الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع: خِفَّة المهر، وقد زوج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين.
وقال عمر رضى الله عنه: لا تغالوا فى مهور النساء.
وكما تكره المغالاة فى المهر من جهة المرأة، يكره السؤال عن مالها من جهة الرجل. قال الثوري: إذا تزوج الرجل وقال: أي شئ للمرأة؟ فاعلم أنه لص.
الخامس: البكارة، لأن الشارع ندب إلى ذلك، ولأنها تحب الزوج وتألفه أكثر من الثيب، فيوجب ذلك الود، فان الطباع مجبولة على الأنس بأول مألوف، وهو أيضاً أكمل لمودته لها، لأن الطبع ينفر من التي مسها غيره.
السادس: أن تكون ولوداً.
السابع: النسب، وهو أن تكون من بيت دين وصلاح.
الثامن: أن تكون أجنبية.
وكما ينبغي للرجل أن ينظر فى المرأة، ينبغي للولى أن ينظر فى دين الرجل وأخلاقه وأحواله، لأنه تصير بالنكاح مرقوقة، ومتى زوجها من فاسق أو مبتدع، فقد جنى عليها وعلى نفسه.
قال رجل للحسن: ممن أُزّوج ابنتي؟ قال: ممن يتقى الله، فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لن يظلمها.
3 ـ فصل في آداب المعاشرة والنظر فيما على الزوج وفيما على الزوجة
أما الزوج، فعليه مراعاة الاعتدال والأدب فى اثني عشر أمراً:
الأول: الوليمة فإنها مستحبة.
الثاني: حسن الخلق مع الزوجات. واحتمال الأذى منهن لقصور عقلهن.
وفى الحديث الصحيح: "استوصوا بالنساء خيراً، فانهن خلقن من ضلع، وإن أعوج ما فى الضلع أعلاه، فان ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً".
واعلم: أنه ليس حسن الخلق مع المرأة كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها،
والحلم على طيشها وغضبها، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففى "الصحيحين"، من حديث عمر رضى الله عنه أن أزواج النبى صلى الله عليه وآله وسلم كن يراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. والحديث مشهور.
الثالث: أن يداعبها ويمازحها، وقد سابق عليه السلام عائشة رضى الله عنها، وكان يداعب نساءه صلى الله عليه وآله وسلم، وقال لجابر:"هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك".
الرابع: أن يكون ذلك بقدر، ولا ينبسط فى الرعاية إلى أن تسقط هيبته بالكلية عند المرأة، بل ينبغي أن يقصد طريق الاقتصاد، وقد روينا عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه عتب على بعض عماله، فكلمته امرأة عمر رضى الله عنه فيه فقالت: يا أمير المؤمنين فيم وجدت عليه؟ قال: يا عدوة الله، وفيم أنت وهذا؟ إنما أنتِ لعبةُ يُلعب بكِ ثم تُتْركين.
الخامس: الاعتدال فى الغيرة، وهو أن لا يتغافل عن مبادئ الأمور التي يَخشى غوائلها، ولا يبالغ فى إساءة الظن، وقد نهى النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً.
السادس: الاعتدال فى النفقة والقصد دون الإسراف والتقتير، ولا ينبغي للرجل أن يستأثر عن أهله بالطعام الطيب، فان ذلك مما يوغر الصدر.
السابع: أن يتعلم المتزوج من علم الحيض وأحكامه وما يدرى به كيف معاشرة الحائض، ويلقنها الاعتقاد الصحيح، ويزيل عن قلبها كل بدعة إن كانت، ويعلمها أحكام الصلاة والحيض والاستحاضة، فيعرفها أنها إذا انقطع دمها قبل المغرب بمقدار ركعة فعليها الظهر والعصر، وإذا انقطع دمها الصبح بمقدار ركعة فعليها قضاء المغرب والعشاء، وهذا لا يكاد النساء يراعينه.
الثامن: إذا كانت له نسوة ينبغي أن يعدل بينهن، والعدل فى المبيت والعطاء، لا فى الحب والوطء، فإن ذلك لا يملكه، فان سافر وأراد استصحاب إحداهن أقرع بينهن، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه.
التاسع: النشوز، فإذا كان النشوز من المرأة، فله أن يؤدبها ويحملها على الطاعة قهراً، ولكنه ينبغي أن يتدرج فى تأديبها بتقديم الوعظ والتخويف، فإن لم ينفع
هجرها في المضجع، فولاّها ظهره أو انفرد عنها بالفراش، وهجرها فى الكلام فيما دون ثلاثة أيام، فإن لم ينفع ضربها ضرباً غير مُبَرّح، وهو أن لا يدمى جسماً، ولا يضرب لها وجهاً.
العاشر: فى آداب الجماع، يستحب البداءة بالتسمية، والانحراف عن القبلة، وأن يتغطى هو أهله بثوب، وأن لا يكونا متجردين، وأن يبدأ بالملاعبة والضم والتقبيل. ومن العلماء من استحب الجماع يوم الجمعة، ثم إذا قضى وطره فليتمهل لتقضى وطرها، فان إنزالها ربما تأخر.
ومن الآداب: أن تأتزر الحائض بإزار من حَقْويها إلى ما بين الركبة إذا أراد الاستمتاع بها، ولا يجوز وطؤها فى الحيض، ولا فى الدُّبُرِ، ومن أراد أن يجامع مرة ثانية فليغسل فرجة ويتوضأ.
ومن الآداب: أن لا يحلق شعره، ولا يقلم أظافره، ولا يخرج دما وهو جنب، وأما الغزل فهو مباح مع الكراهة.
الحادى عشر: فى آداب الولادة، وهى ستة:
الأول: أن لا يكثر فرحه بالذكر وحزنه بالأنثى، فانه لا يدرى في أيهما الخير.
الثاني: أن يؤذن فى أذن المولود حين يولد.
الثالث: أن يسميه اسماً حسناً.
وفى أفراد مسلم: "إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن" ومن كان له اسم مكروه، استحب تبديله، فقد غير النبى صلى الله عليه وآله وسلم أسماء جماعة، وقد كره من الأسماء، أفلح، ونافع، ويسار، ورباح، وبركة، لأنه يقول: أهو ثمة؟ فيقال: لا.
الرابع: العقيقة عن الذكر شاتان، وعن الأنثى شاة.
الخامس: أن يحنكه بتمرة أو حلاوة.
السادس: الختان.
الثاني عشر: مما يتعلق بالزواج الطلاق، وهو أبغض المباحات إلى الله عز وجل فيكره للرجل أن يفاجئ به المرأة من غير ذنب، ولا يجوز للمرأة أن تلجئه إلى طلاقها، فإذا أراد الطلاق فليراع فيه أربعة أشياء.
الأول: أن يطلقها فى طُهْرٍ لم يُصبها فيه، لئلا تطول عليها العدة.
الثاني: أن يقتصر على طلقة واحدة ليستفيد بها الرجعة إن ندم.
الثالث: أن يتلطف فى الأمر فى الطلاق بإعطائها ما تتمتع به لينجبر الفاجع، فقد روى عن الحسن بن على رضى الله عنهما أنه طلق امرأة وبعث إليها بعشرة آلاف درهم، فقالت: متاع قليل من حبيب مفارق.
الرابع: أن لا يفشى سرها، وفى الحديث الصحيح فى أفراد مسلم "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه، ثم ينشر سرها". وروى عن بعض الصالحين أنه أراد طلاق امرأته فقيل له: ما الذى يريبك منها؟ فقال: العاقل لا يهتك سراً، فلما طلقها قيل له: لم طلقتها فقال: مالي ولامرأة غيري. فهذا كله فى بيان ما على الزوج.
القسم الثاني: من آداب المعاشرة، ما على الزوجة لزوجها.
عن أبى أُمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "لو جاز لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" لعظم حقه عليها. وفى هذا القسم أحاديث كثيرة تدل على تأكيد حق الزوج على زوجته، وحقوقه عليها كثيرة، أهمها أمران:
أحدهما: الستر والصيانة.
الثاني: القناعة، وعلى هذا كان النساء فى السلف، كان الرجل إذا خرج من منزله يقوله له أهله: إياك وكسب الحرام، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار.
ومن الواجب عليها: أن لا تفرط فى ماله، فإن أطعمت عن رضاه كان لها مثل أجره، وإن كان بغير رضاه، كان له الأجر وعليها الوزر.
وينبغى لوالديها تأديبها قبل نقلها إلى الزوج لتعرف آداب العشرة، وينبغى للمرأة أن تكون قاعدة فى بيتها، لازمة لمغزلها، قليلة الكلام لجيرانها، كثيرة الانقباض حالة غيبة زوجها، تحفظه غائباً وحاضراً، وتطلب مسرّته فى جميع الأحوال، ولا تخونه فى نفسها ولا فى ماله، ولا تُوطئ فراشه من يكره، ولا تأذن فى بيته إلا باذنه، ولتكن همتها صلاح شأنها وتدبير بيتها، قائمة بخدمة الدار فى كل ما أمكنها، ولتكن مُقَدَّمة لحق زوجها على حق نفسها وحق جميع أقربائها. آخر كتاب النكاح.
***