المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أعلام قصيدة أخت الوليد بن طريف - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٨

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 76

- ‌سنتنا الثامنة

- ‌يا للمصيبة

- ‌الآمال الهاوية

- ‌الدواخل والكواسع في العربية

- ‌اليأمور

- ‌رسالة في النابتة

- ‌مندلي

- ‌لواء الكوت

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 77

- ‌خزائن بسمى القديمة

- ‌أعلام قصيدة أخت الوليد بن طريف

- ‌العربية مفتاح اللغات

- ‌القفص والغرشمارية والكاولية

- ‌اللغة العامية العراقية

- ‌الحروف العربية الراسية

- ‌صفحة من تاريخ أسر بغداد

- ‌تاريخ اليهود

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهرة في العراق وما جاوره

- ‌العدد 78

- ‌رسالتان تاريخيتان

- ‌من هو القرصوني

- ‌لواء العمارة

- ‌اليحمور واليامور

- ‌بيت عراقي قديم

- ‌العربية مفتاح اللغات

- ‌اللغة العامية العراقية

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌نظم شمس الدين عبد الله محمد بن جابر الأندلسي

- ‌عني بنشرها صديقنا المذكور

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 79

- ‌الفتوة والفتيان قديما

- ‌لواء البصرة

- ‌محمود العنتابي الأمشاطي

- ‌القريض في فن التمثيل

- ‌صفحة من تاريخ أسر بغداد

- ‌الدولة القاجارية وانقراضها

- ‌دار شيعان

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 80

- ‌إلى عكبرى وقنطرة حربي

- ‌القصر الذي بالقلقة

- ‌صفحة من تاريخ أسر بغداد

- ‌مجلة المجمع العلمي العربي وأوهامها

- ‌الأسر المنقرضة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 81

- ‌الألفاظ اليافثية أو الهندية الأوربية في العربية

- ‌لواء كركوك

- ‌مصطلحات حقوقية

- ‌قبر راحيل

- ‌بيت عراقي قديم

- ‌محلة المأمونية وباب الأزج والمختارة

- ‌أسرة الحاج الميرزا تقي السبزواري

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌111 - كتاب التيجان في ملوك حمير

- ‌عن وهب بن منبه رواية أبن هشام

- ‌طبع بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانيين في

- ‌حيدر آباد الدكن

- ‌سنة 1347 في ص496 ص بقطع الثمن الصغير

- ‌تاريخ وقائع الشهرية في العراق وما جاوره

- ‌العدد 82

- ‌أحمد باشا تيمور

- ‌نظرة في المجلة الألمانية ومجاوراتها الساميات

- ‌تحققات تاريخية

- ‌القمامة أو كنيسة القيامة

- ‌البرثنون في كتب العرب

- ‌العمارة والكوت

- ‌بيت عراقي قديم

- ‌ألفاظ يافثية عربية الأصل

- ‌في مجلة المجمع العلمي العربي

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاورها

- ‌العدد 83

- ‌دار المسناة

- ‌رسالة لأبي عثمان

- ‌تحققات تاريخية

- ‌الفلحس

- ‌صفحة من مؤرخي العراق

- ‌القرب في اللغة

- ‌لواء أربل

- ‌اللغة العامية العراقية

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌الحكومة العراقية والمخطوطات

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 84

- ‌نقد لسان العرب

- ‌العمارة والكوت

- ‌ترجمات التوراة

- ‌بيت الشاوي

- ‌في مجلة المجمع العلمي العربي

- ‌رسالة إلى أبي عبد الله

- ‌القيالة عند العرب

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 85

- ‌إلى شبيبة العراق

- ‌المائن أو الممخرق

- ‌آلتون كوبري في التاريخ

- ‌لواء السليمانية

- ‌أرض السليمانية في التاريخ القديم

- ‌تذنيب في تخطئة معلمة الإسلام

- ‌نظرة في المقاومات العراقية

- ‌نقد لسان العرب

- ‌الأسناية ومعناها

- ‌قبر العازر

- ‌كوت العمارة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاروه

الفصل: ‌أعلام قصيدة أخت الوليد بن طريف

‌أعلام قصيدة أخت الوليد بن طريف

1 -

توطئه

أجود أشعار العرب مراثيها. والقصيدة التي رثت بها الفارعة أو فاطمة أو ليلى بنت طريف بن الصلت بن طارق بن سبيجان بن عمر بن مالك الشيباني أخاها الوليد بن طريف الشاري راس الخوارج في خلافة هرون الرشيد من هذا الجيد المروي يدلك على ذلك اهتمام اللغويين والمتأدبين بها واستشهادهم ببعض أبياتها، وأول ما اتصل بنا من هذه القصيدة بيتان نقلهما أبن جرير الطبري المتوفي سنة 310هـ (922م) في عرض كلامه على مقتل الوليد في حوادث سنة 179هـ 795م إذ يقول:

(وفيها رجوع الوليد بن طريف الشاري إلى الجزيرة واشتدت شوكته وكثر تبعه فوجه الرشيد إليه يزيد بن مزيد الشيباني فراوغه يزيد ثم لقيه وهو مغتر فوق هيت فقتله وجماعة كانوا معه وتفرق الباقون فقال الشاعر:

وائل بعضها يقتل بعضاً

لا يفل الحديد إلا الحديد

وقالت الفارعة أخت الوليد:

أيا شجر الخابور مالك مورقا

كأنك لم تجزع على أبن طريف

فتى لا يحب الزاد إلَاّ من التقى

ولا المال إلَاّ من قنا وسيوف

واعتمر الرشيد في هذه السنة في شهر رمضان شكراً لله على ما أبلاه في الوليد ابن طريف فلما قضى عمرته انصرف إلى المدينة فأقام بها إلى وقت الحج ثم حج بالناس فمشى من مكة إلى منى ثم عرفات وشهد المشاهد والمشاعر ماشياً ثم أنصرف على طريق البصرة.

ص: 92

وأما الواقدي فأنه قال (لما فرغ عمرته أقام بمكة حتى أقام للناس حجتهم) إلا، ويأتي بعده ما نقله أبن عبد ربه المتوفي سنة 328هـ 940م الذي يقول:

(وقالت أخت الوليد بن طريف ترثي أخاها الوليد بن طريف):

فيا شجر الخابور ما لك مورقاً

كأنك لم تجزع على ابن طريف

فتلا لا يريد العز إلَاّ من التقى

ولا المال إلَاّ من قنا وسيوف

فقدناه فقدان الربيع فليتنا

فديناه من ساداتنا بألوف

خفيف على ظهر الجواد إذا غدا

وليس على أعدائه بخفيف

عليك سلام الله وقفا فأنني

أرى الموت وقاعاً بكل شريف

وقد ساق أبو الفرج الأصبهاني المتوفي سنة 356هـ (967م) قصة الوليد بن طريف الشاري بعد أن نسب تلك المرثية إلى ليلى أخت طريف ونقلها على الوجه الأتي:

بتل نباتي رسم قبر كأنه

على علم فوق الجبال منيف

تضمن جوداً حاتميا ونائلا

وسورة مقدام ورأى حصيف

ألا قاتل الله الجثا كيف أضمرت

فتى كان بالمعروف غير عنيف

فان يك أرداه يزيد بم مزيد

فيا رب خيل فضها وصفوف

ألا يا لقومي للنوائب والردى

ودهر ملح بالكرام عنيف

وللبدر من بين الكواكب إذ هوى

وللشمس همت بعدة بكسوف

أيا شجر الخابور مالك مورقاً

كأنك لم تحزن على أبن طريف

فتى لا يحب الزاد إلَاّ من التقى

ولا المال إلَاّ من قنا وسيوف

ولا الخيل إلَاّ كل جرداء شطبة

وكل حصان باليدين عروف

فلا تجزعا يا أبني طريف فأنني

أرى الموت نزالاً بكل شريف

فقدناك فقدان الربيع وليتنا

فديناك من دهمائنا بألوف

وعاد فروى البيت السابع والبيت الثامن من هذه القصيدة وعززهما بالتاسع ولكنه نقله على هذا الوجه:

ص: 93

ولا الذخر إلَاّ كل جرداء صلدم

وكل رقيق الشفرتين خفيف

ومن الذين استشهدوا ببعض أبيات هذه القصيدة أبو علي القالي المتوفي سنة 356هـ (966م) أيضاً فقد ذكر الأبيات الثلاثة المتقدمة التي أعاد روايتها الأصبهاني ولم يغير منها إلَاّ منها إلَاّ كلمة (تحزن) ب (تجزع) وألحقها ببيت رابع هو:

عليك سلام الله حتما فأنني

أرى الموت وقاعاً بكل شريف

ومع استشهاد أبي علي هذه الأبيات فأنه لم ينسبها إلى قائلها بل أقتصر على قوله وأنشدني بعض أصحابنا.

ومنهم أبو هلال العسكري المتوفي سنة 395هـ (1004م) فقد قال: ومن الكلام المستوي

النظام الملتئم الرصيف قول بعض العرب) ونقل البيت السابع والبيت الثامن على الوجه الذي نقله القالي إلَاّ أنه نقل البيت التاسع كما يلي:

ولا الخيل إلا كل جرداء شطبة

واجرد شطب في العنان حنوف

ثم أردفها بالبيتين الآتيين:

كأنك لم تشهد طعاناً ولم تقم

مقاماً على الأعداء غير خفيف

فلا تجزعا يا ابني طريف فإنني

أرى الموت حلالا بكل شريف

ونقل المطهر بن طاهر المقدسي بعض أبيات هذه القصيدة التي عزاها للفارعة بنت الطريف على ما يلي:

ألا يا لقوم للحتوف وللبلى

وللدار لما أزمعت بخسوف

وللبدر من بين الكواكب إذ هوى

وللشمس همت بعدة بكسوف

ولليث فوق النعش إذ يحملونه

إلى وهدة ملحودة وسقوف

بكت جشم لما استقلت عن العلى

وعن كل هول بالرجال مطيف

أيا شجر الخابور مالك مورقا

كأنك لم تجزع على أبن طريف

فتى لا يعد الزاد إلا من التقى

ولا الكال إلا من قنى وسيوف

وفي هذه الأبيات من التصحيف والتحريف أكثر من سواها مع أن ناشر

ص: 94

الكتاب المستشرق الأفرنسي الأستاذ كليمان هوار المتوفي سنة 1345هـ (1926م) هو من المتأخرين ولا بد أن يكون أطلع على رواياتها العديدة فكان حقيقاً به أن يعلق على الأبيات ويصحح أغلاطها في حواشيه ونقل ياقوت الحموي المتوفي سنة 626هـ 1228م البيت السابع والبيت الثامن على الوجه الذي نقلها القالي في أماليه والعسكري في الصناعتين.

ونقل ابن الأثير المتوفي سنة 630هـ (1232م) القصيدة كما هي في الأغاني إلا أنه وقع فيها بعض التصحيفات فجاء بتاثا بدل نباتي في صدر البيت الأول وقلب بدل رأي في عجز البيت الثاني وعفيف بدل عنيف في عجز الثالث وقد بدل إذ في صدر السادس وتجزع بدل تحزن في عجز السابع.

واكثر العلماء اهتماماً بهذه القصيدة هو أبن خلكان المتوفي 681هـ (1282م) فقد قال في ترجمة الوليد المذكور: وكان له أخت تسمى الفارعة وقيل فاطمة تجيد الشعر وتسلك سبيل

الخنساء في مراثيها لأخيها صخر فرثت الفارعة أخاها الوليد بقيدة أجادت فيها وهي قليلة الوجود ولم أجد في مجاميع كتب الأدب إلا بعضها فاتفق أني ظفرت بها كاملة فأثبتها لغرابتها مع حسنها وهي هذه:

بتل نهاكي رسم قبر كأنه

على جبل فوق الجبال منيف

تضمن مجداً عدملياً وسؤدداً

وهمة مقدام ورأى حصيف

فيا شجر الخابور ما لك مورقاً

كأنك لم تحزن على أبن طريف

فتى لا يحب الزاد إلا من التقى

ولا المال إلا من قنا وسيوف

ولا الذخر إلا كل جرداء صلدم

معاودة للكر بين صفوف

كأنك لم تشهد هناك ولم تقم

مقاما على الأعداء غير خفيف

ولم تستلم يوماً لورد كريهة

من السرد في خضراء ذات رفيف

ولم تسع يوم الحرب والحرب لاقح

وسمر القنا ينكزنها بألوف

حليف الندى ما عاش يرضى به الندى

فإن مات لا يرضى الندى بحليف

فقدناك فقدان الشباب وليتنا

فديناك من فتياننا بألوف

ص: 95

وما زال حتى أزهق الموت نفسه

شجا لعدو أو نجا لضعيف

ألا يا لقومي للحمام وللبلى

وللأرض همت بعدة برجوف

ألا يا لقومي للنوائب والردى

ودهر ملح بالكرام عنيف

وللبدر من بين الكواكب إذ هوى

وللشمس لما أزمعت بكسوف

ولليث كل الليث إذ يحملونه

إلى حفرة ملحودة وسقيف

ألا قاتل الله الحشى كيف أضمرت

فتى كان للمعروف غير عيوف

فان يك أرداه يزيد بن مزيد

فرب زحوف لفها بزحوف

عليك سلام الله وقفا فأنني

أرى الموت وقاعا بكل شريف

قال ولها فيه مراث كثيرة ذكر بعضها ومن جملتها البيت الذي نقله الطبري وعزاه إلى الشاعر وقد ذكره في ترجمة يزيد بن مزيد الشيباني ضمن أبيات هي:

يا بني وائل لقد فجعتكم

من يزيد سيوف بالوليد

لو سيوف سوى سيوف يزيد

قاتلته لاقت خلاف السعود

وائل بعضها يقتل بعضا

لا يفل الحديد غير الحديد

وقد شرح أبن خلكان موضع التل فقال وتل نهاكي أظنه في بلد نصيبين.

وقد نقل عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الرحمن العبادي العباسي المتوفي سنة 963هـ 1555م. القصيدة كما نقلها أبن خلكان إلا أنه سمى أخت الوليد بليلى وأبدل من القصيدة بعض كلماتها مثل نباثا بدل نهاكي وعلم بدل جبل (وجودا حاتميا ونائلا) بدلاً من (مجدا عدمليا وسؤددا) وسورة بدل همة وقلب بدل رأى وأيا بدل فيا وتجزع بدل تحزن ولفيف بدل رفيق وواقع بدل لافح وينهزنها بدل ينكزنها ولم يرضى بدل لا يرضى ولجا بدل نجيا وبرجيف بدل برجوف وقد هوى بدل إذ هوى والردى بدل الحشئ وعليه بدل عليك.

ص: 96

وقد قال عن البيت الثاني: ورأيت في تاريخ أبن خلكان هذا البيت على غير هذا الوضع وهو:

تضمن مجدا عاصميا وسؤددا

وهمة مقدام ورأي حصيف

وتقدم معنا أن ابن خلكان قد نقله: تضمن مجدا عد مليا (الخ)

وحدث في الطبع غلط في (بتل) فجاءت (نثل) ولعل القصيدة نقلت في كتب أخرى وبصورة مختلفة لم نطلع عليها.

وقد جاء أحد المعاصرين وهو الأستاذ السيد عبد الله العفيفي المصري برواية جديدة للقصيدة لم يشر إلى مصدرها وهي أطول مما تقدمها من الروايات وفي كلماتها بعض اختلاف وهي منسوبة إلى ليلى بنت طريف التغلبية:

بتل نباتي رسم قبر كأنه

على جبل فوق الجبال منيف

تضمن جودا حاتميا ونائلا

وسورة مقدام ورأي حصيف

ألا قاتل الله الحشى كيف أضمرت

فتى كان للمعروف غير عيوف

فالا تجبني دمنة هي دونه

فقد طال تسليمي وطال وقوفي

وقد علمت أن لا ضعيفاً تضمنت

إذا عظم المرزى ولا أبن ضعيف

فتى لا يلوم السيف حين يهزه

على ما اختلى من معصم وصليف

فتى لم يحب الزاد إلا من التقى

ولا المال إلا من قنا وسيوف

ولا الخيل إلا كل جرداء شطبة

وأجرد عالي المنسجين غروف

فقدناه فقدان الربيع وليتنا

فديناه من فتياننا بألوف

وما زال حتى أرهق الموت نفسه

شجا لعدو أو لجا لضعيف

حليف الندى أن عاش يرضى به الندى

وأن مات لا يرضى الندى بحليف

فإن يك أرداه يزيد بن مزيد

فرب زحوف فضها بزحوف

فيا شجر الخابور ما لك مورقاً

كأنك لم تحزن على ابن طريف

ألا يا لقومي للنوائب والردى

ودهر ملح بالكرام عنيف

وللبدر من بين الكواكب إذ هوى

وللشمس همت بعدة بكسوف

ولليث فوق النعش إذ يحملونه

إلى حفرة ملحودة وسقوف

ص: 97

بكت تغلب الغلباء يوم وفاته

وابرز منها كل ذات نصيف

يقلن وقد أبرزن بعدك للورى

معاتد حلي من برى وشنوف

كأنك لم تشهد مصاعا ولم تقم

مقاما على الأعداء غدو خفيف

ولم تشتمل يوم الوغى بكتيبة

ولم تبد في خضراء ذات رفيف

عليك سلام الله وقفا فأنني

أرى الموت وقاعا بكل شريف

2 -

تل نباتي والحشى

وقد حشى الأستاذ العفيفي على نباتي فقال: عين بالبصرة كما أن طابع كتاب الأغاني حشى عليها بمثل ذلك نقلا عن القاموس على أن الذي في معجم البلدان لياقوت نباتي بالفتح والضم أسم جبل ولم يعين موضعه.

وكذلك حشى السيد العفيفي على الحشى فقال عنها: عين قرب المدينة والذي في ياقوت: الحشى واد بالحجاز وجبل الأبواء بين مكة والمدينة وموضع في ديار طيئ.

3 -

نفي الصلة بين الخابور ونباتي والحشى

وأنت ترى أن لا صلة لحادثة في الخابور بعين في البصرة وأخرى بالحجاز والخابور نهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة له ولاية واسعة وبلدان جمة غلب عليها أسمه فنسبت إليه وأخر شرقي دجلة الموصل.

وقد وردت نباثا وبتاثا بالمثلثة والحشى باسم الحسى بالسين المهملة والجثى بالمثلثة ولا شك

في أنها جميعاً صحفت عند النقل على أن للأخيرتين في اللغة ما يشفع لهما ويجعلهما أقرب للمعنى من تلك العين أو ذلك الجبل فالحسى كإلى، سهل من الأرض يستنقع فيه الماء أو غلظ فوقه رمل يجمع ماء المطر وكلما نزحت دلوا جمعت أخرى جمعها أحساء وحساء.

ص: 98

وجثا الحرم بالضم والكسر ما أجتمع فيه من الحجارة التي توضع على حدود الحرم أو الأنصاب تذبح عليها الذبائح.

وإذا جاز لنا أن نبعد المدى ونطلق لأنفسنا عنان الاشتقاق والتمحل فنستطيع أن نقول أيضاً في صدد نباثا ونبيث: النبيثة تراب البئر والنهر.

4 -

الرجوع إلى الروايات الخطية

إلا أن كل هذا ليس بالذي عنته الشاعرة التي كانت متأثرة بمصيبتها الفادحة فكانت تستعين بما حولها من النبات والجماد فذكرت التل وارتفاعه والخابور وشجرة الجثا وإضمارها تلك الروح الثائرة.

بقي علينا أن نتثبت في صحة هذه الأعلام التي وردت في هذا الشعر الصادر من صدر مكلوم ونفس مهتاجة ولا سيبل لنا إلى ذلك إلا بالرجوع إلى بعض المخطوطات التي ذكرها فيها.

وقد كنت قرأت في فهرس دار الكتب المصرية أن فيها نسخة مخطوطة من الجزء الثاني من وفيات الأعيان وفي هذا الجزء ترجمة الوليد بن طريف الشاوي فاطمأنت نفسي إلى أنني أجد ضالتي فيها فكتبت إلى مدير الدار اسأله المعونة على هذا التحقيق البسيط الذي ضيقت دائرته وحصرته في كلمتين اثنتين هما نباتي والحشى ومضى الشهر تلو الشهر فلم يحر المدير جواباً فقلت لعل له عذراً وأنا ألوم.

بيد أنني أقول بكل أسف أنني ما سألت عالماً غربياً من المستشرقين ودور الكتب الأوربية سؤالاً من هذا القبيل إلا أجبت عنه بدقة وتفصيل أكثر مما طلبت. هذا وأنا أكتب للقوم باللغة الضادية لا برطانتهم الأعجمية فيتحملون عناء الترجمة والبحث والاستقصاء والإجابة في حين أن جارتنا الشرقية تضن علينا بفتح صفحة من الكتاب وكتب بضع كلمات دون اضطرار لترجمة أو تعريب. ثم رجعت إلى موظف كبير من موظفي الدار وسألته نفس السؤال فكان نصيبي من الثاني كنصيبي من الأول وكان أسفي من هذا أشد

لأنني أنزلت آمالي بمن خيبها.

ص: 99

ولذلك اضطررت إلى صرف الأستاذ سليم أفندي قبعين مجلة الإخاء في القاهرة عن عمله عدة ساعات وحملته على الذهاب إلى دار الكتب المصرية ومراجعة الكتاب المذكورة وبالرغم من كثرة مشاغله الصحافية فقد كتب إلي يقول:

راجعت الجزء الأخير من وفيات الأعيان الذي نسخة في أواخر ذي القعدة الحرام من شهور سنة 1043هـ 1604م على يد عبد الكريم بن أحمد بن العسكر بن محمد بن عمر بن علي بن جريشة المزي بلدا الصالحي منشأ الحنفي مذهباً الحنيفي ملة فإذا به يقول:

(وكان للوليد المذكور أخت تسمى الفارعة وقيل فاطمة (وقيل أنها لعبد الملك بن بجرة النمري الرسعتي وقيل لمنصور بن بجرة يرثي بها الأزرق بن طريف النمري) تجيد الشعر وتسلك سبيل الخنساء في مراثيها لأخيها صخر إلى آخر ما في النسخة المطبوعة أما القصيدة فقد جاء في مطلعها:

بتل بناتي رسم قبر كأنه. . .

وفي البيت السادس عشر:

إلا قاتل الله الحثا حيث أضمرت. . .

وقد مد الناسخ الحاء وجعل في وسطها وجاء سينا وجاء في العبارة التي أوردها تحت القصيدة: وتل بناثي في برية الموصل في بلد نصيبين.

5 -

الاختلاف بين المخطوط والمطبوع

أن الجملة التي وضعناها بين عضادتين وهي (وقيل أنها لعبد الملك الخ). لم ترد بتاتا في المطبوع وليس هناك محلها ولعلها سقطت بعض كلماتها وكانت ترمي إلى أن القصيدة قيل لعبد الملك أو المنصور وعلى كل حال فقد أتتنا هذه العبارة بشيء جديد في الرواية.

وأهم الاختلاف هو في التل ففي المطبوع نهاكي وفي شرحه أظنه في بلد نصيبين وفي المخطوط: بناثي وفي شرحه في برية الموصل في بلد نصيبين كما تقدمت الإشارة إليه.

ص: 100

ومن الاختلافات ورود الحثا في المخطوط وأن كانت تقرأ الحشا أيضاً لأن الناسخ مد في الحاء والثاء ووضع فوقها النقط الثلاث. والذي في المطبوع الحشى وليس من الاختلاف بين المخطوط والمطبوع في القصيدة ما يؤبه له سوى (ينهزنها) بدل (ينكزنها) في عجز

البيت الثامن من رواية أبن خلكان و (عفيف) بدل (عنيف) في عجز الثالث عشر و (حفرةد) بدل (حفردة) و (شقيف) بدل (سقيف) في عجز الخامس عشر وهي تصحيفات بسيطة ظاهرة لا تغير المعنى ولا يؤثر عليه وهي من فعل النساخ.

6 -

وجه الصواب في هذين العلمين

بالرغم من أن النسخة المخطوطة من وفيات الأعيان التي نقلنا عنها تقول بتل بناثي بالباء الموحدة التحتية والنون الموحدة الفوقية أننا نرجع أن الناسخ قد اقتصر على وضع نقطة واحدة على الثانية فتكون الروايات المتكاثرة على أنها نباتي هي مصحفة عن بتاثا التل الواقع في برية الموصل في بلد نصيبين إذ لا علاقة أبداً لنباتي العين بالبصرة في حادثة بالخابور.

أما الحشى فإذا لم تكن قد تصحفت عن الجثا وقد تقدم الكلام عليها فيكون قصد الشاعرة أن تلك الحجارة بالرغم من أنها في نظرها هي كالتي توضع على حدود الحرم أو هي كالأنصاب التي تذبح عليها الذبائح فهي تدعو وتقول قاتلها الله لأنها أضمرت ذلك الفتى الفذ والجثوة مثلثة الحجارة المجموعة ألم تكن مصحفة عن ذلك فهي موضع يغلب أن يكون الحشى.

ولا أدري أاسم الموضع هو (الحشى) أم حسكة التي نسبت إلى الحسك - وهو نبات له شوك - ويكثر نبته فيها كان السكان ولا يزالون يلفظونها بصورة أحسجه فتكاد تسمع السين والجيم من أفواههم كأنها شين كما أكد لي أحد الذين أوصلتهم الرحلة إلى تلك الجهات هي عنتها الشاعرة بقولها:

ألا قاتل الله الحشى كيف أضمرت. . .

فإذا كان أسمها الحشى فيكون قد تحرف الاسم اليوم فأصبح يلفظ حسجه وهي اليوم قرية على صفة الخابور في الحد القاصي لسورية.

والذي يجعلنا نميل إلى الأخذ بهذا الرأي هو ما كتبه صديقنا الوطني الكبير الأستاذ السيد فارس الخوري الدمشقي عن حسجه عندما كان مبعداً إليها ورفقاءه

ص: 101

الأحرار السوريين أنه سأل أهلها عن الوليد بن طريف فأجابوه بأنه يوجد قبر على الخابور يبعد ساعات عن حسجه يسمونه قبر أبن طريف ويحسبونه من أولياء الله قال: أما أسم التل فقد تبدل.

8 -

الخلاصة

وبعد فأن في اختلاف روايات الرواة والنقلة الذين ذكروا تلك المرثاة الطائرة الصيت البعيدة مدى الشهرة ما يؤيد ظنون الأستاذ عبد اللطيف ثنيان في الأغلاط التي وقعت في طبعات وفيات الأعيان وأتى على بعضها في مقالته (كتاب وفيات الأعيان) بل نرى أن الغلط والتحقيق لم يقعا في الكلمات والمعاني بل تعدياهما إلى الأعلام كما بسطناه لك في ثنايا هذا الكلام.

وربما كان الخطب يسيرا في كتاب وفيات الأعيان إذا قيس بغيره فأن أغلاطه تكاد تستقصي وتحصى.

والذي علمته بالممارسة والاختبار أن أكثر الأشعار تصحيفاً هي التي وردت في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي الذي يظهر أن ف. وستنفلد طبعة عن نسخة مخطوطة قليلة الأعجام فجاء مشحوناً بالأغلاط والتحريفات.

وتكاد تضيق الصحف عن أن تسع أمثلة من تلك التصحيفات الكثيرة التي نقلت إلى الطبعات المصرية حذو النعل بالنعل دون نقد أو تمحيص.

والذي زاد الطين بلة طبعة للمرة الثانية في ليبسك سنة 1344هـ 1925م بالزنكوغراف نقلاً عن الطبعة الأصلية وبحروفها فأصبحت نسخة المتداولة بالأيدي مغلوطاً في أشعارها.

حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص

(لغة العرب) في خزانتنا ثلاث نسخ خطية من وفيات الأعيان لأبن خلكان: اثنتان منها غير تامتين وواحدة تامة فالنسخة الأولى تبتدئ بالهمزة وتنتهي بآخر حرف السين أي بسهل بن محمد الصعلوكي وليست بمؤرخة لأن الورقات الخمس الأخيرة مزقت ووضع في مكانها الورقات جديدة فيكون هذا

ص: 102

الجزء بمثابة المجلد الأول من الكتاب المذكور.

والنسخة الثانية تنضم على الجزء الثاني والثالث والخامس وهي بحجم صغير طول الصفحة من كل منها 17 سنتيمترا في عرض 12 وكلها بخط مؤلفها كما هو مكتوب عليها فهي من هذه الجهة من نفس النسخ. والجزء الثاني يبتدئ ببعض حرف الحاء وينتهي بحرف العين المهملة والجزء الثالث يبتدئ بأبي الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي الجوزي إلى أبي عمرو بن العلاء أحد القراء السبعة والجزء الخامس يبتدئ بالمسبحي

وينتهي بالحاكم بأمر الله العبيدي. أما بقية الأجزاء فقد سرقت في سقوط بغداد يف آذار سنة 1917 ولم نتمكن من استعادتها.

والأجزاء تكاد تتهرأ من تداول الأيدي لها وفي أوائل صفحاتها أسماء العلماء الذين طالعوها والورق يشهد على أنها للمؤلف فضلاً عن أن أسم المؤلف مذكور في كل جزء من هذه الأجزاء الثلاثة ولسوء الحظ لم نجد في الجزء الخامس ترجمة الوليد بن طريف الشاوي لنبحث فيها عن الرواية الأصلية بخط المؤلف.

أما النسخة الخطية التامة التي عندنا فدونك حروفها الأخيرة كما هي: (نجز الكتاب المسمى وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان بحمد الله تعالى ومنه وكرمه وذلك في نهار الخميس ثامن عشر شهر شوال سنة ثلث وخمسين وثمانمائة من الهجرة النبوية على صاحبها من الله أفضل الصلوة والسلام).

وفي النسخة 813 صفحة دقيقة الحروف بديعة الخط ترمذية الورق والأعلام مكتوبة بالحمرة في قلب السطر ومكررة في خارجه وفي كل صفحة 29 سطرا. وطول الصفحة 28 سنتيمترا في عرض 16 وطول المكتوب من الصفحة 20 سنتيمترا في عرض 11 وقد عبث به الأرضة كل العبث وقد تعرضت بنوع خاص للحواشي البيض التي ترى حول الكتابة وأن أضرب بالكتابة في بعض المواطن إلا أن الطائفة الكبرى من الصفحة محفوظة أحسن حفظ وبعض الألفاظ مضبوطة ضبطاً كاملاً بديعاً لا يبقى للمحقق ريبا في ما يطالعه. وبين هذا النص المخطوط والنص المطبوع طبعات عديدة فروق جليلة ولهذا يحسن بالعلماء أن يعيدوا طبع هذا السفر النفيس الذي هو من كنوز لغتنا ويعارضوا نسخة بعضها ببعض وهو مما يقيم للسلف الشرف السامك الباذخ بين علماء مصنفي التراجم.

ص: 103

وقد طالعنا القصيدة التي يشير إليها صديقنا (المخلص) فرأينا فيها اختلافات طفيفة وإليك نقلها (من ص 589 من نسختنا):

بتل نهاكي رسم قبر كأنه

على جبل فوق الجبال منيف

تضمن مجدا عدمليا وسؤدداً

وهمة مقدام ورأي حصيف

فيا شجر الخابور ما لك مورقا

كأنك لم تجزع على أبن طريف

فتى لا يحب الزاد إلا من التقى

ولا المال إلا من قنا وسيوف

ولا الذخر إلا كل جرداء ملذم

وكل رفيق السفر بين حليف

كأنك لم تشهد هناك ولم تقم

مقاما على الأعداء عين خفيف

ولم تستلم يوماً لدرء كريهة

من الرد في خضراء ذات رفيق

ولم تسع يوم الحرب والحرب لاقح

وسمر القنا ينهزنها بأنوف

حليف الندى ما عاش يرضى به الندى

فأن مات لا يرضى الندى بحليف

فقدناك فقدان الشباب وليتنا

فديناك من فتياننا بألوف

وما زال الموت نفسه ضحى

شجا لعدو أو نجا لضعيف

ألا يا لقومي للحمام وللبلى

وللأرض همت بعده برجيف

ألا يا لقومي للنوادي وللردى

ودهر ملح بالكرام عنيف

وللبدر من بين الكواكب إذ هوى

وللشمس لما أزمعت بكسوف

ولليث كل الليث إذ يحملونه

إلى حفرة ملحودة وشقيف

ألا قاتل الله الحدا حيث أضمرت

فتى كان للمعروف غير عيوف

فأن يك أرداه يزيد بن مزيد

فرب زحوف لفها بزحوف

عليك سلام الله وقفا فأنني

أرى الموت وقاعاً بكل شريف

وقد جاء في الحاشية بخط أحدث من خط الكاتب الأول ما ننقله بحرفه قال:

(الحدا في الأصل من بلاد اليمن ولما ظعن بعض من مراد إلى الديار التي سميت بعد حين بديار ربيعة وهجم عليهم في مربعهم الجديد سبع تذكروا موطنهم الأول الذي تنتابه الوحوش فسموا موطنهم الجديد باسم موطنهم القديم أي الحدا.

وقد روى بعضهم في مكان الحدا الجثى وهي جمع جثوة وهي الربوة الصغيرة وجماعة الحجارة تقام على القبر والقبر نفسه وموطن في ديار ربيعة فيه ربوة

ص: 104

أو جثوة ترى من بعيد).

وبعد هذه النقول لا نرى رأي حضرة الصديق المخلص أن الحشى هي التي تسمى الحسكة اليوم، لو فرضنا أن رواية النسخة الخطية المصرية صحيحة لا غبار عليها وأنها واضحة القراءة لا شبهة في أنها الحشى إذ لا مجانسة بين الحسكة والحشى وأن كان بادية العراق تلفظ جيما فارسية أو عجمية لا لهذه الكلمة فقط بل لكل كلمة فيها كاف مثل سمك وشبك

وشباك. . فأنهم يلفظونها سمج وشج وشباج بجيم مثلثة فارسية أي بين الجيم العربية والشين (راجع لغة العرب 5: 638 حيث ذكرنا الحسكة ولفظها).

أما رأينا الخاص فهو أن الكلمة الحقيقية هي الجثى (بضم ففتح) جمع جثوة أركام الحجارة الموضوعة على القبر لأن أهل البادية يفعلون اليوم ما كان يفعله أجدادهم في سابق العهد وهو أنهم أرادوا دفن ميت لهم اختاروا له المرتفع القريب منهم حتى يهتدوا من بعيد إلى ميتهم إذا أرادوا الاختلاف إليه. وألم يكن في جوارهم أرض مرتفعة وضعوا على قبره تراباً وسنموه ثم وضعوا فوقه ما تيسر لهم جمعه من الحجر أو المدر ويسمون هذا المجموع الجثوة أو الجثى كما سمعناها من لسانهم.

وفي ديار العرب عدة مواطن مسماة بالجثوة للأسباب التي ذكرناها وربما هناك من يذهب إلى غير ما ذهبنا، ولعل رأيه يكون غير بعيد من الحق بل يكون مقبولاً. أما أن الحشى هي الحسكة فهذا ما نستبعده ولا سيما وهذه اللفظة حديثة الوضع.

وذكر أبن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة (1: 443) أربعة أبيات من هذه القصيدة وهي كما يأتي: أيا شجر الخابور، وما بعده باختلاف في بيتين وهما:

ولا الذخر إلا كل جرداء شطبه

وكل رقيق الشفرتين خفيف

فقدناك فقدان الربيع وليتنا

فديناك من سادتنا بألوف

ص: 105