الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المكاتبة والمذاكرة
ماء السمرمر
كان أحد علماء الألمان في برلين سألنا أن نفيده عما نعرف من أمر ماء السمرمر الذي رأى ذكره في كتاب تاريخ حلب للطباخ (راجع لغة العرب 8: 539) فذكرنا ما كنا نعرفه في هذا الباب، وفي اليوم الذي كتبنا الجواب سألنا ثلاثة من علماء إيران أن يفيدونا عما لهم من الإطلاع في هذا الموضوع. فجاءنا جواب أحدهم وهو العلامة الجليل سعيد نفسي وقد كتب إلينا ما هذا تعريبه:
(أن ماء السمرمر الذي ذكر في السؤال هو ماء معدني يعرف في إيران باسم: (آب مرغان) أي ماء الطيور، وفي الفارسية العصرية:(آب سار) أي ماء السمرمر. ويزعم أن هذا الماء يجلب الطائر المعروف في فارس باسم (سار، شار شارك، شارو، ساري) وهذه الألفاظ تعني الزرزور بالعربية وبالفرنسية وباللاتينية وهذا الطائر حريص على الجراد وهو عدوه الأزرق ويتلف منه شيئاً كثاراً. والفلاحون الإيرانيون يعرفون هذه الحقيقة منذ القرون المتباعدة في القدم ولهذا يرشون منه في الأرضين التي يظن أنها مرعى للجراد وذلك ليجلبوا إليها هذا الطائر المعادي لذلك الضيف الثقيل الوطأة. وماء السمرمر ماء معدني يحوي مواد تجلب إليها الزرزور. وفي إيران عدة عيون منها:
1 -
أقدم عين معروفة عين سميرم أو شميرم (بالسين المهملة أو المعجمة) في أرض لرستان وقد ذكرها زكرياء بن محمد بن محمود القزويني صاحب كتاب عجائب المخلوقات وطبع على هامش حياة الحيوان الكبرى للدميري. راجع هذا الكتاب النسخة المطبوعة في القاهرة في سنة 1311: 260 و261 وذونك عبارته بنصها: (عين شميرم وهي ناحية بين أصفهان وشيراز، بها مياه مشهورة
وهي من عجائب الدنيا. وذلك، أن الجراد إذا وقع بأرض يحمل من ذلك الماء إليها بشرط أن لا يوضع الظرف الذي فيه ذلك الماء على الأرض، ولا يلتفت حامله إلى ورائه فيتبع ذلك الماء من الطير السود، (قلنا: هو السوادية لا الطير الأسود لأن السوادية هي الزرزور) عدد لا يحصى، ويقتل الجراد. وهذا مجرب ولقد وقع بأرض قزوين جراد كثير، وأكل جميع زرعها، وباض فبعث أهل قزوين لطلب
هذا الماء فجاءوا به، فجاء الطير خلفه وأكل الجراد جميعه) اهـ. كلام القزويني.
ومن المصنفين الذين ذكروا هذا الماء حمد لله المستوفي القزويني في كتابه نزهة القلوب. قال: (راجع نزهة القلوب. طبعة جب سنة 1913 ص 280):
(في سميرم، من أعمال لرستان، عين في مائها خاصة عجيبة وذلك أن الجراد إذا نزل بأرض يذهب اثنان من الرجال لم يشرب أحدهما مسكراً والثاني لم يزن ويأخذان ماء من تلك العين ويأتيان به إلى مرعى الجراد بشرط أن لا يوضع الإناء في الأرض. فتتبع الزرازير ذلك الماء وتهجم على الجراد. وهذا الأمر معروف في كل مكان. ويزعم أن سليمان الحكيم تحدي الجراد الفساد لأنه أخذ ماء من هذه العين أمام شاهد وأمر الزرازير أن تتلف الجراد إذا حاول هذا الضرر بموطن ومن ذيالك الحين عرفت خاصية هذا الماء) اه كلام المستوفي.
والعين الأخرى التي ذكرها الكتبة هي التي ترى بجوار شيراز.
والثالثة هي الموجودة في قهستان.
والرابعة هي الموجودة في جوار قزوين. وهي التي يذهب إليها الناس في هذا العهد. والبائن أن الناس لم يعرفوها منذ القدم لأن القزويني والمستوفي (وكان هذا أيضاً من قزوين)، لم يذكراها البتة.
وهذه العيون الأربع ترى في الأودية
هذا ما عن لي وأنا في مصيفي بعيداً عن كتبي. وفيه المجزأة.
قلهك طهران (إيران) في تموز 1930.
سعيد نفسي
(لغة العرب) نشكر الأستاذ نفسي زاده على تفضل به علينا. ولا شك في أنه أصاب المرمى ولعل الماء الذي ذكرناه في الأهواز النابط من عين هناك هو من هذا القبيل. لأن الثقة اخبرنا بذلك وهو ممن يعتد على كلامه.