المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: في أمر الأمراء والسلاطين بالمعروف ونهيهم عن المنكر - مختصر منهاج القاصدين

[المقدسي، نجم الدين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الناشر

- ‌مقدمة بقلم العلامة الشيخ محمد أحمد دهمان

- ‌ ترجمة:بنو قدامة

- ‌مختصِر هذا الكتاب:

- ‌قال المصنف [ابن الجوزي] رحمة الله عليه - بعد فراغه من هذه الخطبة:

- ‌الربع الأول من الكتاب: ربع العبادات

- ‌كتاب العلم وفضله وما يتعلق به

- ‌1 ـ فصل [طلبُ العلمِ فريضةُُ]

- ‌2 ـ فصل [في علم المعاملة]

- ‌3 ـ فصل [في العلوم المحمودة]

- ‌وأعلم أن العلوم المحمودة تنقسم إلى قسمين:

- ‌4 ـ فصل [في عَالمٍ لم ينفعه علمه]

- ‌5 ـ باب فى آداب المعلم والمتعلم وآفات العلم وبيان علماء السوء وعلماء الآخرة

- ‌6 ـ فصل في آفات العلم وبيان علماء السوء وعلماء الآخرة

- ‌كتاب: الطهارة وأسرارها والصلاة وما يتعلق بها

- ‌1 ـ فصل [في فضائل الصلاة]

- ‌2 ـ فصل في آداب تتعلق بصلاة الجمعة ويوم الجمعة

- ‌3 ـ فصل فى ذكر النوافل

- ‌4 ـ فصل [فى أوقات النهي عن الصلاة]

- ‌كتاب الزكاة وأسرارها وما يتعلق بها

- ‌1 ـ فصل في دقائق الآداب الباطنة في الزكاة

- ‌2 ـ فصل في آداب القابض

- ‌3 ـ فصل في صدقة التطوع وفضلها وآدابها

- ‌كتاب الصوم وأسراره ومهماته وما يتعلق به

- ‌1 ـ فصل فى سنن الصوم

- ‌2 ـ بيان أسرار الصوم وآدابه

- ‌كتاب الحج وأسراره وفضائله وآدابه ونحو ذلك

- ‌1 ـ فصل في الآداب الباطنة والإشارة إلى أسرار الحج

- ‌كتاب آداب القرآن الكريم وذكر وفضله

- ‌1 ـ فصل في آداب التلاوة

- ‌2 ـ فصل [في تحسين الصوت]

- ‌كتاب الأذكار والدعوات وغيرها

- ‌1 ـ فصل في الأوراد وفضلها وتوزيع العبادات على مقادير الأوقات

- ‌2 - بيان عدد أوراد الليل والنهار وترتيبها

- ‌3 ـ ذكر أوراد الليل

- ‌4 ـ فصل في اختلاف الأوراد باختلاف الأحوال

- ‌5 ـ باب في قيام الليل وفضله والأسباب الميسرة لقيامه ونحو ذلك

- ‌6 ـ فصل في الأسباب الميسرة لقيام الليل

- ‌7 ـ فصل [فيمن صعبت عليه الطهارة في الليل]

- ‌8 ـ فصل في بيان الليالي والأيام الفاضلة

- ‌الربع الثاني من الكتاب ربع العادات وفيه أبواب:

- ‌باب في الأكل والاجتماع عليه والضيافة ونحو ذلك

- ‌1 ـ فصل فيما يزيد من الآداب بسبب الاجتماع والمشاركة فى الأكل

- ‌2 ـ فصل [فى تقديم الطعام إلى الإخوان]

- ‌3 ـ فصل [لا تدخل على قوم يأكلون]

- ‌4 ـ فصل [في آداب الضيافة]

- ‌5 ـ فصل [في آداب إحضار الطعام]

- ‌كتاب النكاح وآدابه وما يتعلق به

- ‌1 ـ فصل [في آفات النكاح]

- ‌2 ـ فصل [فى طِيبِ العِشْرَةِ]

- ‌3 ـ فصل في آداب المعاشرة والنظر فيما على الزوج وفيما على الزوجة

- ‌كتاب آداب الكسب والمعاش وفضله وصحة المعاملة وما يتعلق بذلك

- ‌1 ـ فصل في الكسب والحث عليه

- ‌2 ـ فصل في العدل واجتناب الظلم في المعاملة

- ‌3 ـ فصل [في الإحسان بالمعاملة]

- ‌4 ـ فصل [في شفقة التاجر على دينه]

- ‌5 ـ بيان الحلال والحرام

- ‌6 ـ فصل في درجات الحلال والحرام

- ‌7 ـ فصل [في درجات الورع]

- ‌8 ـ فصل [في أحوال من يخالط الأمراء والعمال والظلمة]

- ‌9 ـ فصل [في الدخول على الأمراء الظلمة بعذر]

- ‌كتاب آداب الصحبة والأخوة ومعاشرة الخلق ونحو ذلك

- ‌1 ـ فصل في بيان الصفات المشروطة فيمن تختار صحبته

- ‌2 ـ فصل في بيان ما على الإنسان لأخيه من الحقوق

- ‌3 ـ فصل [جملة من آداب المعاشرة للخلق]

- ‌4 ـ باب في حقوق المسلم والرحم والجوار والملك ونحو ذلك

- ‌5 ـ فصل في حقوق الأقارب والرحم

- ‌باب العزلة

- ‌1 ـ فصل في ذكر فوائد العزلة وغوائلها وكشف الحق في فضلها

- ‌2 ـ فصل في آفات العزلة

- ‌كتاب آداب السفر

- ‌1 ـ فصل [في السفر المباح]

- ‌2 ـ فصل فيما لابد للمسافر منه

- ‌كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌1 ـ فصل في مراتب الإنكار وبعض ما ورد فيه

- ‌2 ـ فصل في أركانه وشروطه ودرجاته وآدابه ونحو ذلك

- ‌4 ـ فصل [في صفات المحتسب]

- ‌باب المنكرات المألوفة في العادات وفى الإنكار على الأمراء والسلاطين، وأمرهم بالمعروف

- ‌الفصل الأول:

- ‌منكرات المساجد:

- ‌منكرات الأسواق:

- ‌منكرات الشوراع:

- ‌منكرات الحمامات:

- ‌منكرات الضيافة:

- ‌المنكرات العامة:

- ‌الفصل الثاني: في أمر الأمراء والسلاطين بالمعروف ونهيهم عن المنكر

- ‌فصل في حكم السماع

- ‌باب آداب المعيشة وأخلاق النبوة

- ‌وهذه جملة من محاسن أخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم، وصفته:

- ‌وأما معجزاته صلى الله عليه وآله وسلم:

- ‌الربع الثالث: ربع المهلكات

- ‌كتاب شرح عجائب القلوب

- ‌1 ـ فصل [في مداخل إبليس في قلب الإنسان]

- ‌2 ـ فصل [في ثبات القلوب على الخير]

- ‌كتاب رياضة النفس وتهذيب الخلق ومعالجة أمراض القلوب

- ‌1 ـ الفصل الأول في فضيلة حسن الخلق وذم سوء الخلق

- ‌2 ـ الفصل الثاني في بيان الطريق إلى تهذيب الأخلاق

- ‌3 ـ الفصل الثالث: في علامات مرض القلب وعوده إلى الصحة وبيان الطريق إلى معرفة الإنسان عيوب نفسه

- ‌4 ـ فصل [في شهوات النفوس]

- ‌5 ـ بيان علامات حسن الخلق

- ‌6 ـ فصل في رياضة الصبيان في أول النشوء

- ‌7 ـ فصل [في شروط الرياضة]

- ‌كتاب كسر الشهوتين: [شهوة البطن وشهوة الفرج]

- ‌كتاب آفات اللسان

- ‌1 ـ ذكر آفات الكلام:

- ‌2 ـ فصل في بيان الأسباب الباعثة على الغيبة وذكر علاجها

- ‌3 ـ فصل [في حصول الغيبة بسوء الظن]

- ‌4 ـ بيان الأعذار المرخصة في الغيبة وكفارة الغيبة

- ‌5 ـ فصل [لا تسأل عن صفات الله عز وجل]

- ‌كتاب ذم الغضب والحقد والحسد

- ‌1 ـ فصل في بيان الأسباب المهيجة للغضب وذكر علاج الغضب

- ‌2 ـ فصل في كظم الغيظ

- ‌3 ـ فصل في الحلم

- ‌4 ـ فصل في العفو والرفق

- ‌5 ـ باب في الحقد والحسد

- ‌6 ـ فصل [في سبب كثرة الحسد]

- ‌7 ـ باب في ذم الدنيا

- ‌8 ـ فصل في بيان حقيقة الدنيا والمذموم منها والمحمود

- ‌9 ـ باب في ذم البخل والحرص والطمع وذم المال ومدحه ومدح القناعة والسخاء، ونحو ذلك

- ‌10 ـ بيان في مدح المال

- ‌11 ـ بيان ذم الحرص والطمع ومدح القناعة واليأس

- ‌12 ـ بيان علاج الحرص والطمع والدواء الذي تكتسب به صفة القناعة

- ‌13 ـ فصل [في لزوم القناعة لمن فقد المال]

- ‌14 ـ فصل في البخل وذمه

- ‌15 ـ فصل في فضل الإيثار وبيانه

- ‌16 ـ فصل [في حد البخل والسخاء]

- ‌كتاب ذم الجاه والرياء وعلاجهما وفضيلة الخمول وغير ذلك

- ‌1 ـ فصل [في أن الجاه والمال هما ركنا الدنيا]

- ‌2 ـ بيان علاج حب الجاه

- ‌3 ـ فصل [في عدم الاكتراث بذم الناس]

- ‌القسم الثاني من الكتاب في بيان الرياء وحقيقته وأقسامه وذمه ونحو ذلك

- ‌1 ـ فصل [في أن أبواب الرياء بعضها أشد من بعض]

- ‌2 ـ بيان الرياء الخفي الذي هو أخفى من دبيب النمل

- ‌3 ـ فصل في بيان ما يحبط العمل من الرياء وما لا يحبط

- ‌4 ـ باب في دواء الرياء وطريقة معالجة القلب فيه

- ‌5 ـ فصل في بيان الرخصة في قصد إظهار الطاعات وبيان الرخصة في كتمان الذنوب، وكراهة اطلاع الناس على الذنب وذمهم له

- ‌6 ـ فصل [في ترك الطاعات خوفاً من الرياء]

- ‌7 ـ فصل في بيان ما يصح من نشاط العبد بسبب رؤية الخلق وما لا يصح

- ‌كتاب ذم الكبر والعجبوهما فصلان:

- ‌1 ـ الفصل الأول في الكبر:

- ‌1 ـ فصل [في تقسيم آفات الكبر]

- ‌2 ـ بيان معالجة الكبر واكتساب التواضع

- ‌2 ـ الفصل الثاني في العجب:

- ‌1 ـ فصل في علاج العجب

- ‌كتاب الغرور وأقسامه ودرجاته

- ‌1 ـ فصل [الاغترار واقع بالعلماء والعباد]

- ‌الصنف الأول: العلماء:

- ‌الصنف الثاني: أرباب التعبد والعمل، وهم فرق:

- ‌الصنف الثالث: المتصوفة

- ‌الصنف الرابع: أرباب الأموال:

- ‌الربع الرابع: ربع المنجيات كتاب التوبة وذكر شروطها وأركانها وما يتعلق بذلك

- ‌1 ـ فصل في بيان أقسام الذنوب

- ‌2 ـ فصل في كيفية توزع الدرجات في الآخرة على الحسنات والسيئات في الدنيا

- ‌3 ـ فصل في بيان ما تعظم به الصغائر من الذنوب

- ‌4 ـ فصل في شروط التوبة

- ‌5 ـ فصل [في شروط التوبة]

- ‌6 ـ بيان أقسام العباد في دوام التوبة

- ‌7 ـ فصل [فيما ينبغي للتائب فعله]

- ‌8 ـ فصل في دواء التوبة وطريق علاج حل عقد الإصرار

- ‌1 ـ فصل [في أقسام الصبر]

- ‌2 ـ فصل [في آداب الصبر]

- ‌3 ـ فصل في بيان دواء الصبر وما يستعان به عليه

- ‌الشطر الثاني من الكتاب

- ‌4 ـ في الشكر وفضله وذكر النعم وأقسامها ونحو ذلك

- ‌5 ـ فصل [في كون الشكر بالقلب واللسان والجوارح]

- ‌6 ـ فصل [في فعل الشكر لا يتم إلا بمعرفة ما يحبه الله]

- ‌7 ـ فصل في بيان النعم وحقيقتها وأقسامها

- ‌8 ـ فصل في بيان كثرة نعم الله تعالى وتسلسلها وخروجها عن الحصر والإحصاء

- ‌9 ـ فصل [من نعم الله الأسباب التي يتم بها الأكل]

- ‌10 ـ فصل [في عجائب الأغذية والأدوية]

- ‌11 ـ فصل في بيان اجتماع الصبر والشكر على وجه واحد

- ‌12 ـ فصل في بيان أيهما أفضل الصبر أم الشكر

- ‌كتاب الرجاء والخوف

- ‌الشطر الأول: الرجاء

- ‌1 ـ فصل في فضيلة الرجاء

- ‌2 ـ فصل في دواء الرجاء والسبب الذي يحصل به

- ‌الشطر الثاني من الكتاب

- ‌3ـ الخوف وحقيقته وبيان درجاته وغير ذلك

- ‌4 ـ فصل [الخوف سوط الله تعالى]

- ‌5 ـ بيان أقسام الخوف

- ‌6 ـ فصل في فضيلة الخوف والرجاء وما ينبغي أن يكون الغالب منهما

- ‌7 ـ فصل في بيان الدواء الذي يستجلب به الخوف

- ‌8 ـ ذكر خوف الملائكة عليهم السلام

- ‌9 ـ ذكر خوف الأنبياء عليهم السلام

- ‌10 ـ ذكر خوف نبينا صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌11 ـ ذكر خوف أصحابه رضى الله عنهم

- ‌12 ـ ذكر خوف التابعين ومن بعدهم

- ‌كتاب الزهد والفقر

- ‌الشطر الأول من الكتاب في الفقر:

- ‌1 ـ فصل في فضيلة الفقر وتفضيل الفقر على الغنى

- ‌2 ـ فصل في آداب الفقير في فقره

- ‌3 ـ بيان آدابه في قبول العطاء

- ‌4 ـ فصل في بيان تحريم السؤال من غير ضرورة وآداب الفقير المضطر في السؤال

- ‌5 ـ بيان أحوال السائلين

- ‌الشطر الثاني من الكتاب:

- ‌6ـ وفيه بيان حقيقة الزهد وفضيلته وذكر درجاته وأقسامه ونحو ذلك

- ‌7 ـ فصل في درجات الزهد وأقسامه

- ‌8 ـ فصل في بيان تفصيل فيما هو من ضروريات الحياة

- ‌9 ـ فصل في بيان علامات الزهد

- ‌كتاب التوحيد والتوكل

- ‌بيان فضيلة التوكل

- ‌1 ـ فصل في بيان أحوال التوكل وأعماله وحده ونحو ذلك

- ‌2 ـ فصل في بيان أعمال المتوكلين

- ‌كتاب المحبة والشوق والأنس والرضى

- ‌1 ـ فصل في بيان أن أجل اللذات وأعلاها معرفة الله سبحانه والنظر إلى وجهه الكريم وأنه لا يتصور أن يؤثر على ذلك لذة أخرى إلا من حرم هذه اللذة

- ‌2 ـ فصل في بيان الأسباب المقوية لحب الله تعالى وتفاوت الناس في الحب وبيان السبب في قصور أفهام الخلق عن معرفة الله تعالى

- ‌3 ـ فصل في بيان معنى الشوق إلى الله تعالى

- ‌4 ـ فصل في بيان محبة الله تعالى للعبد ومعناها وبيان علامات محبة العبد لله تعالى

- ‌5 ـ فصل في بيان معنى الأنس بالله والرضى بقضاء الله عز وجل

- ‌6 ـ فصل [يتصور الرضى فيما يخالف الهوى]

- ‌7 ـ فصل [في أن الدعاء لا يناقض الرضى]

- ‌8 ـ باب في النية والإخلاص والصدق

- ‌9 ـ الفصل الأول في النية وحقيقتها وفضلها وما يتعلق بذلك

- ‌10 ـ واعلم أن الأعمال تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

- ‌11 ـ الفصل الثاني في الإخلاص وفضيلته وحقيقته ودرجاته

- ‌12 ـ بيان حقيقة الإخلاص

- ‌13 ـ فصل في حكم العمل المشوب واستحقاق الثواب به

- ‌14 ـ الفصل الثالث في الصدق وحقيقته وفضله

- ‌15 ـ باب في المحاسبة والمراقبة

- ‌المقام الأول: المشارطة

- ‌المقام الثاني: المراقبة:

- ‌المقام الثالث: المحاسبة بعد العمل:

- ‌المقام الرابع: معاقبة النفس على تقصيرها:

- ‌المقام الخامس: المجاهدة:

- ‌المقام السادس: في معاتبة النفس وتوبيخها:

- ‌16 ـ باب التفكر

- ‌17 ـ بيان مجارى الفكر وثمراته

- ‌18 ـ فصل [في أن التفكر في ذات الله ممنوع منه]

- ‌19 ـ باب في ذكر الموت وما بعده وما يتعلق به

- ‌20 ـ باب ما جاء في فضل ذكر الموت

- ‌21 ـ فصل [في تفاوت الناس في طول الأمل]

- ‌22 ـ فصل في ذكر شدة الموت وما يستحب من الأحوال عنده

- ‌23 ـ باب ذكر وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدين رضى الله عنهم

- ‌24 ـ وفاة أبى بكر الصديق رضى الله عنه

- ‌25 ـ وفاة عمر بن الخطاب رضى الله عنه

- ‌26 ـ وفاة عثمان بن عفان رضى الله عنه

- ‌27 ـ وفاة علي بن أبى طالب رضى الله عنه

- ‌28 ـ ذكر كلمات نقلت عن جماعة عند موتهم من الصحابة وغيرهم وذكر زيارة القبور ونحو ذلك

- ‌29 ـ فصل [في حقيقة الموت]

- ‌30 ـ فصل في ذكر القبر

- ‌31 ـ فصل في أحوال الميت من وقت نفخة الصور إلى حين الاستقرار في الجنة أو النار

- ‌32 ـ ذكر جهنم أعاذنا الله منها

- ‌33 ـ[فصل في محبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم]

- ‌34 ـ ذكر صفة الجنة نسأل الله العظيم من فضله

- ‌35 ـ باب في ذكر سعة رحمة الله تعالى

الفصل: ‌الفصل الثاني: في أمر الأمراء والسلاطين بالمعروف ونهيهم عن المنكر

‌منكرات الضيافة:

من ذلك: فرش الحرير للرجال، والبخور في مجمررة فضة أو ذهب، والشرب فيهما، استعمال ماء الورد منهما، وكذلك تعليق الستور وفيها الصور، وسماع القينات والأوتار، واطلاع النساء على الشباب الذين تخاف فتنتهم، فكل ذلك منكر يجب تغييره، ومن عجز عن تغييره لزمه الخروج.

وأما الصور على النمارق والبسط، فليس بمنكر، وكذلك الفرش والحرير، والذهب للنساء، فانه جائز، ولا رخصة في تثقيب آذان الصبية لأجل تعليق حلق الذهب، فإن ذلك جرح مؤلم لا يجوز، وفى المخانق والأسورة كفاية عن ذلك والاستئجار على ذلك غير صحيح، والأجرة المأخوذة عليه حرام.

ومن ذلك أن يكون في الضيافة مبتدع يتكلم في بدعته، فلا يجوز الحضور معه إلا لمن يقدر على الرد عليه، وإن لم يتكلم المبتدع جاز الحضور مع إظهار الكراهة له والإعراض عنه، وإن كان هناك مضحك بالفحش والكذب، لم يجز الحضور، ويجب الإنكار، فإن كان مزحاً لا كذب فيه ولا فحش، أبيح ما لم يقل من ذلك، فأما اتخاذه صناعة وعادة فيمنع منه.

‌المنكرات العامة:

من تيقن أن في السوق منكراً يجرى على الدوام، أو في وقت معين وهو قادر على تغييره، لم يجز له أن يسقط ذلك عنه بالقعود في بيته، بل يلزمه الخروج، فإن قدر على تغيير البعض لزمه.

وحق على كل مسلم أن يبدأ بنفسه، فيصلحها بالمواظبة على الفرائض وترك المحرمات، ثم يعلم ذلك أهله وأقاربه، ثم يتعدى إلي جيرانه وأهل محلته، ثم إلي أهل بلده، ثم إلي السواد كذلك إلي أقصى العالم، فإن قام بذلك الأقرب، سقط عن الأبعد، وإلا خرج به كل قادر عليه.

‌الفصل الثاني: في أمر الأمراء والسلاطين بالمعروف ونهيهم عن المنكر

.

وقد ذكرنا درجات الأمر بالمعروف، والجائز من ذلك مع السلاطين القسمان الأولان وهما: التعريف والوعظ، فأما تخشين القول، نحو: يا ظالم، يا من لا يخاف

ص: 133

الله، فإن كان ذلك يحرك فتنة يتعدى شرها إلى الغير، لم يجز، وإن لم يخف إلا على نفسه، فهو جائز عند جمهور العلماء، والذى أراه المنع من ذلك، لأن المقصود إزالة المنكر، وحمل السلطان بالانبساط عليه على فعل المنكر أكبر من المنكر الذي قصد إزالته، وذلك أن أقرب السلاطين التعظيم، فان سمعو من آحاد الرعية: يا ظالم، يا فاسق، رأوا غاية الذل، لم يصبروا على ذلك.

قال الإمام أحمد رحمه الله: لا تتعرضن بالسلطان، فان سيفه مسلول، فأما ما جرى من السلف من التعرض لأمرائهم، فانهم كانوا يهابون العلماء، فإذا انبسطوا عليهم احتملوهم في الأغلب.

وقد جمعت مواعظ السلف للخلفاء والأمراء في كتاب " المصباح المضئ " وأنا أنتخب منه ها هنا حكايات.

قال سعيد بن عامر لعمر بن الخطاب رضى الله عنه: إنى موصيك بكلمات من جوامع الآلام ومعالمه: اخش الله في الناس، ولا تخش الناس في الله، ولا يخالف قولك فعلك، فإن خير القول ما صدقه الفعل، وأحب لقريب المسلمين وبعيدهم ما تحب لنفسك وأهل بيتك، وخض الغمرات إلى الحق حيث علمته، ولا تخف في الله لومة لائم. قال: ومن يستطع ذلك يا أبا سعيد؟ قال: من ركب في عنقه مثل الذي ركب في عنقك.

وقال قتادة: خرج عمر بن الخطاب رضى الله عنه من المسجد ومعه الجارود، فإذا امرأة برزة على الطريق، فسلم عليها، فردت عليه، أو سلمت عليه، فرد عليها، فقال: هيه يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوق عكاظ تصارع الصبيان، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الموت خشى الفوت، فبكى عمر رضى الله عنه، فقال الجارود: هيه، لقد تجرأت على أمير المؤمنين وأبكيتيه.

فقال عمر: دعها، أما تعرف هذه؟ هى خولة بن حكيم التى سمع الله قولها من فوق سماواته، فعمر والله أحرى أن يسمع كلامها.

ودخل شيخ من الأزد على معاوية، فقال: اتق الله يا معاوية، واعلم أنك كل يوم

ص: 134

يخرج عنك، وفى كل ليلة تأتى عليك لا تزداد من الدنيا إلا بعداً، ومن الآخرة إلا قرباً، وعلى إثرك طالب لا تفوته، وقد نصب لك علم لا تجوزه، فما أسرع ما تبلغ العلم، وما أوشك أن لحقك الطالب، وإنا وما نحن فيه وأنت زائل، والذى نحن صائرون إليه باق، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

ودخل سليمان بن عبد الملك المدينة، فأقام بها ثلاثاً، فقال: ما هاهنا رجل ممن أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدثنا؟

فقيل له: ها هنا رجل يقال له أبو حازم، فبعث إليه فجاء.

فقال سليمان: يا أبا حازم، ما هذا الجفاء؟ قال أبو حازم: وأى جفاء رأيت منى؟ فقال له: أتاني وجوه المدينة كلهم ولم تأتنى؟! فقال: ما جرى بينى وبينك معرفة آتيك عليها. قال صدق الشيخ. يا أبا حازم، ما لنا نكره الموت؟ قال: لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم آخرتكم، فأنتم تكرهون أن تنتقلو من العمران إلى الخراب.

قال: صدقت يا أبا حازم، فكيف القدوم على الله تعالى؟ قال: أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله فرحاً مسروراً، وأما المسئ فكالآبق يقدم على مولاه خائفاً محزوناً.

فبكى سليمان وقال: ليت شعرى، ما لنا عند الله يا أبا حازم، فقال أبو حازم: اعرض نفسك على كتاب الله؟ قال: عند قوله {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)} [الانفطار: 13 - 14]. قال: يا أبا حازم، فأين رحمة الله؟ قال:{قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] قال: يا أبا حازم، من أعقل الناس؟ قال: من تعلم الحكمة وعلمها الناس. قال: فمن أحمق الناس؟ قال: من حط نفسه في هوى رجل وهو ظالم، فباع أخرته بدنيا غيره. قال: يا أبا حازم فما أسمع الدعاء؟ قال: دعاء المخبتين. قال: فما أزكى الصدقة؟ قال: جهد المقل.

قال يا أبا حازم، ما تقول فيما نحن فيه؟ قال: أعفني من هذا. قال سليمان نصيحة تلقيها. قال أبو حازم: إن ناساً أخذوا هذا الأمر عنوة من غير مشاورة المسلمين، ولا إجماع عن رأيهم، فسفكوا فيه الدماء على طلب الدنيا، ثم ارتحلوا عنه، فليت شعرى، ما قالوا؟ وما قيل لهم؟ فقال بعض جلسائهم؟ بئس ما قلت يا

ص: 135

شيخ، فقال أبو حازم: كذبت، إن الله أخذ ميثاق العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه. قال سليمان: يا أبا حازم، أصبحنا تصيب منا ونصيب منك. قال: أعود بالله من ذلك. قال: ولم؟ قال: أخاف أن أركن إليكم شيئا قليلاً، فيذيقنى ضعف الحياة، وضعف الممات. قال. فأشر على، قال: اتق الله أن يراك حيث نهاك، أو يفقدك حيث أمرك.

قال: يا أبا حازم، ادع لنا بخير. فقال: اللهم إن كان سليمان وليك فيسره للخير، وإن كان غير ذلك، فخذ إلى الخير بناصيته، فقال: يا غلام، هات مائة دينار ثم قال: خذ يا أبا حازم. قال لا حاجة لى به، لى ولغيرى في هذا المال أسوة، فإن واسيت بيننا وإلا فلا حاجة لى فيها، إنى أخاف أن يكون لما سمعت من كلامى. فكأن سليمان أعجب بأبى حازم، فقال الزهرى: إنه لجارى منذ ثلاثين سنة، ما كلمته قط، فقال أبو حازم: إنك نسيت الله فنسيتنى. قال الزهرى: أتشتمنى؟ قال سليمان: بل أنت شتمت نفسك، أما علمت أن للجار على الجار حقاً؟ قال أبو حازم: إن بنى إسرائيل لما كانوا على الصواب كانت الأمراء تحتاج إلى العلماء، وكانت العلماء تفر بدينها منهم، فلما رأى ذلك قوم من أذلة الناس تعلموا العلم، وأتوا به الأمراء، واجتمع القوم على المعصية، فسقطوا وانتكسوا، ولو كان العلماء يصونون دينهم وعلمهم، لم تزل الأمراء تهابهم. قال الزهرى: كأنك إياى تريد وبى تعرض؟ قال: هو ما تسمع.

وحكى أن أعرابيا دخل على سليمان بن عبد الملك، فقال: يا أمير المؤمنين، إنى مكلمك بكلام فاحتمله وإن كرهته، فإن وراءه ما تحب إن قبلته. قال: قل، قال: يا أمير المؤمنين، إنه قد أكتنفك رجال ابتاعوا دنياك بدينهم، ورضاك بسخط ربهم، خافوك في الله ولم يخافوه فيك، خربوا الآخرة وعمروا الدنيا، فهم حرب للآخرة، سلم للدنيا، فلا تأمنهم على ما ائتمنك الله عليه، فانهم لم يألو الأمانة تضييعاً والأمة خسفاً، وأنت مسؤول عما اجترحوا، وليسوا بمسؤولين عما اجترحت، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك، فان أعظم الناس غبناً بائع آخرته بدنيا غيره. فقال سليمان: أما أنت فقد سللت لسانك، وهو أقطع من سيفك. فقال: أجل يا أمير المؤمنين، لك لا عليك. قال: فهل من حاجة في ذات نفسك؟ قال: أما خاصة دون عامة فلا، ثم قام

ص: 136

فخرج. فقال سليمان: لله دره ما أشرف أصله، وأجمع قلبه، وأذرب لسانه، وأصدق نيته، وأروع نفسه، هكذا فليكن الشرف والعقل.

وقيل: قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله لأبى حازم: عظنى. فقال: اضطجع ثم اجعل الموت عند رأسك، ثم انظر ما تحب أن يكون فيك تلك الساعة فخذ فيه الآن، وما تكره أن يكون فيك تلك الساعة فدعه الآن.

وقال محمد بن كعب لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، إنما الدنيا سوق من الأسواق، منها خرج الناس بما يضرهم وما ينفعهم، وكم من قوم غرهم منها مثل الذي أصبحنا فيه، حتى أتاهم الموت فاستوعبهم فخرجوا منها ملومين لم يأخذوا منها لما أحبوا من الآخرة عدة، ولا لما كرهوا منها جنة، اقتسم ما جمعوا من لم يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم فنحن محققون يا أمير المؤمنين أن ننظر إلى تلك الأعمال التى نغبطهم بها فنخلفهم فيها، وإلى الأعمال التى نتخوف عليهم فيها فنكف عنها، فاتق الله، وافتح الأبواب، وسهل الحجاب، وانصر المظلوم، ورد الظالم. ثلاث من كن فيه استكمل الأيمان بالله عز وجل: إذا رضى لم يدخله رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له.

ودخل عطاء بن أبى رباح على هشام، فرحب به وقال: ما حاجتك يا أبا محمد؟ وكان عنده أشراف الناس يتحدثون، فسكتوا، فذكره عطاء بأرزاق أهل الحرمين وعطياتهم. فقال: نعم يا غلام اكتب لأهل المدينة وأهل مكة بعطاء أرزاقهم، ثم قال: يا أبا محمد هل من حاجة غيرها؟ فقال: نعم فذكره بأهل الحجاز، وأهل نجد، وأهل الثغور، ففعل مثل ذلك، حتى ذكره بأهل الذمة أن لا يكلفوا مالا يطيقون، فأجابه إلى ذلك، ثم قال له في آخر ذلك: هل من حاجة غيرها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، اتق الله في نفسك، فإنك خلقت وحدك، وتموت وحدك، وتحشر وحدك، وتحاسب وحدك، لا والله ما معك ممن ترى أحد.

قال: فأكب هشام يبكى، وقام عطاء. فلما كان عند الباب إذا رجل قد تبعه بكيس

ص: 137

ما تدرى ما فيه، أدراهم أم دنانير؟ وقال: إن أمير المؤمنين قد أمر لك بهذا، فقال:{مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} ثم خرج ولا والله ما شرب عندهم حسوة ماء فما فوقها.

وعن محمد بن على قال: إنى لحاضر مجلس المنصور، وفيه ابن أبى ذئب، وكان والى المدينة والحسن بن زيد، فأتى الغفاريون فشكوا إلى أبى جعفر المنصور شيئاً من أمر الحسن بن زيد، فقال الحسن: يا أمير المؤمنين، سل عنهم ابن أبى ذئب. قال: فسأله عنهم، فقال: أشهد أنهم أهل الحطم في أعراض الناس. فقال أبو جعفر: قد سمعتم؟ فقال الغفاريون: يا أمير المؤمنين، فسله عن الحسن بن زيد. فسأله، فقال: أشهد أنه يحكم بغير الحق. فقال: قد سمعت يا حسن. قال يا أمير المؤمنين، سله عن نفسك. فقال: ما تقول في؟ قال: أو يعفينى أمير المؤمنين؟ فقال والله لتخبرنى. فقال أشهد أنك أخذت هذا المال من غير حقه، وجعلته في غير أهله. فوضع يده في قفا ابن أبى ذئب، وجعل يقول له: أما والله ولا أنا لأخذت أبناء فارس والروم والدليم والترك بهذا المكان منك. فقال ابن أبى ذئب: قد ولى أبو بكر وعمر فأخذا بالحق وقسما بالسوية، وأخذا بأقفاء فارس والروم، فخلاه أبو جعفر، وقال: والله لولا أنى أعلم أنك صادق لقتلتك، فقال: والله يا أمير المؤمنين إنى أنصح لك من ابنك المهدي.

وعن الأوزاعي رحمه الله قال: بعث إلى المنصور وأنا بالساحل فأتيته، فلما وصلت إليه وسلمت عليه استجلسنى، ثم قال: ما الذي أبطأ بك يا أوزاعي؟

قلت: وما الذي تريد يا أمير المؤمنين؟ قال: أريد الأخذ عنكم والاقتباس منكم.

قلت: فانظر يا أمير المؤمنين أن تسمع شيئاً ثم لا تعمل به، فصاح بى الربيع وأهوى بيده إلى السيف، فانتهزه المنصور وقال: هذا مجلس مثوبة لا مجلس عقوبة، فطابت نفسى وانبسطت في الكلام، فقلت: يا أمير المؤمنين، حدثنى مكحول عن عطية بن بشر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أيما وال مات غاشاً

ص: 138

لرعيته حرم الله عليه الجنة".

يا أمير المؤمنين، كنت في شغل شاغل من خاصة نفسك عن عامة الناس الذين أصبحت تملكهم، أحمرهم، وأسودهم ومسلمهم، وكافرهم، وكل له عليك نصيب من العدل، فكيف بك إذا انبعث منهم فئام وراء فئام (1)، ليس منهم أحد إلا هو يشكو بلية أدخلتها عليه، أو ظلامة سقتها إليه.

يا أمير المؤمنين، حدثنى مكحول عن زياد بن حارثة عن حبيب بن سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا إلى القصاص نفسه في خدش خدشه أعرابياً لم يتعمده، فأتاه جبريل فقال: يا محمد، إن الله تعالى لم يبعثك جباراً ولا متكبراً، فدعا ? الأعرابي، فقال:"اقتص مني"، فقال الأعرابي: قد أحللتك، بأبي أنت وأمى، وما كنت لأفعل ذلك أبداً، ولو أتيت على نفسى. فدعا له بخير. يا أمير المؤمنين، رض نفسك لنفسك، وخذ لها الأمان من ربك.

يا أمير المؤمنين، إن الملك لو بقى لمن قبلك لم يصل إليك، وكذلك لا يبقى لك كما لم يبق لغيرك.

يا أمير المؤمنين، جاء في تأويل هذه الآية عن جدك {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]، قال الصغيرة: التبسم، والكبيرة الضحك، فكيف بما عملته الأيدى، وحصدته الألسن.

يا أمير المؤمنين، بلغنى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: لو ماتت سخلة على شاطئ الفرات ضيعة، لخشيت أن أسأل عنها، فكيف بمن حرم عدلك وهو على بساطك؟

يا أمير المؤمنين، جاء في تأويل هذه الآية عن جدك:{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ص: 26] قال: إذا قعد الخصمان بين يديك، وكان لك في أحدهما هوى، فلا تتمنين في نفسك أن يكون الحق له فيفلج على صاحبه، فأمحوك من نبوتى، ثم لا تكون خليفتى، يا داود: إنما جعلت رسلى إلي عبادى رعاء كرعاء الإبل لعلمهم بالرعاية، ورفقهم بالسياسة،

(1) الفئام: الجماعة الكثيرة من الناس، وتقول: بنو فلان فئام إلا أنهم لئام.

ص: 139

ليجبروا الكسر، ويدلوا الهزيل على الكلأ والماء.

يا أمير المؤمنين، إنك قد بليت بأمر لو عرض على السماوات والأرض والجبال لأبين أن يحملنه وأشفقن منه.

يا أمير المؤمنين: حدثني يزيد بن جابر عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الأنصاري: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل رجلاً من الأنصار على الصدقة: فرآه بعد أيام مقيماً، فقال له: ما منعك من الخروج إلى عملك؟ أما علمت أن لك مثل أجر المجاهدين في سبيل الله؟ قال: لا. قال: وكيف ذلك؟ قال: لأنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما من والٍ يلي شيئاً من أمور الناس، إلا أتى يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، يوقف على جسر جهنم، ينتفض به ذلك الجسر انتفاضة تزيل كل عضو منه عن موضعه، ثم يعاد فيحاسب، فإن كان محسناً نجا بإحسانه، وإن كان مسيئاً انخرق به ذلك الجسر فهوى به في النار سبعين خريفاً". فقال له: ممن سمعت هذا؟ فقال: من أبي ذر وسلمان رضي الله عنهما، فأرسل إليهما عمر فسألهما، فقالا: نعم، سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال عمر: واعمراه من يتولاها (1) بما فيها؟ فقال أبو ذر رضي الله عنه: من سلت (2) الله أنفه، وألصق خده بالأرض، فأخذ المنديل -يعني المنصور- فوضعه على وجهه ثم بكى وانتحب حتى أبكاني.

ثم قلت: يا أمير المؤمنين، قد سأل جدك العباس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إمارة على مكة والطائف أو اليمن، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"يا عم نفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها"(3) نصيحة منه لعمه وشفقة منه عليه، وأخبره أنه لا يغنى عنه من الله شيئاً إذا أوحى إليه:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] فقال: يا عباس، ويا صفية، ويا فاطمة، إنى لست أغنى عنكم من الله شيئاً، لى عملى ولكم عملكم، وقد قال عمر بن الخطاب: لا يقيم أمر الناس إلا حصيف العقل، لا تأخذه في الله لومة لائم، وذكر تمام كلامه للمنصور، ثم قال: فهى نصيحة، والسلام عليك.

ثم نهض فقال: إلى أين؟ فقال: إلى الوطن بأذن أمير المؤمنين. فقال: أذنت

(1) أي الأمارة والولاية بسبب ما فيها من الخطر.

(2)

سلت أنفه. أجدعه.

(3)

انظر كتاب التوابين صفحة (167) بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط من منشورات دار البيان بدمشق.

ص: 140

لك، وشكرت لك نصيحتك، وقبلتها بقبولها، والله الموفق للخير، والمعين عليه، وبه أستعين، وعليه أتوكل، وهو حسبى ونعم الوكيل، فلا تخلنى من مطالعتك إياى بمثلها، فإنك المقبول القول غير المتهم في النصيحة.

قلت: أفعل إن شاء الله. فأمر له بمال يستعين به على خروجه، فلم يقبله، وقال: أنا في غنى عنه، وما كنت لأبيع نصيحتى بعرض الدنيا كلها، وعرف المنصور مذهبه فلم يجد عليه في رده.

ولما حج الرشيد قيل له: يا أمير المؤمنين، قد حج شيبان. قال: اطلبوه لى، فأتوه به، فقال: يا شيبان، عظنى، قال: يا أمير المؤمنين، أنا رجل ألكن، لا أفصح بالعربية، فجئنى بمن يفهم كلامى حتى أكلمه. فأتى برجل يفهم كلامه، فقال له بالنبطية: قل له: يا أمير المؤمنين، إن الذي يخوفك قبل أن تبلغ المأمن، أنصح لك من الذي يؤمنك قبل أن تبلغ الخوف، قال له: أى شىء تفسير هذا؟ قال: قله: الذي يقول لك: اتق الله فإنك رجل مسؤول عن هذه الأمة، استرعاك الله عليها، وقلدك أمورها، وأنت مسؤول عنها، فاعدل في الرعية، واقسم بالسوية، وانفذ في السرية، واتق الله في نفسك، هذا الذي يخوفك، فإذا بلغت المأمن أمنت، هذا أنصح لك ممن يقول: أنتم أهل بيت مغفور لكم، وأنتم قرابة نبيكم وفى شفاعته، فلا يزال يؤمنك حتى إذا بلغت الخوف عطبت، قال: فبكى هارون حتى رحمه من حوله، ثم قال: زدنى، قال: حسبك.

وعن علقمة بن أبى مرثد، قال: لما قدم عمر بن هبيرة العراق، أرسل إلى الحسن وإلى الشعبى، فأمر لهما ببيت، فكانا فيه نحواً من شهر، ثم دخل عليهما وجلس معظماً لهما، فقال: إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك يكتب إلى كتباً، أعرف أن في إنقاذها الهلكة، فإن أطعته عصيت الله، وإن عصيته أطعت الله، فهل تريان في متابعتى إياه فرجاً؟ فقال الحسن: يا أبا عمرو، أجب الأمير. فتكلم الشعبى، فانحط في أمر ابن هبيرة، كأنه عذره، فقال: ما تقول أنت يا أبا سعيد؟ قال: أيها الأمير، فقد قال الشعبى ما قد سمعت. فقال: ما تقول أنت؟ قال: أقول: يا عمر بن هبيرة، ويوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله تعالى فظ غليظ لا يعصى الله ما أمره، فيخرجك

ص: 141

من سعة قصرك إلى ضيق قبرك.

يا عمر بن هبيرة، إن تتق الله يعصمك من يزيد بن عبد الملك، ولن يعصمك يزيد بن عبد الملك من الله تعالى.

يا عمر بن هبيرة، لا تأمن أن ينظر الله إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك، فيغلق به باب المغفرة دونك.

يا عمر بن هبيرة، لقد أدركت ناساً من صدر هذه الأمة، كانوا عن الدنيا وهى مقبلة عليهم أشد إدباراً من إقبالكم عليها وهى مدبرة عنكم.

يا عمر بن هبيرة، إنى أخوفك مقاماً خوفكه الله تعالى فقال:{ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: 14].

يا عمر بن هبيرة، إن تك مع الله في طاعته، كفاك يزيد بن عبد الملك، وإن تك مع يزيد بن عبد الملك على معاصى الله وكلك الله إليه.

فبكى عمر بن هبيرة وقام بعبرته.

فلما كان من الغد أرسل إليهما باذنهما وجوائزهما، وأكثر فيها للحسن، وكان في جائزة الشعبى بعض الإقتار، فخرج الشعبى إلى المسجد، فقال: أيها الناس، من استطاع منكم أن يؤثر الله تعالى على خلقه، فليفعل، فوالذى نفسى بيده، ما علم الحسن شيئاً منه فجهلته، ولكنى أردت وجه ابن هبيرة، فأقصانى الله منه.

ودخل محمد بن واسع رحمه الله على بلال بن أبى بردة في يوم حار وبلال في حبشة، وعنده الثلج، فقال له: يا أبا عبد الله، كيف ترى بيتنا هذا؟ قال: إن بيتك لطيب، والجنة أطيب منه، وذكر النار يلهى عنه. قال: ما تقول في القدر؟ قال: جيرانك أهل القبور، ففكر فيهم، فإن فيهم شغلاً عن القدر. قال: ادع الله لى. قال: وما نصنع بدعائى؟ وعلى بابك كذا وكذا يقولون: إنك ظلمتهم، يرفع دعاؤهم قبل دعائى، لا تظلم، ولا تحتاج لدعائى.

فهذا مختصر من أخبار من وعظ الأمراء، فمن أراد الزيادة، فلينظر في "المصباح المضيء".

ص: 142