الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَكَالْمُجَاهَدِ فِي سَبِيلِهِ) تبارك وتعالى (ذَكَرَهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ لِقِيَامِهِ بِالْقِسْطِ وَالْإِنْصَافِ، وَمَنْ بَاشَرَ جِبَايَتَهَا، وَتَحْصِيلُهَا إعَانَةٌ لِمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ لَا لِلْآخِذِ، مُتَحَرِّيًا لِلْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ، فَمَأْجُورٌ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ، (وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ) مَعَهُ، أَيْ: مَعَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ (أَخَّرَ زَكَاةَ السَّائِمَةِ فِي تَحْرِيمِ تَوْفِيرِ بَعْضِهِمْ)، أَيْ: النَّاسُ، وَحِمَايَتُهُ وَجَعَلَ قِسْطَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيَأْتِي لَهُ تَتِمَّةٌ فِي بَابِ الْمُسَاقَاةِ
[بَابُ الْفَيْءِ]
(بَابُ الْفَيْءِ) أَصْلُهُ مِنْ الرُّجُوعِ يُقَالُ: فَاءَ الظِّلُّ إذَا رَجَعَ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَسُمِّيَ الْمَالُ الْحَاصِلُ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ فَيْئًا لِأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالْأَصْلُ فِيهِ: قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: 6] الْآيَتَيْنِ، وَهُوَ:(مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ كَافِرٍ) غَالِبًا (بِحَقٍّ بِلَا قِتَالٍ كَجِزْيَةٍ وَخَرَاجٍ) مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، (وَعُشْرِ تِجَارَةِ حَرْبِيٍّ اتَّجَرَ إلَيْنَا، وَنِصْفُهُ)، أَيْ: نِصْفُ عُشْرِ تِجَارَةٍ (لِذِمِّيٍّ) اتَّجَرَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، (وَزَكَاةُ تَغْلِبِي) كَذَلِكَ، (وَمَا تُرِكَ) مِنْ كُفَّارٍ لِمُسْلِمِينَ (فَزَعًا) مِنْهُمْ، (أَوْ) تُرِكَ (عَنْ مَيِّتٍ مُطْلَقًا) مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ كَافِرًا (وَلَا وَارِثَ) لَهُ، لِيَسْتَغْرِقَ كَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي مَالِ ذِمِّيٍّ لَا وَارِثَ لَهُ، وَالْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَيَأْتِي أَنَّ مَالَهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ حِفْظًا لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ، لَا أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ
وَارِثٌ لَهُ، وَفِي تَسْمِيَتِهِ فَيْئًا نَوْعُ تَسَاهُلٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بِحَقٍّ: مَا أُخِذَ مِنْ كَافِرٍ ظُلْمًا، وَقَوْلُهُ بِلَا قِتَالٍ: الْغَنِيمَةُ (وَمَصْرِفُهُ)، أَيْ: الْفَيْءِ الْمَصَالِحُ، (وَ) مَصْرِفُ (خُمْسِ خُمْسِ الْغَنِيمَةِ الْمَصَالِحُ) ، لِعُمُومِ نَفْعِهَا، وَدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى تَحْصِيلِهَا، قَالَ عُمَرُ: مَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبٌ، إلَّا الْعَبِيدُ، فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهِ شَيْءٌ، وَقَرَأَ:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: 7] . . . حَتَّى بَلَغَ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10]، فَقَالَ: هَذِهِ اسْتَوْعَبَتْ الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً.
وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُقَاتِلَةِ (وَيَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمُّ مِنْ سَدِّ ثَغْرٍ وَكِفَايَةِ أَهْلِهِ)، أَيْ: الثَّغْرِ (وَحَاجَةِ مَنْ يَدْفَعُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) ، لِأَنَّ أَهَمَّ الْأُمُورِ حِفْظُ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمْنُهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَسَدُّ الثُّغُورِ وَعِمَارَتُهَا وَكِفَايَتُهَا بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ، (ثُمَّ) بِ (الْأَهَمِّ فَالْأَهَمُّ مِنْ سَدِّ بَثْقٍ)، بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ: الْمَكَانُ الْمُنْفَتِحُ مِنْ جَانِبِ النَّهْرِ، وَسَدُّهُ جَرْفَ الْجُسُورِ لِيَعْلُوَ الْمَاءُ فَيُنْتَفَعُ بِهِ (وَ) مِنْ (كَرْيِ نَهْرٍ لِتَنْظِيفِهِ) مِمَّا يُعِيقُ الْمَاءَ عَنْ جَرَيَانِهِ، (وَ) مِنْ (عَمَلِ قَنْطَرَةٍ وَنَحْوِ مَسَاجِدَ) كَمَدَارِسَ وَرُبُطٍ (وَرِزْقِ قُضَاةٍ وَفُقَهَاءَ وَمُؤَذِّنِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ) كَإِصْلَاحِ السُّبُلِ وَالطُّرُقَاتِ، (وَلَا يُخَمَّسُ) الْفَيْءُ نَصًّا، لِأَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَهُ إلَى أَهْلِ الْخُمْسِ كَمَا أَضَافَ إلَيْهِمْ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ، فَإِيجَابُ الْخُمْسِ فِيهِ لِأَهْلِهِ دُونَ بَاقِيهِ مُنِعَ لِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلَوْ أُرِيدَ الْخُمُسُ مِنْهُ لَذَكَرَهُ كَمَا فِي خُمْسِ الْغَنِيمَةِ (وَيُقْسَمُ فَاضِلٌ) عَمَّا يَعُمُّ نَفْعُهُ (إنْ كَانَ بَيْنَ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ) ، لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوهُ بِمَعْنًى مُشْتَرَكٍ فَاسْتَوَوْا فِيهِ كَالْمِيرَاثِ، (وَعَنْهُ)، أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ (يُقَدَّمُ مُحْتَاجٌ، وَصَحَّحَهُ)، أَيْ: هَذَا الْقَوْلَ (الشَّيْخُ)
تَقِيُّ الدِّينِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] وَلِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي حَقِّهِ أَعْظَمُ مِنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ حِفْظِ نَفْسِهِ مِنْ الْعَدُوِّ بِالْعُدَّةِ، وَلَا بِالْهَرَبِ لِفَقْرِهِ، بِخِلَافِ الْغَنِيِّ، (وَ) اخْتَارَ أَبُو حَكِيمٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ:(لَا حَظَّ لِنَحْوِ رَافِضَةٍ فِيهِ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ) قَالَهُ فِي " الْهَدْيِ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10] .
(وَتُسَنُّ بُدَاءَةٌ) عِنْدَ قَسْمٍ (بِأَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) فَيَبْدَأُ بِبَنِي هَاشِمٍ، لِقُرْبِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بِبَنِي الْمُطَّلِبِ، لِحَدِيثِ «إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» ثُمَّ بِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، لِأَنَّهُ أَخُو هَاشِمٍ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، ثُمَّ بِبَنِي نَوْفَلٍ، لِأَنَّهُ أَخُو هَاشِمٍ لِأَبِيهِ، ثُمَّ بِبَنِي عَبْدِ الْعُزَّى، وَبَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَتَقَدَّمَ بَنُو عَبْدِ الْعُزَّى، لِأَنَّ خَدِيجَةَ مِنْهُمْ، فَفِيهِمْ أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ حَتَّى تَنْقَضِيَ قُرَيْشٌ، لِقَوْلِ عُمَرَ: وَلَكِنْ أَبْدَأُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ حَتَّى تَنْقَضِيَ قُرَيْشٌ فَوَضْعُ الدِّيوَانِ عَلَى ذَلِكَ (وَقُرَيْشٌ قِيلَ: بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ) ، قَدَّمَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَ " الْمُبْدِعِ " وَ " الْإِقْنَاعِ " وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُوَفَّقُ فِي " التَّبْيِينِ " (وَقِيلَ: بَنُو فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ) بْنِ كِنَانَةَ، (ثُمَّ بِأَوْلَادِ الْأَنْصَارِ)، وَهُمْ: الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ قُدِّمُوا عَلَى غَيْرِهِمْ، لِسَابِقَتِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ، (فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِيمَا سَبَقَ، فَأَسْبَقُ إسْلَامًا، فَأَسَنُّ، فَأَقْدَمُ هِجْرَةً وَسَابِقَةً بِإِسْلَامٍ، وَيُفَضَّلُ بَيْنَهُمْ)، أَيْ: أَهْلِ الْعَطَاءِ (بِسَابِقَةٍ) فِي إسْلَامٍ (وَنَحْوِهَا) كَسَبْقٍ بِهِجْرَةٍ، لِأَنَّ عُمَرَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَابِقِ، وَقَالَ: لَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَنْ قُوتِلَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم -
«قَسَمَ النَّفَلَ بَيْنَ أَهْلِهِ مُتَفَاضِلًا عَلَى قَدْرِ غِنَائِهِمْ» وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ، وَقَدْ فَرَضَ عُمَرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَلِأَهْلِ بَدْرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَفَرَضَ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَلِأَهْلِ الْفَتْحِ أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ وَلَمْ يُفَضِّلْ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ.
(وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَضَعَ دِيوَانًا يَكْتُبُ فِيهِ أَسْمَاءَ الْمُقَاتِلَةِ، وَ) يَكْتُبُ فِيهِ (قَدْرَ أَرْزَاقِهِمْ) ضَبْطًا لَهُمْ وَلِمَا قُدِّرَ لَهُمْ، (وَيَجْعَلُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ عَرِيفًا يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ، وَيَجْمَعُهُمْ وَقْتَ غَزْوٍ وَعَطَاءٍ) ، لِيَسْهُلَ الْأَمْرُ عَلَى الْإِمَامِ، (وَلَا يَجِبُ عَطَاءٌ إلَّا لِبَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ بَصِيرٍ صَحِيحٍ يُطِيقُ الْقِتَالَ) ، وَيَتَعَرَّفُ قَدْرَ حَاجَةِ أَهْلِ الْعَطَاءِ وَكِفَايَتَهُمْ، وَيَزِيدُ ذَا الْوَلَدِ مِنْ أَجْلِ وَلَدِهِ، وَذَا الْفَرَسِ مِنْ أَجْلِ فَرَسِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ فِي مَصَالِحِ الْحَرْبِ حَسَبَ مُؤْنَتَهُمْ فِي كِفَايَتِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا لِتِجَارَةٍ أَوْ زِينَةٍ لَمْ يَحْتَسِبْ مُؤْنَتَهُمْ، وَيَنْظُرُ فِي أَسْعَارِ بِلَادِهِمْ، لِأَنَّ الْأَسْعَارَ تَخْتَلِفُ، وَالْفَرْضُ الْكِفَايَةُ، (وَيُخْرِجُ)، أَيْ: يُخْرِجُ الْأَمِيرُ (مِنْ الْمُقَاتِلَةِ) مَعْذُورًا.
(وَيَتَّجِهُ: وَ) لَهُ إخْرَاجُ (مُتَعَدٍّ نَفْعُهُ) مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، كَعَالِمٍ مُتَصَدِّرٍ لِتَعْلِيمِ الْمُسْلِمِينَ وَإِرْشَادِهِمْ لِمَا يَنْفَعُهُمْ مِنْ أَمْرِ مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ، وَلَا يُمْكِنُهُ مِنْ لِقَاءِ الْعَدُوِّ خَشْيَةَ أَنْ يَهْلَكَ، فَيَفُوتَ عَلَى النَّاسِ مَا كَانَ وَاصِلًا إلَيْهِمْ مِنْ خَيْرِهِ الْعَامِّ، وَنَفْعِهِ التَّامِّ، خُصُوصًا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسُدُّ مَسَدَّهُ لَوْ فُقِدَ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ فِي غَايَةِ اللُّطْفِ (بِمَرَضٍ)، أَيْ: مَنْ
بِهِ مَرَضٌ (لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَزَمَانَةٍ) وَسُلٍّ وَفَالِجٍ (وَيَسْقُطُ حَقُّهُ) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْقِتَالِ، بِخِلَافِ مَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَحُمَّى وَصُدَاعٍ.
(وَبَيْتُ الْمَالِ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ) ، لِأَنَّهُ لِمَصَالِحِهِمْ (يَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتْلَفَاتِ، (وَيَحْرُمُ أَخْذٌ مِنْهُ بِلَا إذْنِ إمَامٍ) ، لِأَنَّهُ افْتِئَاتٌ عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ مُفَوَّضٌ إلَيْهِ.
(وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُولِ الْعَطَاءِ دَفَعَ لِوَرَثَتِهِ حَقَّهُ) ، لِأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، فَانْتَقَلَ حَقُّهُ إلَى وَرَثَتِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ": وَقِيَاسُهُ جِهَاتُ الْأَوْقَافِ إذَا مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ اسْتِحْقَاقِهِ يُعْطَى لِوَرَثَتِهِ.
(وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْأَجْنَادِ دَفَعَ لِامْرَأَتِهِ، وَصِغَارِ أَوْلَادِهِ كِفَايَتَهُمْ) لَتَطِيبَ قُلُوبُ الْمُجَاهِدِينَ إذَا عَلِمُوا أَنَّ عِيَالَهُمْ يُكْفَوْنَ الْمُؤْنَةَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ تَوَفَّرُوا عَلَى الْجِهَادِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَوْلَادُ الْعُلَمَاءِ كَذَلِكَ فَيُدْفَعُ لِأَوْلَادِ الْعَالِمِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ كِفَايَتَهُمْ، كَمَا كَانَ يُدْفَعُ لِأَبِيهِمْ لِيَرْغَبُوا فِي تَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَنَشْرِهِ، (فَإِذَا بَلَغَ ذَكَرُهُمْ أَهْلًا لِقِتَالٍ) ، وَاخْتَارُوا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، (فُرِضَ لَهُ إنْ طَلَبَ) ، لِأَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ كَأَبِيهِ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَطْلُبْ ذَلِكَ (تُرِكَ كَالْمَرْأَةِ وَالْبَنَاتِ) لِلْجُنْدِيِّ الْمَيِّتِ (إذَا تَزَوَّجْنَ) ، فَيُتْرَكْنَ لِغِنَائِهِنَّ بِنَفَقَةِ أَزْوَاجِهِنَّ.