الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ وَالْعَقِيقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]
(الْهَدْيُ) مِنْ: هَدَى يَهْدِي، وَمِنْ أَهْدَى يُهْدِي، وَهُوَ:(مَا يُهْدَى لِلْحَرَمِ مِنْ نَعَمٍ وَغَيْرِهَا) وَقَالَ ابْنُ الْمُنَجَّى: مَا يُذْبَحُ بِمِنًى، سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ يُهْدَى إلَى اللَّهِ تَعَالَى (وَالْأُضْحِيَّةُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا:(مَا يُذْبَحُ) أَيْ: يُذَكَّى (مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ) أَهْلِيَّةٍ (وَغَنَمٍ أَهْلِيَّةٍ أَيَّامَ النَّحْرِ) يَوْمَ الْعِيدِ وَتَالِيَيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي (بِسَبَبِ الْعِيدِ) لَا لِنَحْوِ بَيْعٍ (تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى) وَيُقَالُ فِيهَا: ضَحِيَّةٌ، وَجَمْعُهَا: ضَحَايَا، وَأَضْحَاةٌ وَالْجَمْعُ أَضْحَى، وَأَجْمَعُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قَالَ جَمْعٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ: الْمُرَادُ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَرُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَلَا تُجْزِئُ أُضْحِيَّةٌ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ: الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ الْأَهْلِيَّةِ (بِأَنْوَاعِهَا، فَلَا يُجْزِئُ) فِي أُضْحِيَّةٍ (وَحْشِيٌّ وَلَا مُتَوَلِّدٌ) بَيْنَ وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمَنْعِ (وَيَصِحُّ هَدْيُ كُلِّ مُتَمَوَّلٍ) مِنْ أَثَاثٍ وَسِلَاحٍ وَنَقْدٍ وَحَيَوَانٍ (وَهُوَ) أَيْ: الْهَدْيُ بِأَنْوَاعِهِ (سُنَّةٌ لِمَنْ أَتَى مَكَّةَ) ولَمْ يَأْتِهَا، لِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ الْهَدْيَ، وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ» فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: لِمَنْ أَتَى مَكَّةَ «وَأَهْدَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّتِهِ مِائَةَ بَدَنَةٍ» قَالَ جَابِرٌ «فِي صِفَةِ حَجِّهِ صلى الله عليه وسلم: وَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ، وَاَلَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم -
مِائَةً وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ إلَى مَكَّةَ، وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ» .
(وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا) أَيْ: الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ (إبِلٌ فَبَقَرٌ إنْ أُخْرِجَ كَامِلًا وَإِلَّا) يُخْرِجْ كَامِلًا (فَغَنَمٌ) يُهْدِيهِ أَوْ يُضَحِّي بِهِ أَفْضَلُ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ. . . الْحَدِيثَ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهَا أَكْثَرُ ثَمَنًا وَلَحْمًا وَأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ (ثُمَّ شَرَكَ سَبْعٌ) فَأَكْثَرُ (فِي بَدَنَةٍ، ثُمَّ شَرَكَ فِي بَقَرَةٍ) لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ مَقْصُودَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَالْمُنْفَرِدُ تَقَرَّبَ بِإِرَاقَتِهِ كُلِّهِ، (وَ) الْأَفْضَلُ (مِنْ كُلِّ جِنْسٍ أَسْمَنُ، فَأَغْلَى ثَمَنًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَعْظِيمُهَا: اسْتِسْمَانُهَا وَاسْتِحْسَانُهَا، وَلِأَنَّهُ أَعْظَمُ لِأَجْرِهَا، وَأَكْثَرُ لِنَفْعِهَا (فَأَشْهَبُ) أَيْ: أَفْضَلُ أَلْوَانِهَا الْأَشْهَبُ (وَهُوَ: الْأَمْلَحُ، وَهُوَ: الْأَبْيَضُ) النَّقِيُّ الْبَيَاضِ، قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ (أَوْ مَا) فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ، وَ (بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ) قَالَ الْكِسَائِيُّ، لِحَدِيثِ مَوْلَاةِ أَبِي وَرَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ مَرْفُوعًا:«دَمُ عَفْرَاءَ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: دَمُ بَيْضَاءَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ سَوْدَاوَيْنِ. وَلِأَنَّهُ لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ صلى الله عليه وسلم (فَأَصْفَرُ فَأَسْوَدُ) أَيْ: كُلَّمَا كَانَ أَحْسَنَ لَوْنًا كَانَ أَفْضَلَ (قَالَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي الْبَيَاضُ، (وَقَالَ: أَكْرَهُ السَّوَادَ) انْتَهَى. (وَجَذَعُ ضَأْنٍ أَفْضَلُ مِنْ ثَنِيِّ مَعْزٍ) قَالَ أَحْمَدُ: لَا تُعْجِبُنِي
الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بِالضَّأْنِ، وَلِأَنَّهُ أَطْيَبُ لَحْمًا مِنْ ثَنِيِّ الْمَعْزِ (وَكُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ جَذَعِ الضَّأْنِ، وَثَنِيِّ الْمَعْزِ (أَفْضَلُ مِنْ سُبْعِ بَدَنَةٍ أَوْ) سُبْعِ (بَقَرَةٍ وَأَفْضَلُ مِنْ إحْدَاهُمَا) أَيْ: الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ (سَبْعُ شِيَاهٍ) لِكَثْرَةِ إرَاقَةِ الدِّمَاءِ (وَتَعَدُّدٍ فِي جِنْسٍ أَفْضَلُ مِنْ غَالٍ بِدُونِهِ) أَيْ: التَّعَدُّدِ، سَأَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ الْإِمَامَ أَحْمَدَ (فَ) قَالَ لَهُ:(بَدَنَتَانِ) سَمِينَتَانِ (بِتِسْعَةٍ أَفْضَلُ مِنْ بَدَنَةٍ بِعَشَرَةٍ) أَمْ لَا؟ قَالَ: بَدَنَتَانِ أَعْجَبُ إلَيَّ. (وَذَكَرٌ وَأُنْثَى سَوَاءٌ) لِعُمُومِ، {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34] وَقَوْلِهِ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: 36]«وَأَهْدَى، النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَمَلًا لِأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. (وَيَتَّجِهُ: لَكِنَّ الْخَصِيَّ رَاجِحٌ) عَلَى غَيْرِهِ مِنْ النِّعَاجِ، وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْفَائِقِ (وَالْإِقْنَاعِ) قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الْخَصِيُّ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ النَّعْجَةِ، لِأَنَّ لَحْمَهُ أَوْفَرُ وَأَطْيَبُ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذَا النَّصِّ، إذْ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ لَمَا ذَكَرَهُ اتِّجَاهًا. (وَرَجَّحَ الْمُوَفَّقُ الْكَبْشَ) فِي الْأُضْحِيَّةِ (عَلَى سَائِرِ النَّعَمِ) لِأَنَّهُ أُضْحِيَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وَلَا يُجْزِئُ) فِي هَدْيٍ وَاجِبٍ وَلَا أُضْحِيَّةٍ (دُونَ جَذَعِ ضَأْنٍ) وَهُوَ (مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ) كَوَامِلَ، لِحَدِيثِ:«يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أُضْحِيَّةً» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَالْهَدْيُ مِثْلُهَا، وَيُعْرَفُ بِنَوْمِ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِهِ، قَالَهُ الْخِرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ (وَ) لَا يُجْزِئُ دُونَ (ثَنِيِّ مَعْزٍ) وَهُوَ:(مَا لَهُ سَنَةٌ) كَامِلَةٌ، لِأَنَّهُ قَبْلَهَا لَا يُلَقِّحُ، بِخِلَافِ جَذَعِ الضَّأْنِ، فَإِنَّهُ
يَنْزُو فَيُلَقِّحُ (وَ) لَا يُجْزِئُ دُونَ (ثَنِيِّ بَقَرٍ) وَهُوَ (مَا لَهُ سَنَتَانِ) كَامِلَتَانِ، (وَ) لَا يُجْزِئُ دُونَ (ثَنِيِّ إبِلٍ) وَهُوَ (مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ) كَوَامِلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ.
(وَتُجْزِئُ شَاةٌ عَنْ وَاحِدٍ وَ) عَنْ (أَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ وَمَمَالِيكِهِ) نَصًّا، لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ:«كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ» قَالَ فِي الشَّرْحِ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
(وَ) تُجْزِئُ (بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ عَنْ سَبْعَةٍ فَأَقَلَّ لَا أَكْثَرَ) ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ:«نَحَرْنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَيُعْتَبَرُ ذَبْحُهَا) أَيْ: الْبَدَنَةِ (عَنْهُمْ) نَصًّا لِحَدِيثِ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»
(فَلَا يُجْزِئُ اشْتِرَاكُ) جَمَاعَةٍ فِيهَا (بَعْدَ ذَبْحٍ) قَالَهُ الشِّيرَازِيُّ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يُجْزِئُ (شِرَاءُ) بَدَنَةٍ وَنَحْوِهَا (مَذْبُوحَةً) لِأَنَّهَا ذُبِحَتْ لِلَّحْمِ لَا لِغَيْرِهِ
(وَتُجْزِئُ) الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ (لَوْ) أَرَادُوا كُلُّهُمْ قُرْبَةً، أَوْ (أَرَادَ بَعْضُهُمْ قُرْبَةً، وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ لَحْمًا، أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ) مُسْلِمًا وَبَعْضُهُمْ (ذِمِّيًّا) فِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، قَالَهُ الْقَاضِي.
(وَلَوْ ذَبَحُوهَا) أَيْ: الْبَدَنَةَ أَوْ الْبَقَرَةَ (عَلَى أَنَّهُمْ سَبْعَةٌ، فَبَانُوا ثَمَانِيَةً، ذَبَحُوا شَاهً وَأَجْزَأَتْهُمْ) الشَّاةُ مَعَ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ، فَإِنْ بَانُوا تِسْعَةً ذَبَحُوا شَاتَيْنِ وَهَكَذَا
(وَلَوْ اشْتَرَكَا) أَيْ: اثْنَانِ (فِي شَاتَيْنِ مَشَاعًا، أَجْزَأَ) ذَلِكَ عَنْهُمَا، كَمَا لَوْ ذَبَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَاةً.
(وَتُجْزِئُ) فِي الْهَدِيَّةِ وَالْأُضْحِيَّةِ (جَمَّاءُ، وَهِيَ: مَا خُلِقَتْ بِلَا قَرْنٍ، وَبَتْرَاءُ) وَهِيَ: (مَا لَا ذَنَبَ لَهَا خِلْقَةً، أَوْ) كَانَ ذَنَبُهَا (مَقْطُوعًا، وَ) تُجْزِئُ (صَمْعَاءُ) بِصَادٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَتَيْنِ، هِيَ:
(صَغِيرَةُ أُذُنٍ، وَمَا خُلِقَتْ بِلَا أُذُنٍ، وَ) يُجْزِئُ (خَصِيٌّ) وَهُوَ: مَا قُطِعَتْ خُصْيَتَاهُ أَوْ سُلَّتَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ غَيْرِهِ (وَ) يُجْزِئُ (مَرْضُوضُ خُصْيَتَيْنِ) «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» وَالْوِجَاءُ: رَضُّ الْخُصْيَتَيْنِ، وَلِأَنَّ الْخِصَاءَ إذْهَابُ عُضْوٍ غَيْرِ مُسْتَطَابٍ يَطِيبُ اللَّحْمُ بِذَهَابِهِ وَيَسْمَنُ (وَ) تُجْزِئُ (حَامِلٌ) فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ (وَ) يُجْزِئُ كَبْشٌ (ذَاهِبٌ نِصْفُ أَلْيَتِهِ) (أَوْ) أَيْ: وَيُجْزِئُ ذَاهِبُ (نِصْفِ أُذُنِهِ أَوْ) نِصْفِ قَرْنِهِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَيَأْتِي، وَلَا يُجْزِئُ مَا ذَهَبَ (أَكْثَرُ) مِنْ نِصْفِ أَلْيَتِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ قَرْنِهِ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ، قَالَ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُضَحَّى بِأَعْضَبِ الْأُذُنِ وَالْقَرْنِ» قَالَ قَتَادَةُ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: الْعَضْبُ النِّصْفُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: الْعَضْبَاءُ: مَا ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا أَوْ قَرْنِهَا، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، لِأَنَّ الْأَكْثَرَ كَالْكُلِّ (وَلَا) يُجْزِئُ (مَا انْكَسَرَ غِلَافُ قَرْنِهَا، وَهِيَ: الْعَصْمَاءُ) قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ (وَلَا) يُجْزِئُ (مَا ذَهَبَ ثَنَايَاهَا مِنْ أَصْلِهَا، وَهِيَ: الْهَتْمَاءُ) فَلَوْ بَقِيَ مِنْ الثَّنَايَا بَقِيَّةٌ أَجْزَأَ (وَ) لَا تُجْزِئُ (مَا شَابَ وَنَشَفَ ضَرْعُهَا. وَهِيَ: الْجَدَّاءُ وَالْجَدْبَاءُ) لِأَنَّهَا أَبْلَغُ فِي الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ مِنْ غَيْرِهَا (وَلَا) تُجْزِئُ (عَرْجَاءُ لَا تُطِيقُ مَشْيًا مَعَ صَحِيحَةٍ) إلَى الْمَرْعَى (وَلَا) تُجْزِئُ (بَيِّنَةُ الْعَوَرِ، بِأَنْ انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا) لِلْخَبَرِ الْآتِي (وَلَا) تُجْزِئُ (قَائِمَةُ عَيْنَيْنِ مَعَ ذَهَابِ إبْصَارِهِمَا) لِأَنَّ الْعَمَى يَمْنَعُ مَشْيَهَا مَعَ رَفِيقَتِهَا، وَيَمْنَعُ مُشَارَكَتَهَا فِي الْعَلَفِ، وَفِي النَّهْيِ عَنْ الْعَوْرَاءِ تَنْبِيهٌ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الْعَمْيَاءِ. (وَلَا) تُجْزِئُ (عَجْفَاءُ لَا تُنْقِي) بِضَمِّ التَّاءِ، وَكَسْرِ الْقَافِ (وَهِيَ: الْهَزِيلَةُ الَّتِي لَا مُخَّ فِيهَا، وَلَا بَيِّنَةُ الْمَرَضِ بِجَرَبٍ
أَوْ غَيْرِهِ) لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. فَإِنْ كَانَ عَلَى عَيْنِهَا بَيَاضٌ، وَلَمْ يَذْهَبْ أَجْزَأَتْ، لِأَنَّ عَوَرَهَا لَيْسَ بِبَيِّنٍ، وَلَا يَنْقُصُ بِهِ لَحْمُهَا (وَلَا) يُجْزِئُ (خَصِيٌّ مَجْبُوبٌ) وَهُوَ: مَا قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ، نَصًّا، فَإِنْ قُطِعَتْ أُنْثَيَاهُ فَقَطْ، أَوْ سُلَّتَا أَوْ رُضَّتَا أَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ فَقَطْ، أَجْزَأَ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يُجْزِئُ (غَيْرُ مِلْكِهِ وَلَوْ أُجِيزَ بَعْدُ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
(وَكُرِهَ مَعِيبَةُ أُذُنٍ وَقَرْنٍ بِخَرْقٍ أَوْ شَقٍّ أَوْ قَطْعِ نِصْفٍ فَأَقَلَّ، وَهِيَ: الْعَضْبَاءُ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ، وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ وَلَا مُدَابَرَةٍ، وَلَا خَرْقَاءَ وَلَا شَرْقَاءَ» قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْت لِأَبِي إِسْحَاقَ: مَا الْمُقَابَلَةُ؟ قَالَ: تَقْطَعُ طَرَفَ الْأُذُنِ، قُلْت: فَمَا الْمُدَابَرَةُ؟ قَالَ: تَقْطَعُ مِنْ مُؤَخَّرِ الْأُذُنِ، قُلْت: فَمَا الْخَرْقَاءُ؟ قَالَ: تَشُقُّ الْأُذُنَ، قُلْت: فَمَا الشَّرْقَاءُ؟ قَالَ تَشُقُّ أُذُنَهَا لِلسِّمَةِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ، فَيَحْصُلُ الْإِجْزَاءُ بِهَا، لِأَنَّ اشْتِرَاطَ السَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ يَشُقُّ، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. (وَيَتَّجِهُ) : بِ (احْتِمَالٍ) قَوِيٍّ: أَنَّ مَقْطُوعَةَ نِصْفِ (الْأَلْيَةِ كَذَلِكَ) أَيْ: تُكْرَهُ مَعَ الْإِجْزَاءِ، لِمَا فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: اخْتِيَارُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: لَا بَأْسَ بِكُلِّ نَقْصٍ دُونَ النِّصْفِ، قَالَ: وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ، فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ النِّصْفَ يَكْرَهُهُ، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْإِنْصَافِ وَغَيْرِهِ، وَاحْتَمَلَ أَنَّهَا تُكْرَهُ حَامِلًا، لِلْخِلَافِ فِي عَدَمِ إجْزَائِهَا، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْإِمَامِ