الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَمَنْ حُصِرَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَدْ رَمَى) الْجِمَارَ (وَحَلَقَ أَوْ قَصَّرَ، لَمْ يَجُزْ تَحَلُّلُهُ لِنَحْوِ جِمَاعٍ) وَدَوَاعِيهِ وَعَقْدِ نِكَاحٍ (حَتَّى يَطُوفَ) لِلْإِفَاضَةِ، وَيَسْعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى، وَكَذَا لَوْ حُصِرَ عَنْ السَّعْيِ فَقَطْ، لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالتَّحَلُّلِ مِنْ إحْرَامٍ تَامٍّ يُحَرِّمُ جَمِيعَ الْمَحْظُورَاتِ، وَهَذَا يُحَرِّمُ النِّسَاءَ خَاصَّةً، فَلَا يَلْحَقُ بِهِ، وَمَتَى زَالَ الْحَصْرُ أَتَى بِالطَّوَافِ وَسَعَى.
(وَمَنْ حُصِرَ عَنْ) فِعْلٍ (وَاجِبٍ لَمْ يَتَحَلَّلْ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ (وَعَلَيْهِ) لِتَرْكِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ (دَمٌ) كَمَا لَوْ تَرَكَهُ اخْتِيَارًا، وَحَجُّهُ صَحِيحٌ لِتَمَامِ أَرْكَانِهِ.
(وَيَتَّجِهُ: وَيَرْجِعُ) الْمُحْصَرُ (بِهِ) أَيْ: بِالدَّمِ (عَلَى مَنْ حَصَرَهُ) لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ شَرَطَ فِي ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ: أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي أَوْ) قَالَ فِي ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ: (إنْ مَرِضْت فَلِي أَنْ أَحِلَّ، خُيِّرَ بِ) مُجَرَّدِ (وُجُودِ شَرْطِهِ) وَهُوَ الْحَبْسُ أَوْ الْمَرَضُ (بَيْنَ تَحَلُّلٍ مَجَّانًا وَ) بَيْنَ (بَقَاءٍ عَلَى إحْرَامِهِ) حَتَّى يَزُولَ عُذْرُهُ وَيُتِمَّ نُسُكَهُ (وَإِنْ قَالَ: إنْ مَرِضْت مَثَلًا فَأَنَا حَلَالٌ، حَلَّ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ) أَيْ: الْمَرَضِ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ، لِخَبَرِ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«فَإِنَّ لَك عَلَى رَبِّك مَا اشْتَرَطْت» وَلِأَنَّ لِلشَّرْطِ تَأْثِيرًا فِي الْعِبَادَاتِ، بِدَلِيلِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي صُمْت شَهْرًا، لَكِنْ. إنْ تَحَلَّلَ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، فَوُجُوبُهَا بَاقٍ لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهُ.
[فَرْعٌ وَقَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ]
(فَرْعٌ: لَوْ وَقَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ أَوْ) وَقَفُوا (إلَّا يَسِيرًا فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ) بِأَنْ وَقَفُوا الثَّامِنَ أَوْ الْعَاشِرَ (خَطَأً أَجْزَأَهُمْ) نَصًّا، لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَابِرِ بْنِ أَسِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يُعَرِّفُ النَّاسُ فِيهِ» وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ. وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا قِيلَ بِالْقَضَاءِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَخْطَئُوا فِي الْعَدَدِ أَوْ الرُّؤْيَةِ، أَوْ الِاجْتِهَادِ فِي الْغَيْمِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ (وَيُجْزِئُ وُقُوفُ الْعَاشِرِ) مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إنْ كَانَ الْخَطَأُ لِأَجْلِ إغْمَاءِ الشَّهْرِ لَا إنْ كَانَ لِتَقْصِيرِهِمْ فِي الْعَدَدِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ (إجْمَاعًا) لِأَنَّ الْهِلَالَ لَمَّا يَرَهُ النَّاسُ وَيَعْلَمُوهُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الصَّوَابُ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَطَأٌ وَصَوَابٌ لَا يُسْتَحَبُّ الْوُقُوفُ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا خَطَأَ.
وَقَالَ: (وَلَوْ رَآهُ) أَيْ: الْهِلَالَ (طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ، وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ، لَمْ يَنْفَرِدُوا بِالْوُقُوفِ، بَلْ الْوُقُوفُ مَعَ الْجُمْهُورِ) وَإِنْ أَخْطَأَ بَعْضُهُمْ فَاتَهُ الْحَجُّ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَفِي الِانْتِصَارِ وَإِنْ أَخْطَأَ عَدَدٌ يَسِيرٌ، وَفِي الْكَافِي وَالْمُجَرَّدِ: وَإِنْ أَخْطَأَ نَفَرٌ مِنْهُمْ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُقَالُ: إنَّ النَّفَرَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَإِنْ وَقَفَ النَّاسُ، أَوْ إلَّا يَسِيرًا، الثَّامِنَ وَالْعَاشِرَ خَطَأً أَجْزَأَهُمْ (وَاخْتَارَ فِي الْفُرُوعِ) أَنَّهُ (يَقِفُ مَنْ رَآهُ) أَيْ: الْهِلَالَ، يَقِينًا وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (فِي) الْيَوْمِ (التَّاسِعِ) حَسْبَمَا (عِنْدَهُ) مِنْ الْيَقِينِ (وَ) يَقِفُ (مَعَ الْجُمْهُورِ) أَيْضًا لِئَلَّا يُنْسَبَ إلَى الِابْتِدَاعِ (وَهُوَ) اخْتِيَارٌ (حَسَنٌ) لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَبُلُوغِ مَقْصُودِهِ بِنَفْيِ الشَّكِّ وَالِاحْتِيَاطِ.