المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ترجمات التوراة (لغة العرب) اقترح علينا حضرة الصديق العلامة جرجي أفندي - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٨

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 76

- ‌سنتنا الثامنة

- ‌يا للمصيبة

- ‌الآمال الهاوية

- ‌الدواخل والكواسع في العربية

- ‌اليأمور

- ‌رسالة في النابتة

- ‌مندلي

- ‌لواء الكوت

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 77

- ‌خزائن بسمى القديمة

- ‌أعلام قصيدة أخت الوليد بن طريف

- ‌العربية مفتاح اللغات

- ‌القفص والغرشمارية والكاولية

- ‌اللغة العامية العراقية

- ‌الحروف العربية الراسية

- ‌صفحة من تاريخ أسر بغداد

- ‌تاريخ اليهود

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهرة في العراق وما جاوره

- ‌العدد 78

- ‌رسالتان تاريخيتان

- ‌من هو القرصوني

- ‌لواء العمارة

- ‌اليحمور واليامور

- ‌بيت عراقي قديم

- ‌العربية مفتاح اللغات

- ‌اللغة العامية العراقية

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌نظم شمس الدين عبد الله محمد بن جابر الأندلسي

- ‌عني بنشرها صديقنا المذكور

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 79

- ‌الفتوة والفتيان قديما

- ‌لواء البصرة

- ‌محمود العنتابي الأمشاطي

- ‌القريض في فن التمثيل

- ‌صفحة من تاريخ أسر بغداد

- ‌الدولة القاجارية وانقراضها

- ‌دار شيعان

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 80

- ‌إلى عكبرى وقنطرة حربي

- ‌القصر الذي بالقلقة

- ‌صفحة من تاريخ أسر بغداد

- ‌مجلة المجمع العلمي العربي وأوهامها

- ‌الأسر المنقرضة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 81

- ‌الألفاظ اليافثية أو الهندية الأوربية في العربية

- ‌لواء كركوك

- ‌مصطلحات حقوقية

- ‌قبر راحيل

- ‌بيت عراقي قديم

- ‌محلة المأمونية وباب الأزج والمختارة

- ‌أسرة الحاج الميرزا تقي السبزواري

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌111 - كتاب التيجان في ملوك حمير

- ‌عن وهب بن منبه رواية أبن هشام

- ‌طبع بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانيين في

- ‌حيدر آباد الدكن

- ‌سنة 1347 في ص496 ص بقطع الثمن الصغير

- ‌تاريخ وقائع الشهرية في العراق وما جاوره

- ‌العدد 82

- ‌أحمد باشا تيمور

- ‌نظرة في المجلة الألمانية ومجاوراتها الساميات

- ‌تحققات تاريخية

- ‌القمامة أو كنيسة القيامة

- ‌البرثنون في كتب العرب

- ‌العمارة والكوت

- ‌بيت عراقي قديم

- ‌ألفاظ يافثية عربية الأصل

- ‌في مجلة المجمع العلمي العربي

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاورها

- ‌العدد 83

- ‌دار المسناة

- ‌رسالة لأبي عثمان

- ‌تحققات تاريخية

- ‌الفلحس

- ‌صفحة من مؤرخي العراق

- ‌القرب في اللغة

- ‌لواء أربل

- ‌اللغة العامية العراقية

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌الحكومة العراقية والمخطوطات

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 84

- ‌نقد لسان العرب

- ‌العمارة والكوت

- ‌ترجمات التوراة

- ‌بيت الشاوي

- ‌في مجلة المجمع العلمي العربي

- ‌رسالة إلى أبي عبد الله

- ‌القيالة عند العرب

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 85

- ‌إلى شبيبة العراق

- ‌المائن أو الممخرق

- ‌آلتون كوبري في التاريخ

- ‌لواء السليمانية

- ‌أرض السليمانية في التاريخ القديم

- ‌تذنيب في تخطئة معلمة الإسلام

- ‌نظرة في المقاومات العراقية

- ‌نقد لسان العرب

- ‌الأسناية ومعناها

- ‌قبر العازر

- ‌كوت العمارة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاروه

الفصل: ‌ ‌ترجمات التوراة (لغة العرب) اقترح علينا حضرة الصديق العلامة جرجي أفندي

‌ترجمات التوراة

(لغة العرب) اقترح علينا حضرة الصديق العلامة جرجي أفندي يني صاحب مجلة (المباحث) الجليلة التي تظهر في طرابلس لبنان، أن نضع مقالة في ترجمة التوراة بعهديها القديم والجديد، غير ما نقله الأميركيون ثم اليسوعيون فوضعنا هذه المقالة تلبية لطلبه، وعالجنا الموضوع من وجهته الأدبية فعسى أن يكون فيها بعض الفائدة لمن يهمه هذا البحث.

للتوراة (بقسميها العهد القديم والعهد الجديد) نقول إلى العربية من خطية ومطبوعة.

الترجمات الخطية

لا جرم أن التوراة ترجمت إلى العربية منذ القرون الأولى للنصرانية لكن أحداث الزمان والحروب والبلايا بأنواعها لم تبق منها ولم تذر شيئاً، يشهد على أنها كانت معروفة في المائة السادسة للميلاد نشوء الفرقة المعروفة بالحنفية، وكان منها أمية بن أبي الصلت، وورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو، ومن جاراهم، فانهم لم يكونوا يهوداً ولا نصارى، إنما كانوا على التوحيد في أهون شرائعه، فهؤلاء كانوا عرفوا ما في التوراة والإنجيل ومن يطالع أقوالهم وأشعارهم وما نقل عنهم من الأخبار ير جلياً انهم كانوا قد وقفوا على محتوياتهما من دون أدنى شك.

أما انهم كانوا نصارى - على ما ذهب إليه الأب لويس شيخو - فوهم ظاهر لان الرواة ميزوا بين النصرانية والحنيفية وصرحوا تصريحاً مبيناً بأنهم لم يكونوا على دين المسيح بن مريم إنما كانوا حنفاء، إذن من جعلهم منا فقد افسد التاريخ وتعصب في مقاله تعصباً أعمى لا اختلاف فيه.

ومن النقول العربية القديمة الترجمة التي أمر بعملها يوحنا أسقف اشبيلة فتمت في سنة 717 للميلاد ولم تبلغ إلينا.

وكل ما وصل إلينا من النقول العربية حديث الوضع، لان اغلب الكنائس

ص: 665

الشرقية كانت تتلو صلواتها باليونانية أو الرومية أو الارمية أو الأرمنية أو القبطية أو غيرهن من اللغات المستعملات في الشرق الأدنى وترك النصارى ألسنة أجدادهم، مست الحاجة إلى نقل

الكتب المنزلة إلى اللغة الضادية، فنقل علماء اليهود توراتهم إليها وجاراهم المسيحيون في الإنجيل فظهرت الترجمات بين القرن الثامن والعاشر من الميلاد، والمخطوطات التي اتخذت لهذه الغاية كانت في الكنس والكنائس، وكانت روايات النصوص مختلفة لان النساخ كانوا قد مسخوا اغلبها مسخاً في كتابتهم إياها فكان أعلب عناية المترجمين في رد النص إلى اصله الصحيح الفصيح وما كانوا يبالون كثيراً تقريب المعاني من إفهام العوام إذ كانوا يجردون النص من الظلمات التي أحاطت به.

زد على ذلك أن اليهود ما كانوا يقرءون في كنسهم جميع أسفار التوراة ومثل ذلك قل عن المسيحيين فانهم ما كانوا يقرءون جميع أسفار العهد الجديد، أما أسفار العهد القديم فكانوا يطالعون منها الزبور والأنبياء، ولهذا حامت الخواطر حول ما يتلى من تلك الصحف، وأما ما كان في سائر المصاحف فكانوا ينقلون إلى العربية ما ورد من آياتها في الصلوات والأدعية والشعائر الدينية. ولهذا لا يرى في لغتنا نقل كامل للعهدين، ولما حاول بعضهم الحصول على ترجمة كاملة تستوعب جميع الأسفار الإلهية عمدوا إلى الأجزاء المعربة - وكانت لعدة مترجمين ومن عدة لغات - وادمجوا فيها ما عربوه بأنفسهم، وهكذا جاءت الترجمات بعبارات مختلفة السبك والصحة كأنها الثياب القلمونية أو مرقعات الدراويش، إذ ترى في تلك النقول مزايا كل لغة ترجمت منها. ففيها خصائص الارمية والقبطية والعبرية واليونانية والرومية. واحسن مثال لما نقوله مخطوط بريف ولهذا لا يعتمد على النسخ العربية المترجمة إذ نصوصها مترجرجة ورخوة لا قوام لها. على أن النقدة الخبيرين يرون فيها بعض الأحيان نوراً يسطع منها ليضيء لهم في مدلهمات الرواية الارمية المعروفة (بالبسيطة). ومهما يقل عنها، فان لها منزلتها في تاريخ التوراة.

واقدم ترجمة عربية نقلت من العبرية وعرفها علماء العصر هي ترجمة سعديا

ص: 666

الفيومي (891 إلى 941م) من ديار مصر وكان في زمنه مدير المدرسة التلمودية في سورة والترجمة تداني كثيراً الحشو الترجومي فهي انفع للتفسير منها لنقد النص. والمخطوطات الباقية من هذا لنقل يظهر أن الأيدي قد لعبت به كل لعب. ومسألة معرفة هل أن هذه الترجمة كانت تشمل التوراة كلها أو لا، باقية في ميدان الجدال إلى هذا العهد. على أن المؤكد أنها كانت تشمل أسفار موسى الخمسة ونبوءة اشعياء. ويذهب جماعة إلى أن سعديا

عرب أيضاً سفر أيوب والأنبياء الصغار والزبور. وهذا يكاد يكون رأي عموم الذين عنوا بهذا الأمر. ولهذه الترجمة عدة مخطوطات أهمها سبعة. وعدة مطبوعات أشهرها تسعة. وليس هنا محل تفصيلها.

ومن المعربات ما نقل من اللغة الارمية (السريانية) من النسخة المعروفة بالبسيطة (أي فشيطتا) والمعرب منها أسفار مختلفة لا التوراة كلها بحذافيرها وهذه النقول وقعت في المائة الثالثة عشر والرابعة عشر على أيدي النصارى ومن هذه المعربات نسخ خطية ومطبوعة يطول ذكرها.

وهناك ترجمات من النسخة السبعينية منها مخطوطة ومنها مطبوعة. وكذلك قل عن الترجمات المنقولة عن الرواية اللاتينية المعروفة بالفلفاتا (أي العامية أو الشائعة).

والخلاصة أن البحث في هذا الموضوع طويل عريض كثير الشعب لا يوافيه حقه إلا كتاب قائم برأسه.

الترجمات المطبوعة

أما الترجمات المعروفة في الشرق الأدنى فهي التي نقلت عن النسخة اللاتينية المقبولة في الكنيسة الكاثوليكية فطبعت في مجمع انتشار الإيمان في ثلاثة مجلدات بالقطع الكامل في سنة 1671 ثم جاء البروتستنيان (لي وماك بريد) ونزعا من الترجمة الكاثوليكية المقدمة والأسفار القانونية الثانية والنص اللاتيني وطبعاها على نفقة (شركة التوراة) في لندن سنة 1822 بقطع الثمن، ثم تتابعت الترجمات والطبعات وكلها تعتمد في أهم عملها على الترجمة المطبوعة في رومة فهي إذن أم لجميع النسخ المطبوعة في الشرق المبثوثة في مدنه. من ذلك النسخة الدمنكية الموصلية (سنة 1875) والنسخة اليسوعية البيروتية (سنة 1876)

ص: 667

والنسخة البروتستانية البيرويتة (سنة 1856). وقد وقف على إصلاح عبارة هذه الترجمات أشهر أدباء بيروت وعلمائها كفارس الشدياق وبطرس البستاني والشيخ ناصيف اليازجي والشيخ يوسف الأسير والشيخ إبراهيم الأحدب والشيخ إبراهيم اليازجي إلى غيرهم. واحسن هذه الترجمات عبارة الترجمة الدمنكية فاليسوعية فالبروتستانية. وليس في الترجمة البروتستانية من العربية سوى الحروف والكلم. أما العبارة أو صياغتها فليستا من لغتنا بشيء. واحسن منها الترجمة اليوسوعية وافضل الترجمات هي النسخة المطبوعة في

الموصل وكان ناقلها الخوري يوسف داود زبوني الذي سقف بعد ذلك على دمشق فصار المطران اقليمس يوسف وترجمة الزبور اليسوعية من أسوأ الترجمات فأنها تبتعد كل البعد عن النص العبري، حتى أن اليسوعيين أنفسهم اضطروا إلى اتخاذ نص الزبور القديم المطبوع في رومة مع إصلاح في عبارته والى نشره على حدة في كتاب خاص ليستعمله الشرقيون في صلواتهم وأدعيتهم.

والمشهور عند المسيحيين أن الترجمة اليسوعية هي احسن الترجمات لغة وأمتنها عبارة لان الشيخ إبراهيم اليازجي تولى تصحيحها بعد أن كان ينقلها من العبرية واليونانية الأب اوغسطين اليسوعي ويصدق ترجمتها أربعة أساتذة يسوعيين متضلعين من العلوم الدينية ومعرفة اللغات الشرقية حتى جاء في مقدمة هذه الطبعة في ص7 ما هذا نصابه: (فقد جاءت هذه الترجمة والحمد لله وافية بالمرغوب. كافلة بالمنى. ولم يبق معها عذر في إيثار نسخة الهراطقة. وحق على الجميع الانقياد للرؤساء في مثل هذا الأمر المهم الذي يتعلق عليه إخلاص النفوس) اهـ.

أما أن في هذه الطبعة اليسوعية أغلاطاً شتى فمما لا شبهة فيه عندنا. ونحن نذكر شيئاً منها لكي لا نرمى بالتهمة. من ذلك الآيات التي فيها (ها هوذا) وما تصرف منها. فإنها سقيمة التعبير فقد جاء في سفر الخلق (22: 1) هوذا آدم قد صار كواحد منا - وفيه (16: 9) ها أنا مقيم عهدي - وفيه (6: 11) هو ذا هم (كذا) شعب واحد - وفيه (3: 15) فهوذا ربيب بيتي هو يرثني وفيه (2: 16) هوذا قد حبسني الرب - وفيه (34: 20) فلما كان الغد قالت الكبرى للصغرى: هاءنذا. . . - وفيه (42: 27) هوذا عيسو أخوك.

ص: 668

وفيه (15: 28) وها أنا معك. . . وفيه (13: 37) فقال إسرائيل ليوسف هو ذا اخوتك يرعون عند شيكم وفيه (42: 38) وهاهي حامل. . . وفيه (8: 39) هو ذا مولاي لا يعرف. . . وفيه (1: 47) وهاهم في أرض جلسان. . . وفيه (2: 48) هوذا ابنك يوسف.

والصواب أن يقال: هاهو ذا آدم. هاءنذا مقيم. هاهم أولاء شعب واحد. فها هو ذا ربيب. هاهو ذا حبسني. هاءنذي أو ها أنا ذه. هاهو ذا عيسو. وها أنا ذا معك. هاهم أولاء اخوتك. وهاهي ذي أو هاهي ذه حامل. هاهو ذا مولاي. وهاهم أولاء. - على انه جاء في نص الفصحاء قولهم هوذا آدم. بحذف (ها) المتقدمة عليها. وكذلك القول في ما ضاهى هذا

التركيب وان كان منعه النحاة والبلغاء الاقحاح. أما أن بعضهم قال مثل: هو ذا هم شعب. وهاءنذا (في المؤنث المتكلم) وهاهم في أرض جلسان فلم يرد أبداً. لان هذا التركيب هو من الساقط كل السقوط في نظر المتشددين في النحو والمتساهلين فيه. فهو من افحش الغلط ومن اشده تشويهاً للكلام. زد على ذلك أن كلمة (ها هوذا) وما تصرف منها وردت في النص الأصلي اثنتين وأربعين مرة في سفر الخلق فلم ينقل منها المعربون إلا بعضاً وتركوا كثيراً منها، أما إهمالا، وأما إبدالا لها بما يقوم مقامها. وهذا ليس من حسن الأمانة. أما ورودها في التوراة كلها فكان ألفاً واثنتين وخمسين مرة: فلو توسعنا في الفرض وقلنا أن المترجمين احسنوا ترجمتها في نصف مقدارها فيكونون قد اخطئوا خمسمائة وستة وعشرين غلطاً. وهو ليس بالقدر الذي يستهان به، فتأمل.

وهناك أوهام أخرى لا تعد ولا يمكننا أن نأتي عليها، إذ يجب أن يرصد لها كتاب قائم برأسه، إلا أننا نذكر بعضاً منها على سبيل المثال، وفي ذكرنا إياها لا نتبع طريقاً أو نهجاً، بل نتصفح صفحات على عجل بغير نظام وما يقع عليه بصرنا نذكره.

وأول شيء يتجه إليه نظرنا هو أن الناشرين لهذه الترجمة لم يضبطوا الأعلام على وجه مقبول ومعقول. فمرة يجرون على أسلوب العرب كما فعلوا في ضبط موسى وداود وسليمان. ومرة جروا وراء العبريين في لفظهم كما فعلوا في آدم

ص: 669

وهابيل ويقطان. وأحيانا لم يجروا على وجه من الوجوه. فقد ذكروا مرة جبل الكرمل بفتح الكاف والميم. والعبريون يلفظونه بفتح الكاف وإمالة الميم. والإمالة تنقل إلى العربية بكسرة أو بفتحة إذا كانت مقصورة وبالياء أو الألف إذا كانت ممدودة. فقالوا مثلا هابيل وشيت بالياء والأصل العبري بالإمالة الممدودة. وقالوا عدن وإيزابيل والأصل فيهما بإمالة العين والدال في الأولى وبإمالة الباء في الثانية وكلتا الامالتين مقصورة. وإذا كان الأمر على هذا المنحى فكان يحسن بالمعربين أن يخرجوا الأعلام على وزن يوافق لغة العرب وذوقهم فكان عليهم أن يقولوا: الكرمل بكسر الكاف والميم كزبرج على حد ما ضبطه العرب في كتبهم على حد ما يتلفظ به أهل الديار أنفسهم إلى يومنا هذا.

وقد ضبطوا صهيون مراراً لا تحصى بكسر الصاد وضم الياء ومثل هذا الوزن لا وجود له في لغتنا. وكان الأحسن أن يضبط على هذين الوجهين أما بكسر الصاد وفتح الياء

ليشابه بزبون وحرذون وجردحل وقنذفل. وأما بفتح الأول وضم الياء ليحمل على مثل ليمون وزيتون وبينون وسعدون. وأما ضبطهم فلا يوافق لفظ العبريين ولا لفظ السلف. فضبط الأعلام يغلب عليه هذا السقم فهو عيب لا يخفى على كل من له أدنى ذوق. ونحن لا نعترض له لوروده بالمئات لا بالعشرات. وكثيراً ما يرد العلم الواحد بصورتين أو اكثر، وهذا أيضاً بلاء آخر. فان القارئ يظن أن الواحد غير الآخر. ففي سفر الملوك الثاني (9: 16) ابيشاي. وفي سفر أخبار الأيام الأول أبشاي (بلا ياء مثناة بعد الباء الموحدة التحتية) - وجاءت سموئيل بالصاد أي صموئيل وهو مخالف لما سمع عن السلف ولأصل اشتقاق اللفظ. وصموئيل بالصاد من أغلاط العوام ومسخ الأعلام مسخاً جائراً. وضبطت يؤاب ومآب هكذا: يوآب وموآب وكلاهما خطأ. لكن ما شاننا ورسم الأعلام فهذا بحث لا يستقصي لان الترجمة المذكورة شوهت اغلبها أقح تشويه، اللهم إلا الأعلام التي اشتهرت على السنة الفصحاء فإنها لم تصب بأذى والحمد لله.

وكثيراً ما جاء المصطلح الأعجمي بدلا من المصطلح العربي الفصيح فقد جاء مثلا في سفر الملوك الأول (13: 18) ولكنت أنت قمت ضدي. والعرب

ص: 670

لا تعرف هذا التعبير والمشهور عندهم: قمت علي، والإصحاح السابع الآية الرابعة من ذلك السفر ما يأتي:(فأزال بنو إسرائيل عنهم البعليم والعشتاروت وعبدوا الرب وحده) ولو قالوا: البعول وعشتروت لكان أصوب، لا البعليم الذي هو في اللغة العبرية لا في لغتنا. وعشتروت لا يدخلها اللام ولا تكتب بألف بعد التاء. إنما ذلك من أوهام العوام، وما كان يحسن أن يجاورهم فيها ولا في أمثالها. وجاء في السفر المذكور 3: 8: ولم يسلك ابناه في سبله. . . فاجتمع شيوخ إسرائيل كافة. . . وقالوا له: انك أنت قد شخت وبنوك لا يسلكون في سبلك). وكان الواجب أن يقال: (وابناك لا يسلكان لأنه لم يكن له سوى ابنين على ما ذكر في الإصحاح نفسه وعلى ما أوردناه من النص. وفي سفر الملوك 10: 14: 3 (فقال لها الملك: من تكلم في شأنك فأتيني به، فلا يعود يتعرض لك من بعد.) والصواب حذف (يعود) لأنه ليس في الأصل ولا في النسخة اللاتينية العامة. وهي كثيراً ما زيدت في بعض الآيات على غير جدوى. فلا حاجة إلى ذكرها كلها لكثرتها. ولو قال: (فلا يتعرض لك من بعد) لكان الكلام أوفى بالمرام وأخصر وأوفق. وفي سفر الملوك المذكور 22: 24:

(هو ذا البقر للمحرقة والنوارج وأدوات البقر تكون حطباً) ولو قيل: (ها هوذا البقر للمحرقة والنوارج. . . تكون خشباً أو جزلا لكان أقوم تعبيراً. لان الحطب: ما اعد من الشجر شبوباً للنار. ولا يكون إلا غير غليظ. وأما الغليظ منه كالذي يتخذ للنورج وأدوات البقر فلا يكون إلا (جزلا) وهو الغليظ العظيم من الحطب. أو (خشباً) وهو كالجزل، أي ما غلظ من العيدان. وفي سفر الملوك الأول 16: 9 (غداً في مثل هذه الساعة أرسل إليك رجلا من أرض بنيامين فامسحه قائدا على شعبي إسرائيل) فقول الآية: قائداً على شعبي من افحش الكلام وأبذأه. بل من الكلام الذي يجب إصلاحه في الحال من غير إبطاء البتة. فلينظر الناشرون لهذه الترجمة ما معنى قاد على فلان أو فلانة. والصواب أن يقال: قائداً لشعبي إسرائيل) وليراجعوا ما كتبوه في سفر الملوك ك2: 5: 1 (وأنت تكون قائداً لإسرائيل) فهو التعبير الصحيح الذي لا غبار عليه. ومن الغريب انهم عادوا إلى هذا الغلط الفاحش الفظيع في سفر الملوك الثالث في 35: 1 (واصعدوا وراءه فيجيء ويجلس على

ص: 671

عرشي وهو يملك مكاني، فانه هو الذي أوصيت أن يكون قائداً على إسرائيل ويهوذا) ثم عادوا فاصلحوا هذا الغلط في سفر الملوك الثالث في 16: 2 (من اجل أني رفعتك عن التراب وجعلتك قائداً لشعبي إسرائيل. . .) وكذلك أصابوا في قولهم: (ارجع وقل لحزقيا قائد شعبي)(سفر الملوك 4: 20: 5) وإذا راجع الباحث الآيات التي فيها كلمة (قائد) يراها مرة معداة بعلى ومرة غير معداة. ولهذا لا يمكننا أن نأتي على ذكر جميع الآيات المذكورة فيها كلمة (قائد) فلتحفظ هنا هذه الفائدة.

وجاء في سفر الملوك الأول 18: 13: (ولكنت أنت قمت ضدي). وهذا تعبير لا تعرفه فصحاء العرب، إنما هو من قبيح المعرب: لان من المعرب ما هو حسن ويؤخذ به، ومنه ما هو قبيح فينبذ نبذ النوى، وهذا الكلام هو من هذه البضاعة المزجاة. والصواب أن يقال:(ولكنت أنت قمت علي) ويشبه هذا الغلط قولهم في سفر الملوك الثالث في 14: 1 (أن قلب الملك مال نحو ابشالوم. . .) قلنا: أن قولهم: (مال نحو) قد يجوز، لكن الفصحاء في مثل هذه الآية يقولون:(مال ابشالوم) وتعديه مال بالى هو الفصيح والمعروف وأما تعديته بنحو. فليس من عتيق الكلام ولا من حرة ولا من منسوبة. وكثيراً ما يغلطون في تعدية الأفعال ومتابعة هذا الوهم شاق جداً. فتراهم يقولون مثلا في سفر الملوك الثالث 14: 17

(فعند دخولها على عتبة الباب مات الغلام) ولو قالوا (فعند دخولها عتبة الباب أو في عتبة الدار) لكان كلامهم احسن وأقوم وهو المتبع. ومن هذا الباب ما جاء في سفر يهوديت 7: 1 (وفي اليوم الثاني أمر اليفانا جميع عسكره أن يزحفوا على بيت فلوى) فقول الترجمة (أن يرحفوا على بيت لوى) انهم جعلوا تحتهم أو تحت سوقهم بيت فلوى (المدينة) ليزحفوا عليها. وهو معنى شنيع، إنما المعنى السير إلى بيت فلوى. فكان يجب أن يقال:(أن يزحفوا إلى بيت فلوى) وجميع الكتاب العصريين يزلون هذا الزلل ولم نر راعى صحة هذا التعبير وهو أمر في منتهى الغرابة. مع انك لو استقريت جميع أقوال الإخباريين والمؤرخين تراهم يقولون (زحف إلى) لا (زحف على) الذي معناه غير المعنى الأول (راجع

ص: 672

لغة العرب 7: 341 و 6: 614 و 5: 208). على أن الناقلين كثيراً ما اظهروا انهم غير قابضين على أعنة العربي الفصيح. ففي سفر الملوك الثالث 18: 26: (وكانوا (أي أنبياء البعل) يرقصون حول المذبح الذي صنعوا. . . وجعل حول المذبح قناة تسع مكيالين من الحي، فجرى الماء حول المذبح دائراً وامتلأت القناة أيضاً ماء. . .) والظاهر من هذا الكلام انهم غير واقفين على صحة معنى هذه الألفاظ: المذبح والقناة وجرى دائراً). . . وكان الاصوب أن يقال: وكانوا يرقصون حول (الأنصاب) التي أقاموها. . . ونأى حول المنسك نؤياً) ومن الأغلاط المعنوية التي ترى في هذه الترجمة اليسوعية البيروتية قول المعربين في سفر الملوك الثاني 21: 18 (وكانت أيضاً بعد ذلك حرب في جوب مع الفلسطينيين فقتل حينئذ سبكاي الحوشي سفاً أحد بني الجبابرة. ثم كانت أيضاً حرب في جوب مع الفلسطينيين. . .) فمعنى قولهم حرب مع الفلسطينيين أن بني إسرائيل حاربوا الفلسطينيين، لكن نص العبارة يدل على أن الفلسطينيين انضموا إليهم ليحاربوا (معهم) عدواً آخر. وهو دون قول الفصحاء:(وكانت بعد ذلك حرب الفلسطينيين أيضاً في جوب) في كلتا العبارتين. ووجب وضع (أيضاً) بعد حرب الفلسطينيين لا بعد كانت، لإفادة تكرار الحرب، لا تكراراً للكون المطلق وفي كل ذلك معنى دقيق لا يخفى على الفطن، وهذا الغلط يقع كل يوم ما يكتبه أدباء مصر وفلسطين وسورية ولم ينتبه إليه أحد مع انه وهم ظاهر يخالف ظاهرة معناه. وقد تكرر هذا الخطأ مراراً في هذه الترجمة ولا حاجة لنا إلى تتبعه في كل ما ورد من النصوص، لان الغاية من هذه السطور التذكير ليس إلا. أما أن

قولنا هو الصحيح وقول المترجمين هو الخطأ فظاهر من أقوال الفصحاء جمعهم لم نستحدث شيئاً، إنما نحن تبع. فقد جاء في كلام البلغاء (أنا حرب لمن حاربني) و (فلان حرب فلان) ولم يقولوا أبداً (أنا حرب مع من حاربني) ولا (فلان حرب مع فلان) إذ كل هذا خلاف لما في الصدر.

وتتبع كل ما هناك من الهنوات والزلات والهفوات أمر يطول ويستلزم وضع كتاب ضخم قائم بنفسه بين فيه سبب تصحيح تلك المعلومات أو تلك

ص: 673

المفاسد وليس ذلك الآن من غايتنا.

وهناك ضرب آخر من المآخذ على الترجمة اليسوعية وعلى سائر المنقولات التي جاءت على غرارها، وهو أنها تراع في النقل الاحتفاظ بالألفاظ العربية المجانسة للعبرية الواردة في النص الأصلي وهذا لا تكاد تخلو منه آية، ونحن نذكر هنا بعض الشواهد - جاء مثلا في سفر الخروج 3: 7 هذه الآية: (فقال الرب أني قد نظرت إلى مذلة شعبي الذين بمصر وسميت صراخهم من قبل مسخريهم وعلمت بكربهم). وفي الآية 17: (فقلت أني أخرجكم من مذلة المصريين إلى أرض الكنعانيين. . .) فاتلكلمة العبرية الدالة على (المدلة) في النص الأصلي هو (عني) الذي معناه العناء. فلو قال النقلة: (أني قد نظرت إلى عناء شعبي. . . أني أخرجكم من عناء المصريين) لكان احسن. نعم أن المعنيين واحد، لان معنى عنا له يعنو عناء: خضع وذل فهو عان وعني. فيكون العناء والمذلة بمعنى واحد. إلا أن هناك فرقاً هو أن (العناء) وارد في النص العبري بخلاف المذلة فأنها لم ترد. زد على ذلك أن (العناء) أخف وزناً ولفظاً من (المذلة) وهناك قولهم: (وسمعت صراخهم من قبل مسخريهم). ولو قيل: (وسمعت صراخهم لقساوة الوهناء عليهم) لكان هو المطلوب.

وفي سفر الخلق 35: 5 (فدفنها يعقوب تحت البطمة) وفي النص العبير (تحت الالاءة) والالاءة هنا احسن وهي في العربية كما في العبرية: شجرة ورقها وحملها دباغ وهي حسنة المنظر مرة الطعم لا تزال خضراء شتاء وصيفاً (عن التاج).

وفي لسان العرب: (قال أبو زيد: هي شجرة تشبه الآس لا تتغير في القيظ ولها ثمرة تشبه سنبل الذرة ومنبتها الرمل والأودية. قال: والسلامان نحو الآلاء غير أنها أصغر منها تتخذ منها المساويك، وثمرتها مثل ثمرتها ومنبتها الأودية والصحاري) اهـ. - أما البطمة فشجرة الحبة الخضراء وهي غير الآلاء ومن أراد التحقيق فليرجع إلى الأمهات. وإبدال كلمة من

كلمة أخرى تقاربها من غير أن تكون اياها، كثير الأمثلة. فقد جاء مثلا في نبوءة زكريا 1: 8 (لان من يمسكم يمس حدقة عينه) والكلمة العبرية هي (بينة)

ص: 674

(وزن عنبة) أي بؤبؤ. ونحن لا نرى هنا إبدالها الحدقة لان الواحدة غير الآخرة ولا سيما لان كادة (ب أب أ) ومادة (ح د ق) معروفتان في اللغتين العبرية والعربية. وهذا الخطأ يظهر شنيعاً في الألفاظ العلمية الاصطلاحية فان النسخة اليسوعية لم تحقق أسامي الطيور الواردة في سفر اللاويين الذي سموه سفر الأحبار، فقد جاء مثلا في الإصحاح الحادي عشر في الآية 17 وما بعدها: واليوم والزمج والباشق والشاهين والقوق والرخم واللقلق والبغاء بأصنافه والهدهد والخفاش) وهذه الأسماء لا توافق ما جاء في النسخة العبرية الأم ولا ما في النسخة اللاتينية الشائعة، ولا سائر النقول السامية اللغة، فان المعربين أليس وعيين قد انفردوا بهذه الترجمة انفراداً عزاهم عن جميع الناقلين والرواة وأظهرهم من المخطئين بين كل من ترجم وفسر وأول. أما التعريب الصحيح فيكون هكذا:(والمصاص (نوع من البوم) والغواص والحبيس (هو أبو حنش أيضاً) والتم والقوق والزمت والبلشون والطيطوي بأصنافه والهدهد والخفاش) أهـ. فأين هذا من ذاك؟ أما إظهار فساد الترجمة اليسوعية فيطول بسطه لما يتركب على هذا العمل ذكر اللفظة العبرية ومعناها وسوء معنى الكلمة التي ذكرها اليسوعيون المترجمون وسبب تفضيل ما ذكرناه من أسماء الطير على أسماء طيرهم على أننا لا نتلكأ عن إظهار ما في نقلنا من الصحة إذا ما اكرهنا أناس على تبيينها عند حاجتهم أليها.

وسوء نقل الألفاظ الاصطلاحية في كل ما جاء في هذه الترجمة يطول طولا يخرجنا عن موضوع المجلة ويدفعنا إلى معالجة ما ليس من مباحثها فاجتز أنا بهذه الإشارة.

فيلعم من هذا البسط المجمل أننا فينا حاجة ماسة إلى نسخة توراة عربية صحيحة العبارة. وان هذه الأمنية لم تتحقق إلى اليوم. أما نسخة الموصل فهي في نظرنا احسن من نسخة بيروت وان كانت دون هذه حسناً في الطبع والضبط والورق. وأما النسخة العربية التي عني بطبعها البروتستان فلا يمكن أن تمسك بالأيدي للغتها الأعجمية وفساد تركيب عبارتها المكتوبة بحروف عربية وهي عن العربية بعيدة بعد الصينية عنها. وعسى أن لا يحمل كلامنا إلا على الغيرة وعلى الاهابة بأرباب الدين إلى وضع ترجمة صحيحة لا غبار

عليها. وهو الموفق لسواء السبيل.

ص: 675