الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اليحمور واليامور
في جزء مضى من هذه المجلة بحث لغوي دقيق للأستاذ عبد الله مخلص أورد فيه ما جاء عن اليامور في كتب اللغة وغيرها وعقب صاحب المجلة على هذا البحث ما وصل إليه تتبعه بوجه الاختصار وقال لعل بين القراء من يفيدنا أكثر من هذا فرأيت أن أطرح على القراء شيئاً مما وصلت إليه من البحث في اليامور واليحمور.
قال الأب انستاس: (اختلف العلماء في حقيقة هذا الحيوان اختلاف أبناء الغرب فيه والمشهور أن اليامور حيوان سماه اليونان مونوكيرس) فقول الأب أن علماء الغرب اختلفوا في المونوكيرس (أي الوحيد القرن) صحيح لكن لم يقل أحد في ما أعلم أن اليامور هو المونوكيرس وإنما قال بعضهم أن اليامور واليحمور واحد وهو حيوان من المجترات كما سيجيء قال لين في مادة حمر:
يحمور حمار: بقر الوحش بقر:) - أحمر.
وترجمته: اليحمور حمار الوحش أنظر حمار (الصحاح والمغرب والقاموس) ودابة من دواب البر (المغرب)(أي أوركس. . . وهو الاسم الذي يعرف به الأوركس في غالب الأحيان وهو كذلك بالعبرية. راجع بقر الوحش في مادة بقر) ودابة (القاموس والتاج) تشبه العنز (التاج) وطائر (القاموس) أنظر أيضاً أحمر. وقال في مادة أمر:
يأمور: تأمور
- يحمور
وترجمته: اليامور (المحكم والقاموس) كما في سائر النسخ والذي في اللسان وغيره من الأمهات (التاج) ودابة من دواب البحر وقيل دويبة (المحكم) أو جنس من الأوعال (المحكم والقاموس) أو دابة من دواب البر (القاموس والتاج) لها قرن واحد متشعب في وسط رأسه (المحكم والتاج) أنظر يحمور وهو الأوركس.
وفي التاج مادة حمر: (واليحمور الأحمر ودابة تشبه العنز. واليحمور طائر عن أبن دريد وقيل هو حمار الوحش).
وفي التاج مادة يمر: اليامور بغير همز الخ. على ما أورده حضرة الأستاذ عبد الله مخلص.
كذلك في التاج مادة أمر: (واليامور بالياء المثناة التحتية كما في سائر النسخ ومثله في التكملة عن الليث والذي في اللسان وغيره من الأمهات بالمثناة الفوقية كنظائرها السابقة والأول الصواب دابة برية لها قرن واحد متشعب في وسط رأسه قال الليث يجري على من قتله الحرم والإحرام إذا صيد الحكم انتهى وقيل هو من دواب البحر أو جنس من الأوعال وهو قول الجاحظ ذكره في باب الأوعال الجبلية والأيايل والأروى وهو أسم لجنس منها بوزن اليعمور).
وفي اللسان مادة أمر: (والتامور من دواب البحر وقيل هي دويبة والتامور جنس من الأوعال أو شبيه بها له قرن واحد نتشعب في وسط رأسه) أهـ. قول أبن مكرم والصواب ما ذكره الزبيدي أي أنه اليامور بالمثناة التحتية وعسى أن ينبه إلى ذلك الذين تولوا إعادة طبع اللسان.
وفي اللسان مادة يمر: اليامور بغير همز الخ. على ما أورده الأستاذ عبد الله مخلص.
وفي حياة الحيوان: (اليحمور دابة وحشية نافرة لها قرنان طويلان
كأنهما منشاران ينشر بهما الشجر فإذا عطش وورد الفرات يجد الشجر ملتفة فينشرها بهما وقيل أنه اليامور نفسه وقرونه كقرون الأيل يلقيها في كل سنة وهي صامتة لا تجويف فيها ولونه إلى الحمرة وهو أسرع من الأيل وقال الجوهري اليحمور حمار الوحش).
وفي حياة الحيوان وقد أورده الأستاذ ولا بأس من أعادته للمقابلة بين ما ذكره الدميري عن اليحمور وما ذكره عن اليامور قال الدميري في اليامور: (قال أبن سيدة هو جنس من الأوعال أو شبيه به له قرن واحد متشعب في وسط رأسه وقال غيره أنه الذكر من الأيل له قرنان كالمنشارين أكثر أحواله تشبه أحوال البقر الوحشي يأوي إلى المواضع التي انتفت أشجارها وإذا شرب الماء ظهر بنشاط فيعدو ويلعب بين الأشجار وربما ينشب قرناه في شعب الأشجار فلا يقدر على خلاصهما فيصيح والناس إذا سمعوا صياحه ذهبوا إليه وصادوه).
وفي عجائب المخلوقات للقزويني: (اليامور حيوان وحشي نفور له قرنان كالمنشارين أكثر أحواله تشبه أحوال بقر الوحش يأوي إلى الدوحات التي التفت أشجارها وإذا شرب الماء ظهر به النشاط يعدو ويثب على الأشجار وربما تشعب قرناه بشعب الأغصان ولا يقدر
على استخلاصهما فيصيح والناس إذا سمعوا صياحه ذهبوا إليه فيصيدوه).
وفي حياة الحيوان البقر الوحشي أربعة أصناف المها والأيل واليحمور والثيتل).
وفي لين مادة بقر: البقر الوحشي أربعة أصناف المها والأيل واليحمور أو اليامور والثيتل يضاف إليها الوعل (عن ده ساسي عن الدميري والقزويني).
وفي دوزي مادة يمر اليامور هو اليحمور (عن باين سمث وبر علي).
وجاء ذكر اليحمور بلفظة هذا في آيتين من الكتاب المقدس فالآية الأولى على ما جاء في الترجمة الأميركية (والأيل والظبي واليحمور والوعل والرئم
والثيتل والمهاة) وفي الترجمة اليسوعية مثلها ما عدا المهاة فهي الزرافة في الترجمة اليسوعية (تت 14: 5)
والآية الثانية في كلتا الترجمتين (الأيائل والظباء واليحامير)(سفر الملوك الأول 4: 23 وفي الطبعة اليسوعية سفر الملوك الثالث) واللفظة التي هي اليحمور بالعربية هي كذلك بالعبرانية ومعناها أحمر في اللغتين.
فيتضح مما تقدم وما أورده الأستاذ عبد الله مخلص:
1 -
أن الفيروز أبادي خلط بين الإبل والأيل أو أن الذين نسخوا كتابه فعلوا ذلك وأن اليامور من دواب البر لا من دواب البحر كما بين الأستاذ المحقق كذلك صاحب اللسان فأنه أخطأ في قوله التامور بالمثناة الفوقية وهو اليامور بالمثناة التحتية كما ذكر الزبيدي.
2 -
أن اليامور واليحمور واحد وأن معنى اليحمور بالعبرانية والعربية الأحمر (كتب اللغة ومعلمة التوراة).
3 -
أن اليحمور أو اليامور من الأيايل لا من الأوعال.
4 -
قولهم طائر بعيد وقولهم حمار الوحش لا دليل عليه سوى المشابهة في اللفظ. كذلك قولهم أن له قرناً واحداً فأنهم وهموا فيه كما وهم أرسطو في الأوركس.
5 -
أن اليحمور أو اليامور من الحيوانات التي يحل لبني إسرائيل أكلها أي أنه من المجترات المشقوقة الظلف وعليه فلا يمكن أن يكون المونوكيرس سواء أكان هذا الحيوان خرافياً أم حقيقياً ولا الأوركس كما قال لين فهذا ليس فيه شيء من الحمرة بل هو مشهور ببياضة وليس قرناه متشعبين ومصمتين بل طويلين وأجوفين كقرون البقر لأنه منها لا من الأيايل. ثم أن الأماكن التي نزلها بنو إسرائيل أو التي جاوروها ليس فيها من الأيايل إلا
نوعان هما أو بالفرنسية وبالإنكليزية والثاني أو واسمه بالفرنسية وبالإنكليزية وهو أصغر من الأول ولونه إلى الحمرة واسمه واحد بالعربية
والعبرانية وقد قضى أحبار اليهود والنصارى عمرهم في تحقيق أسماء الحيوانات التي وردت في آية التثنية التي أشرت ويكاد يكون إجماعهم على تحقيقها كما ذكرت ولا عبرة بترجمات التوراة العديدة بل العبرة بالألفاظ العبرانية والأسماء العلمية لهذه الحيوانات. انظر المواد الآتية في معلمة التوراة.
وقد ذكرت الاسم العلمي وما يقابله بالإنكليزية والفرنسية في مقالتي التي أشار إليها الأب العلامة إلا أنه على ما يظهر سقطت لفظة من عبارة الأب سهواً فأني قلت ولم أقل فقط وأن كانت هذه الكلمة تأتي بمعنى اليحمور وبمعان أخرى ولذلك اقتصرت على لأنها أصح ولأنها لا تؤدي إلى هذا المعنى بخلاف فأنها تأتي بمعان كثيرة كما تقدم.
ثم أني لم أقل أن اليامور هو كذلك في السريانية والعبرانية بل قلت اليحمور فقط نقلاً عن معلمة التوراة لأني أجهل هاتين اللغتين.
أما الحيوانات الأخرى كالأوركس والمونوكيرس البري والبحري والأيل والوعل والرئم فقد سبق البحث عنهما في المجلد الرابع والثلاثين من المقتطف.
أمين المعلوف
(لغة العرب) ما من أحد يجهل مقام حضرة الزعيم أمين بك المعلوف فإن تحقيقه وتدقيقه في المصطلحات العلمية أشهر من أن يذكر ولا سيما تحقيقه لأوضاع علم الحيوان. وبعد أن نشر في المقتطف مباحثه في هذا الباب أخذنا عنه أصحاب المعاجم الأجنبية العربية ودونوها من غير أن يشيروا إلى فضله. ونخص بالذكر (القاموس العصري) الذي نقل عنه أغلب تلك المسميات ثم وضع في بعض الأحيان بجانبها أسماء أخرى مما دل على أن ناقلها حاطب ليل إذ لم يعتبر درجة علم الزعيم حق اعتباره حتى ساواه بمن لا خبرة له ولا فهم.
ومن بعد هذه المقدمة الضرورية لمن يجهل منزلة صديقنا الثقة نستأذنه في أن نبدي رأينا أن كان يسمح لنا فنقول: أن جميع العلماء لم يتفقوا على أن اليحمور أو اليامور هو المسمى
بلغة العلم إذ هناك من ذهب إلى رأي آخر قائلاً أنه المسمى بلسان العلماء وبالفرنسية
ونقلت الكلمة العبرية والعربية في الترجمة الإسكندرية بصورة وكذا في النسخة العامية المسماة باللاتينية (فلغاته) والترجمة الإسكندرية من أقدم النقول اليونانية إذ خطت في المائة الخامسة ومحفوظة في دار التحف البريطانية. ونقلت كذلك في الترجمة السبعينية التي هي أقدم نقل وجد على وجه الأرض لأن غلاة النقدة يأبون أن يرقوها إلى ما قبل المائة الثانية قبل الميلاد وأن كان ثم أدلة متضافرة على أنها نقلت قبل ذلك العهد. فهذه التراجم كلها تنص على أن اليحمور هو المسمى باليونانية والرومية بوبالس.
وما عدا هذه الثقات التي ذكرناها نرى جماعة من كبار الباحثين يقولون بذلك منهم بورشارت - 1793. 284 وروبرتسن - 1680 219
وولكنصن - 2 90
إلى غيرهم. واليحمور من المجترات من جنس المها ويشبه الأيل كل الشبه إلا أن قرنيه ثابتان يغشاهما غلاف قرني كغلاف قرن البقر وقرناه محلقان وأعوجان وطرفاهما إلى الوراء ويعيش اليحمور جماعات وكان كثير الوجود في سابق العهد وكان يرى في صحاري شمالي أفريقية وجنوبي البحر الميت وكان الأقدمون من المصريين يطاردونه لحسن ذوق لحمه وهذا ما سبب انقراضه أو يكاد ولهذا كان لحمه من جملة أطعمة سليمان الحكيم،.
واليحمور (أو البونالنس) غير الجاموس الذي أسمه العلمي بوس بوبالس أو بوبالس فيرس أو أما المسمى بالفرنسية أو بالإنكليزية فهو الثيتل. أما أن عرب السودان يسمون البونالس (أي اليحمور) ثيتلا فهذا ناشئ من التوسع في معنى الكلمة الواحدة العربية باختلاف الديار والأصقاع والقبائل. إلا نرى أهل الشام يسمون الخوخ أجاصا مع أن الخوخ غير الأجاص إلى غير ذلك من أسماء النبات والحيوان والسمك والحجارة الكريمة فأن الناطقين بالضاد لم يتفقوا على توحيد الأسماء وهو ظاهر من تتبع الأوضاع واحداً فواحداً.