الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) أَيْضًا: (أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ نَفْسُ الْمَسْجِدِ) ، وَمَعَ مَا يَزِيدُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَقِيلَ: الْحَرَمُ كُلُّهُ مَسْجِدٌ) ، فَتَحْصُلُ فِيهِ الْمُضَاعَفَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(وَمَعَ هَذَا)، أَيْ: كَوْنِ الْحَرَمِ كُلِّهِ مَسْجِدًا؛ (فَالْحَرَمُ أَفْضَلُ مِنْ الْحِلِّ) ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَسْتَرِيبُ بِهِ عَاقِلٌ
[فَرْعٌ مَوْضِعُ قَبْرِهِ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ]
(فَرْعٌ: مَوْضِعُ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام)(أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ) ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خُلِقَ مِنْ تُرْبَتِهِ، وَهُوَ خَيْرُ الْبَشَرِ، فَتُرْبَتُهُ خَيْرُ التُّرَبِ، وَأَمَّا نَفْسُ تُرَابِ التُّرْبَةِ؛ فَلَيْسَ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْكَعْبَةِ، بَلْ الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ الْجَسَدِ الشَّرِيفِ.
(وَقَالَ) أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيُّ (بْنُ عَقِيلٍ فِي) كِتَابِهِ (" الْفُنُونِ ") الَّذِي لَمْ يُؤَلَّفْ مِثْلُهُ فِي الدُّنْيَا، وَلَا مِقْدَارُهُ فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ مُجَلَّدٌ لَكِنْ لَمَّا اسْتَوْلَى التَّتَارُ عَلَى بَغْدَادَ طَرَحُوا مُعْظَمَ كُتُبِهَا فِي الدِّجْلَةِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا هَذَا الْكِتَابُ:(الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْحُجْرَةِ، فَأَمَّا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا؛ فَلَا وَاَللَّهِ وَلَا الْعَرْشُ وَحَمَلَتُهُ) وَالْجَنَّةُ، (لِأَنَّ بِالْحُجْرَةِ جَسَدًا لَوْ وُزِنَ بِهِ) سَائِرُ الْمَخْلُوقَاتِ (لَرَجَحَ) .
(وَيَتَّجِهُ) : أَنَّهُ يُؤْخَذُ (مِنْ هَذَا)، أَيْ: مِنْ أَنَّ الْحُجْرَةَ الشَّرِيفَةَ بِمَا فِيهَا مِنْ الْجَسَدِ الشَّرِيفِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْبِقَاعِ: (أَنَّ الْأَرْضَ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ، لِأَنَّ شَرَفَ الْمَحَلِّ بِشَرَفِ الْحَالِّ فِيهِ) ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي
الذَّرِيعَةِ ": اتَّفَقَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ بِمَوَاطِئِ أَقْدَامِهِ الشَّرِيفَةِ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، خُلِقُوا مِنْهَا، وَلِأَنَّ السَّمَاوَاتِ تُطْوَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الْأَرْضُ؛ فَإِنَّهَا تَصِيرُ خُبْزَةً يَأْكُلُهَا أَهْلُ الْمَحْشَرِ مَعَ زِيَادَةِ كَبِدِ الْحُوتِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَتُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ بِمَكَانٍ) فَاضِلٍ كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَفِي الْمَسَاجِدِ، (وَبِزَمَانٍ فَاضِلٍ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَرَمَضَانَ.
أَمَّا مُضَاعَفَةُ الْحَسَنَةِ؛ فَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَأَمَّا مُضَاعَفَةُ السَّيِّئَةِ؛ فَقَالَ بِهَا جَمَاعَةٌ تَبَعًا لِابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ، ذَكَرَهُ: الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:(وَوَقَعَ خُلْفٌ) بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (فِي كَوْنِ السَّيِّئَةِ تُضَاعَفُ) كَمَا تُضَاعَفُ (الْحَسَنَةُ) ، فَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَقَدْ سُئِلَ: هَلْ تُكْتَبُ السَّيِّئَةُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ: لَا إلَّا بِمَكَّةَ، لِتَعْظِيمِ الْبَلَدِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بِعَدَنَ، وَهَمَّ أَنْ يَقْتُلَ عِنْدَ الْبَيْتِ؛ أَذَاقَهُ اللَّهُ مِنْ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ إنَّ السَّيِّئَةَ تُضَاعَفُ بِمَكَّةَ كَمَا تُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ السَّيِّئَةَ تَبْلُغُ فِي التَّضْعِيفِ مَبْلَغَ الْحَسَنَةِ، وَهُوَ: مِائَةُ أَلْفٍ، وَيَدُلُّ.
لِذَلِكَ: مَا رَوَاهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ "، أَنَّ فِي الْحَدِيثِ:«أَنَّ الْحَسَنَةَ تُضَاعَفُ فِيهَا إلَى مِائَةِ أَلْفٍ، وَأَنَّ السَّيِّئَةَ كَذَلِكَ» (وَالْأَظْهَرُ) : أَنَّ السَّيِّئَةَ (لَا) تُضَاعَفُ كَالْحَسَنَةِ، (بَلْ) تُضَاعَفُ (فِي الْجُمْلَةِ) إذْ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِ مُجَاهِدٍ فِي مُطْلَقِ الْمُضَاعَفَةِ، وَأَيْضًا: فَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ فِي بَابِ الْمُضَاعَفَةِ الْمُحَقَّقَةِ مُقْتَضِيَةٌ أَنَّ السَّيِّئَةَ عُشْرُ الْحَسَنَةِ، فَإِذَا كَانَتْ الْحَسَنَةُ بِمِائَةِ