الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: مِنْ زَمْزَمَ، قَالَ: فَشَرِبْتَ مِنْهَا كَمَا يَنْبَغِي؟ قَالَ: كَيْف؟ قَالَ: إذَا شَرِبْتَ مِنْهَا فَاسْتَقْبِلْ الْكَعْبَةَ، وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، وَتَنَفَّسْ ثَلَاثًا مِنْ زَمْزَمَ، وَتَضَلَّعْ مِنْهَا، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا فَاحْمَدْ اللَّهَ تَعَالَى، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: آيَةُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَرِيًّا وَشِبَعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَاغْسِلْ بِهِ قَلْبِي، وَامْلَأْهُ مِنْ خَشْيَتِك) زَادَ بَعْضُهُمْ: (وَحِكْمَتِك) لِحَدِيثِ جَابِرٍ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَهَذَا الدُّعَاءُ شَامِلٌ لِخَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
[فَرْعٌ الطَّوَافُ الْمَشْرُوعُ فِي الْحَجِّ]
(فَرْعٌ: الطَّوَافُ الْمَشْرُوعُ فِي حَجٍّ ثَلَاثَةٌ) : طَوَافُ (زِيَارَةٍ) وَهُوَ: رُكْنٌ، وَيُسَمَّى طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَالْقُدُومِ (وَ) طَوَافُ (قُدُومٍ) وَهُوَ: سُنَّةٌ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا، (وَ) طَوَافُ (وَدَاعٍ) وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ مِنْ حَاجٍّ وَغَيْرِهِ، وَيُسَمَّى طَوَافَ الصَّدَرِ، وَيَأْتِي. (وَسِوَاهَا) أَيْ: سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (نَفْلٌ) فَلَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَانٍ.
[فَصْلٌ فِي رُجُوع الْحَاجّ إلَى منى بَعْد الْإِفَاضَة لِصَلَاةِ الظُّهْر يَوْم النَّحْر]
(فَصْلٌ)
(ثُمَّ يَرْجِعُ) مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ عَلَى مَا سَبَقَ (فَيُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى) لِحَدِيثِ ابْن عُمَرَ مَرْفُوعًا: «أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَيَبِيتُ بِهَا) أَيْ: بِمِنًى. (وَيَتَّجِهُ: الْمُرَادُ) مِنْ الْبَيْتُوتَةِ بِمِنًى: (مُعْظَمُ اللَّيْلِ) وَهُوَ مُتَّجِهٌ (ثَلَاثَ لَيَالٍ) إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ، وَإِلَّا فَلَيْلَتَيْنِ (وَيَرْمِي الْجَمَرَاتِ) الثَّلَاثَ (بِهَا) أَيْ: مِنًى (أَيَّامَ التَّشْرِيقِ) إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ (كُلَّ جَمْرَةٍ) مِنْهَا (بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ) وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَلَا يُجْزِئُ رَمْيٌ إلَّا نَهَارًا بَعْدَ (الزَّوَالِ) حَتَّى يَوْمَ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ، فَإِنْ رَمَى لَيْلًا، أَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ، لَمْ يُجْزِئْهُ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي الْجَمْرَةَ ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَرَمَى ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَقَدْ قَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنَّا نَتَحَيَّنُ حَتَّى إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ قَدْرَ مَا إذَا فَرَغَ مِنْ رَمْيِهِ، صَلَّى الظُّهْرَ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَأَنْ يُحَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ مَعَ الْإِمَامِ، فِي مَسْجِدٍ بِالْخَيْفِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ مَرْضِيٍّ صَلَّى بِرُفْقَتِهِ.
(وَيَجِبُ بَدَاءَةً) بِجَمَرَاتٍ (أُولَى، وَهِيَ أَبْعَدُهُنَّ مِنْ مَكَّةَ، وَتَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ فَيَجْعَلُهَا عِنْدَ يَسَارِهِ مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ، (وَيَرْمِيهَا) بِسَبْعٍ، (ثُمَّ يَتَقَدَّمُ) مِنْهَا (قَلِيلًا لِئَلَّا يُصِيبَهُ حَصًى، فَيَقِفُ يَدْعُو وَيُطِيلُ رَافِعًا يَدَهُ) نَصًّا، (ثُمَّ) يَأْتِي الْجَمْرَةَ (الْوُسْطَى، فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ (وَيَرْمِيهَا) بِسَبْعٍ (وَيَقِفُ عِنْدَهَا، فَيَدْعُوَ) رَافِعًا يَدَيْهِ وَيُطِيلُ (ثُمَّ) يَأْتِي (جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ (وَيَتَبَطَّنُ الْوَادِيَ) وَيَرْمِيهَا بِسَبْعٍ (وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا) لِضِيقِ الْمَكَانِ.
(وَتَرْتِيبُهَا) أَيْ: الْجَمَرَاتِ (كَمَا مَرَّ) بِأَنَّهُ يَبْدَأُ بِرَمْيِ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، لَا الْوُسْطَى، ثُمَّ الْعَقَبَةَ (شَرْطٌ) فَإِنْ نَكَّسَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ مَا قَدَّمَهُ عَلَى الْأُولَى نَصًّا، «لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَتَّبَهَا كَذَلِكَ، وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» كَالْعَدَدِ، أَيْ: السَّبْعِ حَصَيَاتٍ، فَهُوَ شَرْطٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «رَمَى كُلًّا مِنْهَا بِسَبْعٍ» كَمَا مَرَّ، فَإِنْ أَخَلَّ الرَّامِي بِحَصَاةٍ مِنْ الْأُولَى لَمْ يَصِحَّ رَمْيُ مَا بَعْدَهَا، لِإِخْلَالِهِ بِالتَّرْتِيبِ، فَإِذَا تَرَكَ حَصَاةً فَأَكْثَرَ، وَجَهِلَ مِنْ أَيُّهَا، أَيْ: الْجِمَارِ، تُرِكَتْ الْحَصَاةُ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، فَيَجْعَلُهَا
مِنْ الْأُولَى فَيُتِمُّهَا، ثُمَّ يَرْمِي الْآخَرِينَ مُرَتَّبًا لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ، وَكَذَا إنْ جَهِلَ: أَمِنَ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ؟ فَيَجْعَلُهَا مِنْ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُؤَخَّرُ رَمْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى غَدِهِ أَوْ أَكْثَرَ، أَجْزَأَ أَدَاءٌ، لِأَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كُلَّهَا وَقْتُ الرَّمْيِ، فَإِذَا أَخَّرَهُ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهِ إلَى آخِرِهِ، أَجْزَأَهُ، كَتَأْخِيرِ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ إلَى آخِرِ وَقْتِهِ مَعَ تَرْكِ الْأَفْضَلِ، وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِالرَّمْيِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ.
(وَيَتَّجِهُ) : أَنَّهُ (لَا يَجِبُ) عَلَى رَامٍ (مُوَالَاةُ) رَمْيٍ، فَلَوْ رَمَى حَصَاةً، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِذَلِكَ وَدَعَا مُسْتَصْحِبًا لِحُكْمِ النِّيَّةِ وَلَوْ طَالَ فَصْلٌ عُرْفًا، بَنَى عَلَيْهَا (وَ) يَتَّجِهُ أَنَّ (أَيَّامَ التَّشْرِيقِ) بِالنِّسْبَةِ (لِرَمْيٍ كَيَوْمٍ) أَيْ: بِمَثَابَةِ يَوْمٍ (وَاحِدٍ) هَذَا إذَا كَانَ رَمْيُهُ لِحَصَى (تَأْخِيرًا) كَتَأْخِيرِ رَمْيِ أَوَّلِ يَوْمٍ إلَى غَيْرِهِ، فَلَا يَضُرُّهُ التَّأْخِيرُ، وَيَكُونُ رَمْيُهُ أَدَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ، الْمَذْهَبِ، وَ (لَا) يُجْزِئُهُ رَمْيُ جَمِيعِ الْجَمَرَاتِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، كَمَا لَوْ رَمَاهُنَّ يَوْمَ الْعِيدِ (تَقْدِيمًا) لَهُنَّ عَلَى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لِأَنَّ الرَّمْيَ عِبَادَةٌ مُؤَقَّتَةٌ، فَلَا يَتَقَدَّمُ وَقْتُهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيَجِبُ تَرْتِيبُهُ) أَيْ: الرَّمْيُ (بِالنِّيَّةِ كَ) صَلَوَاتٍ (فَائِتَةٍ) فَإِذَا أَخَّرَ الْكُلَّ مَثَلًا بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَنَوَى رَمْيَهَا لِيَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ يَأْتِي الْأُولَى، ثُمَّ الْوُسْطَى، ثُمَّ الْعَقَبَةَ نَاوِيًا عَنْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَبْدَأُ مِنْ الْأُولَى حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى الْأَخِيرَةِ نَاوِيًا عَنْ الثَّانِي، وَكَذَا عَنْ الثَّالِثِ.
(وَفِي. تَأْخِيرِهِ) أَيْ: الرَّمْيِ (عَنْهَا) أَيْ: عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (دَمٌ) لِفَوَاتِ وَقْتِ الرَّمْيِ، فَيَسْتَقِرُّ الْفِدَاءُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ تَرَكَ نُسُكًا أَوْ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يُهْرِيقُ دَمًا.
(وَلَا
يُسَنُّ) لِمَنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (إتْيَانٌ بِهِ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ كَتَرْكِ مَبِيتِ لَيْلَةٍ بِمِنًى) غَيْرَ الثَّالِثَةِ لِمَنْ تَعَجَّلَ، لِاسْتِقْرَارِ الْفِدَاءِ الْوَاجِبِ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيَالِيَهَا كُلَّهَا فَيَجِبُ بِهِ دَمٌ. (وَفِي تَرْكِ حَصَاةٍ) وَاحِدَةٍ (مِنْ جَمْرَةٍ أَخِيرَةٍ مَا فِي) إزَالَةِ (شَعْرَةٍ) طَعَامُ مِسْكِينٍ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّرْكُ مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ، لَمْ يَصِحَّ رَمْيُ مَا بَعْدَ الْجَمْرَةِ الْمَتْرُوكِ مِنْهَا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا، وَلَوْ كَانَ مَا قَبْلَ الْمَتْرُوكِ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ رَمْيُ مَا بَعْدَهُ بِالْمَرَّةِ، وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ بَعْدَ مُضِيِّ جَمِيعِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ إلَّا طَعَامٌ، لِبَقَاءِ وَقْتِ الرَّمْيِ.
(وَفِي) تَرْكِ (حَصَاتَيْنِ مَا فِي) إزَالَةِ (شَعْرَتَيْنِ) مِثْلَا ذَلِكَ وَفِي أَكْثَرِ مِنْ حَصَاتَيْنِ دَمٌ، وَمَنْ لَهُ عُذْرٌ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ وَحَبْسٍ جَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَرْمِي عَنْهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَشْهَدَهُ إنْ قَدَرَ، وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَى الْمُسْتَنِيبِ لَمْ تَبْطُلْ النِّيَابَةُ، فَلَهُ الرَّمْيُ عَنْهُ، كَمَا لَوْ اسْتَنَابَهُ فِي الْحَجِّ، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ (وَلَا مَبِيتَ عَلَى سُقَاةٍ وَرُعَاةٍ بِمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ:«أَنَّ الْعَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِحَدِيثِ مَالِكٍ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ يَرْمُونَهُ فِي أَحَدِهِمَا. قَالَ مَالِكٌ: ظَنَنْت أَنَّهُ قَالَ: فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ يَرْمُونَهُ يَوْمَ النَّحْرِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(فَإِنْ غَرَبْت) الشَّمْسُ (وَهُمْ) أَيْ: السُّقَاةُ وَالرُّعَاةُ (بِمِنًى لَزِمَ الرِّعَاءَ فَقَطْ) أَيْ: دُونَ السُّقَاةِ (الْمَبِيتُ) لِفَوَاتِ وَقْتِ الرَّعْيِ بِالْغُرُوبِ، بِخِلَافِ السَّقْيِ (وَكَرِعَاءِ نَحْوِ مَرِيضٍ وَخَائِفِ ضَيَاعَ مَالِهِ) فِي تَرْكِ
الْبَيْتُوتَةِ، جَزَمَ بِهِ الْمُوَفَّقُ، وَالشَّارِحُ وَابْنُ تَمِيمٍ.
(وَيَسْتَنِيبُ نَحْوُ مَرِيضٍ وَمَحْبُوسٍ فِي رَمْيِ جِمَارٍ) كَالْمَغْصُوبِ يَسْتَنِيبُ فِي الْحَجِّ كُلِّهِ إذَا عَجَزَ عَنْهُ، لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَشْهَدَهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الْحُضُورِ لِيُخَفِّفَ الرَّمْيَ (وَلَا تَنْقَطِعُ نِيَابَةٌ بِإِغْمَاءِ مُسْتَنِيبٍ) ، كَمَا لَوْ نَامَ.
(وَيَخْطُبُ إمَامٌ) أَوْ نَائِبُهُ (نَدْبًا ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ) فِيهَا (حُكْمَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ، وَ) حُكْمَ (تَوْدِيعِهِمْ) لِحَدِيثِ سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ قَالَتْ: «خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الرُّءُوسِ فَقَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَلَيْسَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَيَحُثُّهُمْ عَلَى خَتْمِ حَجَّتِهِمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَى ذَلِكَ.
(وَلِغَيْرِ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ لِلْمَنَاسِكِ التَّعْجِيلُ فِي) الْيَوْمِ (الثَّانِي) مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالرَّمْيِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (وَهُوَ النَّفْرُ الْأَوَّلُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] وَلِحَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ: «وَأَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ» وَلِأَنَّهُ دَفَعَ مِنْ مَكَان فَاسْتَوَى فِيهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ كَالدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ ومُزْدَلِفَةَ (فَإِنْ غَرَبَتْ) الشَّمْسُ (وَهُوَ) أَيْ: مَرِيدُ التَّعْجِيلِ (بِهَا) أَيْ: مِنًى (لَزِمَهُ مَبِيتٌ وَرَمْيٌ مِنْ غَدٍ) بَعْدَ الزَّوَالِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَهُ الْمَسَاءُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلْيُقِمْ إلَى الْغَدِ حَتَّى يَنْفِرَ مَعَ النَّاسِ، وَلِأَنَّهُ بَعْدَ إدْرَاكِهِ اللَّيْلَ لَمْ يَتَعَجَّلْ فِي يَوْمَيْنِ
(وَيَسْقُطُ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَنْ مُتَعَجِّلٍ) نَصًّا لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ، وَكَذَا مَبِيتُ الثَّالِثَةِ (وَيَدْفِنُ) مُتَعَجِّلٌ (حَصَاهُ) أَيْ: الْيَوْمِ الثَّالِثِ (فِي الْمَرْمَى) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ