الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الْحَجِّ]
ُّ: بِفَتْحِ الْحَاءِ لَا بِكَسْرِهَا فِي الْأَشْهَرِ، وَعَكْسُهُ شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ. وَأَخَّرَ الْحَجَّ عَنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِمَادُ الدِّينِ، وَلِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، لِتَكَرُّرِهَا كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ الزَّكَاةُ، لِكَوْنِهَا قَرِينَةً لَهَا فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ، وَلِشُمُولِهَا الْمُكَلَّفَ وَغَيْرَهُ، ثُمَّ الصَّوْمُ، لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ سَنَةٍ، لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ قَدَّمَ رِوَايَةَ الْحَجِّ عَلَى الصَّوْمِ لِلتَّغْلِيظَاتِ الْوَارِدَةِ فِيهِ، نَحْوُ:{وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97] وَنَحْوُ: «فَلْيَمُتْ إنْ شَاءَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» وَلِعَدَمِ سُقُوطِهِ بِالْبَدَلِ، بَلْ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ. (فَرْضُ كِفَايَةٍ كُلَّ عَامٍ) عَلَى مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عَيْنًا، نَقَلَهُ فِي " الْآدَابِ الْكُبْرَى " عَنْ " الرِّعَايَةِ " ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ الْأَصْحَابِ. انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ خَالِدٌ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ " وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّمَا فَرْضُ الْكِفَايَةِ إنَّمَا هُوَ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ بِالْحَجِّ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالنَّفْلِ، وَيَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ بُطْلَانُ تَقْسِيمِ الْأَئِمَّةِ الْحَجَّ إلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ، فَالْمَلْزُومُ كَذَلِكَ. (وَهُوَ) لُغَةً: الْقَصْدُ إلَى مَنْ تُعَظِّمُهُ أَوْ كَثْرَةُ الْقَصْدِ إلَيْهِ. وَشَرْعًا: (قَصْدُ مَكَّةَ وَعَرَفَةَ لِعَمَلٍ مَخْصُوصٍ فِي زَمَنٍ مَخْصُوصٍ) يَأْتِي بَيَانُهُ، (وَهُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ) وَمَبَانِيه الْمُشَارُ إلَيْهَا بِحَدِيثِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» .
(وَفُرِضَ سَنَةَ تِسْعٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ، قِيلَ: سَنَةَ عَشْرٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ: وَقِيلَ: خَمْسٍ، وَالْأَصْلُ فِي فَرْضِيَّتِهِ قَوْله تَعَالَى:
{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] .
(وَلَمْ يَحُجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْهِجْرَةِ سِوَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ) ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ إلَى مَكَّةَ بَعْدَهَا، وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا كَانَتْ (سَنَةَ عَشْرٍ) مِنْ الْهِجْرَةِ (وَكَانَ) صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ (قَارِنًا نَصًّا)، قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا، وَالْمُتْعَةُ أَحَبُّ إلَيَّ.
انْتَهَى.
وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا رَوَى أَنَسٌ: «سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، يَقُولُ: لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ عُمَرُ: «سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ: أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، عز وجل، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «قُلْ: عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ» رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ.
وَاعْتَمَرَ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَرْبَعًا، قَالَ أَنَسٌ:«حَجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَجَّةً وَاحِدَةً، وَاعْتَمَرَ أَرَبْعَ عُمَرَ: وَاحِدَةً فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةٌ مَعَ حَجَّتِهِ، وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ، إذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ حُنَيْنٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَالْعُمْرَةُ) لُغَةً: الزِّيَارَةُ، يُقَالُ: اعْتَمَرَهُ، إذَا زَارَهُ. وَشَرْعًا:(زِيَارَةُ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) يَأْتِي بَيَانُهُ.
(وَيَجِبَانِ)، أَيْ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ لِلَّهِ " وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ جِهَادٍ؟ وَقَالَ: نَعَمْ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ: الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ، وَلَا الْعُمْرَةَ، وَلَا الظَّعْنَ، قَالَ: حُجَّ عَنْ أَبِيك
وَاعْتَمِرْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
(فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً)، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ:«خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ فَحُجُّوا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ قُلْت: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.
(إلَّا لِعَارِضِ نَذْرٍ وَقَضَاءٍ) ، فَيَجِبُ فَوْرًا، نَصَّ عَلَيْهِ. فَإِنْ أَخَّرَ الْفَرِيضَةَ أَوْ النَّذْرَ أَوْ الْقَضَاءَ بِلَا عُذْرٍ، أَثِمَ، لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ، قَالَ:«تَعَجَّلُوا إلَى الْحَجِّ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَامِطٍ يَرْفَعُهُ، قَالَ:«مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، لَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضٌ حَابِسٌ، أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ، أَوْ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ، فَلْيَمُتْ عَلَى أَيِّ حَالٍ: يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ " (بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ) : أَحَدُهَا: (إسْلَامٌ) .
(وَ) الثَّانِي: (عَقْلٌ) ، وَهُمَا شَرْطَانِ ل (لِوُجُوبٍ وَ) الـ (صِحَّةٍ وَالْإِجْزَاءِ، فَلَا يَجِبَانِ) أَيْ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ (عَلَى كَافِرٍ، وَلَوْ مُرْتَدًّا) ، لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ، وَهُوَ مُنَافٍ لَهُ، (وَيُعَاقَبُ) الْكَافِرُ (عَلَى حَجٍّ) ، وَكَذَا عُمْرَةٌ، (وَسَائِرُ فُرُوعِ الْإِسْلَامِ) كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ (كَالتَّوْحِيدِ إجْمَاعًا) ، وَتَقَدَّمَ.
(وَلَا) يَجِبُ الْحَجُّ (عَلَى مَجْنُونٍ) كَالْعُمْرَةِ، لِحَدِيثِ:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ. . .» (وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَلَوْ عَقَدَهُ لَهُ وَلِيُّهُ) كَالصَّوْمِ، وَإِنَّمَا صَحَّ مِنْ الصَّغِيرِ دُونَ التَّمْيِيزِ إذَا عَقَدَهُ لَهُ وَلِيُّهُ لِلنَّصِّ.
تَنْبِيهٌ: لَا تَبْطُلُ اسْتِطَاعَةٌ بِجُنُونٍ، فَيُحَجُّ عَمَّنْ جُنَّ بَعْدَ الِاسْتِطَاعَةِ، وَلَا يَبْطُلُ إحْرَامٌ بِجُنُونٍ كَالصَّوْمِ، وَلَا بِإِغْمَاءٍ وَمَوْتٍ وَسُكْرٍ كَالنَّوْمِ.
(وَيُجْزِئُ) الْحَجُّ (مَنْ)، أَيْ: كَافِرًا (أَسْلَمَ) ، وَهُوَ حُرٌّ مُكَلَّفٌ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجٍّ قَبْلَ دَفْعٍ مِنْ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ إنْ عَادَ فَوَقَفَ فِي وَقْتِهِ، أَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ طَافَ وَسَعَى لَهَا، (أَوْ أَفَاقَ) مِنْ جُنُونٍ وَهُوَ حُرٌّ بَالِغٌ (فَأَحْرَمَ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، (وَأَدْرَكَ الْوُقُوفَ) ، وَفَعَلَ مَا تَقَدَّمَ.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ: بُلُوغٌ، وَكَمَالُ حُرِّيَّةٍ) ، وَهُمَا شَرْطَانِ (لِغَيْرِ صِحَّةٍ) ، بَلْ لِوُجُوبٍ وَإِجْزَاءٍ، (فَلَا يَجِبَانِ)، أَيْ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، (عَلَى صَغِيرٍ) لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، (وَ) لَا عَلَى (قِنٍّ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ) كَخَالِصِ رِقٍّ وَمُدَبَّرٍ وَمُكَاتَبٍ وَمُعَلَّقٌ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، (وَلَوْ) كَانَ الْقِنُّ (مُبَعَّضًا بِمُهَايَأَةٍ) ، وَيَصِحَّانِ مِنْهُمَا، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: صَبِيًّا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَك أَجْرٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَالْقِنُّ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ، فَصَحَّا مِنْهُ كَالْحُرِّ، (وَلَا يُجْزِئَانِهِمَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ)، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ، ثُمَّ بَلَغَ، فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ، ثُمَّ عَتَقَ، فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: لَمْ يَرْفَعْهُ إلَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ شُعْبَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ. وَلِأَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ، فَلَمْ يُجْزِئْهُمَا إذَا صَارَا مِنْ أَهْلِهِ كَالصَّبِيِّ يُصَلِّي، ثُمَّ يَبْلُغُ فِي الْوَقْتِ، (وَيُجْزِئَانِ)، أَيْ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ الصَّبِيَّ وَالْقِنَّ (إنْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ مُحْرِمًا أَوْ لَا، (أَوْ عَتَقَ) الْقِنُّ (مُحْرِمًا أَوْ لَا، وَأَحْرَمَ قَبْلَ دَفْعٍ مِنْ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ إنْ عَادَ فَوَقَفَ وَأَدْرَكَهُ)، أَيْ: الْوُقُوفَ، بِأَنْ وَقَفَ فِي وَقْتِهِ لِإِتْيَانِهِمَا بِالنُّسُكِ حَالَ الْكَمَالِ، فَأَجْزَأَهُمَا كَمَا لَوْ وُجِدَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَاسْتَدَلَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ:" إذَا عَتَقَ الْعَبْدُ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَتْ عَنْهُ حَجَّتُهُ، وَإِنْ أُعْتِقَ بِجَمْعٍ لَمْ تُجْزِئْ عَنْهُ ".
(وَيَلْزَمُهُ)، أَيْ: الْقِنَّ إذَا عَتَقَ بَعْدَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ، قَبْلَ فَوَاتِ
وَقْتِهِ، الْعَوْدُ إلَى عَرَفَةَ إنْ أَمْكَنَهُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ، (أَوْ) بَلَغَ أَوْ عَتَقَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ (قَبْلَ طَوَافِ عُمْرَةٍ) ، ثُمَّ طَافَ وَسَعَى لَهَا، فَيُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، كَمَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَعِتْقِهِ، لِأَنَّهَا حَالٌ تَصْلُحُ لِتَعْيِينِ الْإِحْرَامِ كَحَالِ ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ، (مَا لَمْ يَكُنْ) الصَّغِيرُ وَالْقِنُّ (فِي حَجٍّ، وَسَعْيٌ بَعْدَ طَوَافِ قُدُومٍ) ، وَبَلَغَ صَغِيرٌ، وَعَتَقَ قِنٌّ قَبْلَ دَفْعٍ مِنْ عَرَفَةَ، (فَلَا يُجْزِئُهُ) مَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ (عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَعَادَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (السَّعْيَ، لِأَنَّهُ لَا يُشْرَعُ مُجَاوَزَةُ عَدَدِهِ)، أَيْ: السَّعْيِ، (وَلَا) يُشْرَعُ (تَكْرَارُهُ، وَخَالَفَ الْوُقُوفَ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا بَلَغَ أَوْ عَتَقَ بَعْدَهُ، وَأَعَادَهُ فِي وَقْتِهِ، يُجْزِئُهُ (إذْ) اسْتِدَامَتُهُ مَشْرُوعَةٌ، و (لَا قَدْرَ لَهُ مَحْدُودٌ) ، وَلَا تُجْزِئُ الْعُمْرَةُ مَنْ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ فِي طَوَافِهِمَا، وَإِنْ أَعَادَهُ وِفَاقًا، وَمَحَلُّ لُزُومِ عَدَدٍ صَغِيرٌ وَقِنٌّ بَلَغَ وَعَتَقَ بَعْدَ دَفْعٍ مِنْ عَرَفَةَ:(مَا لَمْ يُتِمَّ حَجَّهُ) نَفْلًا، (ثُمَّ يُحْرِمُ) لِلْفَرْضِ، (وَيَقِفُ ثَانِيًا إنْ أَمْكَنَهُ) ، وَقَدْ تَمَّ لَهُ حِينَئِذٍ حَجَّتَانِ فِي عَامٍ إحْدَاهُمَا نَفْلٌ، وَالْأُخْرَى فَرْضٌ.
(وَيَتَّجِهُ: الصِّحَّةُ)، أَيْ: صِحَّةُ حَجِّ صَغِيرٍ وَقِنٍّ صَارَا أَهْلًا، (وَلَوْ بَعْدَ سَعْيٍ إنْ فَسَخَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (حَجَّهُ عُمْرَةٌ) ، بِأَنْ أَحْرَمَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا، (وَلَمْ يَسُقْ هَدْيًا أَوْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، كَمَا يَأْتِي) فِي بَابِ الْإِحْرَامِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَحُكْمُ إحْرَامِهِمَا)، أَيْ: الصَّغِيرِ وَالْقِنِّ: (كَصَوْمِ