المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بيت الشاوي 1 - بيوت بغداد إن العصور المتأخرة قلت من شأن - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٨

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 76

- ‌سنتنا الثامنة

- ‌يا للمصيبة

- ‌الآمال الهاوية

- ‌الدواخل والكواسع في العربية

- ‌اليأمور

- ‌رسالة في النابتة

- ‌مندلي

- ‌لواء الكوت

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 77

- ‌خزائن بسمى القديمة

- ‌أعلام قصيدة أخت الوليد بن طريف

- ‌العربية مفتاح اللغات

- ‌القفص والغرشمارية والكاولية

- ‌اللغة العامية العراقية

- ‌الحروف العربية الراسية

- ‌صفحة من تاريخ أسر بغداد

- ‌تاريخ اليهود

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهرة في العراق وما جاوره

- ‌العدد 78

- ‌رسالتان تاريخيتان

- ‌من هو القرصوني

- ‌لواء العمارة

- ‌اليحمور واليامور

- ‌بيت عراقي قديم

- ‌العربية مفتاح اللغات

- ‌اللغة العامية العراقية

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌نظم شمس الدين عبد الله محمد بن جابر الأندلسي

- ‌عني بنشرها صديقنا المذكور

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 79

- ‌الفتوة والفتيان قديما

- ‌لواء البصرة

- ‌محمود العنتابي الأمشاطي

- ‌القريض في فن التمثيل

- ‌صفحة من تاريخ أسر بغداد

- ‌الدولة القاجارية وانقراضها

- ‌دار شيعان

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 80

- ‌إلى عكبرى وقنطرة حربي

- ‌القصر الذي بالقلقة

- ‌صفحة من تاريخ أسر بغداد

- ‌مجلة المجمع العلمي العربي وأوهامها

- ‌الأسر المنقرضة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 81

- ‌الألفاظ اليافثية أو الهندية الأوربية في العربية

- ‌لواء كركوك

- ‌مصطلحات حقوقية

- ‌قبر راحيل

- ‌بيت عراقي قديم

- ‌محلة المأمونية وباب الأزج والمختارة

- ‌أسرة الحاج الميرزا تقي السبزواري

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌111 - كتاب التيجان في ملوك حمير

- ‌عن وهب بن منبه رواية أبن هشام

- ‌طبع بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانيين في

- ‌حيدر آباد الدكن

- ‌سنة 1347 في ص496 ص بقطع الثمن الصغير

- ‌تاريخ وقائع الشهرية في العراق وما جاوره

- ‌العدد 82

- ‌أحمد باشا تيمور

- ‌نظرة في المجلة الألمانية ومجاوراتها الساميات

- ‌تحققات تاريخية

- ‌القمامة أو كنيسة القيامة

- ‌البرثنون في كتب العرب

- ‌العمارة والكوت

- ‌بيت عراقي قديم

- ‌ألفاظ يافثية عربية الأصل

- ‌في مجلة المجمع العلمي العربي

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاورها

- ‌العدد 83

- ‌دار المسناة

- ‌رسالة لأبي عثمان

- ‌تحققات تاريخية

- ‌الفلحس

- ‌صفحة من مؤرخي العراق

- ‌القرب في اللغة

- ‌لواء أربل

- ‌اللغة العامية العراقية

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌الحكومة العراقية والمخطوطات

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 84

- ‌نقد لسان العرب

- ‌العمارة والكوت

- ‌ترجمات التوراة

- ‌بيت الشاوي

- ‌في مجلة المجمع العلمي العربي

- ‌رسالة إلى أبي عبد الله

- ‌القيالة عند العرب

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 85

- ‌إلى شبيبة العراق

- ‌المائن أو الممخرق

- ‌آلتون كوبري في التاريخ

- ‌لواء السليمانية

- ‌أرض السليمانية في التاريخ القديم

- ‌تذنيب في تخطئة معلمة الإسلام

- ‌نظرة في المقاومات العراقية

- ‌نقد لسان العرب

- ‌الأسناية ومعناها

- ‌قبر العازر

- ‌كوت العمارة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاروه

الفصل: ‌ ‌بيت الشاوي 1 - بيوت بغداد إن العصور المتأخرة قلت من شأن

‌بيت الشاوي

1 -

بيوت بغداد

إن العصور المتأخرة قلت من شأن بغداد، وجعلتها في الدرجة الدنيا عن سائر الأقطار والبلدان، لان العراق أضاع مركزه السياسي، والعلمي، وفقد السيطرة على الممالك الآخر وعلى عقول الجماعات، من أمد بعيد، ومدة طويلة جداً، ولكنه مع هذا، لم يفقد خصائصه، وعلميته، ومكانته الممتازة بالنظر إلى أطرافه المجاورة، وبالنظر إلى عقلية أهليه، ومزاياهم الطبيعية.

لذا نرى فيه صنوفا قد امتازوا على غيرهم، واشتهروا بخصائص علمية، وسلوكية. جعلتهم بمكانة سامية وأرقى من غيرهم وهذا ما دعا أن يعرف منهم كثيرون، ويشتهرون بالعلم أو المشيخة، أو الرياسة القبائلية وما ماثل ذلك.

كتبت بعض الرسائل، والكتب، عن بيوتات عراقية، ونشر بعضها، وان النفوس تتطلع إلى مثل هذه المباحث، والكل منا يود أن يكشف اللثام، عما كان لها من مكانة ماضية، ومنزلة رفيعة، ومن تأثيرات عملت فيها، وعلاقة اتصل أهلوها بها، وأواصر ربطتهم بها.

وغالب ما رأينا لا يخلو من إذاعة، ونشرة، ولا يسلم من مناقشة ولا يقوي على حجة، وكل ما هنالك المدح الفارغ أو الثناء العاطر الصرف. ولن نعلق أهمية كبيرة بمثل هذه الأمور، اللهم إلا إيضاحاً لمبدأ الأسرة (العائلة) أو أوائل أحوالها، اعتماداً على محفوظات الأسر عن اصلها الغامض، أو عراقة النجار.

وعلى هذا عزمت أن أتكلم على بعض البيوت (العائلات) التي خدمت هذا المحيط، أو أقامت في قيادته وأدارته مدة. بأن قامت بأعمال كبيرة متصلة بوقائعه أو خدمة تعليمية، أو طريقة إصلاحية، سواء أكان محصوراً في شخص أم توالى في اشخاص، وهكذا جرياً على سنن الحق والصدق.

وعلى الرغم من قلة المصادر وندرتها، أو حرص أهليها على الاحتفاظ بها

ص: 676

من دون اطلاع أحد عليها، لن نذخر وسعاً في البحث، بياناً لحقيقة رجالاتنا السابقين، وأكابر علمائنا ومشايخنا، وما أحدثوه من اثر في الجماعة، دون الإشادة بالمفاخر الكاذبة. ومعتمدنا الوثائق

العلمية، والأدبية والمجاميع المتعددة.

وهنا يلاحظ انه لم يكن في العائلات المشهورة جميعها أفذاذ وبصورة مستمرة متوالية، فقد يكون هناك متوالون أو متعاصرون، فإذا تحقق في بعضها فهو لا يتحقق في الأخرى، وهكذا المحيط لا ينجب إلا أحيانا بل قد يلد العصر فذاً واحداً، أو عدة أفذاذ. وقد تمر بنا عدة عصور إسلامية فلا نجد فيها كلها نوابغ بلا لا نقدر أن نقول: أن جميع أكابرهم نوابغ، فالوحيدون قليلون على حد ما قيل:

ما كل من طلب المعالي نافذاً

فيها ولا كل الرجال فحول

وهذه أسرة نبيلة من الايلات البغدادية التي كان لها مكانة تاريخية ومركز ممتاز بين بيوتات بغداد المعروفة وقد توالى رجالها الواحد بعد الآخر فاقدم البحث عنها للقراء وهي: (بيت الشاوي).

2 -

آل شاوي

تمهيد

أن الحكومة العثمانية حكمت العراق من زمن بعيد أي من سنة 941هـ ثم تداولته الأيدي بين ترك وعجم حتى استقر للترك. وخلص لهم. اللهم إلا في بعض أزمان فقد حدث في خلالها قلاقل واضطرابات داخلية، ومنافرات خارجية دولية أدت إلى الاستيلاء على بعض أجزائه، ثم استعادت السلطة نفوذها.

وفي كل هذه الأيام كانت الحكومة بين عوامل كثيرة، تهدد كيانها وتدعو إلى الوقيعة بها، إلى تشويشها

وهذه الأحوال ساقتها إلى أن تتخذ الوسائل للنجاة من هذه المآزق والأخطار فركنت إلى تدابير من شانها أن تكون وافية لمواقفها الداخلية ومقاومة غوائلها الخارجية. وقد علمتها التجارب العديدة هذا السلوك، سواء من وقائع مؤلمة، أم من حوادث نافعة، ناجعة كانت قد راعتها، وسعت للتوقي من نتائجها.

وليس في وسعنا الآن بسط القول في جميع هذه الوسائط التي مشت علها لحفظ كيانها، إذ ذلك يطول فلا نخرج عن الصدد الموضوع لأجله هذا المقال،

ص: 677

إنما غاية ما نريده في هذا البحث، بيان مكانة هذه الأسرة في تاريخ العراق، وما لقيته من الأدوار واهم أمر قامت به

أن الحكومة استخدمتها لأجراء النفوذ على القبائل من طريقهم للتفاهم معهم، أو للسيطرة عليهم بتقوية النفوذ على القسم المناوئ، واستعمالهم آلة قوية تجاه العشائر الآخر من عربية وغير عربية كما أن الحكومة استخدمت لنفسها أقواماً آخرين لمقاومة العرب، ولا يهمها تطاحن القبيلين، أو تأسس العداء بينهما، بل توليد البغضاء هو الأمر المبتغى.

إن الوقائع التي جرت، والتطورات التي لحقت هذه الأسرة، ونفوذها والتبدلات من هذا النوع، تؤيد ما قلته وتوضح بجلاء هذا الغرض فإنها لما لم يبق لها أمل في الاستفادة من هذا البيت، وغضبت عليه، وعلى اهله، وقومه قربت غيره وجازفت معه، فبذلت له كل مرتخص وغال، بل كل ما استطاعت لنيل الغرض، حتى أن الحكومة لم تكتف بكل ذلك بل أسكنتهم مساكن هذا البيت.

والأمر لا يقتصر على هذا البيت، أو ذاك للقضاء على مقدرات هذا القطر بل هناك عوامل آخر توسلت بها الحكومة التركية من تقوية المذاهب المتخالفة والطرائق المتباينة والأقوام المتنوعة، وهكذا كلما أحست بقوة عملت لتوهينها مما ننتظر الفرصة عنه لتدقيق النظر في مباحثه.

وعلى كل حال أن اعظم خصيصة هذا البيت تعاطي (أمور السياسة العشائرية) وعلاقة الحكومة بها فقد اتخذته الحكومة عقد التفاهم وواسطة المعرفة والاطلاع ثم امتد نطاق نفوذ هذا البيت إلى ما وراء ذلك.

أما الحكومة فأنها مشت على هذه الخطة من أوائلها إلى أمد غير بعيد منا، ولكن لم تستطيع من التغلب على هذه السياسة، ومراعاة أوضاعها: في جميع ادوارها، اما لجهل بعض الولاة، أو لروح نزاعة في العشائر، نية إليها ضعف الحكومة، أو سياسة وزرائها الخرقاء. بسبب الشذوذ عن الأداة الحكيمة التي ينبغي أن تسير بموجبها، أو غوائل أخرى فتحت العيون للقيام. . . الخ ممالا يكاد يستوفي الكلام على جميع وسائله بنظرة سريعة. ومن طالع التاريخ بأنعام النظر تجلت له هذه الحقيقة بحذافيرها، ناصعة لا غاشية عليها.

ص: 678

3 -

أصل هذا بيت

هذه الأسرة من قبيلة عربية بحتة كريمة المحتد، ونبيلة، من قبائل حمير القحطانية. وهي (قبيلة العبيد) وهذه القبيلة نالت مكانة وشهرة بهذا البيت، إذ أن القبيلة التي ليس لها احتكاك

ما بالحكومة لا تشتهر شهرة تطبق الأفاق، ويكون لها دوي في التاريخ. . . وبسبب موالاة هذا البيت للحكومة ورضخه الطاعة لمطالبها، وتمشية لنفوذها، والتزامه لجانبها، بحيث تحارب من حاربته وتصاحب من والته. برهنت فعلا على خدمتها الصادقة وأيدت إخلاصها.

ومن جهة أخرى أن رجال هذا البيت صاروا واسطة تفاهم بين الحكومة والعشائر الآخر، فهم (عقد النظام)، كلما طرأ خلل، بادروا إلى رتقه، فقربوا النافر، وخدعوا الغافل، وناوءوا المحارب، وهكذا حتى آمنت الحكومة شر غوائل عديدة، ولولا هذه السياسة لما استطاعت تأمينها.

4 -

رأس هذا البيت (شاوي بك)

لنا بحث مستوفي عن قبيلة العبيد التي منها هذا البيت وليس هنا محل بسط الكلام عنها، والذي أقوله هنا أن رياسة قبيلة العبيد كانت ولا تزال في (فرقة البو شاهر) فهم بيت الرياسة. وان أول رئيس منهم أقام في بغداد هو (شاوي بن نصيف) ولم تقطع علاقته بالقبيلة بل أن نفوذه كان بسبب سيطرته على هذه القبيلة، فتمكن أن يؤلف القبائل التي تمت إليه بسبب القرابة والاخوة القبائلية حتى صاروا يميلون إليه لأنه منهم ويركنون إلى مقدرته ونفوذه لدى الحكومة فيقضي على أكبر عوائلهم، وينهي حاجاتهم وسائر مهماتهم.

ولذا كان مسموع الكلمة، وله الصولة والشرف لدى الحكومة، يعز العشائر ويعتز بهم. ويكفيه فخراً أن تسمى هذا البيت باسمه. ولم تنقطع تلك العلاقة القبائلية. لهذا البيت إلى الآن. فالعبيديون لا يزالون إلى زمن المرحوم عبد المجيد بك الشاوي، يركنون إلى هذا البيت ويستعينون به إلا أن النفوذ لم يبق الآن على القبيلة ولا على العشائر الآخر. ومع هذا لم يستغن عن رأيهم في توجبه بعض الأمور العشائرية إلى أواخر أيام عبد المجيد بك الموما إليه.

والأمل لم يعدم من النفوس فان رجالهم يتحفزون للتسامي والوثوب

ص: 679

إلى أعلى مكانة ولهم منزلتهم المعروفة.

هذا وان شاوي بك لم يعرف عنه شيء كثير. وعلى اكثر احتمال انه كان تقربه من الحكومة زمن الوزير حسن باشا في أوائل القرن الثاني عشر. وليس لدينا تاريخ توطنه

بغداد بالضبط ولا ملازمته للحكومة ولا ائتماره بأوامرها ولا عرفنا تاريخ وفاته. . . مما بأيدينا من الوثائق. وخير وثيقة تاريخية عثرنا عليها ما جاء في حديقة الوزراء في حوادث 1152هـ (1739م) بعد أن قص حادثة لأحمد باشا مع عشيرة القشعم حينما هاجم بنفسه وبخدمه ولم يكن معه أحد قال: (وهذه عادة لأبيه فانه فل مقدمة زبيدة بأربعة فوارس. وذلك كما حدثنيه والدي عن أبي عبد الله بك شاوي انه قال كنت مع الوزير الحسن في غزوته زبيد، وكان معنا أيضاً فارسان آخران مع الوزير يسير أمام العسكر، فاشغلنا بالصحبة، وأملينا أحاديث المحبة، حتى بعدنا عن العسكر، بحيث لا يدركنا البصر. ولم نزل سائرين، حتى أشرفنا على كثيب من رمل ممتد أمامنا. فلما صرنا فوقه، أبصرنا مقدمة الأعداء خلفه جائية وجموعهم وراءها عادية. فألويت عنان فرسي، فزجرني الوزير. وأغرنا على المقدمة، إغارة من يظن به أن قومه قريب منه فشتتنا جمعيه المقدمة بعد أن كانت مجموعة ملتئمة، واشتغل بيننا الأسمر، وجرى منهم الدم الأحمر، ولم تتلاءم الأعداء بعضها على بعض. إلا والعسكر أدركهم. ففرق شملهم بعد الاجتماع، وتركهم صرعى في تلك البقاع) اهـ. (راجع ص 302 و 303) ومنها تعلم منزلته ويوافق تاريخ هذه الواقعة سنة 1119 هـ 1707م.

واليك أيها القارئ ما قيل عن هذا البيت في تاريخ عنوان المجد وهذا نصه:

(ومنهم (من بيوت بغداد) بيت المجد، آل شاوي، العبيدي، الحميري، وهو بيت علم، وشجاعة، وكرم، ورئاسة، ونجابة، وأدب، وحسب، ونسب. وكانت لهم الكلمة النافذة في جميع قبائل عبر العراق: ورياسة العرب لدى وزراء بغداد، كالنعمان بن المنذر عند كسرى.

(وقد حازوا العلم، والسيف، والقلم، وسائر المفاخر. وكان يعيش في كنفهم خلق كثير ومن كل صنف، ولهم الصولة القاهرة بين القبائل) اهـ.

ص: 680

أن شاوي هذا جدهم الأعلى، وهو أول من عرف منهم في بغداد، وهو الذي سالم الحكومة وعزم على موافقتها في خطتها، وقاوم بنفسه، وبقبيلته، العشائر المعادية، كما أشير إلى ذلك. ولا يذكر له من الأوصاف اكثر مما يوجد في رئيس قبيلة من كرم طباع، وذكاء عربي خالص، ونفوذ نظر للأمور وسرعة حل، وحسن تدبير وحلم، مما تعرف في رئيس

حاذق، عارف، ولذا نجد أخباره المدنية، وأعماله القومية ليست بالغربية.

واهم ما فيه مما أفاق به أقرانه أن تمكن من وفاقه للحكومة، والرضى بمقترحاتها. وأقام ببغداد تنفيذاً لهذه المطالب، والحكومة آنئذ بيد المماليك تقريباً، فراعى طراز إدارتهم وماشي سياستهم.

ولعل حكومة المركز لم تنتبه لمثل هذه الأمور، لبعدها عن العراق لولا حكومة بغداد، واطلاعها على حقيقة الإدارة. واكتسابها أخيراً من السطوة والنشاط ما لا يوصف بهذا الوزير حسن باشا. ومع هذا كانت حكومة العراق بين عاملين: بين تسكين الداخل والتأهب لطوارئ الخارج.

في هذا الحين طبعاً تحتاج الحكومة إلى مناصرة ومؤازرة من بعض القبائل وكان من السياسة قضاء حاجات العربان، والتساهل عليهم، على يد أميرهم (شاوي بك) والتوسط لهم بينهم وبين الآهلين للتفاهم وإزالة الخلاف.

وبهذه الصورة حاز المومأ إليه كل قوة مقدرة. فالحكومة لا تعرف غيره والعشائر لا يفاوضون سواه، ولا يتفاهمون مع غيره، ولا يلجئون إلى امرئ عداه.

وتتوضح هذه الحقيقة بجلاء من مراجعة الوقائع التي دونها التاريخ في زمن اختلال الحكم، واضطراب الأحوال بين أمراء المماليك، وبين وزراء الدولة أو بالتعبير الصحيح وبين حكومة المركز (الآستانة) أو بينهم وبين العشائر.

ومن ذلك الحين تيسر له أن يربي ولده عبد الله بك ويدربه على مثل هذا المسلك. فقويت شوكته بعده، وهو مجهز بوسائل معروفة أقوى واتصال بالداخل والخارج. واترك الكلام على عبد الله بك هذا إلى المقال التالي من الله المعونة.

المحامي عباس العزاوي

ص: 681