الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دراسته، يلتحق بالأندية التي قد أعدتها الحكومة لهذا الشأن، فيقل فينا المرض ويخف سكان السجون، لأن العقل السليم في الجسم السليم، يساعدنا على درس الفنون. وأن ساد أجدادنا قبل قرون فساسوا العالم في عهدهم، فننا أحفادهم قد ورثناهم روح الانتصار، فلا غرو إذا أصبحنا بعد ذلك سادة العالم الرياضي.
بغداد: فنسان م. ماريني
المائن أو الممخرق
لاقاني أحد الوطنين الأدباء من المتفرنجين، وقال لي: أنك تدعي أن لغتنا غنية، وفيها من الألفاظ ما يقوم بحاج العصر، فهل تظن أنك تجد في لغتنا، ما يؤدي معنى كلمتهم (شرلطان)؟ - قلت: وما مرادك من هذا الحرف؟. قال: معناه الطبيب الدجال، الجالس على قارعة الطريق، وهو ينادي على ما بيده أنه نافع للداء الفلاني، والفلاني، الفلاني، إلى ما لا نهاية له. فيوقن به السذج. ويشترون منه دواءه المزور، وهو لا يفيد شيئاً.
قلت له: هذا ما سماه السلف، في عصر العباسيين، بالمائن. أما قرأت في التاريخ ما جاء عن هرون الرشيد؟. فقد ذكر أن منكة الطبيب الهندي الذي استدعاه هرون الرشيد من دياره، ليطيبه. مر ذات يوم (في الخلد، وإذا هو برجل من (المائنين) قد بسط كساءه، وألقى عليه عقاقير كثيرة: وقام يصف دواء عنده معجوناً. فقال في صفته: هذا دواء للحمى الدائمة وحمى الغب، وحمى الربع: ولوجع الظهر والركبتين، والجلسام والبواسير، والرياح، ووجع المفاصل ولوجع العينين، ووجع البطن، والصداع، والشقيقة، ولتقطير البول والفالج والارتعاش ولم يدع علة في البدن إلا ذكر أن ذلك الدواء شفاؤها.
فقال منكه لترجمانه: ما يقول هذا؟ فترجم له ما سمع وتبسم منكه، وقال: على كل حال ملك العرب جاهل. وذلك أنه أن كان الأمر على ما قال هذا فلم حملني من لدي وقطعني عن أهلي. وتكلف الغليظ من مئونتي، وهو يجد هذا نصب
عينه، وبازائه؟ - وأن كان الأمر ليس كما يقول هذا، فلم لا يقتله؟ فأن الشريعة، قد أباحت دم هذا ومن أشبهه، لأنه أن قتل، ما هي إلا نفس تحيا بفنائها أنفس خلق كثير، وأن ترك وهذا الجهل، قتل في كل يوم نفساً وبالحري أن يقتل أثنين وثلاثة وأربعة في كل يوم، وهذا فساد في الدين، ووهن في المملكة) (راجع عيون الأنباء لأبن أبي اصيبعه 2: 33 و 34).
قال المتفرنج: والمائن هو الكاذب لا غير. فأين هذا مما نريده؟. قلت: أن المائن الكاذب أو الكذاب عينه: لكن ألا تعلم أن الكلمة العامة قد تخصص بمعنى دون معنى من باب التواطؤ، فالكلمة الإفرنجية معناها في أصل وضعها من الإيطالية والإيطالية من فعل ومعناه ثرثر وتشدق ثم خصصوه بهذا الذي تعنيه. وهذا ما تراه جميع اللغات، لا تخلوا
واحدة منها وفي لغتنا أكثر مما في سواها.
وأن لم ترضك هذه اللفظة، فلنا لفظة تقوم مقامها هي (الممخرق) قال في اللسان: الممخرق: المموه. وهي المخرقة مأخوذة من مخاريق الصبيان أه. وقال عن المخاريق وأحدها مخراق: ما تلعب به الصبيان من الخرق المفتولة. قال عمرو بن كلثوم:
كأن سيوفنا منا ومنهم
…
مخاريق بأيدي لاعبينا
ابن سيدة: والمخراق: منديل أو نحوه يلوى فيضرب به أو يلف فيفزع به، وهو لعبة يلعب به الصبيان، قال:
أجالدهم يوم الحديقة حاسراً
…
كأن يدي بالسيف مخراق لعب
وهو عربي صحيح. وفي حديث علي (ع) قال: البرق: مخاريق الملائكة وانسد بيت عمرو بن كلثوم، وقال: هو جمع مخراق، وهو في الأصل عند العرب ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضاً. أراد أنها آلة تزجر به الملائكة السحاب وتوقه. ويفسره حديث أبن عباس: البرق سوط من نور تزجر به الملائكة السحاب. . .) أه كلام ابن مكرم.
فأنت ترى من هذا أن لغتنا غنية بما في مذخرها من فوائد المفردات.