الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ".
وأما الجلوس والاضطجاع، فيمكن أن يكون إنما أمر بذلك ليقرب من الأرض التي منها خلق، فيذكر أصله فيذل، ويمكن أن يكون ليتواضع بذله، لأن الغضب ينشأ من الكبر، بدليل ما روى أبو سعيد، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ذكر الغضب وقال:"من وجد شيئاً من ذلك، فليلصق خده بالأرض"(1).
وقيل: غضب المهدى على رجل، فدعا بالسياط فلما رأى شبيب شدة غضبه، وإطراق الناس، فلم يتكلموا بشيء، قال: يا أمير المؤمنين، لا تغضبن لله بأشد مما غضب لنفسه، فقال: خلوا سبيله.
2 ـ فصل في كظم الغيظ
قال الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران: 134] فذكر ذلك في معرض المدح.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء".
وروى عن عمر رضى الله عنه أنه قال: من اتقى الله لم يشف غيظه، ومن خاف الله لم يفعل ما يريد، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون.
3 ـ فصل في الحلم
روى أبو هريرة رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:" إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم"(2).
"اطلبوا العلم، واطلبوا مع العلم السكينة والحلم، لينوا لمن تعلمون ولمن
(1) أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" 1/ 127 وسنده حسن، وله شاهد من حديث معاوية رواه الطبراني في "الكبير" كما في "المجمع" 1/ 128 وسنده حسن في الشواهد.
(2)
أخرجه أحمد 3/ 61، والترمذيَ (2192) ضمن حديث مطول، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.
لكن له طريق آخر يتقوى به أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" 9/ 127 بسند قابل للتحسين وشاهد بنحوه من حديث معاوية أخرجه الطبراني في "الكبير" كما في "المجمع" 1/ 128 وفي سنده رجل لم يسم.
تعلمون منه، ولا تكونوا من جبابرة العلماء، فيغلب جهلكم عليكم" (1).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لأشج بن قيس (2): "إن فيك خلقين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة (3) ".
وشتم رجل ابن عباس رضى الله عنه فلما قضى مقتله، فقال: يا عكرمة، انظر هل للرجل حاجة فنقضيها؟ فنكس الرجل رأسه واستحى.
وأسمع رجل معاوية كلاماً شديداً فقيل له: لو عاقبته؟ فقال: إني لأستحي أن يضيق حلمي عن ذنب أحد من رعيتي.
وأقسم معاوية نطعاً (4)، فبعث منها إلى شيخ من أهل دمشق فلم يعجبه فجعل عليه يميناً أن يضرب رأس معاوية، فأتى معاوية فأخبره، فقال له معاوية: أوف بنذرك وارفق بالشيخ.
وجاء غلام لأبى ذر وقد كسر رجل شاة له، فقال له: من كسر رجل هذه؟ قال: أنا فعلته عمداً لأغيظك، فضربنى، فتأثم. فقال: لأغظين من حرضك على غيظي، فأعتقه.
وشتم رجل عدى ابن حاتم وهو ساكت، فلما فرغ من مقالته قال: إن كان بقي عندك شئ فقل قبل أن يأتي شباب الحي، فإنهم إن سمعوك تقول هذا لسيدهم لم يرضوا.
ودخل عمر بن عبد العزيز المسجد ليلة في الظلمة، فمر برجل نائم فعثر به، فرفع رأسه وقال: أمجنونٌ أنت؟ فقال عمر: لا، فهم به الحرس، فقال عمر: مه، إنما سألني أمجنون؟ فقلت: لا.
ولقي رجل على بن الحسين رضى الله عنهما، فسبه، فثارت إليه العبيد، فقال: مهلاً، ثم أقبل على الرجل فقال: ما ستر عنك من أمرنا أكثر، ألك حاجة نعينك
(1) قال الحافظ العراقي: رواه ابن السني في "رياضة المتعلمين" بسند ضعيف.
(2)
هذا لقبه، واسمه: المنذر بن عائذ بن الحارث العصرى، بمهلتين مفتوحتين، نزل البصرة ومات فيها.
(3)
الأناة: الترفق والتنظر.
(4)
جاء في "القاموس" النطع بالكسر وبالفتح وبالتحريك: بساط من الأديم.