الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد 80
- بتاريخ: 01 - 05 - 1930
إلى عكبرى وقنطرة حربي
1 -
حربي
سافرنا قبل اشهر إلى ناحية (السميكة) أي دجيل القديمة ولبثنا فيها أربعة أيام عند ذي قربانا فالح أفندي ابن حسن أفندي العبيدي السرايلي، وهو في السميكة معلم مدرستها الأول. وفي صباح أحد تلك الأيام امتطينا دراجتنا ودرجت بنا إلى قنطرة حربي على نهر دجيل وكان بعض المطلعين قد وصفها لنا وذكر لنا أن علينا كتابة تاريخية، أما العوام من أهل السميكة فيزعمون أنه كتب عليها ما نصه (عمي يا خميس، لا تكرب غير الطربيس أو لو جارك الجور، عليك بالثور عليك بالتبن، أصفره ذهب وأبيضه فضة، والعندة عشا لا يلف بالدجيل) ويزعمون أن السبب الباعث على هذه الوصية
كثرة الظلم التي لاقاها الدجيليون من الحكام وتسخرهم للناس تسخر الحجاج للواسطيين، وبقينا تدرج بنا الدراجة والريح مضادتنا ومتجهنا الشمال الشرقي من قرية السميكة حتى وصلنا إلى قنطرة مبنية من الطابوق تحتها أربعة مجار عظيمة وكل منها قد طوق بطاق على الطراز العباسي، ولكن ثلاثة من المجاري قد طمرتها الرمال الراسبة والأطيان اللازبة، ولم يبق لنهر دجيل إلا مجرى واحد قد ضيقته الرواسب والإدغال، ولما تخطينا القنطرة وجدنا طولها 72 خطوة ولما خطونا عرضها ألفيناه 15 خطوة، وعلى محاط القنطرة الأعلى ما نصه:
(بسم الله الرحمن الرحيم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، واقرضوا الله قرضاً حسناً، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله خيراً وأعظم أجراً واستغفروا لله أن الله غفور رحيم، الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار، سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ومن أراد الآخرة وسعي لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً. أمر بإنشاء هذه القنطرة المباركة، تقرباً إلى الله تعالى الذي لا يضيع أجر من أحسن عملاً وطلباً للفوز بجنات الفردوس التي أعدها للذين آمنوا وعملوا الصالحات نزلاً، سيدنا ومولانا الأمام. أأمر المسلمين ووارث الأنبياء والمرسلين وخليفة رب العالمين، وحجته البالغة على الخلائق أجمعين).
هذه الكتابة على الجانب الغربي، وعلى الجانب الشرقي:
(الذي أيد الله تعالى بإعزاز نصره الدين وأفرض (كذا) طاعته على الخليقة من البادين أح. . يعجز عنه حصر العادة - أبو جعفر المنصور المستنصر بالله - أمير المؤمنين، مكن الله له في أرضه تمكين الوارثين ورفع مقدس أعماله الصالحات إلى عليين ونشر بعدله الزاهر في آفاق الأرضيين، وأوضح للخلائق بولاية سيل الرشاد ومنهج الحق المبين أبن الأمام السعيد البر التقي - أبي محمد الظاهر بأمر الله - أبن الأمام السعيد الزكي الطاهر الوفي - أبي العباس الناصر لدين الله - أبن الأمام السعيد الزكي - أبي محمد الحسن المستضيئ
بنور الله. . . الأثر الذين قضوا بالحق كانوا يعدلون، صلوات الله عليهم أجمعين وذلك في سنة تسع وعشرين وستمائة، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. . .) أه.
والعامة تسمي هذه القنطرة (جسر الحربي).
2 -
عكبري
وفي يوم آخر درجنا دراجتنا إلى جهة عكبري وهي في الجنوب الشرقي من السميكة وفي غرب قبر الشيخ (جميل) الذي هو في الجانب الغربي من دجلة قبالة قرية السعدية التي على الجانب الشرقي من دجلة، قال أبن خلكان في (1: 289) من ترجمة أبي البقاء عبد الله العكبري ما نصه (والعكبري بضم العين المهملة وسكون الكاف وفتح الباء الموحدة وبعدها راء، هذه النسبة إلى عكبري: وهي بليدة على دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ خرج منها جماعة من العلماء وغيرهم) وقال في ترجمة الأمير سعد الملك أبن ما كولا علي بن هبة الله (وكانت ولادته في عكبري في خامس شعبان سنة إحدى وعشرين وأربعمائة) وورد في القاموس (وعكبراء بفتح الباء ويقصر بلدة والنسبة عكبراوي وعكبري) قلنا: وفي (1: 389) من تاريخ أبن خلكان (ووضع في يد كل واحد منهم طاس ذهب وزنه ألف مثقال مملوء شراباً قطر بليا أو عكبريا) وهذه الحكاية من حوادث القرن الرابع للهجرة فعكبري إذ ذاك كانت محمود الشراب، والآن نعود إلى سيرتنا الأولى:
ولما وصلت إلى محطة السميكة لقطار ما بين بغداد والموصل رأيت قبراً على شرق السكة الحديدية وعليه قبة فقط فسألت عن اسم صاحبة فقيل لي أنه السيد محمد أبو الحسن، وكنت في ذهابي إلى قنطرة حربي صادفت مثله، في شرق السكة أيضاً فقيل أنه (للشيخ سعدي) والأعراب تقول (الشيخ أسعدي) وكلتا القبتين مبنية من الطاباق.
ومن المحطة توجهت إلى عكبري وأدرت محور دراجتي مدة تجاوز ساعة ونصفاً حتى انتهت إلى قبر الشيخ (جميل) وحوله أبيات القوام وهو يزار وينذر له وعليه اعتماد السنيين في دلتاوة لإبراء المرض وإزالة العاهات،
ثم جنحت إلى الغرب فوصلت إلى أنقاض عالية وطلول متبحثرة وطابوق مبثوث كثير وبين هذه الآثار أثر مجري نهير يمر وسط هذه البلدة فوقفنا على قمة طلل عال واستنطقنا تلك الأطلال العافية عن زمان بهجتها وألوان جمالها ونعيم حياتها وسألتها عن أنهارها المطردة المتلألئة وبساتينها المدهامة المزهرة أو المثمرة ورياضها ذات الخمائل والأزهار وأهلها المتنعمين الراكنين إلى السعادة والاطمئنان والعلم والعرفان، فكأنها أجابتني اعتباراً واستعباراً، بأن أهلها تعاورهم أنواع الفناء وطحنهم الدهر بأسنانه فصاروا عبرة لمن يعتبر ومزدجرا للذي يزدجر وقد خلف التراب الشراب والفناء الهناء والبلاء الرخاء والقبور القصور والدثور الظهور والأشواك الزهور.
وفي تلك الأراضي إلى بغداد لا تعد الأنهار ولا الأنيهار ولا الترع لكثرتها وتقاربها ولكنها تدندن الريح بيبسها وتتداول الرمال بطونها وتتلاطم عليها حرارات الشمس وأشعتها فتفيض سراباً هو المثل الأعلى للحياة الدنيا وتلطم متونها الدوامات لطم الظالم للمسالم ويمر قطار سكة الحديد وهي متحوية في منعرجاتها تحوي الحياة الكسير الظهور فتلتقي الدنيا والآخرة فتستخف الثانية بالأولى وتكبح من جماحها وتنقص من طماحها فعكبري اليوم أهل لأن تكون أنيسة للأنبياء ومسيلة للأتقياء ورادعة للأدنياء.
وبعد ذلك أبناء من عكبري إلى بغداد فرأينا في غرب السكة قبراً يشبه القبرين المذكورين آنفاً واسم دفينه (الشيخ إبراهيم) ويدعي بعض العامة أنه قبر (إبراهيم الأمام العباسي) صاحب الدعوة العباسية وشهيد حران الذي قال فيه شبل بن عبد الله:
والقتيل الذي بحران أضحى
…
ثاوياً بين غربة وتناسي
وليس من دليل يؤيد تلك الدعوى وبعضهم يدعي أنه قبر مصعب بن الزبير وإبراهيم بن مالك بن الأشتر وهو الصحيح لأن (مسكناً) هناك، هذا مرادنا وبقية رحلتنا فلعل فيها فائدة.
مصطفى جواد
(لغة العرب) جاء في معلمة الإسلام مقالة للدكتور الأثري أرنست هر تسفلد فنقلها إلى لغتنا
ليطلع عليها القراء فتتم بها الفائدة ودونكها:
حربي
حربي (بالألف القائمة بالياء المهملة) اليوم هي جسر حربي وهي أخربه في أرض دجيل على بعد نصف ساعة من غربي نخيل (بلد) على الضفة الغربية من عقيق دجلة المعروف بالشطيط في نحو 34 درجة من العرض الشمالي:
الاسم والموضع من عصر الجاهلية. وقد ذكر ياقوت أسماء قديماً لهذا الموطن (معجم ياقوت 1: 167) هو الأخنونية ويشبه أن يكون بابليا. وكانت إدارة الساسانيين تبدأ تخوم شمال سورستان - (أو دل إيران شهر) وهي البلاد التي عرفت بعد ذلك باسم سواد العراق - من هذا الموطن حربي في طسوج مسكن (اليوم تل مسجن) ومن العلث (بالفتح وتقال بالكسر واليوم تلفظ العلث بالفتح) الواقعة في شرقيها وبأزائها في طسوج بزرج شابور وفي الشمال كانت ترى تخوم كورة أثور. وبقيت هذه الحدود إلى فجر العهد الإسلامي وإلى عهد العباسيين فقد كانت في حين مسح البلاد عمر بن الخطاب (طالع أبن خرداذبة ص 14 واليعقوبي ص 104 والمسعودي في التنبيه ص 38 وياقوت 3: 174) ومن أقدم ما جاء ذكرها ما أورده الطبري في (2: 916) ويتعلق بأحداث سنة 76 إذ سار شبيب الخارجي إلى الحجاج وعبر دجلة بالقرب من حربي (وفي الكلمة جناس إذ حربي تجانس حرب في اللفظ) وكان في حربي عدة مناسج للثياب القطنية الغليظة التي كانت تحمل إلى سائر البلاد (راجع معجم ياقوت 2: 235 ومراصد الإطلاع ص 295) والسهل الذي يرى اليوم في ذلك الموطن كثير الشقف (كسر الخزف) وهو مما يدل على صناعة الخزف كانت منشرة فيها كل الانتشار وكانت هذه السلعة الرقة وترجع إلى المائة الثانية عشرة والثالث عشرة للميلاد.
لما تحولت دجلة عن مجراها في صدر خلافة المستنصر بالله وغادرت مسيلها في أعيلي حربي لتجري في موطن نهر القاطول أبي الجند وهو مجرى دجلة اليوم شرع الخليفة في أعمال الكري (شق الأنهر) ليستقي من جديد دياراً عطشى ومن أعماله نهر دجيل الحالي الذي حفره بلا أدنى شك. وحفر أيضاً نهر المستنصر في أعلى حربي وبني القنطرة العظمى القريبة من حربي ولهذا عرف
المحل بعد ذلك بجسر حربي، تلك أعمال تدل على
ما كانت عليه من الجلالة.
وكان قد صور الجسر تصويراً شمسياً ج. ف جونص وأعيد طبعه في المجموعة المسماة بالإنكليزية ما معناه (نخب من مذكرات حكومة بمبي) المجلد 43 (سنة 1857) ثم صورته أنا تصويراً شمسياً أيضاً بنوع أشد أتقانا والجسر محكم البناء من الأجر وطوله 55 متراً في عرض قراب 12 متراً ويقوم على أربعة عقود وثم كتابه طولها مائة متر تمتد على الجانبين وتاريخ بناء الجسر سنة 629 من الهجرة وهذه الكتابة مفيدة جداً لما فيها من التفاصيل التي تكاد تكون كفراً في نظر السنة (كذا) ومما يميز هذا السهل سهل الأخربة القبة المبنية على قبر هناك وهي ترى من بعيد ويقال لن المدفون تحتها الشيخ أو السيد سعد.
القوق ومرادفاته
قال أبن منظور في ديوانه لسان العرب: القوق: طائر من طير الماء طويل العنق قليل نحض الجسم وأنشد: كأنك من بنات الماء قوق) وكذا ورد في العباب وحياة الحيوان الكبرى للدميري والعباب لكن هذا التعريف غير كاف بنفسه ليطلعنا على حقيقة هذا الطائر والكلمة واردة في التوراة التي نقلها سعديا إلى العربية وسعديا توفي في سنة 942م أما أبن منظور فتوفي في 1311م. والقوق واردة في عدة مواطن من نص التوراة منها في المزمور ال 101 في الآية ال 7 وهذا نصها: (شابت قوق البرية صوت مثل بومة الأخربة) واسمه بالأرمية كذلك. وجاءت أيضاً في التوراة المسماة بالفشيطتا (أي البسيطة) وهي من صدر المائة الثانية للميلاد. ويراد بالقوق الحوصل المعروف عند السلف باسم البجع وله أسماء كثيرة تختلف باختلاف الديار، منها: العلجوم والكي (بضم الكاف) وجمل الماء وأبو جراب وأبو قربة. والعراقيون يسمونه اليوم (نعيج الماي) وهو تصغير علجوم مع بعض تصحيف. ويدعي بعضهم أنه مصغر نعجة الماء وهو بعيد في نظرنا. ومن أسمائه السقاء وجمل البحر وهو ليس المسمى بأبو طنطر أو أبو سعن وكان أهل البطائح يسمونه في عهد العباسيين بالبيضاني.
البعد في اللغة
(لغة العرب) لأبن سيدة كتاب جليل لم يؤلف مثله من سبقه ولا من تلاه أفاض عليه شيئاً من ذوب دماغه فجاء سفراً بديعاً يشهد له بعلو الكعب في لغة عدنان. ويقع في سبعة عشر جزءاً وأسمه المخصص. وهو معجم تذكر فيه الألفاظ المتشابهة المعنى أو المتشاركته فانك إذا بحثت فيه عن موضوع توخيته سرد لك كل ما يتعلق به أو يتصل فهو ديوان لغة ضروري لكل من يعالج اللغويات ومن الغريب أنك إذا فتشت فيه عن معنى (العبد) وما يتصل به لا ترى له أثراً وقد أتحفنا حضرة اللغوي (السيد سالم خليل رزق) المشهور بمباحثه العربية الدقيقة - بمقالة بديعة ترأب هذا الصدع في ديوان أبن سيدة المذكور. إلا أننا نأخذ عليه شيئين: أنه أستشهد بأبيات بعض المعاصرين والثاني أنه نقل عن (البستان)(أو أقرب الموارد) أو الألفاظ الكتابية (الذي عني بنشره الأب لويس شيخو) من غير أن يتثبت في صدق تلك المنقولات. ويظهر لك ذلك في موضعين ظهر لنا عيبهما ولعل هناك غير ما ذكرناه إذ لم يتسع لنا الوقت لتدبر ما في تلك الألفاظ من الزلق أو الزلل.
على أننا نشهد لصاحب المقال بتضلعه من اللغة وإحاطته بالموضوع إذ لم نجد في ما بأيدينا من التأليف من تعرض لهذا الموضوع وقتله خبراء فنشكر له هذه الهدية اللغوية باسم جميع المحققين المدقيين من الناطقين بالضاد.
بعد (ككرم) الرجل بعداً (كعلم) يبعد بعداً (كسبب) ضد قرب فهو بعيد وبعادو جمع بعيد بعداء. وكذلك أبعد وتر (كمد) عن بلاده تروراً، وأتن اتناناً، وسحق (كعلم) سحقاً (كسبب) وأسحق وانسحق ونأا (كغرا) ينأوا نأوا وناي (كرمي) فلانا وناي عنه يناي نأيا فهو ناء وهي نائية. قال الشاعر أحمد محرم:
طوى الأرض يدني ما ناي من فجاجها
…
وأمعن في أقطارها يتوغل
وقال المنفلوطي:
وفي العصر بين الظل والماء غادة
…
تميس بلا سكر وتناي بلا كبر
وقال الطغرائي:
ناء عن الأهل صفر الكف منفرد
…
كالنصل عري متناه عن الخلل
وكذلك ناء الرجل ينء نيئا مقلوب ناي أو لغة فيه. ونشد يعقوب:
أقول وقد ناءت بهم غربة النوى
…
نوى خيتعور لا تشط ديارك
وناء ينوء نوءاً وتنواء، وناطت الدار تنوط نوطاً وانتاطت، وناط الرجل ينيط نيطاً وانتاط، وهرب في الأرض وهرباً، وتواضع ما بينهم، ونزج الشيء ينزح (بالكسر وبالفتح) نزحاً ونزوحاً يقال نزحت الدار. قال الشاعر:
لو أن لبنان فيه العيش منبسط
…
لما ابتغينا نزوحاً أراضينا
وانتزعت النية. ونضب القوم والمفازة، ونطنطت الأرض ونطا المنزل ينطو، وأمعن في الأمر، ونأث عنه ينأث نأثا ومنأثاً: وأنتخع عن أرضه، وقصا المكان يقصوا قصواً وقصوا وقصا وقصاء وقصي يقصي - وعن القوم: تباعد فهو قاص ج قاصون وإقصاء. وأنقضع عنه، ولحلح القوم وتلحلحوا واعنقت البلاد وغرب الرجل - والنجوم غروباً، بعدت وتوارت في مغيبها، وشحطت الدار (كفتح) شحطاً وشحطا وشحوطاً ومنه قولهم شحط المزار قال الحريري والضمير للصاحب:
وأطعه أن عاصي وهن
…
أن عز وادن أن شحط
وقال أبو جعفر بن خاتمة:
ومن يكن بالذي يهواه مجتمعاً
…
فما يبالي أقام الحي أم شحطوا
وقال أبو زبيد:
من مبلغ قومنا النائين إذ شحطوا
…
أن الفؤاد إليهم شيق ولع
وشحط فلان في السوم إذا استام بسلعة وتباعد عن الحق وجاوز القدر واشص فلان وشطب (كنصر) وشطن عنه (كذلك) وشطرت الدار شطوراً وشطنت الدار شطوناً، وشغر الرجل شغوراً - والبلد: بعد عن الناصر والسلطان واشتغر الرجل في الفلاة، وصقب المكان كعلم صقبا، وأضحى عن الأمر، وطمس الرجل يطمس طموساً (كنصر)، وسحق (كعبد) سحوقه، وانخشع في الأرض ودعلق في الوادي، وأعزب وتنازح وشسعت الدار (كفتحت) شسعاً وشسوعاً قال عباس محمود العقاد:
بيضاء ترتع في فضاء شاسع
…
صافي السراة على السنى مرفوع
وشط المنزل (كعلم وبعد) شطا وشطوطا - وعليه في سلعته: أبعد قال المتنبئ:
كن حيث شئت فما تحول تنوفة
…
دون اللقاء ولا يشط مزار
وقد تبعد وتباعد عنه وابتعد عنه واستعبد عنه ضد تقارب ومثله تخوف عنه، ورام يريم ريما وانتزح عن دياره وزهل عن الشيء زهلا، وأجنب وانتسأت الإبل في المرعى. وتنطنط الشيء وأنتاي عنه تقول أنآه فانتاي، وتنعنع زيد عنه، وتمعدد وتناءوا عنه، وقصا عن القوم، وتماحلت بهم الدار وكتع في الأرض كتوعاً ومنه قولهم مجازاً: كتعت في المخازي ما كفاك سب وكتعت في المحامدما كفاك حمد، وتمازت (بتشديد الزاي) به النية، وشطف (كنصر) شطفا أي ذهب وتباعد، وطلب طلبا، وطلق طلقا، وتعادى الرجل كقوله:(وتعادي عنه النهار فما تعجوه) أي تباعد عن ولدها في المرعى لئلا يستدل الذئب بها على ولدها، وسحر عنه، وانزاح ودحل عني وتراخى وتباطن المكان وفرسخ عنه المرض وأفرنسخ، وتماته القوم وتمتهوا وطعا يطعوا وتمقق. قال رؤية:
عن ظهر عريان المعاري أعمقا
…
أمق بالركب إذا تمققا
وبتع في الأرض (كعلم). وحشر فلاناً أي تباعد عنه، وتزاحك القوم وتشائي ما بينهما. وانفرج ما بين القوم وطمس الرجل وراغم زيداً - والقوم نابذهم وهاجرهم وعاداهم، وتشعب وانشعب عنه.
وقد نمت الإبل إذا تباعدت تطلب الكلا في القيظ، وتتايع القوم في الأرض إذا تباعدوا على عي وشدة وأنوي الرجل أنواء إذا تباعد أو كثرت أسفاره، ونبا بصره ينبو نبوا ونبيا ونبوة إذا تجافى وتباعد، وتباين الأمران: تباعداً وتفارتا، وتصوع القوم: تباعدوا جميعاً، وسبخ الرجل: تباعد في الأرض، وأنسا عنه: تأخر وتباعد قال مالك بن زغبة الباهلي:
إذا أنسئوا فوت الرماح
…
عوائر نيل كالجراد تطيرها
وزحل عن مكانه (كفتح) زحولا: تنحى وتباعد فهو زاحل (كحذر) ومثله تزحل عن مكانه، وزاح عنه يزيح زيحاً وزيوحاً وزيحانا، ذهب وتباعد وأعرى صديقه أعراء: تباعد ولم ينصره، وتمايط القوم تباعدوا ونابأ
القوم ترك جوارهم وتباعد عنهم، وقالوا حطني القصا أي تباعد عني: وحاطونا القصا أي تباعدوا عنا وهم حولنا وما كنا بالبعد عنهم لو أرادونا.
وقد جفأ الشيء أو فلانا: بعد عنه وفي الحديث. اقرءوا القرآن ولا تجفوه. أي لا تبعدوا عن
تلاوته، وأهرب: أبعد في الأرض ومثله اعترط وطس القوم إلى المكان أبعدوا في السير وشعل الأمر أمعن فيه وانبلط الشيء بعد ومثله باص يبوص يقال طريق بائص أي بعيد وشاق، وجنب الشيء بعد عنه ومثله تجنبه واجتنبه. وخسأ الكلب وخسوءا بعد وأنزجر ومثله خسئ وأنخسأ وجانب الشيء جنبه ومثله رفضه، وأشجذ المطر بعد واشط الرجل في الطلب أمعن وعرنت الدابة عرانا بعدت وأطلب الماء والكلأ بعد فلم ينل إلا بطلب وأطنب النهر بعد ذهابه ونزح بفلان بعد عن دياره غيبة بعيدة. وتنكب الشيء تجنبه واعتزله وبد الشيء تجافي وماط عني يميط وميطاناً تنحى وبعد تقول مط عنا يا هذا أي أبعد. ومثله أماط عنه وعمق الطريق والمكان بعد وطال وأنبسط فهو عميق الرجل يطحو بعد وهلك وقالوا كان منه ذلك مكان الفرقدين من النجوم أي بعد عنه بعد الفرقدين من النجوم ولج في جناب قبيح أي في مجانبة أهله، وتفكه: تجنب الفاكهة.
التباعد في الأعضاء
وقد فرق البعير وغيره فرقاً أي كان أفرق والفرق التباعد ما بين الثنيتين - وما بين المنسمين، وفركح الرجل: تباعد ما بين اليتية والاسم الفركحة أيضاً، والفركاح والمفركح الرجل الذي أرتفع مذرواً أسته وخرج دبره وبد الرجل يبد بددا: تباعد ما بين فخذية من كثرة لحمهما - والدابة تباعد ما بين يديها والأبد الفرس بعيد ما بين اليدين - والحائك لتباعد ما بين فخذيه - والرجل المتباعد اليدين عن الجنبين - والعظيم الخلق المتباعد بعضه من بعض - والمتباعد ما بين الفخذين من كثرة اللحم، وحنب (بتشديد النون) الفرس كان بين رجليه بعد من غير فحج وهو مدح فالفرس محنب ومحنب (بكسر النون وفتحها) قال أمرؤ القيس:
فلأيا بلأي ما حملنا وليدنا
…
على ظهر محبوك السراة محنب
والجانب فرس بعيد ما بين الرجلين من غير فحج وهو مدح، ومثله المجنوب
والمجنب والأخجى: البعيد ما بين الرجلين وروح (كعلم) يروح روحاً كان أروح والروح انفراج بين الرجلين دون الفحج أي تباعد القدمين وتداني العقبين وسميت النعامة روحاء لتباعد ما بين ساقيها وفحج في مشيته: تداني صدور وتباعد عقباه ومثله فحج فالفحج تداني صدور القدمين وتباعد العقبين وفي المغرب الفحج تباعد ما بين أوساط القدمين من الرجل والدابة
والزجج في الإبل روح في الرجلين وفجي الرجل يفجى فجا: تباعد ما بين فخذيه أو ركبتيه أو ساقيه - والبعير: تباعد ما بين عرقوبية - والقوس: بعد وترها عن كبدها، والفخج (بالخاء المعجمة) كالفحج (بالحاء المهملة) إلا أنه أسوأ منه تبايناً، والقعن: انفحاج في الرجل وفلج فلجا: كان افلج وهو المتباعد ما بين القدمين - وما بين اليدين وما بين الأسنان يقال رجل الفج الأسنان وامرأة فلجاء الأسنان ولا بد من ذكر الأسنان على رأي أبن دريد والمشقة: تفحج في قوائم ذوات الحافر وتشحج.
وراخ الرجل يريخ ريخا وريوخا وريخانا: تباعد ما بين فخذية حتى عجز عن ضمهما والزيل تباعد ما بين الفخذين وصاحبه أزيل وأما البدد فقد ذكر. والفنجلة: تباعد ما بين الساقين وما بين القدمين والافجل المتباعد ما بين القدمين وقد فشق الظبي فشقا إذا تباعد ما بين قرنيه فهو افشق.
بعد النظر
وقالوا طمس بعينه إذا نظر بعيداً، ورفع له الشيء أبصره عن بعد، وباصره إذا أشرف ينظر إليه من بعيد وطرف مطرح بعيد النظر والطماح البعيد الطرف ومثله الشيئان (بتشديد الياء) والسدف الشخص يرى من بعيد. ج سدوف وعين غربة بعيدة المطرح ورجل غرب العين قد انفسح طرفه إذا لم يرده عن بعد النظر شيء ويقال في ذلك قد انفسح طرفه وتقول رأيت طرة القوم إذا نظرت إلى حلتهم من بعيد فأنست بيوتهم.
النسب البعيد
والقصا النسب البعيد والجنابة ضد القرابة. ويقال أنك لتمت برحم عودة أي قديمة بعيدة النسب وهو انسلهم أي أبعدهم عن الجد الأكبر والكرشاء الرحم البعيدة والكلالة ما لم يكن من النسب لحا فالعرب تقول هو أبن عم الكلالة وأبن
عم كلالة إذا لم يكن لحا وكان رجلاً من العشيرة وحكي عن أعرابي أنه قال (مالي كثير ويرثني كلالة متراخ نسبهم) وقد طرف (كحلم) الرجل أي صار طريفاً غير قعدد تقول هو أطرفهم وهو طريف بين الطرافة إذ كان كثير الأباء إلى الجد الأكبر ومثل الطريف (كحذر) والقعدد هو القريب الأباء من الجد الأعلى ويأتي أيضاً بمعنى البعيد الأباء منه من الأضداد.
بعد الخطى
شبرقت الدابة في مشيها باعدت خطوها ومثله شحا الرجل يشحو شحوا ومنه حديث كعب يصف فتنة قال (ويكون فيها فتى من قريش يشحو فيها شحوا كثيراً) أي يمعن فيها ويتوسع وذرع (كحلم) الفرس ذراعة كان واسع الخطو فهو ذريع وبخدج في مشيه تفتح وفرحج وسطاً الفرس ابعد الخطو ومثله فسح ففلان قال أعرابي لخراز إذا خرزت فأفسح الخطى لئلا ينخرم الخرز أي باعد بين الخرزتين وباع الفرس أو الناقى بوعاً - والرجل الأرض قطعها بخطو واسع وحركة سريعة وفنجل مشى مفاجأ وفرجل في مشية وأسرع وفرحج في مشيه تفحج ووسع (كحلم) الفرس وساعة وسعة اتسع في السير، ووخد البعير يخد وخذا كان واسع الخطو فهو واخد ووخاد ووخود الاسم الوخد وسدت الناقة سدوا تذرعت في المشي أي اتسع خطوها يقال ما أحسن سدو جليها وأتو يديها وتبازي تبازيا الفرس كذلك وخذي يخدي خديا وخدايانا وقد واعست الابل واوعست إذا مدت أعناقها ووسعت خطاها. وخطرف الرجل وتخطرف إذا جعل في مشيه كل خطوتين خطوة في ساعته.
والهرجل البعيد الحطو (ج) هراجل ومثله السهوق والطرمح والطرمح والساطي وهذا الفرس البعيد الخطو وناقة شحوة بعيد الخطو. وفرس رغيب الشحوة أي كثير الأخذ من الأرض بخطوة وفرس بعيد الشحوة أي الخطوة والشحواء الناقة الواسعة الخطو والرهوق الناقة الوساع الجواد التي إذا قدتها رهقتك حتى تكاد تطأك بخفيها والذروع الخفيف السير الواسع الخطو ومثله الذريع والذرعات السريعات الواسعات الخطو البعيدات الأخذ من الأرض والرزوف الناقة الطويلة الرجلين الواسعة الخطو. والقطوف مقارب الخطو في سعة والخبقة (بكسر الأول والثاني
وتشديد القاف) الوساع من النياق. وناقة ذراعة واسعة الخطو وكذا فرس هملاج وفريغ ومعناق وناقة معناق وفرس وساع ونوق سواد (بكسر الدال المنون جمع سادية).
السير البعيد
وأمعن الفرس تباعد في عدوة وأسهبت الخيل أمعنت في سيرها، وأوغل القوم أمعنوا في سيرهم داخلين بين ظهراني الجبال أو في أرض العدو ودومت الكلاب أمعنت في السير،
واقنب الرجل باعد في السير وسبح مثله وسخ سخا، وقد أنذرع في السير أي أنبسط فيه.
الذهاب البعيد
وأبعد الرجل في الأرض أمعن فيها ومثله غرب فيها وأعرب وغلق فيها وقد وغل يغل وغولاً إذا ذهب وابعد وكذا أوغل في البلاد وتوغل في الأرض أو العلم وشقذ (كعلم) وشقذ (كنصر) وطاء يطاء وطسس ودقس فيها دقسا ودقوسا ومعد فيها واصمعد في الفلاة وقد شطن في الأرض إذا دخل فيها أما راسخاً وأما وأغلا.
السفر البعيد
ونطنط الرجل باعد سفره وبرق تبريقاً سفراً بعيداً ونوى المسافر نية ونوى تباعد والنطوة السفرة البعيدة وكذا الطلبة والمسبأة (بضم أولهما) تقول أريد سبأة أي سفرا بعيداً والسوبة (بالضم وبالواو الساكنة غير المهموزة) والآنط ج نطط (بضمتين) وسفر نعور ومثله سفر شاسع وجاسع ونية قذف (بفتحتين) وقذف (بضمتين) تقول شطت بهم نية قذف أي رحلة بعيدة والخيتعور النية البعيدة أو النوى البعيدة ويقال نوى خيتعور.
ورجل مبعد (كمنبر) بعيد الأسفار قال كثير عزة:
مناقلة عرض الفيافي شملة
…
مطية قذاف على الهول مبعد
والنمط (بمضتين) المسافرون سفراً بعيداً.
الأبعاد
وبعد الشيء تبعيداً وأبعده أبعاداً ضد قربة وكذلك باعده مباعدة وبعاداً وشاعب صاحبه وزاحكه عن نفسه وعادى الشيء وناءى زيداً وقاصاه وماز بينهما
ممازة وفحصه عنه (بالتشديد) وأفحصه عنه ومحصه (بالتشديد) وامحضه عنه وناساه واشذاه عنه وأجفاء عن المكان وحصبه عن كذا واحصبه وشحصه (بالحاء المهملة المشددة) وعبر متاعه وأنمى الراعي الإبل، وأوجى الشيء عنه وأبهصه (بالصاد المهملة) وراخاه قال الشاعر:
ولصاحب راخته عنك حوادث
…
الدنيا الآن ينشد قربه
وأظلفه عن كذا وأناثه انآثا، ونأشه وأناه عنه وانخس به وأقصاه عنه ومخاه عنه وأشسعه وشسع به وشطته شعوب واشقحه واضرح فلانا عنه وطرده يطرده (أبعده وساقه ونحاه)
وظلفه عنه وطهر الشيء واتره عن مكانه وجانب فلانا (كأنه جعله في جانب أو مشى في جانب) وحصفه عن كذا واحصف الشيء ودحقه وادحقه وأعزب فلانا وزحزحه عن الشيء وزحله (بالتشديد) وأزحله وزحنه عن المكان وعبر الوادي السيل وضرب الدهر بيننا وأشذاه عنه ودحر الشيء دحراً ودحورا ومدحرة.
وقد غيبه أي أبعده وواراه وأجبي زيد غيب أبله عن المتصدق أي معطي الصدقات وجافي عضديه باعدهما عن جنبيه وغرب (بالتشديد) الدهر زيداً أي تركه بعدا.
وقالوا أغوط بئرك أي لبعد قعرها وقبحة الله وأما زمعت به قبوحاً أي أبعده الله وأبعد والدته، وآب الله فلاناً يؤوبه أي أبعده (دعاء عليه) وذلك إذا أمرته بخطة ثم وقع في ما يكره فاتاك فأخبرك بذلك فعند ذلك تقول له (آبك الله) وبد صاحبه عن الشيء أي أبعده وكفه يقال أنا أبد بك عن ذلك الأمر ورافضه بمعنى باعده (الألفاظ الكتابية) وسحق الله الكافر، أبعده عن رحمته وانفض فلاناً عنه أبعده ونفي وداده وفيحق بين رجليه باعد وفرشد زيد باعد بيم رجليه والطاءة الأبعاد في المرعى والعدى المتباعدون.
ونزه أبله نزها باعدها عن الماء وأنسأ سربته أبعد مذهبه وطخ الشيء كنصر
رماه وأبعده وأطرحه. أبعده واسحق زيداً صرفة وأبعده وأدحقه الله باعده عن كل خير، وودر الشيء نحاه وبعدة تقول (در وجهك عني) أي نحه وبعده وكذلك أماطه أماطة وشحن فلاناً عنه وزلقه عن مكانه (كضربة) وإزاحة إزاحة وتقول طوحت بي طوائح الزمن ورمت به حوادثة وقذفتني قواذفه وأبعدتني جوائحه والزحل (كخدب) الجمل يزحل الإبل في الورد حتى ينحيها فيشرب والنوى القسوم هي المفرقة المبعدة وأنشد أبن الأعرابي:
نأت عن بنات العم وانقلبت بها
…
نوى يوم سلال البتيل قسوم
والمشقوح المبعد، والبهر المباعدة عن الخير.
البعيد
وهو بعيد وباعد ويقال بعد باعد على المبالغة وبعد (محركة) تقول منزل بعد وبعد (كحذر) يقال ما أنت ببعد منا والبعيد جمعة بعداء وبعد وبعدان وقد يقال ما أنتم منا ببعيد وما أنت منا ببعيد حملاً على بعد بكسر العين وأن اختلفا باللفظ وجاء في البستان أن الفراء قال: إذا قالت العرب دارك منا بعيد أو قريب أو قالوا فلانة منا قريب أو بعيد لا يراد بذلك النعت
بل يراد به الاسم والدليل على انهما اسمان قولك (قريبة قريب وبعيده بعيد) ومن لم يؤنث وبعيداً لم يثنهما لكن قال هما منك قريب وهما منك بعيد ومن أنث ثنى وجمع وإذا أردت
بالقريب والبعيد قرابة النسب وبعده أنثت لا غير ويرادف البعيد متمعدد ونئيش واسحق وسحيق وشطين قال بعضهم:
لكنما الأنباء شاموا موعداً
…
في مغرب الغبراء جد شطين
وطامس (ج) طوامس ونفناف ونزوح ونزيح تقول جاء من بلد نزيح ونزيع ونطي (بتشديد الياء) تقول هذا طريق نطي وأمقه وقصي ج إقصاء ويقال لمن أبعد في ظنه أو تأويله (لقد رميت المرمى القصي) وقذوف يقال نوى ونية وفلاة قذوف وبلدة قذوف أي طروح لبعدها وقذف (بالتحريك) قال المتنبئ:
كم مهمة قذف قلب الدليل به
…
قلب المحب قضائي بعدما مطلا
وقال فؤاد الخطيب:
متحفز قلق الوساد لنية
…
قذف تشق على القوى الأيد
وشطير يقال هذا منزل شطير وعريد وشعب تقول التأم شعبهم أي اجتمعوا بعد التفرق وشاع (مثل رام) وشموخ. تقول: (هذه نغازة شموخ وشمخ (نية شمخ) وضريح وبطين (شأو بطين) وجنب وحجول وزحزاح وساقب.
ويقال سير مماتن أي بعيد وكذا بلد نازح ونية شطون وطرد مشقذ وسفر مجرن وعقب أجواد. وقرب حذا حذ وحذ حاذ ونية زموج ومكان ساحق وأرض سرداح، ورجل شاطب المحل وشاطنه وماء سعب ج سعوب وأمور عدوة وغاية منتاطة ومكان متنوع وفلاة نزوع ج نزع وبلدة نسيخة ونسخية، وخرق ناضب ومكان نطيط وعقبة نطاء ونية نعور ورجل نعير الهم وبلاد معنقة وطريق عميق وماء غب (بكسر الغين) (ج) أغباب وشأو مغرب ومنزل قذيف وشاحط وشحاط (كجبار) قال الحجاج يصف ككلابا هربت من ثور كثر عليها:
فشحن في الغبار كالأخطاط
…
يطلبن شأو هارب شحاط
ونوى شطر وشطرف وشطران وضرح وطرح وسير ضراحي ونية طوح (بالتحريك) وديار عارنة وعران، وفلاة زوراء وبلد سهدر وسمهدر وعقبة زحول وزجول وفج عميق
ومحلة نازحة ونوى غربة.
وتقول هذا قبر منبوذ أي بعيد منفرد ونهر مطنب بعيد الذهاب وطريق متقعقع: بعيد ومكان نزل بعيد واسع وعقبة زلوخ طويلة بعيدة وكذا عقبة حجون
ودوية سرنج بعيدة واسعة الأرجاء وقرب هذهاذ بعيد صعب أو سريع وبلد أمق الأرجاء وهي مقاء ونخلة ناوية بعيدة عن الماء، وتقول سرنا عقبة متوحا أو متوجاً أو محوجاً أي مسافة بعيدة وسبسب متماحل بعيد ما بين الطرفين وليلة مراسلة بعيدة دائبة السير ومكان قاتم الأعماق أي بعيد النواحي مع سوادها وبلدة قذوف طروح لبعدها ورجل شاط بعيد الشطاط والشطاطة أي بعيد ما بين الطرفين وبلد شاغر عن الناصر والسلطان وماء مطلب (كمحسن) بعيد عن الكلأ ومكان رجيل بعيد الطرفين وعقبة زمج وزموخ شديدة بعيدة ومثلها الزلوخ.
وقالوا الأقواس البلد البعيد والمتبطبطة الأرض البعيدة والمرزح المقطع البعيد والسمهد الأرض البعيد المضلة والعزيب الرجل يعزب عن أهله وماله والوصلة الأرض البعيدة والخاسئ الكلب المبعد والخنزير وكلاهما لا يترك أن يدنو من الناس والسربخ الأرض البعيدة - أو الواسعة المضلة التي لا يهتدي فيها لطريق ومهم مسربخ بعيد واسع قال أبو داود:
أسادت ليلة ويوماً فلما
…
دخلت في مسربخ مردون
والشاطن البعيد عن الحق والعران الدار البعيدة والنائخة الأرض البعيدة والمهوئن (كمطمئن والمهو أن (على المفعولية) المكان البعيد ونزه الفلاة ما تباعد منها عن المياه والأرياف والنزيه المكان البعيد عن الريف وغمق المياه وذبان القرى وومد البحار وفساد الهواء والمعق (بالضم والفتح) والمعق (بالتحريك)
ما بعد من أطراف المفاوز والمنتأى الموضع البعيد والقصوى والقصيا الغاية البعيدة والمتماحل الدار المتباعدة والغيل الذي تراه قريباً وهو بعيد والطراح والطرح (بالتحريك) والطروح المكان البعيد ومثله العدوة والعازب الكلا البعيد المطلب والعزيب من الإبل والشاء التي تعزب عن أهلها في المرعى والمعزاب والمعزابة من يعزب بماشيته عن الناس في المرعى والمعزب من عزب به عن الدار.
ويقال هذا المنزل أنفس المنزلين أي أبعدهما وقولهم لا مرحباً بالأخر أي بالأبعد، والأقصى
إلا بعد (ج) الأقاصي يقال عرف ذلك الأقاصي والأداني والأذناب والنواصي وما رأيت سفراً أفلق من هذا أي أبعد.
وهو مني مناط الثريا أي بعيد مني بقدر بعد الثريا وأتانا فلان من بعده أي من أرض بعيدة وهؤلاء قوم منازيح أي بعيدون عن أوطانهم وفي الأساس: ابل منازيح: من بلاد بعيدة، وهو بنزهة عن الماء ومنه أي بعيدة وقعد عني مازيا ومتمازيا أي مخالفاً ويوقون هو بذي بلب (كقديس) وبذي بلى (كذكرى) وبذي بليان (بكسر الأولين وتشديد اللام والياء ومثل صليان) أي هو بعيد لا يعرف موضعه وهو من بل في الأرض أي ذهب وأنشد الكسائي:
ينام ويذهب الأقوام حتى
…
يقال أتوا على دي بليان
وهذا مكان مطرد أي بعيد ويقال أفصح العرب أبرهم أي أبعدهم في البر والبدو دارا.
البعد
والبعد ضد القرب وقولهم بعد له أي أبعده الله وهو دعاء عليه أن لا يرثي له إذا نزل به البلاء ومثله سحقاً له ينصبونه على المصدرية وتميم ترفع فتقول بعد له وسحق وكذلك البوهة والشوهة والشزن والشطة والشظان والشعب والبعد (كسبب) والجنابة والحضوضي والحواذو الزحزح والسحق (كقفل) والسحق (كعنق) والسيفى والمساف والمسافة (ج) مساوف تقول كم مساف هذه الأرض والشقة والعبدة والشحط (بالفتح) والشحط (بالتحريك) قال النابغة:
وكل قرينة ومقر ألف
…
مفارقة إلى الشحط القرين
وكذلك البهر (بالفتح والتعس (بالتحريك) والخزي (بالكسر) والشمم
(بالتحريك) تقول دارة شمم والنضو (بالفتح) والعفر (بالضم) يقال هجرت أخي على عفر أي بعد من الحي. والنوي (بالتحريك) والهوب (بالفتح) والغرب (كذلك) والغربة (كذلك) وتقول نوى غربة. والعادية والعدواء (بضم ففتح) والعداء (بالتحريك) والعران (بالكسر) ويقال هو بمنتزح عن كذا أي ببعد عنه، وهذه مسافة ذات غول (بالفتح). ذات بعد كأنه يغتال من يحاول اجتيازها. وبيني وبينهم ضرح (بالفتح) أي تباعد ووحشة. والشبراق (بالكسر) شدة تباعد ما بين القوائم والشعب (بالتحريك) بعد ما بين المنكبين وما بين القرنين والمقق (بالتحريك) كل تباعد بين شيئين.
والمتزحزح اسم مكان من نزحزح ومنه قول الكروس:
فقد كان لي عما أرى متزحزح
…
ومتسع من جانب الأرض واسع
أي كان لي مكان أبتعد إليه.
متعلقات بالبعد
الباسطة المسافة البعيدة ومنه يقال سرنا عقبة باسطة أي بعيدة وكذلك الجذبة (بالفتح) تقول بينه وبين المنزل جذبة أي قطعة بعيدة وقالوا بعكس ذلك بيننا نبذة وجذبة أي هم منا قريب والشقة (كقبة) السفر البعيد وكذا الشكة والرتوة (بالفتح) قدر مد البصر يقال بيننا وبينهم رتوة أي مسافة بعيدة قدر مد البصر.
والمزاح الموضع الذي ينزاح إليه والمزحل المكان يزحل إليه - ومصدر ميمي - فيقال أن لي عنك مزحلاً أي منتدحاً قال الشاعر:
ويركب حد السيف من أن تضميه
…
إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل
ويقال قاصاني فقصوته أي كنت أقصى منه وماتن فلاناً باعده في الغاية.
ومن أقوالهم تنح هاهنا وهاهنا (بتشديد النون) وههنا (كذلك) أي أبعد قليلاً ويقال للحبيب: ههنا وهنا أي اقترب وأدن وللحبيب ههنا وهناك وههناك (بفتح الهاءات والنونات) أي تنح بعيداً وهو مني على قدر مجاع الشبعان، وعلى قدر معطش الريان أي بيني وبينه من المسافة ما لو مشاه الشبعان لجاع والريان لعطش وتقول رأيته بعيدات (بالتصغير والجمع) بين أي رايته بعد حين وذلك إذا كان الرجل
يسمك عن آتيان صاحبة الزمان ثم يسمك عنه نحو ذلك أيضاً ثم يأتيه.
وهيهات (بتثليث حركات التاء) اسم فعل بمعنى بعد ومثله إيهات وهيهان وإيهان وهايهات (وفي كلهن تثليث الآخر) وهايهات (بضم الآخر) وهيهاة (بإسكان الآخر) وأيها (بفتح الأول) وايأت (كجيأل) وشتان فتقول شتان ما زيد وعمرو وشتان ما بينهما. قال أبو الأسود الدؤلي:
وشتان ما بيني وبينك أنني
…
على كل حال استقيم وظلع
وقال الأعشى:
شتان ما يومي على كورها
…
ويوم حيان أخي جابر
أي تباعد الذي بينهما وقال الزهاوي:
رمت الحياة لهم وراموا مقتلي
…
شتان بين مرامهم ومرامي
(وقد أفرد فيه الفاعل لفظاً ومعنى وهو غير جائر (لغة العرب))
واستجفاه: طلب بعده وجفاءه.
واستبعد الشيء: عدة بعيداً ووجده بعيداً. قال أحمد شوقي:
ومطلب في الظن مستبعد
…
كالصبح للناظر في قربة
النبك (سورية): سالم خليل رزق
تتمة للغة العرب
هذه المقالة مع سعتها وانتظامها لا تحتوي كل ما جاء في الذي توخاه حضرة الكاتب اللغوي فلقد فاته شيء كثير وكرر ألفاظاً عدة ولعل ما لم يذكره يقع بالقدر الذي فصله، ونحن نورد بعض الأمثلة لكي لا نتهم بالتقول ولا بإلقاء الكلام على عواهنه. فقد ذكر اللغويون التماته من مته والتماته التباعد. والهوب البعد وتركته في هوب دابر ويضم أي بحيث لا يدري، وابعط الرجل باعد وفلان فلاناً أبعده ولا جرم أن الأصل هو أبعد. إلى غير ما هناك.
وكنا نود أن يراعي المؤلف ترتيباً هجائياً في إيراد الألفاظ حتى إذا أراد أحد أن يتحقق من ورود الكلمة يستطيع أن يقع عليها من غير مطالعة المادة كلها فيضيع وقته، وعدم إتباعه طريقة سهل الرجوع إليها أوقعه في مكررات كما يتبينها من طالع هذه المقالة مطالعة متئدة ووعي في ذهنه أوضاعها.