الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لواء كركوك
لمحة تاريخية
(كركوك) بلدة قديمة تعلو سطح البحر بنحو (1160) ألف ومائة وستين قدماً واستيفاء البحث عن قدمها يكلف صاحبه كثيراً لعدم وجود مصادر تاريخية يصح الركون إليها. ومن الكتب التي جاء ذكرها فيها كتابان كلدانيان قديمان نقل أحدهما إلى اللغة التركية المطران أدي شير عام 1896م دون أن يذكر اسمه ولا تزال النسخة التركية مخطوطة ومحفوظة في كنيسة الكلدان في كركوك، والآخر (أسمه أخبار الشهداء) طبعة بلغته الأب بولس بيجان في لا يبسيك (ألمانية) ونسخة نادرة جداً وذكر في هذين السفرين الجليلين أن سردنابال ملك الآثوريين هو الذي أنشأ هذه المدينة وكان سبب إنشائها أن ضابطاً من الماذيين يدعى (ارباق) عصا حكومته ذات يوم فعزله سردنابال عن وظيفته وأمر بإنشاء مدينة هي التي سميت بعد ذلك (كركوك) في كورة (باجرمي) وجعل رجلاً أسمه (كرمي) حاكماً عليها ثم جلب ألف نسمة من الآثوريين وأسكنهم فيها فتوسعت عمارتها وعظم شأنها إلا أن (كرمي) أيضاً استقل بالولاية بعد حين فاصبح الحاكم المطلق على هاتيك الديار وكان مع ذلك يراجع الآثوريين أحياناً. ثم انتقل حكم العراق إلى (الاسكندر الكبير) فكانت (كركوك) في ضمن أجزاء مملكته ولما توفي الاسكندر وتقاسم ملكه قواده الثلاثة (بطليموس وسلوكس وانطيغونس) على النحو الذي يعرفه التاريخ، كانت (كركوك) من نصيب سلوكس فهدم مبانيها البالية وأقام سوراً فخماً جعل له 65 برجاً مهما ووسع عمارتها توسيعاً عظيماً وجعل لها بابين سمي الشمالي منهما (طوطي) باسم حاكمها يومئذ. ودعي شأن (كركوك) وصارت تسمى باسمه أي (كرخ سلوك) المنحوتة من (كرخا دبيث سلوك) أي (مدينة سلوكس) باللغة الأرمية ثم انتقلت إلى خلفائه من بعده وبقيت في حوزتهم زمناً طويلاً حتى انتقلت إلى
البرثيين عام 256 ق. م في ضمن ما انتقل إليهم وبقيت بأيدي هؤلاء أيضاً ردحاً من الزمن حتى شق أردشير عصا الطاعة على البرثيين عام 227م فاستقل ب (كركوك) وبقيت تحت شوكة الفرس حتى استيلاء العرب على العراق وقد سماها بطليموس (كركورا) ودعاها استرابون (ديمترياس).
(لغة العرب) هذه اللمحة التاريخية هي أقرب إلى الخزافة منها إلى التاريخ فالملك سردنابال لم يوجد إلا في مخيلة بعض مؤرخي اليونانيين. وفضلاً عن ذلك أنهم لم يتفقوا في تعيين سني حياته. فمن قائل أنه أحرق نفسه مع حرمة وأمواله في سنة 759ق م (راجع بويه في سردنابال) ومنهم من ذهب إلى أنه ملك في سنة 836 ق م وأحرق نفسه في سنة 817 ق م. وعلى كل حال لم يكن ملك حتى لا ملك وهمي أو خيالي في سنة 800 ق م ليبني المدينة التي سميت بعد ذلك كركوك.
والمصنفات التي يشير إليها حضرة الكاتب هي تأليف موضوعه لا قيمة لها في نظر الأخباريين والمؤرخين. والذي يمكن أن يقال أن باني هذه المدينة غير معروف (لعدم وجود مصادر تاريخية يصح الركون إليها) إذن كل ما يقال من باب التاريخ هو تزوير محض أو نبأ مختلق. وما يروي من أخبارها من عهد الاسكندر مما لا يوثق به أيضاً لأنه مستند إلى موارد صحيحة.
وليسمح لنا القراء أن نذكر لهم أن المعلمة الإسلامية كتبت أسم كركوك بالحرف الإفرنجي هكذا أي بكسر الكافر الأولى وضم الثانية وهو مخالف للفظ العربي. نعم أن الترك يلفظونها بكسر الكاف الأولى لكن الكلمة ليست تركية حتى يتخذ هذا اللفظ اسماً صحيحاً، إنما الكلمة من نحت العرب لها فيجب أن يقال أو أما فخطا صريح وذكر في ذلك المقال أن جبال حمرين واقعة في الشمال الشرقي وضبط اسم هذه الجبال بفتح الحاء والصواب بضمها كما ضبطها ياقوت في مادة بارما والهمداني في صفة جزيرة العرب (ص 133) ولم نجد في كتب مؤرخي العرب من المسلمين من ذكر كركوك بهذا الاسم. أما النصاري فكانوا يسمونها الكرخ كما ذكر ذلك ايليا الدمشقي والأرميون ذكروها باسم (كرخا دبيث سلوك) وهكذا وردت في كتاب السينودكون (منذ سنة 410م).
مدخل البحث
هذا هو موجز تاريخ قلعة (كركوك) الحالية والمدينة تتقوم من قسمين مهمين يقال لأحدهما (القلعة) وما مر بك يتعلق بتاريخها والقلعة اليوم في حالة متوسطة العمران تطل بعض بيوتها على القسم الأسفل من البلد وفيها جامعان عظيمان يدعي الأول منهما جامع (مريمانه) ويسمى الثاني (جامع النبي دانيال) وسدانة كلا الجامعين بأيدي المسلمين وتدعي
النصارى أنهما كانا كنيستين لهم
ويستشهدون على ذلك بوجود بعض الرسائل الدينية خطت لهتين الكنيستين خاصة. وفي الجامع الثاني ثلاثة قبور من الكبار هم (حنانيا وعزريا وميشائل) وتزعم اليهود أن (النبي دانيال) دفن في هذا الجامع وهو زعم لا يسنده دليل على الرغم من تأديتهم الفرائض الدينية له في كل سنة لأن النبي دانيال توفي في خوزستان على ما يقال ودفن في (ششتر) من أعمالها ولا يزال قبرة معروفاً هناك بموجب الرواية الشائعة.
وأما القسم الثاني من (كركوك) فيدعي (السهل) وهو حديث على ما يظهر للمتتبع إذ يؤكد الطاعنون في السن أن قد بدأت العمارة فيه عام 1144 هج (1729م) ولم نعثر في الكتب على تاريخ له سوى ما جاء عن قرية (قورية) التي هي إحدى محلات كركوك اليوم مع بعدها الشاسع عن قسم (القلعة) فقد ذكر أن طهماسب جاء إليها عام 1146 هج (1733م) فضرب سكانها ودمر منازلهم وأحرق خيامهم واضطربت القرية بمن فيها وهجرها سكانها فقصدوا قرية (بشير) التي تبعد عن كركوك 20 ميلا ولما رحل طهماسب عنها عاد السكان إلى المحلة التي كانت تعظم بالتدريج بالقرب من القلعة.
وكانت كركوك من المدن العراقية المهمة في العهد السابق وهي اليوم لا تقل أهمية عما كانت عليه والذي يجول فيها الآن يشعر بانشراح في الصدر وراحة في النفس لسعة شوارعها ونقاء هوائها وجمال منظرها وحسن عمارتها وكثرة ما فيها من وسائل الراحة وموارد العيش. يضاف إلى ذلك قربها من الجبال وارتباطها بالعاصمة بسكة حديد يبلغ طولها 203 أميال. وبيوت المدينة مبنية بالحجارة الكلسية لأن أرضها حجرية والتجارة فيها واسعة وتخترقها جادات مستقيمة صفت فيها الحوانيت صفاً بديعاً. ويمر بها نهر كبير يقال له (الخاصة) تتدفق فيه مياه الأمطار إذا كثرت أو فاضت مياه العيون الكثيرة. ويستقي السكان ماءهم من أربعة نهيرات تتفجر مياهها العذبة من جبل يبعد عن المدينة 30 ميلاً وهذه النهيرات هي (القورية والتسعين والزاوية والبيلاوة) وتقرب
من المدينة عدة آبار نفطية تستغلها شركات أجنبية تدفع إلى الحكومة العراقية أربعة شلينات ذهبناً عن كل طن تستخرجه من الزيت وقفاً للمادة العاشرة من الامتياز الذي خولته. وهذه الآبار منحصرة في أربع مناطق مهمة وهي (بابا كركر) و (طوز خرماتو) و (جم جمال) و (التون كوبري)
وفي مراكز هذه المناطق بنايات فخمة وعمارات كثيرة ومكائن مختلفة وكلها للشركات صاحبات الامتياز النفطي وستتركها كلها للحكومة العراقية في عام 2000م وهو العام الذي ينتهي فيه أمد هذا الامتياز.
تنظيمات اللواء الإدارية
يتقوم لواء كركوك من ثلاثة أقضية (عدا النواحي المرتبطة بها) وسبع نواح وعدة قرى بين صغيرة وكبيرة. أما الأقضية الثلاثة فهي كفري وجم جمال (والجيمان فارسيان) وكيل (بالكاف الفارسية) وأما النواحي السبع فهي:
1 -
كركوك. 2 - شوان. 3 - التون كوبري. 4 - ملحة. 5 - شبيجة. 6 - طاووق. 7 - قرة حسن. وأما القرى فيبلغ مجموعها 578 بعضها مرتبط بالأقضية وبعضها بالنواحي السبع الملحقة بمركز اللواء رأساً. وقد صعب علينا جمع أسماء هذه القرى ولا سيما الصغيرة منها ولهذا أرجأنا البحث عنها إلى فرصة أخرى وهانحن أولاء نبدأ بالكلام عن الأقضية والنواحي فنقول:
النواحي الملحقة بمركز اللواء سبع وهي:
1 -
ناحية كركوك وهذه داخلية أي يقيم مديرها في مركز اللواء وتتبعها 57 قرية.
2 -
ناحية شوان وتتقوم من 89 قرية ومركزها قرية (ريدار) التي تبعد عن الشمال الغربي لمدينة كركوك 25 ميلاً وهي متوسط العمران والسعة.
3 -
ناحية التون كوبري وهي تتألف من 33 قرية مهمة ومركزها قصبة التون كوبري (أي قنطرة الذهب) التي تبعد عن شمالي كركوك 30 ميلاً وهي مهمة يخترقها نهر الزاب الصغير وفيها جسران مهمان أنشأتهما السلطة الاحتلالية بعد أن نسفت الحكومة البائدة قنطرتها الحجرية التي شيدها السلطان مراد الرابع عام 1048هـ عندما أراد أن يعبر الزاب الصغير المسمى يومئذ (زاب البو
حمدان) وقد نسفتها بمقذوفاتها لتعطيل الحركات العسكرية على عدوها (وعدوها يومئذ الإنجليز والروس).
4 -
ناحية ملحة وتتبعها 37 قرية ومركزها (تل علي) التي تبعد عن غربي كركوك 50 ميلاً وفيها الملح بكثرة.
5 -
ناحية شبيجة (بالتصغير والجيم الفارسية ولفظها الصحيح شبيكة) وهذه تتألف من 25
قرية ومركزها القرية المسماة باسمها والتي تبعد عن الجنوب الغربي لكركوك 49 ميلاً وهذه القرية مبنية في أرض منخفضة تحيط بها هضاب وقد بنى فوق هذه الهضاب دواوين الحكومة ومراكزها المهمة. ويمر بها نهير يدعى باسمها وأغرب ما شهدته في هذه القرية كثرة المياه فأنك لا تستطيع أن تحفر في الأرض شبرين حتى يندفق الماء بغزارة.
6 -
ناحية طاووق وهي واقعة في جنوب كركوك وعلى بعد 28 ميلاً عنها. وتشتمل على 29 قرية وأراضيها مخصبة للغاية ومركزها قرية طاووق المتوسطة العمران و (طاووق) كلمة تركية معناها (الدجاج) وربما سميت بهذا الاسم لكثرة هذا النوع من الطيور الداجنة فيها ويسير قطار بغداد إلى كركوك بالقرب منها فيعبر قنطرة حجرية يبلغ طولها ثلاثة أرباع الميل ويمر بها نهر (الخاصة) الذي تقدم ذكره ويقرب منها مزار للأمام زين العابدين (ع) فترى الناس يقصدونه من سائر الأطراف للتبرك به والاستشفاء مما ألم بهم وكثيراً ما يعودون إلى أوطانهم وهم على أتم صحة.
7 -
ناحية (قرة حسن) ومركزها قرية (خالد بازيان) التي تبعد عن شرقي كركوك 25 ميلاً وهي متوسطة وقراها 52 قرية هذا وصف موجز للنواحي السبع المرتبطة بمركز اللواء ومعظم قراها عامرة وكلها آهلة بالسكان من العشائر الكردية التي تمتهن الزراعة وهي مدار العيش في جميع أنحاء العراق.
1 -
قضاء كفري
كفري وزان (كرسي) اسم ثان للصلاحية في (الخالص) من ديار العراق
وهي اليوم مركز القضاء المسمى باسمها وتبعد عن جنوبي كركوك 78 ميلاً ويربطها بالعاصمة الخط الحديدي (من بغداد إلى كركوك) وهي تقع إلى سفح الجبل المسمى (شهسواب). هواؤها جيد ومعتدل وماؤها عذب زلال إذ يتفجر في موضعين يقال لهما (سر قلعة وقوشة جايان) ويقرب من هذه القصبة بعض معادن يستخرج منها الفحم الحجري وقد استعملها الألمان مدة الحرب الكونية وبالقرب منها نوع من القار يقال له (الكفر) قال أبن شميل القير ثلاثة أضرب الكفر والقير والزفت فالكفر يذاب ثم يطلى به السفن والزفت يطلى به الزقاق (وهو الإسفلت عند الإفرنج). أه. والقصبة عامرة جداً وبيوتها جميلة وفيها متنزهات كثيرة وأسواقها متداخلة وتسير فيها الحركة العمرانية سيراً مطرداً وتجارتها حسنة وربما
أصبحت من أهم القصبات في هاتيك الجهات بعد زمن قليل.
للقضاء أربع نواح وهي كفري وطوز خرماتو وقره تبة وشيروانة. فناحية كفري داخلية وقد أبنا سابقا المقصود من الناحية الداخلية، وهي تتقوم من 119 قرية ويقيم مديرها في مركز القضاء أي (كفري).
وأما ناحية طوز خرماتو فصقع واسع من أغنى أصقاع العراق بنفطه الفاخر وتستغل هذا النفط شركة أجنبية أوضحنا سابقاً بعض ما يهمنا معرفته عنها. وتتقوم هذه الناحية من 162 قرية ما بين صغيرة وكبيرة ومركزها القصبة المسماة باسمها وهي في حالة متوسطة وتبعد عن جنوبي كركوك 48 ميلاً وتقرب منها منازل عمال الشركة النفطية ومعاهدها ومكائنها وسائر ما يقتضي لها ولأشغالها ويحيط بها جبال بعضها شاهق والبعض الآخر قليل الارتفاع ويقربها أودية كثيرة فيها لأشجار الباسقة والثمار اليانعة مما يزيد في بهجتها وبهاء منظرها ويمر بها نهر الخاصة والقطار يعبر هناك جسراً حجرياً طويلاً.
وأما ناحية (قره تبة) فتشتمل على 61 قرية متوسطة ومركزها البليدة الجميلة المسماة باسمها والتي تبعد عن الجنوب الغربي من مركز القضاء 21 ميلاً وقد سميت هذه القرية باسمها الحالي لوجود تل أسود بطرف من أطرافها ويأخذ الاهلون حاجتهم من الماء من نهير صغير يمر بقريتهم ودار الحكومة فيها يطل
على هذا النهير والقرية مشهورة بجودة لبنها وكرومها. ولكثرة اللقالق فيها يدعونها الناس (أم اللقلق) وأما ناحية شيروانه فيبعد مركزها عن شرق كفري 25 ميلاً وهي متوسطة العمران بها 13 قرية وفي وسطها قلعة حصينة شيدت فوقها مراكز الحكومة المهمة ومعظم سكان الناحية من عشيرة الجاف الكردية.
2 -
قضاء جم جمال
كان هذا القضاء تابعاً للواء السليمانية قبل الحرب وبعدها إلا أنه الحق بلواء كركوك في الأزمنة الأخيرة وهو يتقوم من مركزه ومن ناحيتين فقط يقال للأولى منهما ناحية (جم جمال) وهي داخلية وتسمى الثانية ناحية (أقجه لر) وهي تبعد عن الجهة الشرقية من مركز القضاء 25 ميلاً وليس أهمية تذكر غير أهميتها السياسية من وجهة الأمن. ومركزها قرية صغيرة قاعدة في وسط جبال شاهقة وعلى طول الطريق المؤدية إليها أشجار البلوط
البديعة وبيوتها مبنية بالحجارة الكلسية وللشرطة فيها عمارة فخمة جداً وقد غرست حولها أشجار الرمان والماء فيها عذب.
أما مركز القضاء فقرية واقعة وسط سهل مترامي الأطراف وهي تبعد عن شرقي كركوك 33 ميلاً وتسمى باسم القضاء والطريق بينها وبين كركوك وعر لكثرة الحفر والأخاديد التي فيه في حين أن الذي بين السليمانية وبينها معبد ومبلط وهذه القرية تقع في منتصف طريق (كركوك إلى السليمانية) وبالقرب منها منطقة نفطية غزيرة ولولا هذه المنطقة لما كان لهذا القضاء أهمية تذكر.
وقرية جم جمال متوسطة بين ألوية أربيل والسليمانية وكركوك وهي حقيرة جداً ويمر بالقرب منها نهير صغير ماؤه عذب وبارد للغاية وفي وسط القرية تل مرتفع تسكن الحكومة فوقه أما الآن فقد شيدت لها مركز متناسبة مع أهمية القرية والقضاء.
3 -
قضاء كيل
(كيل) من المناطق الغزيرة النفط في لواء كركوك ونفطها من احسن الأصناف ونقي كل النقاء ويؤكد المختصصون أنه أفضل من النفط الروسي في الاحتراق. وقضاء كيل واسع وأن كانت نواحيه قليلة. ومركزه قرية صغيرة