الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
داخل المدفن. وهو بناء بهيئة مزدوج كسقف من سقوفنا (أي في ديار الإفرنجة) سمكة من ثلاثة إلى أربعة أمتار وقد غشني وجهه بالنقوش العربية وكلها بالستوق. والبناء حديث إلا أن موقعه يقابل كل المقابلة ما جاء في نص سفر الخلق. فقد ذكر هناك القبر كان موجوداً في عهد موسى الكليم. وبعد سبعة قرون ذكره سموئيل لشاول (1 - سفر الملوك 10: 2) والقديس هيرونمس ذكره مراراً عديدة ووصفه أركلف في المائة السابعة للميلاد وقال: عليه هرم ويذكر نصباً إقامة يعقوب والإدريسي العربي من وصاف البلدان في المائة الثانية عشرة يقول. على هذا القبر اثنا عشر حجراً وكلها وقوف ذكرى للأسباط الإثني عشر. فترى من هذا أن التواتر ثابت بين الناس من يهود ونصارى ومسلمين أن في ذلك الموضوع دفنت امرأة يعقوب الحسناء.
بيت عراقي قديم
مرتضى أفندي المؤرخ الشهير أبن نظمي البغدادي
5 -
أن العراق من زمن العباسيين وإلى اليوم كتب عنه مؤرخون كثيرون. وحاولوا في كتاباتهم سلسلة حوادثه ووصلها بعضها ببعض بحيث يكمل الواحد ما قام به الآخر. ولكن نظر للطوارئ الكونية والحوادث الحربية والسياسية حصل انقطاع في بعض هذه الحوادث ولم يتيسر إيصالها بعضها ببعض ولا تسلسل حوادثها إلى اليوم. ولم يتيسر أن كتب أحد تاريخا مستقلاً للعراق تصل حوادثه إلى أيامنا سوى مترجمنا مرتضى أفندي آل نظمي. فهو بحق (مؤرخ العراق).
قد كتب عن أحوال العراق جماعة من رجال الأمم الأخرى التي استولت عليه أو المجاورة له في عصور تدوره هذه إلا أنها لم تدون من الوقائع إلا ما كان متعلقاً بحروب بين المجاورتين أو ماله مساسا بأمورنا الداخلية وعلاقته بنظامها فلم تذكر غير وقائع الفتح والفتن وحوادث الثورات على الحكومة. . . وأهملت
أمر الأمة فلم يحرص على هذا المحيط وبيان أحواله الحقيقية والموسعة سوى أبنائه.
أن الذين كتبوا صاروا يراعون سياستهم وأغراضهم وقد قيل (الغرض مرض) لذا لم يتح ذلك إلا لمؤرخ عراقي معروف. ولكنه لا يزال باقياً في جهالة عن الكثيرين من أبناء قطرنا في حين أنه مشتهر لدى الترك والعلماء الغربيين. وله مكانته الممتازة عندهم. وللغة العرب الغراء وصديقنا يعقوب أفندي سركيس الفضل في التنويه عنه.
ولولا هذا المؤرخ الكبير لبقيت حوادث كثيرة مبهمة بل مجهولة عنا. فلا تجد صلة بيننا وبين ماضينا وقومنا على ما كانوا عليه من بؤس وشقاء أو نعيم وقتي وأن كان لا يستحق الاطراد وهذا المؤرخ سد فراغاً لم يستطيع أحد سده إلى زمنه فحفظ لنا وقائع هذا القطر وأنه شاهد عيان فيما كتبه عن زمنه. فهو ثقة وعارف بالمجرى التاريخي خصوصاً بعد أن نعلم أنه من موظفي الحكومة. أما غيره فيصح أن يطلق على أكثرهم لقب مداحين بل مداجين مرائين. وأن لم يخل هو نفسه من إطراء ومدح لحكومته وبعض ولاتها
المعاصرين ولكن على كل حال لم يزاحمه مزاحم ولا عارضة معارض إلى الآن. فله الفضل الكبير على العراق فيما مضى في عمله وسيأتي الكلام على تاريخه (كلشن خلفا) عند مؤلفاته.
وهنا أقول أنه أديب شاعر وناثر معاً كتب بعض البيورلديات (الأوامر السامية) للولاة المعاصرين وأدرجها وعهدت إليه كتابة الديوان. والظاهرة أنه خلف أباه في كتابة الديوان فضلاً عن أنه مؤرخ. وأن نفس مؤلفاته تدل على علو كعبة في الآداب واقتداره المكين فيها. أرتضع الأدب من أسرة عريقة فيه متأصلة في العلم. وهو أبن محمد نظمي البغدادي الذي هو أبن بنت عهدي البغدادي ولا يعول على ما جاء في السجل العثماني من أنه أبن السيد علي البغدادي بعد أن ذكر كلشن شعراء أنه أتخذ أسمه لقباله كما أن تذكرة سالم تؤيد أنه أبن نظمي، وكذا نفس أسرته تعتقد أنها لم تكن من نجار هاشمي أو قرشي كما تحققتة منهم. ولا يزالون يحفظون أنهم من أصل تركي. ولعل ما وقع فيه صاحب السجل من الغلط ناشئ من بعض أبيات قالها ابن مرتضى أفندي
وهو عبد الله أفندي المفتي كما يأتي الكلام عليه.
وقد ذكر السجل أنه توفي سنة 1136 وأنه ولد في بغداد. أما ذهابه إلى الآستانة فلم يذكره سوى صاحب السجل. وأظن أنه ليس بصحيح. وإلا لذكر ذلك معاصره سالم أفندي قاضي العسكر الذي شاهد مؤلفه وهو (كلشن) ومؤلف أخيه (شرح وصاف) المار ذكره. ويظهر من تدقيق النظر في مؤلفاته أنه عاش بعد سنة 1130 ومن المتيقن أن الالتباس في تاريخ وفاته ناشئ من أن أخاه توفي سنة 1130 فحصل بسبب ذلك الاشتباه وعلى كل حال أن مرتضى أفندي شاعر وأبياته في مؤلفاته كثيرة وكاتب مجيد فهو من الكتاب القديرين وأن كتبه كلشن وذيل سيرنابي وتذكره الأولياء وتاريخ تيمور تدل على مهارة أدبية وقابلية كبيرة وقدرة على الإنشاء. وغاية ما يقال عنه أنه رجل اختصاصي في التاريخ العراقي والتاريخ الإسلامي الذي له علاقة به فالعراق بحق يفتخر به. وقد أطراه صاحب الدوحة اطراءاً وكذا صاحب مرآة الزوراء ووصفة بما يليق به.
مؤلفاته:
1 -
تذكره الأولياء المسمى (جامع الأنوار في مناقب الأبرار)
أن مرتضى أفندي لم يكشف ببيان تاريخ هذا المحيط من الوجهة السياسية والحربية وتسلط الحكومات عليه بل أنه كتب التاريخ الإسلامي بتمامه تقريباً من نقطة علاقته بالعراق وموضحاً لجراه ولذا نراه قد ذيل سيرنابي وكتب كلشن خلفاء وترجم تيمور. ولكنه توسع من ناحية أخرى فذكر مشاهير رجال العراق المشهورين بالصلاح والتقوى. ويظهر لأول وهلة أنه ألفها بعد التاريخ إلا أن مراجعة نفس الأثر تبين أنه قبل سائر مؤلفاته المعروفة.
ذكر مشاهير رجال العراق في الصلاح والتقوى فبعد أن ذكر بعض الأنبياء مثل يوشع وذي الكفل عليهما السلام تقدم لبيان الأولياء والمشاهير من الفقهاء والمتصوفة والزهاد واعتمد على كتب معروفة كالنفحات للجامي وطبقات الشعراني وابن خلكان والصواعق وروضة الصفا إلى غيرها وعلى حكايات وروايات منقولة مما وصل إليه.
وفي هذا الكتاب كشف اللثام عن قسم مبهم لو لم يوضح عنه ولم يكتب لما
كان تمكن أحد من الوقوف على أحوال الكثيرين ولبقبت أحوالهم في عماء عنا كتبه في بادئ الأمر مختصراً ومجملاً في زمن السلطان محمد خان العثماني للوالي ببغداد آنئذ وهو إبراهيم باشا الطويل (أوزون إبراهيم) سنة 1077 هـ. وكان هذا الوالي راغباً كثيراً في تحقيق الأولياء والأبرار فطلب من المؤلف أن يقوم بتأليف يوضح أحوالهم ويبين مناقبهم.
ثم أنه بعد ذلك ورد لبغداد وال آخر وهو إبراهيم باشا أيضاً فدخلها في جمادي الثانية سنة 1092 فاستطاع هذا أيضاً أخبار الأخبار فطلب من المؤلف إكمال الكتاب المذكور. وحينئذ راجع المؤلف المصادر المذكورة وغيرها فأكمل نقصه ونقح وذيل فأبرزه بشكله الموجود.
ومن هذا الأثر نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد تحت رقم 2442 من موقوفات سليمان باشا على مدرسة السليمانية وقفها سنة 1198 وهي خطية سطور الصفحة منها 19 سطراً وطولها 21 سنتيمترا وعرضها 15 سنتيمترا وصحائفها 178 كتبت في 15 صفر سنة 1155 وأظن أنها الخطية الوحيدة فلم أعثر على غيرها. وأولها: أي دوست علم وأجب الوجود أو لان اسم جلال سرسورة أسماء جلال وجمال الخ. وقد كتب في أعلى الصفحة الأولى (كتاب تذكرة الأولياء ومراقد الأصفياء في أطراف بغداد دار السلام). أما المؤلف فأنه سماها في صلب مقدمة الكتاب (جامع الأنوار في مناقب الأخيار).
وهذه النسخة تنقد من جهة أن الإعلام كان يكتبها ناسخها أحمر ولكنه تركه أخيراً وتهاون
في الخط أيضاً. ومع كل هذا فهي مما يعول عليه. لأنها كتبت في وقت قريب من زمن المؤلف فهي ثمينة من هذه الجهة ولم تدخلها أغلاط النساخ العديدة.
ونظراً لأهمية هذا الأثر اضطر علماؤنا إلى نقله وتعريبه إلى لغة الضاد فكان ذلك نصيب اثنين لا يدري أحدهما بالآخر على ما يظهر وهما:
1 -
السيد أحمد أفندي أبن السيد حامد آل الفخري الموصلي بإشارة من سعد الله بك نجل الوزير الحاج حسين باشا ترجمه عن التركية والأصل لمرتضى
أفندي الشهير بنظمي زاده لما كان والياً على بغداد سنة 1092 وهي بخط المعرب (كذا) قال صاحب مخطوطات الموصل في الصحيفة 122 تحت عنوان (ترجمة أولياء بغداد) والحال أن المؤلف لم تعهد إليه ولاية بغداد فالقول بذلك غلط تاريخي لا يغتفر من الفخري. ومن هذا التعريب نسخة في المتحفة البريطانية أيضاً.
2 -
عيسى صفاء الدين أفندي البندنيجي المتوفي ليلة الأحد 17 رجب سنة 1283 والأصل لمرتضى أفندي نظمي زاده أوله: الحمد لله الذي بذاته في منصة الأحدية الخ. وقد شاهدت نسخة منه خطية عند حفيدة صفاء الدين أفندي قبل بضعة أشهر وأخرى في مكتبة الأب انستاس الكرملي وصحائفها 606 ولم يبين مؤلفها تاريخ تعريبها إلا أنه يقول كان هذا التعريب إنما تم بالحاج من السيد محمود أفندي النقيب والسيد محمود أفندي الالوسي وكانا معاصرين له سوى أنه لم يذكر أنها لمرتضى أفندي وأظن أن النسخة الموجودة لدى الصديق لدى الصديق صفاء الدين أفندي شيخ التكية البندنيجية هي الأصل. وقد قال عنه المرحوم شكري الالوسي: أجاد فيه غاية الإجادة حتى شهد له بالفضل أهل العلم واستحسنه الأباء. انتهى.
نعم أن نقل هذا الكتاب إلى العربية كان نصيب اثنين لا يدري أحدهما بالآخر على أقوى احتمال سوى أن هاتين الترجمتين لم يجر تدقيق النظر فيهما لتحصل المقابلة بينهما فينتقي الأحسن وينبه على مواطن الغلط أو السهو في كل منهما. ومن السهل الحصول على النسختين المذكورتين لمن هو راغب في إذاعة الصحيح واختيار الأصلح بإضافة بعض التعليق لإتقان العمل وإكماله.
ويهمنا في هذا المقام بيان مكانة هذا الرجل الذي يكاد يكون قد وقف حياته الطويلة في
تدوين تاريخ العراق وإيضاح الكثير من صفحاته وغوامضه المبهمة.
2 -
ذيل (درة التاج في سيرة صاحب المعراج)
أن درة التاج في سيرة الرسول (ص) معتبرة لدى الترك القدماء. وهي للمرحوم ويسي أفندي (أويس أفندي أبن محمد) المتوفي سنة 1037هـ حينما كان حاكما في أسكوب. وهو شاعر وناثر مشهورة بالهجو وكان أبوه قاضياً. وهو من قصيدة (الأشهر) بخلاف ما جاء في كشف الظنون كما نبه على ذلك في قاموس
الإعلام. ولما توفي كان عمره 68 عاماً. تولى القضاء في أسكوب سبع مرات ولذا توهم صاحب الكشف أنه من أهليها. وهو أبن أخت (مقالي) الشاعر المتوفي سنة 992هـ وقد تحدى الأدباء تحريره مدة طويلة ونثره معتبر أكثر من نظمه إلا أنه لا يروق أهل هذه الأزمان لما فيه من التأنق واستخدام المحسنات اللفظية والتراكيب الصناعية مما أدى إلى تعقيده بحيث يحتاج فيه المرء إلى ترجمان ويقال لسيرته هذه (سيرة ويسي) أيضاً كما يقال لها (مكي ومدني) وله رسالة في الانتصار للجوهري على صاحب القاموس وأخرى في نوادر اللغة العربية.
صدر كتابه ببيتين فارسيين وفي أثناء تحريره غزوة بدر الكبرى عاجلته المنية وهذه السيرة مطبوعة في الآستانة وعندي منها نسخة خطية مجموعة مع ذيولها الآتية. وهي:
ذيل سير نابي: قد كتب يوسف نابي أفندي ذيلاً على هذه السيرة (درة التاج) المذكورة طبع في مصر في جمادي الثانية سنة 1240 وهذا المؤلف يعد من أعاظم الشعراء العثمانيين. وله ديوان مطبوع. وهو من أهل أرفا (أورفه أي الرها) وفي زمن السلطان محمد الرابع ذهب إلى الآستانة فتولى عدة مناصب وتوفي سنة 1124 ويحكى أنه قال قبيل الوفاة (نابي بحضور أمد) فصار تاريخاً لوفاته، وله هذه السيرة المعروفة (بذيل سيرنابي) أو (سيرحبيب اكرم).
(ذيل مرتضى أفندي): وهذا هو الذيل الثاني لسيرة ويسي. فرغ منه مؤلفه سنة 1121 كما صرح به في النسخة الخطية الموجودة عندي المحتوية على الأصل (درة التاج) وذيل سيرنابي (المذكورتين وهذه الثالثة أقدم على إكمالها مرتضى أفندي بعد أن أحجم كثيرون عن الجري وفق نهجها وقد أطرى مرتضى أفندي صاحب الأصل وصاحب الذيل الأول وذكر أنه ألقى دلوه في الدلاء وأن كان لا يدرك شأو من سبقه. ولما كانت بلسان أدبي
أحجم عن إكمالها غيره وتمت على يده. وهذا ينم عن مقدرة وتفوق وقال: أن هذا عمل شاق ووضع صعب بالنظر للأدب العصري في زمنه. وأما اليوم فقد تغير الوضع وتوجهت
الاستقامة الأدبية إلى نهج جديد من مراعاة الترسل واتباع قاعدة التبليغ عن المرام بأسهل طريقة. ولم أجد ضرورة أجد تدعوا إلى وصف هذه النسخة لمبذولية هذا الأثر وشيوعه. وعندي نسخة أخرى مجدولة ومكتوب في صدرها (تأليف مرتضى جلبي نظمي زاده) وهي نسخة نفيسة لولا أنها مخرومة الصفحة الأخيرة وقد أكملت بخط آخر.
3 -
كلشن خلفا
أن هذا المؤلف هو واسطة اشتهار مرتضى أفندي: أوله مطلع أنوار كلام قديم ميمنة أفزاي أمور جهان الخ وقد أحله الترك مكانة سامية وطبعوه في مقدمة الكتب التي نشروها في الآستانة في مطبعة إبراهيم متفرقة سنة 1143 وصحائفه 260 واشتهر عندهم وعرف أكثر مما عندنا والذين يقدرون عندنا هذا المؤلف قليلون. وأكبر مشجع للترك في طبعة هو أنه يروج سياستهم في الخارج وفي العراق ويجعل لهم المكانة العليا مما لم يحلم به الترك أنفسهم من بيان الدواعي والأسباب حتى أنه لم يقتصر على ترويجها عند ذكر العثمانيين فحسب بل روجها في جميع صفحات تاريخه حتى عند ذكر هلاكو وانتقال الخلافة إلى مصر، فنراه يندد بالخلفاء المتأخرين ويحط من سياستهم ويعد ظهور العثمانيين نعمة لحماية الخلاقة ويبتدئ تاريخه من أوائل العباسيين وينتهي في سنة 1130هـ.
كتب هذا التاريخ سنة 1100 هـ زمن الوالي عمر باشا السلحدار وذكر في نفس التاريخ لهذا الوالي أبياتا وعارضها بنظم له لطيف راجع (الورقة 107) من الكتاب وتسلسلت حوادثه إلى سنة 1130 وهو على اختصاره لا نجد في غيره من الحوادث ما يجلو عنها أو يكشف الستار عن حقائقها إلا قليلاً. فلولاه لما أمكن للناس الإطلاع التام على الحوادث كما ذكرها هو فأن كتابة يضم في مطاويه مباحث كبيرة عن حالة العراق وجباية أمواله والتبدل الحاصل فيها وذكر وزرائه وعماراته. وبالأخص أن تاريخ العثمانيين غامض من أوائل دخولهم العراق إلى زمن السلطان مراد الرابع وما يليه. فما وجد في غيره مقطوع غير موصل. وقد أثنى صاحب تذكرة سالم على هذا التاريخ إلا أنه
نقده في أن تركية قديمة لا تأتلف هي واللغة الدارجة (في ذلك الزمن).
وهذا التاريخ اعتنى به المؤرخون العراقيون بعدة وإلى اليوم لكني لم أر له نسخة خطية سوى نسخة واحدة مخرومة الأول والآخر والمظنون أنها كتبت في زمان المؤلف. شاهدتها وهي من كتب الصديق الفاضل يعقوب أفندي سركيس ومن أهم الكتب التي ذيلت به (دوحة الوزراء) لرسول حاوي أفندي تتضمن حوادث أكثر من مائة سنة تبتدئ من حيث انتهى وتمتد إلى سنة 1237 الهجرية وفي هذا الذيل تفصيل أكثر وسعة في المباحث وسأفرد له مقالاً خاصاً.
وعلى هذا الذيل ذيل آخر وهو (مرآة الزوراء) مكمل للدوحة ومعقب لحوادثها. كتب بقلم أكبر العارفين بتاريخ هذا المحيط للمدة الأخيرة وهو (سليمان فائق بك) أبن الحاج طالب كهية ووالد حكمت بك سليمان ومحمود شوكت باشا، وسأفرد لهذا الفاضل أيضاً مقالاً أثر الكلام على صاحب الدوحة ومن الله المعونة.
ثم تقف الحوادث ولم توصل بذيل ولا بغير ذيل ولكن أوراق الحوادث (الجرائد) أخذت تنتشر فلم يبق خفاء. وقد بان المبهم ووضع الصبح لذي عينين فتكاثرت المباحث عن أحوال هذا المحيط.
ومع هذا فأن مجاهله الكثيرة لا تزال غامضة ولم يتكلم عنها أحد. وعلى أي الأحوال بقيت غوامض وفي الإطلاع عليها شوق وأن النفوس تتطلبها.
(لغة العرب: وصف كلشن خلفا والمخطوط الذي في خزانتنا).
ذكر حضرة الصديق العزيز الأستاذ عباس أفندي أنه لم يجد من (كلشن خلفا) سوى نسخة واحدة خطية مخرومة الأول والآخر وهي للصديق الفاضل يعقوب أفندي سركيس وعندنا نحن أيضاً نسخة خطية ودونك وصفها:
(طول الكتاب 32 سنتيمترا في عرض 19. وعدد صفحاته 250 ما عدا المقدمة التي في 11 صفحة وكلها مجولة بالأزرق جدولاً مزدوجاً تبتدئ بالهمزة وتنتهي بالكاف. ورق النسخة كله أزرق مسطر من أصل وضعه. وفي كل صفحة 25 سطراً دقيق الكتابة بخط الرقعة طول المكتوب منها 23 سنتيمترا في عرض 14. وتبتدئ المقدمة بقوله: (محامد ذاكيات أول مبدع كائنات وموجود مصنوعات جنابنك إتحاف كرده معلا. . . إلى آخر ما
هناك. وفي صفحة ك نقش عربي أزرق. وفي ص 1 نقش آخر بالأخضر والأزرق
والأبيض والأحمر يمثل جنبذة حمراء وعن يمينها ويسارها غصنان أخضران من أغصان الورد. وعناوين الفصول موضوعه بين خطين مزدوجين أعلى وأسفل مرسومين بالأزرق وتنتهي النسخة بقول الناسخ ما هذه حروفه بنصها: (تم الكتاب بعون الملك الوهاب في عشرين رمضان المباركة سنة ثنين وتسعين بعد المائتين والألف على يد أفقر العباد آمين مصطفى البندتيجي) والسطر الأخير الذي يبتدئ: (بعد المائتين يختلف خطه عن خط سائر الكتاب والظاهر أن أسم الناسخ الصحيح محي بإمرار إصبع مبلولة على السطر الأخير وإبداله بهذا السطر الجديد وبوضع اسم غير الاسم الحقيقي. وهذا ما يجعل النسخة نفيسة في عينينا لأن هذا العمل يدل دلالة صريحة على أن هناك أناساً يريدون أن يبقى أسمهم معروفاً عند الأجيال الجديدة من غير أن يكلفوا نفوسهم عناء النسخ والكتابة اهـ. كلامنا.
4 -
تاريخ تيمورلنك
هذا ترجمة مرتضى أفندي إذ نقل من اللغة العربية إلى اللغة التركية كتاب (عجائب المقدور في نوائب تيمور) لأحمد بن محمد بن عربشاه الحنفي المتوفي سنة 854هـ. وقد قال صاحب كشف الظنون: ترجمه الفاضل الأديب المرتضى المعروف بنظمي زاده البغدادي. وكان حياً سنة 1130 وهذا التاريخ كما يظهر من بيانات صاحب الكشف أنه هو المسمى (تيمور نامة) وهو النسخة الأولى التي ترجمها مرتضى أفندي بوضعها الأصلي وتسجيعها وبديع إنشائها أي نسخة طبق الأصل المنقولة عنه. وقد كتبت هذه النسخة وهي النسخة الأولى لوالي بغداد علي باشا سنة 1110هـ وأما هذه النسخة وهي (تاريخ تيمورلنك) فأنها كتبت للوزير الحاج إسماعيل باشا والي بغداد الذي تولى بغداد (سنة 1110: 1111) بعد تلك النسخة قال في سنة 1131 والظاهر أن هذا غلط من الناسخ وصحيحها سنة 1111 وبناء على طلبه جعلها خالية من السجع وبلسن اعتيادي خلاف النسخة الأولى كما أوضح ذلك في مقدمة هذه النسخة. وفيها زيادات عن أولاد تيمور ولوحق مهمة لا يستغني عنها. وقد ماتت النسخة الأولى فلم نجد لها خبراً وانتشرت الثانية وقد طبعت في الآستانة في مطبعة الجريدة سنة 1277 ولهذا التاريخ علاقة بحوادث العراق فلذا أقدم مترجمنا على نقله إلى
التركية. أما الأصل وهو (عجائب المقدور) فقد طبع في أوربة ومصر مراراً عديدة واعتقد أن الأصل لا يغني عن الترجمة لمقابلة الإعلام بعضها ببعض والتوثق من
صحتها زيادة على ما مر بيانه وأول الترجمة لمرتضى أفندي: الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد الخ.
والحاصل أن هذه الآثار التاريخية تبدو قيمتها لأول نظرة. ومن دقق النظر فيها قدر أتعاب الرجل وخدماته لهذا المحيط فهو من أكابر أبنائه البررة في العلم والفضل والأدب، وقد قال إبراهيم فصيح أفندي الحيدري في كتابه (عنوان المجد في بيان بغداد والبصرة ونجد): ومنها أي بيوت بغداد بيت نظمي زاده وهو من البيوت القديمة الرفيعة. وكانوا أصحاب قلم) اهـ إلا أنه لم يذكر أحداً من أفراد هذا البيت ومشاهيرهم (راجع: ص 124 من النسخة الخطية) حتى أنه لم يعلم أن عبد الله أفندي المفتي أبن مرتضى أفندي منهم ولذا ذكره بعنوان بيت مستقل ولم يشر إلى هذا (راجع ص 116) واعتقد أن الذي أوقعه في الغلط عدم معرفته البيوت وحقيقة شهرتها وإنما أخذ أنباءه من أناس مختلفين فدون ما سمعه دون ترو وتحقيق. وبمرتضى أفندي هذا انقطع الانتساب إلى نظمي زاده وغطت شهرة مرتضى أفندي كل من سبقه.
ومن معاصريه ومعاصري أخيه من أدباء الترك العراقيين:
1 -
يوسف عزيز المؤرخ العراقي وهو من بغداد.
2 -
الفتي. واسمه حسين أفندي كان يستخدم كاتباً لكهيات بغداد. وقد ائتلف مع الكتخدا لمصطفى باشا دال طبان وصحبه إلى الآستانة مغتراً بهذه الصحبة فلم ينل مرغوبه وعاش عيشة منغصة (راجع تذكرة سالم).
وأرى في هذا كفاية. والمقال الآتي يتعلق بمن يليه من أولاد مرتضى أفندي الذين هم من هذه الأسرة ومنه تعالى المعونة.
المحامي: عباس العزاوي
(لغة العرب) هذا البحث المفيد لصديقنا عباس أفندي العزاوي يتصل بالمقال الذي دبجه حضرة الأديب يعقوب أفندي نعوم سركيس في هذه المجلة (7: 518 إلى 527).