الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ى) لا يعتبر لصحة الشيك انتفاء رصيده أو نقصانه لدى المسحوب عليه.
الفرق بين الشيك والكمبيالة:
لا شك أن الشيك يشبه الكمبيالة في كثير من خصائصها كما أنه يختلف عنها في بعض خصائصه، وفيما تقدم لنا يتضح أن الشيك يشبه الكمبيالة فيما يلي:
(أ) افتراض وجود ثلاثة أطراف هي الساحب والمسحوب عليه والمستفيد في الغالب.
(ب) وجود علاقتين حقوقيتين إحداهما بين الساحب والمسحوب عليه وهي الرصيد الدائن وهو ما يسمى بمقابل الوفاء. الثانية بين الساحب والمستفيد وهي وصول قيمة الكمبيالة أو الشيك.
(ج) قدرتهما على القيام بتسوية ما يرتبانه من علاقات قانونية بين المتعاملين بهما بعملية وفاء واحدة.
ويختلف الشيك عن الكمبيالة فيما يلي:
(أ) أن الشيك يسحب عادة على مصرف ويندر أن يسحب على فرد عادي أو مؤسسة غير مصرفية في حين أن الكمبيالة تسحب على أي جهة أو فرد أهل للالتزام بها.
(ب) أن الشيك واجب الدفع دائما لدى الاطلاع عليه ولا يجوز تأجيل دفعه بينما يغلب على الكمبيالة ألا تكون مستحقة الوفاء عند الاطلاع وإنما يجب وفاؤها بعد وقت يجري تعيينه فيها.
(ج) يشترط لسحب الشيك أن يكون المسحوب عليه مدينا للساحب بما لا يقل عن قيمته فإن سحب شيك على غير مدين به اعتبر ذلك جريمة توجب العقوبة وتبقى للشيك قيمته المالية في ذمة ساحبه. وعليه فإنه لا يجوز للمسحوب عليه أن يؤشر على الشيك بالقبول لأنه طالما كان مستكملا لشروط اعتباره كان واجب الدفع على المسحوب عليه رضي ذلك أم سخط وإلى هذا تشير المادة (100) من نظام الأوراق التجارية السعودي حيث تقول:
لا يجوز للمسحوب عليه أن يوقع على شيك بالقبول وكل قبول مكتوب عليه يعتبر كأن لم يكن، ومع ذلك يجوز للمسحوب عليه أن يؤشر على الشيك باعتماده، وتفيد هذه العبارة وجود مقابل وفاء في تاريخ التأشير ولا يجوز للمسحوب عليه رفض اعتماد الشيك إذا كان لديه مقابل وفاء يكفي لدفع قيمته ويعتبر توقيع المسحوب عليه على صدر الشيك بمثابة اعتماد. ا. هـ.
على أن كثيرا من علماء الاقتصاد يرون أن التفرقة بينهما عسيرة في حال ما إذا كان ساحب الكمبيالة دائنا للمسحوب عليه بقيمتها وكان النص فيها على الدفع حال الاطلاع، وفي ذلك يقول الدكتور أمين بدر بعد أن استعرض الفروق بينهما وناقشها مناقشة أذابت كثيرا منها وقربت بعضها لمقابله، قال ما نصه:
وبالاختصار فإن التمييز بين الشيك والكمبيالة قد يغدو في بعض الصور عسيرا. ا. هـ (1).
وبمزيد من التأمل يمكن القول إن الكمبيالة قد تكون على حال من
(1) الالتزام المصرفي في قوانين البلاد العربية صـ 42.
الإجراء بحيث يصعب التمييز بينهما وبين الشيك كأن يكون سحبها على مدين بها وأن تكون واجبة الدفع وأن يكون سحبها على مصرف، وقد تختلف عن خصائص الشيك بالنسبة لنوع المسحوب عليه ووجود أجل معين لوجوب دفعها وانتفاء مديونية المسحوبة عليه بقيمتها وحينئذ يبدو الفرق بينهما واضحا جليا.
ونظرا إلى أن الشيك قد تعترضه بعض المخاطر من ضياع أو سرقة أو نحوهما؛ فقد ابتدع النظام المصرفي ما يسمى بالشيك المسطر وذلك بوضع خطين متوازيين على وجه إشارة إلى تعيين أن يكون الوفاء بهذا الشيك لأحد البنوك لا لفرد أو شخص آخر فيكون على المستفيد منه أن يظهره لأحد البنوك ليتولى تحصيله لحسابه.
ويكون الشيك المسطر عاما إذا لم يرد بين الخطين إشارة أو وردت عبارة صاحب مصرف أو ما يعادلها. ويكون خاصا إذا كتب بين الخطين اسم صاحب مصرف بالذات وفي ذلك تقول المادة (112) من نظام الأوراق التجارية السعودي ما نصه:
لا يجوز للمسحوب عليه أن يوفي شيكا مسطرا تسطيرا عاما إلا إلى أحد عملائه أو إلى بنك، ولا يجوز أن يوفي شيكا مسطرا تسطيرا خاصا إلا إلى البنك المكتوب اسمه فيما بين الخطين وإلى عميل هذا البنك إذا كان هذا الأخير هو المسحوب عليه ومع ذلك يجوز للبنك المكتوب اسمه بين الخطين أن يعهد إلى بنك آخر قبض قيمة الشيك. ا. هـ.
وهناك وسيلة أخرى لاتقاء مخاطر ضياع الشيك أو سرقته أو تزويره، وهي اشتراط قيد قيمته في الحساب الجاري بدلا من دفعها بالنقود ويعترض
لهذه الطريقة وجود حساب جار لحامل الشيك لدى المسحوب عليه. وفي هذا تقول المادة (113) من نظام الأوراق التجارية السعودي ما نصه:
يجوز لساحب الشيك أو لحامله أن يشترط عدم وفائه نقدا بأن يضع عبارة للقيد في الحساب أو أية عبارة أخرى تفيد نفس المعنى. وفي هذه الحالة لا يكون للمسحوب عليه إلا تسوية قيمة الشيك بطريق قيود كتابية كالقيد في الحساب أو النقل المصرفي أو المقاصة، وتقوم هذه القيود مقام الوفاء ولا يعتد بشطب بيان ((للقيد في الحساب)).
وهناك ما يسمى بالشيك السياحي ويذكر الأستاذ علي جمال الدين عوض أن أول نشأته كانت عام 1891م بسب رحلة قام بها رئيس شركة أمريكان اكسبريس للسياحة إلى أوروبا فصادفه فيها متاعب راجعة إلى كيفية حصوله على مال يقوم بشئون حياته في هذه الرحلة فابتكر نظام الشيكات السياحية حتى ذاع استعمالها فأصبحت البنوك تصدر شيكات سياحية قابلة للصرف لدى جميع البنوك الأخرى ويذكر الأستاذ علي جمال الدين عوض أن الصورة الغالبة للشيك هي أن يصدر الشيك بفئات نقدية معينة وعلى الصك مكان يوقع فيه العميل عند استلام الشيك ومكان آخر يوقع فيه عند قبض قيمته أمام البنك الذي يدفع هذه القيمة ليتحقق من تطابق التوقيعين ومن أن الذي يستوفى القيمة هو ذات المستفيد الذي استلم الشيك ممن أصدره، وبعد الوفاء بقيمة الشيك السياحي تسوى العملية بين البنوك المشتركة في إصداره وتنفيذه بطريق المقاصة. ويذكر الأستاذ علي عوض: أن كثيرا من الشراح يستبعد الشيك السياحي من تعريف الشيك إذا تخلف بيان
من البيانات اللازمة للشيك، وهو أمر غالب حيث لا يتضمن تاريخ السحب ومكان الإصدار واسم المسحوب عليه، كما ينكر عليه وصف السند الإذني أو السند لحامله كما يعرفه القانون التجاري إذ هو لا يتضمن تعهد البنك بالدفع حتى ولو تضمن أمرا للمسحوب عليه. لأن تعهد الساحب ضمنا بالوفاء عند تخلف المسحوب عليه لا يكفي لاعتبار الورقة سندا تجاريا صرفيا، كما أن وظيفة الشيك السياحي تختلف عن وظيفة السند الإذني أو السند للحامل لأن الشيك السياحي يستهدف مجرد نقل النقود ولا يستخدم أداة للائتمان وهي الوظيفة الأساسية للسندات التجارية، ومن هذا ندرك أن الشيك السياحي ورقة ابتكرها العرف وأقر حكمها بعيدا عن الأحكام التي وضعها التشريع للأوراق التي قد تشتبه بها. ا. هـ (1).
(1) عمليات البنوك من الوجهة القانونية صـ 603/ 604.
الوصف الفقهي الإسلامي:
مر بنا أن من خصائص الشيك أنه ليس ورقة نقدية وإنما هو وثيقة بدين تقضي بإحالته من ذمة ساحبه إلى ذمة المسحوب عليه مع بقاء مسئولية ساحبه حتى سداده. وأنه ينبغي ألا يسحب إلا على من لديه مقابل وفائه، وأنه لا يلزم لاعتباره شيكا قبول المسحوب عليه وهذه الخصائص هي خصائص الحوالة فإذا قيل بأن الشيك حوالة كان لهذا القول وجاهته ولم يرد عليه إلا مسألة ضمان الساحب قيمة الشيك حتى يتم سداده لأن الحوالة نقل الدين من ذمة إلى ذمة بمعنى براءة ذمة المحيل من المدين إذا كانت الإحالة على مليء، وقد أجابت الموسوعة الفقهية الكويتية عن هذا الاعتراض بأن الساحب يعتبر محيلا بمبلغ الشيك وضامنا سداده (1).
وقد يقال بأن الشيك يعتبر في حكم ورقة نقدية وفي ذلك تقول
(1) الموسوعة الفقهية الكويتية - الحوالة - صـ 239/ 240.
الموسوعة الفقهية الكويتية في معرض توجيه القول بأن تسلم الشيك من المصرف بمثابة تسلم قيمته ما نصه:
فإذا نظرنا إلى أن الشيكات تعتبر في نظر الناس وعرفهم وثقتهم بمثابة النقود الورقية وأنه يجرى تداولها بينهم كالنقود تظهيرا وتحويلا وأنها محمية في قوانين جميع الدول من حيث إن سحب الشيك على جهة ليس للساحب فيها رصيد يفي بقيمة الشيك المسحوب يعتبر جريمة شديدة تعاقب عليها قوانين العقوبات في الدول جميعا، إذا نظرنا إلى هذه الاعتبارات يمكن القول معها بأن تسليم المصرف الوسيط شيكا بقيمة ما قبض من طالب التحويل يعتبر بمثابة دفع بدل الصرف في المجلس. ا. هـ (1).
(1) انظر صـ 232 من الموسوعة الفقهية الكويتية - الحوالة -.