الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحققات تاريخية
5 -
الفردوس قصر لا نهر
ورد في ص 13 - 14 من كتاب عمران بغداد: (ونهر المعلي وكان يجري في أعظم محلة ببغداد أي محلة الخلفاء ودواوينهم ويستمد مائه (كذا) من نهر الخالص وقد سمي بالفردوس) قلنا: أن الفردوس قصر لا نهر ففي ص 19 من مناقب بغداد: (وكان في الجانب الشرقي نهر (موسى) يأخذ من نهر (بين) إلى أن يصل إلى قصر المعتضد المعروف (بالثريا) ثم يخرج فينقسم ثلاثة أنهار فيدخل أحدها إلى بستان الزاهر فيسقيه ويمضي الثاني إلى باب بيبرز فيدخل البلد ويسمى نهر المعلي ويمر بين الدور باب سوق الثلاثاء ثم يدخل قصر الخلافة المسمى بالفردوس فيدور فيه ويصب إلى دجلة) وقال ياقوت: (نهر المعلي وهو اليوم أشهر وأعظم محلة ببغداد وفيها دار الخلافة المعظمة وهو نهر يدخل من باب (بين)(كذا ولعلها بيبرز) وهو باق إلى الآن مستمدة من الخالص فيسير تحت الأرض حتى يدخل دار الخلافة وهو المسمى بالفردوس. . .) وقد أراد ب (هو) دار الخلافة والدار يجوز تذكيرها فظن مؤلف عمران بغداد أنه عني (المعلي) وقال الخطيب في ص 70: (ثم يمر النهر الثاني من المقسم إلى باب بيبرز فيدخل البلد من هناك ويسمى نهر معلي ويمر بين الدور إلى باب سوق الثلاثاء ثم يدخل قصر الخلافة المسمى بالفردوس فيدور فيه ويصب في دجلة).
6 -
نهر المعلي وباب بيبرز والتاجية
لقد تكرر آنفاً أن نهر المعلي يدخل بغداد المسورة الشرقية من باب بيبرز، فلذلك تجب معرفة هذا الباب، قال ياقوت في مادة بيبرز:(بيبرز: بكسر أوله وفتح ثانيه وسكون الباء وفتح الراء وزاي، محلة ببغداد وهي اليوم مقبرة بين عمارات البلد وأبنية من جهة محلة الظفرية والمقتدية بها قبور جماعة من الأئمة منهم أبو أسحق إبراهيم بن علي الفيروزابادي الفقيه الإمام ومنهم من يسميها: باب أبرز) قلنا في غرب مقبرة الوردية (أي مقبرة الشيخ عمر السهروردي اليوم)
قبر عليه قبة ساذجة البناء على كتف باب أنه مرقد إبراهيم بن
موسى الكاظم (ع) وفي صحن المشهد الكاظمي اليوم قبر إبراهيم بن موسى الكاظم وأهل مكة أدرى بشعبها من غيرهم، وقد قال السيد محمود شكري الآلوسي في ص 118 من كتاب مساجد بغداد.
(وفي صحن الكاظمية حجرة صغيرة فيها قبر إبراهيم وقبر أخيه جعفر أبني موسى الكاظم، وقد عمرها سليم باشا الفريق وشاد القبة التي عليهما وذكر ذلك عبد الباقي الفاروقي بأبيات نذكر منها شطر التاريخ وهو قوله: شاد سليم مرقد الفرقدين) فان كان إبراهيم المدفون في قرب مقبرة الشيخ عمر هو الفيروزابادي فمدفنه من مقبرة باب أبرز.
وجاء في ترجمة شهده من تاريخ أبن خلكان: (وكانت وفاتها يوم الأحد بعد العصر ثالث عشر المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة ودفنت بباب أبرز وقد نيفت على تسعين سنة من عمرها رحمها الله تعالى) ثم قال: (ومات والدها أبو نصر أحمد في يوم السبت الثالث والعشرين من جمادي الأولى سنة ست وخمسمائة رحمة الله تعالى، وكانت وفاته ببغداد ودفن بباب أبرز) ثم أخذ في تعريف ثقة الدولة علي بن محمد الأنباري قائلاً: (قال السمعاني: كان يخدم أبا نصر أحمد أبن الفرج الإبري وزوجة بنته شهدة الكاتبة ثم علت درجنه إلى أن صار خصيصاً بالمقتفي، مولده سنة خمس وسبعين وأربعمائة وتوفي يوم الثلاثاء سادس عشر شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة ودفن في داره برحبة الجامع ثم نقل بعد موت زوجته فدفنا بباب أبرز قريباً من المدرسة الناحية (كذا بنسختنا والصواب: التاجية) في محرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة) اهـ.
وقال أبن خلكان في ترجمة محمد بن بختيار المعروف بالأبله البغدادي: (وكانت وفاته على ما قاله أبن الجوزي في تاريخه في جمادي الآخرة سنة تسع وسبعين وقال سنة ثمانيين وخمسمائة ببغداد ودفن في باب أبرز محاذي الناحية (كذا) رحمة الله تعالى) اهـ.
وقال ياقوت: (التاجية منسوبة: اسم مدرسة ببغداد ملاصق قبر الشيخ أبي أسحق الفيروزابادي نسبت إليها محلة هناك ومقبرة والمدرسة منسوبة إلى
تاج الملك أبي الغنائم المرزبان بن خسرو فيروز المتولي دولة ملكشاه بعد الوزير نظام الملك).
وقال ياقوت في مادة (قراح) وقد ذكرناه سابقاً: (وذلك أنك تخرج من رحبة جامع القصر مشرقاً حتى تتجاوز عقد المصطنع وهو باب عظيم في وسط المدينة فهناك طريقان. .
والآخر يأخذ ذات الشمال مقدار رمية سهم إلى درب يقال له درب النهر عن يمين القاصد إلى قراح أبن رزين ثم يمتد قليلاً ويشرق فحينئذ يقع في قراح أبن رزين فإذا صار في وسطه فعن يمينه درب النهر واللوزية وعن يساره محلة المقتدية التي استحدثها المقتدي بالله ثم يمر في هذه المحلة أعني قراح أبن رزين شوط فرس جيد فحينئذ ينتهي إلى عقد هناك وباب فإذا خرج منه وجد طريقين أحدهما يأخذ ذات الشمال يفضي إلى المحلة المعروفة بالمختارة فيتجاوزها إلى مقبرة باب بيرز (كذا في الطبعة المصرية والصواب بيبرز) بطولها طالباً للشمال فإذا انتهت المحلة وقع في محلة تعرف بقراح ظفر) اهـ.
فيعلم من هذا أن مقبرة باب أبرز داخله في عمارة بغداد طويلة ممتدة إلى شمالي بغداد. وقد وضع لسترنج على خارطة ص 63 باب أبرز في غرب مقبرة الشيخ عمر اليوم أي محلة خان الروند اليوم ووضع المدرسة التاجية قرب محلة العزة اليوم أي بين محلة السور وخان الوند، ولكنه لم يذكر قراح ظفر فهو أذن محلة العزة والسور اليوم، غير أن لسترنج ذكر في خارطة ص 107 باب أبرز شرقي ثكنة الخيالة اليوم وجعل نهر المعلي يمر منذ لك الموضع في شمال بغداد حتى أدخله بغداد من شرقي باب المعظم اليوم ماداً إياه إلى الجنوب حتى يوصله إلى الفردوس قصر الخلافة. وبعض ما حمله على ذلك قول المؤرخين أن نهر المعلي يمر بين الدور إلى باب سوق الثلاثاء فذهب رأيه إلى باب المعظم لأنه نهاية سوق الثلاثاء أي شارع الميدان اليوم ويظهر أن مجراه كان مما يقرب من المستنصرية. ألا ترى عبد الحميد بن أبي الحديد يمدح المستنصرية قائلاً.
مخيمة على نهر المعلي
…
فدجلة لا المنيفة فالضمار
وورد أن هذا البيت كما في ص 93 من تاريخ مساجد بغداد لشارح نهج البلاغة عبد الحميد، فعلق محمد بهجة بالمعلي ما نصه:(محلة اليوم بالرصافة يسمى سبع أبكار) ولكن أين الدليل والاستدلال؟ فالشاعر يقول أن المستنصرية مخيمة على نهر المعلي والمهذب يقول محله كذا فما أبعد ما بين المستنصرية وسبع أبكار. وقال ياقوت عن محلة المأمونية: (بين نهر المعلي وباب الأزج) وعن المخرم: (بين الرصافة ونهر المعلي).
7 -
الرصافة الأصلية
وضع العلامة لسترنج الرصافة الأصلية من شمال قبر حنيفة (رض) إلى كرادة المعظم
الحالية ووضع في شرق قبره تربة الخلفاء العباسيين التي حسب محمود شكري الآلوسي أنها قرب المستنصرية. وجنوب القبر بقليل جامع الرصافة وجنوب هذا بقليل قصر المهدي بالرصافة في جنوبه تكون دجلة مائلة من الشرق إلى الغرب وفي مبدأ ميلها (باب الطاق (ويلائم اليوم محل كرادة المعظم وتحت هذه بستان الزاهر وشرق الزاهر تبدأ محلة المخرم بطرف البلاط الملكي اليوم من الزاهر إذ ذاك.
والمؤرخون إذا أطلقوا لفظ كان المراد هذه المواضع وما جاورها لا بغداد الشرقية اليوم ولذلك يقال تحارب أهل الرصافة وأهل كذا من بغداد لأنها صارت محلة مستقلة أخيراً.
8 -
باب الطاق
ذكرنا سابقاً أن محلة باب الطاق كانت بموضع كراده المعظم اليوم والكرادة هذه متصلة بشمالي حديقة البلاط الملكي والآن نورد ما ذكره بعض المؤرخين في وصفها وتحديدها: ففي ص 25 من مناقب بغداد: (وقال أبو الوفاء أبن عقيل: سألني صدر من صدور طريق خراسان عن بغداد وما أدركت بها، فقلت: لا أذكر لك أمراً تكاد تستبعد فاذكر لك محلتي وهي واحدة من عشر محال، كل محلة كبلد من بلاد الشام وهي المعروفة بباب الطاق، أما شوارعها فشارع مما يلي دجلة من أحد جانبيه قصور على دجلة طراز ممتد من عند الجسر إلى أوائل
الزاهر وهو بستان للملك محو مأتي جريب، وجانبه الآخر مساجد أرباب القصور ومساكن غلمانهم وفي ذلك اصطلابهم، ثم يليه من يمنته عند الجسر سوق يحيى، الجامعة بين دور الوزراء والأمراء مما يلي الشط كدار شادي والربيب، وأبن الأوحد، وقصر الوافي الذي كان عليق دوابه كل يوم ألف مخلاة، ثم في آخر هذا السوق دار فرج مساكن التقاة والرؤساء. ومن الجانب الغربي - أعني جانب سوق يحيى - الدكاكين العالية، والدروب العامرة من دقاقين وخبازين وحلاويين، ثم نهاية الدور الشاطئية، دار معز الدولة ذات المسناة التي عرضها مائة أجرة وكان لها الروشن البديع فهذا طراز باب الطاق الشاطئي فأما دواخلها فأوائلها العرصة التي هي رحبة الجسر وتنقسم رحبة الجسر إلى شارعين عظيمين: أحدهما للاساكفة ثم سوق الطير وهو سوق يجمع الرياحين وفي حواشيها الصيارف الظراف وأصحاب الطيالس وفاخر الملابس ثم سوق المأكول للخبازين والقصابين وسوق الصاغة لم يشاهد أحسن منه بناء شاهق وأساطين ساج عليها غرفة
مشرفة، ثم الوراقين سوق كبيرة وهي مجالس العلماء والشعراء ثم سوق الرصافة عظيمة جامعة ثم سارع الترب) انتهى.
قلنا: وقد وصل في وصفه إلى الرصافة فقطعنا عليه حديثه اللذيذ ووصفه المنسجم البديع الذي تشاق العيون إلى رؤية موصوفه كل الاشتياق، وأراد بشارع الترب (شارع ترب الخلفاء العباسيين).
ونقل في ص 27 منه عن واصف باب الطاق المار ذكره: (ولقد نزلت كثيراً في سميرية منحدراً فما أزال أسمع هذه الأنغام من شرعة الجسر بباب الطاق إلى باب المراتب). وفي ص28 منه (وكانت أسواق الكرخ وباب
الطاق لا يختلط العطارون بأرباب الزهائم والروائح المنكرة ولا أرباب الأنماط بأرباب الإسقاط).
قلت: وكانت دار أبي طاهر محمد بن بقية الوزير بباب الطاق. قال عنه أبن خلكان في (2: 176) من وفياته: (ولما حضرت الحرب بين عز الدولة وابن عمه عضد الدولة قبض عز الدولة عليه وسمله وحمله إلى عضد الدولة مسمولا فشهره عضد الدولة وعلى رأسه برنس، ثم طرحه للفيلة فقتلته ثم صلبه عند داره بباب الطاق). وقال ياقوت في (باب الطاق) وما نصه: (باب الطاق: محلة كبيرة ببغداد بالجانب الشرقي تعرف بطاق أسماء وقد ذكرت في موضعها، واجتاز عبد الله بن طاهر بها فرأى قمرية تنوح، فأمر بشرائها وإطلاقها فامتنع صاحبها أن يبيعها بأقل من خمسمائة درهم فاشتراها بذلك وأطلقها وأنشد يقول:
ناحت مطوقة بباب الطاق
…
فجرت سوابق دمعي المهراق. . .)
قال مؤلف عمران بغداد في 102 (محلة باب الطاق: كانت محلة كبيرة بالجانب الشرقي وتعرف بطاق أسماء أيضاً) وهنا يصح قول علي (ع) حينما حث العراقيين على الجهاد فقام إليه رجل وأخاه فقط: (وأين تقعان مما أريد؟).
9 -
مشهد عبد الله أي قبر النذور
ذكرنا سابقاً أن جامع الرصافة قريب من قبر أبي حنيفة جداً، من جهة الجنوب، وكأن موضعه مجاور لجامعة آل البيت اليوم، وفي ص 30 من مناقب بغداد ما نصه:(وقريب من جامع الرصافة قبر فيه بعض أولاد بعض علي (ع) يتبرك به يقال: أنه قبر عبيد الله
بن محمد بن عمر بن الحسين) قلنا: ويسمى أيضاً) قبر النذور) ففي مادة (قبر) من معجم البلدان ما عبارته: (قبر النذور: مشهد بظاهر بغداد على نصف ميل من السور (كذا وفي المسافة خطأ تقديري وشك) يزار وينذر له، قال التنوخي: كنت مع عضد الدولة وقد أراد الخروج إلى همدان فوقع نظره على البناء الذي على قبر النذور فقال: يا قاضي ما هذا البناء؟ قلت: أطال الله بقاء مولانا هذا مشهد النذور ولم أقل: قبر، لعلمي بتطيره من دون هذا، فاستحسن اللفظ وقال: قد علمت أنه قبر النذور وإنما أردت شرح أمر، فقلت له: هذا قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن
أبي طالب رضي الله عنه وكان بعض الخلفاء أراد قتله فجعل هناك زبية وستر علها وهو لا يعلم فوقع فيها وهيل عليه التراب حياً، وشهر بالنذور لأنه لا يكاد ينذر له شيء إلا ويصح ويبلغ الناذر ما يريد وأنا أحد من نذر له وصح مراراً لا أحصيها، فلم يقبل هذا القول وتكلم. بما دل على أن هذا وقع اتفاقاً فتسوق العوام بأضعاف ذلك ويروون الأحاديث الباطلة، فأمسكت، فلما كان بعد أيام يسيرة ونحن معسكرون في موضعنا استدعاني وذكر أنه جربه لأمر عظيم ونذر له وصح نذره في قصة طويلة) اهـ.
وإذ علمت أن مشهد عبيد الله قرب جامع الرصافة فلا تركن إلى ما نقل مؤلف عمران بغداد في ص 188 عن المرشد (3: 319) لعبد الحميد عبادة ونصه (فلا يبعد أن يكون محل المشهد المذكور قرب ثكنة الخيالة خارج باب المعظم وكان هذا المشهد يشتمل على قبر عبيد الله بن محمد من أحفاد الحسن (كذا) بن علي (ع) الذي يكنى بأبي النذور) لأن بين الثكنة والرصافة القديمة: باب الطاق والزاهر البستان الفسيح وقسماً من محلة المخرم. والعجب أن المؤلف المذكور نقل في ص 152 من كتابه عن المدرسة العصمية: (وكانت هذه المدرسة تجاور مشهد عبيد الله بن محمد العلوي المعروف بأبي النذور الذي يقع بالقرب من جامع الرصافة في الجانب الشرقي ولا يبعد أن يكون محل المشهد المذكور قرب ثكنة الخيالة الحالية خارج باب المعظم) وكثير من كتابه مكرر بلا فائدة.
10 -
القرية وقطفتا
قال في ص 105 من كتاب عمران بغداد: (وأما القرية فهي بضم القاف وفتح الراء وتشديد الياء، محلتان كبيرتان. . . والأخرى كانت محلة كبيرة أيضاً بالجانب الغربي مقابل
مشرعة مدرسة النظامية أي مقاهي المصبغة وما هو عن شرقها اهـ. وقد نقل هذا التعيين عن محمد صالح السهرودي بالمرشد (3: 348). وهذا يحرف التاريخ عن مواضعه ففي معجم البلدان: (والقرية محلة كبيرة جداً كالمدينة من الجانب الغربي من بغداد مقابل مشرعة سوقها، أما أن مشرعة النظامية) إذن، ليست مقابل المدرسة النظامية بل مقابل مشرعة سوقها، أما أن مشرعة النظامية هي مقاهي المصبغة اليوم فيصعب تصديقه لأن اللازم تعيين موضع المدرسة
ثم معرفة سوقها ثم مشرعته.
والقرية هذه يظهر لنا أنها تمتد على دجلة من غربي بغداد من فوق الجسر العتيق اليوم إلى ما فوق دار الندوة العراقية (المجلس النيابي) لأنها كانت متصلة بمحلة قطفتا وهذه تشمل العمارات التي قرب مقبرة معروف الكرخي (رض) من الشرق والشمال فالفلاحات والفحامة وسوق حمادة والحصانة اليوم كانت من قطفتا. ففي 2: 396 من نسختنا لوفيات أبن خلكان ما صورته عن أبي المظفر عون الدين: (يحكون أن عون الدين قال: كان سبب ولايتي المخزن أنني ضاق ما بيدي حتى فقدت القوت أياماً فأشار علي بعض أهلي أن أمضي إلى قبر معروف الكرخي (رض) فأسأل الله تعالى عنده فأن الدعاء عنده مستجاب، قال: فأتيت قبر معروف فصليت عنده ودعوت ثم خرجت لقصد البلد (يعني بغداد) فاجتزت بعطفاء (كذا) قلت:
- وهي محلة من محال بغداد - قال: فرأيت مسجداً مهجوراً اهـ. قلنا: والصواب أنها (قطفتا) لا عطفاء، ولم يزد أبن خلكان في إيضاحه على قوله: محله من محال بغداد. وقول ياقوت: قطفتا بالفتح ثم الضم والفاء ساكنة وتاء مثناة من فوق والقصر: كلمة أعجمية لا أصل لها في العربية في علمي وهي محلة كبيرة ذات أسواق بالجانب الغربي من بغداد مجاورة لمقبرة الدير التي فيها قبر الشيخ معروف الكرخي (رض) بينها وبين دجلة أقل من ميل وهي مشرفة على نهر عيسى إلا أن العمارة بها متصلة إلى دجلة بينهما القرية محلة معروفة) اهـ.
فمن هذا لا تستبعد ما ذكرناه لك، وأكثر الفتن المذهبية في آخر الدولة العباسية وقعت بين القطفتيين والكرخيين أي أهل الكاظمية قديماً.
مصطفى جواد
(لغة العرب) كل ما يوشيه الأستاذ المحقق مصطفى أفندي جواد مطبوع بطابع التدقيق والعلم الصادق، وهو لا يخطو خطوة في اللغة ولا في التاريخ إلا من بعد أن يتثبت أن يضع قدمه من منبسط الحقيقة: وكل من قرأ مقالاته في هذه المجلة يحكم له بالقدح المعلي. ومن شك في تحقيقاته فليأتنا بيناته.