع من هذه السيارة أو الدابة بالركوب. . . فكل هذه الفوائد تسمى بالمنافع، لا شك في هذا، فالمنافع هي كل ما يستفاد من الأشياء بالاستعمال.
وأما الدين: فهو وصف ثابت في الذمة، يثبت به الحق في المطالبة، وقد جاء في مجلة الأحكام العدلية: أن الدين هو ما يثبت في الذمة كمقدار من الدراهم (أو الريالات) في ذمة رجل - ومقدار منها ليس بحاضر، ومقدار معين من الدراهم أو من صبرة حنطة حاضرتين قبل الإفراز.
(1) مجلة الأحكام العدلية، م159. والصبرة هي: الكومة من الطعام دون كيل أو وزن.
وعرفه القابسي في " الحاوي القدسي " بأنه: " عبارة عن مال حكمي يحدث في الذمة ببيع أو استهلاك أو غيرهما "(1).
وأما الحق المطلق، أو الحق إطلاقا، كما يقال، فهو ما يقابل الأعيان والمنافع المملوكة والديون والأموال. وحينئذ يريدون به المصالح الاعتبارية الشرعية التي لا وجود لها إلا بهذا الاعتبار. كحق الشفعة وحق الخيار وحق الكفاءة في الزواج، وحق المرأة في حبس نفسها عن الزوج حتى تستوفي عاجل صداقها.
والحق بهذا المعنى قد يتعلق بالأموال، كحق الشفعة وحق المرور وحق الشرب، وقد يتعلق بغير المال، كحق الحضانة حق القصاص (2).
وهم قد يلاحظون المعنى اللغوي فقط، فيقولون: حقوق الدار، ويقصدون بذلك مرافقها، كحق التعلي وحق الشرب وحق المسيل، لأنها ثابتة للدار ولازمة لها، ويقولون: حقوق العقد، ويقصدون بذلك ما يتبع
(1) انظر: الأشباه والنظائر، لابن نجيم صـ 354.
(2)
انظر: تاريخ التشريع، عبد العظيم شرف الدين صـ 231، الفقه الإسلامي د. مدكور صـ 173.