المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل القيام لأهل الذمة] - مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى - جـ ٢

[الرحيباني]

فهرس الكتاب

- ‌[فَرْعٌ الزَّكَاةُ فِي مَالٍ مَوْقُوفٍ لِجَنِينٍ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط وُجُوبِ الزَّكَاة فِي الْأَثْمَان وَالْمَاشِيَة وَعُرُوضِ التِّجَارَة]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[فَرْعٌ يَتَعَلَّقُ وُجُوبُ الزَّكَاة بِجَمِيعِ النِّصَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ فِي الْمَاشِيَة فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ غَيْر السَّائِمَة بِمَحَلَّيْنِ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ قَصِيرَةٌ إذَا كَانَ مَالِكهَا وَاحِد]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاة الزروع فِيمَا يَشْرَبُ بِلَا كُلْفَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ الْخَرْصُ فِي زَكَاة الزروع]

- ‌[فَصْلٌ الزَّكَاةُ فِي خَارِجٍ مِنْ أَرْضٍ مُسْتَعَارَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الْعَسَلِ مِنْ النَّحْلِ الْعُشْرُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ الزَّكَاةُ إذَا رُفِعَتْ لِمَنْ الْتَزَمَ بِهَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاة الْمَعْدِن]

- ‌[فَرْعٌ لَا تَتَكَرَّرُ زَكَاةُ مُعْشِرَاتٍ]

- ‌[فَصْلٌ الرِّكَازُ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أخرج وَاجِدُ رِكَازٍ خُمُسَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ غَيْرُهُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْأَثْمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُخْرِجُ مُزَكٍّ عَنْ جَيِّدٍ صَحِيحٍ]

- ‌[فَرْعٌ الْفُلُوسُ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فِيهَا إذَا بَلَغَتْ نِصَابًا زَكَاةُ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ كُرِهَ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى خَاتَمٍ ذِكْرُ اللَّهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شِرَاءِ عَقَارٍ فَارًّا مِنْ زَكَاةٍ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتَرَى صَبَّاغٌ مَا يَصْبُغُ بِهِ لِلتَّكَسُّبِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَرْعٌ الْأَفْضَلُ إخْرَاجُ فِطْرَةِ يَوْمِ عِيدٍ قَبْلَ صَلَاتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي الْفِطْرَةِ صَاعُ بُرٍّ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَا يُجْزِئُ فِي فِطْرَةٍ وَزَكَاةٍ إخْرَاجُ قِيمَةٍ]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ نِيَّةٌ]

- ‌[فَرْعٌ فِي تَوْكِيلِ الْمُمَيِّز فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَفْضَلُ جَعْلُ زَكَاةِ كُلِّ مَالٍ فِي فُقَرَاءِ بَلَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَرْضِ صُلْحٍ يَأْخُذُ السُّلْطَانُ مِنْهَا نِصْفَ الْغَلَّةِ]

- ‌[بَابٌ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَشُرُوطِهِمْ وَقَدْرِ مَا يعطى كُلُّ وَاحِدٍ وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[فَصَلِّ الْغَارِم وَالْمُكَاتَب إذَا سقط مَا عَلَيْهِمَا مِنْ مَال هَلْ يخرجا الزَّكَاة]

- ‌[فَصْلٌ لَا تُجْزِئُ زَكَاةٌ لِكَافِرٍ غَيْرِ مُؤَلَّفٍ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ دَفَعَ زَكَاةً لِغَيْرِ مُسْتَحَقِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[فَرْعٌ الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ أَفْضَلُ مِنْ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ]

- ‌[كِتَاب الصِّيَام]

- ‌[فَصْلٌ يُقْبَلُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ خَاصَّةً خَبَرُ مُكَلَّفٍ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَيَّ مِنْ يَجِب الصَّوْم]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ أُبِيحَ لَهُ فِطْرٌ بِرَمَضَانَ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط صِحَّةِ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابٌ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ]

- ‌[فَرْعٌ مَا يَسُنّ لِمَنْ لَزِمَهُ غُسْلٌ فِي رَمَضَان]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ]

- ‌[بَابٌ مَا يُكْرَهُ وَيُسَنُّ للصائم]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَسُنّ للصائم]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[مَا رُوِيَ فِي فَضْل اكْتِحَال وَخِضَاب وَاغْتِسَال وَمُصَافَحَة وَصَلَاة بيوم عَاشُورَاء]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ دَخَلَ فِي تَطَوُّعِ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ يُتِمّهُ]

- ‌[بَابٌ أَفْضَلُ الشُّهُورِ شَهْرُ رَمَضَانَ]

- ‌[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النِّيَّة وَغَيْرهَا]

- ‌[فَصْلٌ خُرُوج الْمُعْتَكَف]

- ‌[فَصْلٌ خَرَجَ مُعْتَكِفٌ لِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَسُنّ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَجّ وَالْعُمْرَة مِنْ صَغِير]

- ‌[فَصَلِّ الْحَجّ وَالْعُمْرَة مِنْ قن]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يَصِحّ مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يَجُوز أَنْ يَحُجَّ وَيَعْتَمِرَ عَنْ أَبَوَيْهِ الميتين]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوط وُجُوب السَّعْيِ لِحَجٍّ أوعمرة]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يَصِحُّ حَجُّ مَعْضُوبٍ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْلٌ تجاوز الْمُكَلَّف الْمِيقَات بِلَا إحْرَام]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم إحْرَامٌ بِحَجٍّ أوعمرة قَبْلَ مِيقَاتٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ]

- ‌[فَصْلٌ تخيير الْمُحْرِم بَيْن ثَلَاثَة أَشْيَاء]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ وَأَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَسُنّ لِمَنْ أَحْرَمَ سَوَاءٌ عَيَّنَ نُسُكًا أَوْ أَطْلَقَ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[فَصْلٌ إحْرَام الْمَرْأَةُ فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ وَبَيَانُ أَقْسَامِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ كَرَّرَ مَحْظُورًا فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ يَلْزَم ذبح الْهَدْي بالحرم وَجَوَانِبه]

- ‌[بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ عَلَى طَرِيقِ التَّفْصِيلِ]

- ‌[فَصْلٌ أَتْلَفَ مُحْرِمٌ جَزَاءً مِنْ صَيْدٍ فَانْدَمَلَ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي قلع شَجَرَة مِنْ حرم مَكَّة]

- ‌[فَصْلٌ حَدّ حرم مَكَّة]

- ‌[فَائِدَةٌ ابْتِدَاءُ الْأَمْيَالِ فِي الْحَجّ]

- ‌[فَرْعٌ مَوْضِعُ قَبْرِهِ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَا يُدْعَى بِهِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ شُرُوطُ طَوَافٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[فَرْعٌ عَلِمَ مُتَمَتِّعٌ بَعْدَ فَرَاغِ حَجِّهِ بُطْلَانَ أَحَدِ طَوَافَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخُرُوجِ لِلسَّعْيِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ شُرُوطُ السَّعْيِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[بَابٌ صِفَةُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَفْضَلِيَّةُ الْمَشْيِ فِي الْحَجِّ عَلَى الرُّكُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّفْعُ بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ عَرَفَةَ لِمُزْدَلِفَةَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ صَلَّى الذَّاهِب إلَى مُزْدَلِفَة الْمَغْرِبَ بِالطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَانِ]

- ‌[فَرْعٌ الطَّوَافُ الْمَشْرُوعُ فِي الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوع الْحَاجّ إلَى منى بَعْد الْإِفَاضَة لِصَلَاةِ الظُّهْر يَوْم النَّحْر]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يُوَدِّعَ الْبَيْتَ بِالطَّوَافِ]

- ‌[فَصْلٌ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ وَقَبْرَيْ صَاحِبِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[فَوَائِدُ تَسْمِيَةُ مَنْ لَمْ يَحُجَّ صَرُورَةً]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ وَالْعَقِيقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ عَيْبٌ حَدَثَ بِمُعَالَجَةِ ذَبْحٍ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَّ نَحْرُ إبِلٍ قَائِمَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ التَّضْحِيَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ أَخَذَ المضحي شَيْئًا مِنْ شعر الْأُضْحِيَّة بَعْد دُخُول عَشْر ذِي الْحَجَّة]

- ‌[فَصْلٌ الْهَدْيُ يَتَعَيَّنُ بِقَوْلِهِ هَذَا هَدْيٌ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ هَدْيٌ بِنَذْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةُ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَّ تَسْمِيَةُ مَوْلُودٍ سَابِعَ وِلَادَةٍ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْلٌ أَفْضَلُ مُتَطَوَّعٍ بِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْجِهَادُ]

- ‌[فَصْلٌ فِرَارٌ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُفَّارٍ بَعْد اللِّقَاء]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى يحرم قَتْلَ الْأَسِير]

- ‌[فَصْلٌ إذَا حَصَرَ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ حِصْنًا]

- ‌[بَابٌ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَوْ أَمِيرَهُ عِنْدَ سَيْرِهِ إلَى الْغَزْوِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْجَيْشُ الصَّبْرَ مَعَ الْأَمِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ يَحْرُمُ غَزْوٌ بِلَا إذْنِ الْأَمِيرِ]

- ‌[بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ تُمْلَكُ غَنِيمَةٌ بِاسْتِيلَاءٍ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْغَانِمِينَ]

- ‌[بَابٌ الْأَرْضُونَ الْمَغْنُومَةُ]

- ‌[بَابُ الْفَيْءِ]

- ‌[بَابُ الْأَمَانِ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ أَمِنَ أَيْ أَمَّنَّاهُ عَلَى أَنْ يُقِيمَ فِي دَارِنَا مُدَّةً مَعْلُومَةً]

- ‌[فَصْلٌ إنْ أُسِرَ مُسْلِمٌ فَأُطْلِقَ بِشَرْطِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً]

- ‌[بَابُ الْهُدْنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَيُؤْخَذُونَ أَيْ الْمُهَادِنُونَ زَمَنَ هُدْنَةٍ بِجِنَايَتِهِمْ عَلَى مُسْلِمٍ]

- ‌[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ]

- ‌[فَرْعٌ مَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّ مَعَهُمْ كِتَابَ النَّبِيِّ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَام لأهل الذِّمَّة]

- ‌[فَرْعٌ تَعْشِيرُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ تَهَوَّدَ النَّصْرَانِيُّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

الفصل: ‌[فصل القيام لأهل الذمة]

(وَيُكْتَفَى بِتَمْيِيزِهِمْ بِالْعَمَائِمِ كَعِمَامَةٍ زَرْقَاءَ وَنَحْوِهَا) كَصَفْرَاءَ، لِحُصُولِ التَّمَيُّزِ الظَّاهِرِ بِهَا، وَهُوَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَقَبْلَهَا كَالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ مَأْلُوفَةً لَهُمْ. (وَلَوْ أَرَادُوا الْعُدُولَ عَنْ) لُبْسِ (ذَلِكَ مُنِعُوا) لِمُخَالَفَتِهِمْ زِيَّهُمْ الْمُعْتَادَ لَهُمْ. (وَقَدْ مَرَّ) فِي بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ

(يُكْرَهُ تَشَبُّهٌ بِهِمْ) بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ فِي صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَذْهَبِ (خِلَافًا لَهُ)، أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ "(هُنَا) ، كَذَا قَالَ، وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ تَزَيَّا بِهَا، أَيْ: بِالْعِمَامَةِ الزَّرْقَاءِ مُسْلِمٌ، أَوْ عَلَّقَ صَلِيبًا بِصَدْرِهِ حُرِّمَ، وَلَمْ يَكْفُرْ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ التَّشَبُّهُ بِهِمْ نَهْيٌ عَنْهُ إجْمَاعًا، لِحَدِيثِ «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ التَّشَبُّهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ كُفْرَ الْمُتَشَبَّهِ بِهِمْ، وَقَالَ: وَلَمَّا كَانَتْ الْعِمَامَةُ الصَّفْرَاءُ وَالزَّرْقَاءُ مِنْ شِعَارِهِمْ، حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمِ لُبْسُهَا انْتَهَى وَقَوْلُهُمْ فِيمَا تَقَدَّمَ: يُكْرَهُ تَشَبُّهٌ بِهِمْ إذَا لَمْ يَقْوَ كَشَدِّ الزُّنَّارِ، وَلُبْسِ الْفَاخَّتِي، وَالْعَسَلِيِّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَشَبُّهٍ مَحْضٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَفْعَلُونَهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَأَمَّا الْمُخْتَصُّ بِهِمْ كَالْعِمَامَةِ الزَّرْقَاءِ وَالْقَلْوَصَةِ، وَتَعْلِيقِ الصَّلِيبِ فِي الصَّدْرِ فَهَذَا لَا رَيْبَ فِي تَحْرِيمِهِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ فِيمَا تَقَدَّمَ مَخْصُوصًا بِمَا هُنَا، وَالْفَرْقُ مَا فِي هَذِهِ مِنْ شِدَّةِ الْمُشَابَهَةِ، وَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَوِيَتْ الْمُشَابَهَةُ.

[فَصْلٌ الْقِيَام لأهل الذِّمَّة]

(فَصْلٌ)(وَيَحْرُمُ قِيَامٌ لَهُمْ)، أَيْ: أَهْلِ الذِّمَّةِ، لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لَهُمْ، (وَ) يَحْرُمُ قِيَامٌ (لِمُبْتَدِعٍ يَجِبُ هَجْرُهُ) كَرَافِضِي (وَ) يَحْرُمُ (تَصْدِيرُهُمْ

ص: 607

بِمَجَالِسَ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَ) يَحْرُمُ (بُدَاءَتُهُمْ بِسَلَامٍ) ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إلَى أَضْيَقِهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. (وَ) يَحْرُمُ بُدَاءَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ: (بِكَيْفَ أَصْبَحْت أَوْ) : كَيْفَ (أَمْسَيْت، أَوْ) : كَيْفَ (أَنْتَ أَوْ) : كَيْفَ (حَالُك) ، نَصَّ عَلَيْهِ، (خِلَافًا لِلشَّيْخِ) تَقِيِّ الدِّينِ، حَيْثُ جَوَّزَ أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَهْلًا وَسَهْلًا، وَ: كَيْفَ أَصْبَحْت وَنَحْوُهُ فِي مَوْضِعٍ، وَجَزَمَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ (وَيُنْوَى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، (مُسْلِمٌ مَعَهُمْ)، أَيْ: الذِّمِّيِّينَ (بِسَلَامٍ) لِأَهْلِيَّتِهِ لَهُ (وَيُضْطَرُّونَ لِأَضْيَقِ طُرُقٍ) لِلْخَبَرِ، (وَلَا يُوَقَّرُونَ كَمُسْلِمٍ) ، لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِمْ.

(وَيَجُوزُ) قَوْلُ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ: (أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك، مَعَ أَنَّ) الْإِمَامَ (أَحْمَدَ كَرِهَ الدُّعَاءَ) لِكُلِّ أَحَدٍ (بِالْبَقَاءِ) وَنَحْوُهُ، قَالَ: لِأَنَّهُ شَيْءٌ فَرَغَ مِنْهُ، إشَارَةً إلَى حَدِيثِ:«فَرَغَ رَبُّك مِنْ ثَلَاثٍ: رِزْقِك، وَأَجَلِك، وَشَقِيٍّ أَنْتَ أَوْ سَعِيدٍ» (وَ) يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: (أَكْثَرَ) اللَّهُ (مَالَك وَوَلَدَك قَاصِدًا بِذَلِكَ كَثْرَةَ الْجِزْيَةِ)، لِيَنْتَفِعَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ. (وَ) يَجُوزُ:(أَكْرَمَك اللَّهُ، وَهَدَاك، يَعْنِي: بِالْإِسْلَامِ)، قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ لِأَحْمَدَ: يَقُولُ لَهُ: أَكْرَمَك اللَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَعْنِي: بِالْإِسْلَامِ.

(وَحَرُمَ تَهْنِئَتُهُمْ وَتَعْزِيَتُهُمْ وَعِيَادَتُهُمْ) إذَا مَرِضُوا، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ فِي " التَّصْحِيحِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "(وَ) حَرُمَ (شَهَادَةُ أَعْيَادِهِمْ)، أَيْ: الْكُفَّارِ، وَ (لَا) يَحْرُمُ (بَيْعُنَا لَهُمْ)، أَيْ: لِأَهْلِ الذَّمَّةِ (فِيهَا)، أَيْ: أَعْيَادِهِمْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعْظِيمٌ لَهُمْ، وَفِي " الْإِقْنَاعِ ": يَحْرُمُ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لَهُ. (وَعَنْهُ)، أَيْ: الْإِمَامِ (تَجُوزُ عِيَادَةٌ

ص: 608

لِرَجَاءِ إسْلَامٍ) ، فَيَعْرِضُهُ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ، لِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَادَ يَهُودِيًّا، وَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَلِأَنَّهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.

(وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى ذِمِّيٍّ) لَا يَعْلَمُهُ ذِمِّيًّا، (ثُمَّ عَلِمَهُ) ذِمِّيًّا، (سُنَّ قَوْلُهُ) لَهُ (جَهْرًا: رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي) ، لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقِيلَ: إنَّهُ كَافِرٌ، فَقَالَ: رُدَّ عَلَيَّ مَا سَلَّمْت عَلَيْك، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَكْثَرَ اللَّهُ مَالَك وَوَلَدَك، ثُمَّ الْتَفَتَ إلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَكْثَرُ لِلْجِزْيَةِ.

(وَإِنْ سَلَّمَ ذِمِّيٌّ) عَلَى مُسْلِمٍ، (لَزِمَ) الْمُسْلِمَ. (رَدُّهُ، فَيُقَالُ) فِي رَدِّهِ: (وَعَلَيْكُمْ) أَوْ: عَلَيْكُمْ، بِلَا وَاوٍ، وَبِهَا أَوْلَى، لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«نُهِينَا، أَوْ أُمِرْنَا أَنْ لَا نَزِيدَ أَهْلَ الذِّمَّةِ عَلَى: وَعَلَيْكُمْ» (وَيَكْتُبُ) الْمُسْلِمُ (فِي كِتَابٍ لِكَافِرٍ: سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى) ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى جَامِعٌ.

(وَإِنْ شَمَّتَهُ)، أَيْ: الْمُسْلِمَ الْعَاطِسَ (كَافِرٌ أَجَابَهُ) الْمُسْلِمُ بِهَدَاكَ اللَّهُ، لِأَنَّ طَلَبَ الْهِدَايَةِ لَهُمْ جَائِزٌ.

(وَتُكْرَهُ مُصَافَحَتُهُ وَتَشْمِيتُهُ)، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَابْنِ عَقِيلٍ. وَعَنْ أَبِي مُوسَى: «إنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ: يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ.

(وَ) يُكْرَهُ (تَعَرُّضٌ لِمَا يُوجِبُ مَوَدَّةً بَيْنَهُمَا)، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] الْآيَةَ.

ص: 609

(وَ) يُكْرَهُ (أَنْ يُسْتَشَارَ) كَافِرٌ (وَيُؤْخَذَ بِرَأْيِهِ) ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ

(أَوْ)، أَيْ: وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ (يَسْتَطِبَّ ذِمِّيًّا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُ دَوَاءً لَمْ يَقِفْ عَلَى مُفْرَدَاتِهِ) الْمُبَاحَةِ، وَكَذَا مَا وَضَعَهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ أَوْ عَمِلَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَخْلِطَهُ بِشَيْءٍ مِنْ السُّمُومَاتِ أَوْ النَّجَاسَاتِ، قَالَ تَعَالَى:{قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118]

(وَيُمْنَعُونَ)، أَيْ: أَهْلُ الذِّمَّةِ (مِنْ حَمْلِ سِلَاحٍ وَ) مِنْ تَعَلُّمِ (ثِقَافٍ)، وَهُوَ: الرَّمْيُ بِالْبُنْدُقِ، (وَ) مِنْ (رَمْيٍ) بِنَحْوِ نُبْلٍ، (وَ) مِنْ (لَعِبٍ بِرُمْحٍ وَدَبُّوسٍ) وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يُعِينُ عَلَى الْحَرْبِ.

وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيمُ أَوْلَادِهِمْ الْقُرْآنَ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَلَّمُوا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(وَ) يُمْنَعُونَ مِنْ (تَعْلِيَةِ بِنَاءٍ فَقَطْ) لَا مِنْ مُسَاوَاتِهِ، لِأَنَّهَا لَا تُفْضِي إلَى عُلُوِّ الْكُفْرِ، وَلَا إلَى اطِّلَاعِهِمْ عَلَى عَوْرَاتِنَا (عَلَى) بُنْيَانِ (جَارٍ مُسْلِم، وَلَوْ رَضِيَ) الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ أَوْ قَصُرَ بُنْيَانُ الْمُسْلِمِ جِدًّا، فَلَيْسَ لَهُمْ التَّعْلِيَةُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، زَادَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: يَدُومُ عَلَى دَوَامِ الْأَوْقَاتِ، وَرِضَاهُ يُسْقِطُ حَقَّ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ.

تَنْبِيهٌ يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ تَعْلِيَةِ بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاصِقْهُ بِحَيْثُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَارِ، قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى، وَلِأَنَّ فِيهِ تَرَفُّعًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَمُنِعُوا مِنْهُ، كَالتَّصْدِيرِ فِي الْمَجَالِسِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَدَلَّ أَنَّ قِسْمَةَ الْوَقْفِ قِسْمَةُ مَنَافِعَ لَا تَلْزَمُ، لِسُقُوطِ حَقِّ مَنْ يُحْدِثُ، لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِاجْتِنَابِهِ مُحَرَّمٌ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ

(وَيَجِبُ نَقْضُهُ) وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، أَيْ: مَا عَلَا مِنْ بِنَائِهِمْ عَلَى بِنَاءِ

ص: 610

جَارِهِمْ الْمُسْلِمِ، إزَالَةً لِعُدْوَانِهِمْ وَ (لَا) يُنْقَضُ مَا عَلَا مِنْ بِنَاءِ ذِمِّيٍّ (إنْ بَاعَهُ) الذِّمِّيُّ (لِمُسْلِمٍ) ، لِأَنَّهُ لَا غَضَاضَةَ بِهِ

(وَيَضْمَنُ) ذِمِّيٌّ عَلَا بِنَاؤُهُ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ الْمُسْلِمِ (مَا تَلِفَ بِهِ)، أَيْ: الْبِنَاءِ الْمُعَلَّى (قِبَلَهُ)، أَيْ: النَّقْضُ لِتَعَدِّيهِ بِالتَّعْلِيَةِ، لِعَدَمِ إذْنِ الشَّرْعِ فِيهَا.

وَ (لَا) يُهْدَمُ بِنَاءٌ عَالٍ (إنْ مَلَكُوهُ مِنْ مُسْلِمٍ عَالِيًا) ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعْلِيَةٌ، (وَلَا يُعَادُ) عَالِيًا (لَوْ انْهَدَمَ) مَا مَلَكُوهُ مِنْ مُسْلِمٍ عَالِيًا، لِأَنَّهُ بَعْدَ انْهِدَامِهِ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ.

(وَ) إنْ تَشَعَّثَ الْعَالِي الَّذِي لَا يَجِبُ هَدْمُهُ وَلَمْ يَنْهَدِمْ، فَيَجُوزُ أَنْ (يَرُمَّ شُعْثَهُ) لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لَهُ لَا إنْشَاءُ تَعْلِيَةٍ.

(وَلَا) يُنْقَضُ بِنَاؤُهُمْ (إنْ بَنَى) مُسْلِمٌ (دَارًا عِنْدَهُمْ) فِي مَحَلَّتِهِمْ (دُونَ بِنَائِهِمْ) ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْلُوا بِنَاءَهُمْ عَلَى بِنَائِهِ

(وَمَعَ شَكٍّ فِي سَبْقٍ) بِأَنْ وُجِدَتْ دَارُ ذِمِّيٍّ عَالِيَةُ عَلَى دَارِ مُسْلِمٍ بِجِوَارِهَا، وَشَكَّ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا، فَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: لَا تُقَرُّ دَارُ الذِّمِّيِّ عَالِيَةً، بَلْ (يَهْدِمُ) مَا عَلَا مِنْ بِنَائِهَا، لِأَنَّ التَّعْلِيَةَ مُفْسِدَةٌ، وَقَدْ شَكَكْنَا فِي شَرْطِ جَوَازِهَا.

(وَ) يُمْنَعُونَ (مِنْ إحْدَاثِ كَنَائِسَ وَبِيَعٍ) فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (وَ) مِنْ (مُجْتَمَعٍ لِصَلَاةٍ وَصَوْمَعَةٍ لِرَاهِبٍ)، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " لِقَوْلِ ابْن عُمَرَ:" أَيُّمَا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَرَبُ فَلَيْسَ لِلْعَجَمِ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ بِيعَةً وَلَا أَنْ يَضْرِبُوا فِيهِ نَاقُوسًا، وَلَا يَشْرَبُوا فِيهِ خَمْرًا، وَلَا يَتَّخِذُوا فِيهِ خِنْزِيرًا " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَاحْتَجَّ بِهِ. وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا مَصَّرَهُ الْمُسْلِمُونَ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَوَاسِطَ، أَوْ مَا فُتِحَ عَنْوَةً كَمِصْرِ وَالشَّامِ، وَلَا يَصِحُّ صُلْحُهُمْ عَلَى إحْدَاثِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهَا مِلْكٌ لَهُمْ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا بِنَاءُ مَجَامِعَ لِلْكُفْرِ (فَإِنْ فَعَلُوا)، أَيْ: أَحْدَثُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، (وَجَبَ هَدْمُهُ) إزَالَةً لِعُدْوَانِهِمْ. (لَا) يَجِبُ (هَدْمُ مَا كَانَ مَوْجُودًا مِنْهَا)، أَيْ: مِنْ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وَنَحْوِهَا (وَقْتَ فَتْحِ) الْأَرْضِ

ص: 611

الَّتِي هِيَ بِهَا، (فَإِنْ شَرَطُوا)، أَيْ: الْكُفَّارُ (الْإِحْدَاثَ) لِبِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ وَنَحْوِهَا (فِيمَا فُتِحَ صُلْحًا عَلَى أَنَّهُ)، أَيْ: الْبَلَدَ الْمَفْتُوحَ صُلْحًا (لَنَا) ، وَنُقِرُّهُ مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ، (جَازَ) ، لِأَنَّهُ لَمْ يُفْتَحْ إلَّا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، فَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ. (وَيُمْنَعُونَ مِنْ بِنَاءِ مَا اسْتُهْدِمَ مِنْهَا)، أَيْ: الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَنَحْوِهَا (أَوْ هُدِمَ ظُلْمًا) مِنْهَا، (وَلَوْ) كَانَ مَا اسْتُهْدِمَ مِنْهَا أَوْ هُدِمَ ظُلْمًا (كُلُّهَا) ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الْهَدْمِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ (كَ) مَا يُمْنَعُونَ مِنْ (زِيَارَتِهَا)، أَيْ: الْكَنَائِسِ وَنَحْوِهَا، لِأَنَّهُ إحْدَاثٌ فِيهَا لِمَا لَمْ يَكُنْ، فَيَدْخُلُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، «لَا تُبْنَى كَنِيسَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا يُجَدَّدُ مَا خَرِبَ مِنْهَا» وَ (لَا) يُمْنَعُونَ (رَمَّ شُعْثَهَا)، أَيْ: الْكَنَائِسِ وَنَحْوِهَا، لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا اسْتِدَامَتَهَا، فَمَلَكُوا رَمَّ شُعْثَهَا. (وَقَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ:(الْكَنَائِسُ لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لَيْسَ لَهُمْ مَنْعُ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا، لِأَنَّا صَالَحْنَاهُمْ عَلَيْهِ، وَالْعَابِدُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْغَافِلِينَ) عَنْ الْعِبَادَةِ (أَعْظَمُ أَجْرًا)، وَفِي مَعْنَاهُ الَّتِي تَكْثُرُ فِيهَا الْمَعَاصِي لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَائِهَا وَلِهَذَا قِيلَ:

إنِّي اطَّلَعْت عَلَى الْبِقَاعِ وَجَدْتُهَا

تَشْقَى كَمَا تَشْقَى الرِّجَالُ وَتَسْعَدُ

قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ إذَا رَأَى يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا غَمَّضَ عَيْنَيْهِ، وَيَقُولُ: لَا تَأْخُذُوا عَنِّي هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَجِدْهُ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ، وَلَكِنْ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرَى مَنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ (وَحَرُمَ بَيْعُهُمْ) وَإِجَارَتُهُمْ (مَا يَعْمَلُونَهُ كَنِيسَةً أَوْ تِمْثَالًا)، أَيْ: صَنَمًا (وَنَحْوَهُ) ، كَاَلَّذِي يَعْمَلُونَهُ صَلِيبًا، لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ. قَالَ تَعَالَى:{وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]

(وَ) يُمْنَعُونَ (مِنْ إظْهَارِ مُنْكَرٍ كَنِكَاحِ مَحَارِمَ، وَ) إظْهَارِ (عِيدٍ، وَ) إظْهَارِ (صَلِيبٍ وَ) إظْهَارِ (أَكْلٍ

ص: 612

وَشُرْبٍ بِ) نَهَارِ (رَمَضَانَ، وَ) إظْهَارِ (خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) ، لِأَنَّهُ يُؤْذِينَا، (فَإِنْ فَعَلُوا)، أَيْ: أَظْهَرُوا خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا (أُتْلِفَ) إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ.

(وَ) يُمْنَعُونَ مِنْ (رَفْعِ صَوْتٍ عَلَى مَيِّتٍ، وَ) مِنْ (قِرَاءَةِ قُرْآنٍ، وَ) مِنْ (ضَرْبِ نَاقُوسٍ وَجَهْرٍ بِكِتَابِهِمْ)، لِأَنَّ فِي شُرُوطِهِمْ لِابْنِ غُنْمٍ: وَأَنْ لَا نَضْرِبَ نَاقُوسًا إلَّا ضَرْبًا خَفِيًّا فِي جَوْفِ كَنَائِسِنَا، وَلَا نَظْهَرَ عَلَيْهَا، وَلَا نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي كَنَائِسِنَا فِيمَا يَحْضُرُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَأَنْ لَا نُخْرِجَ صَلِيبًا وَلَا كِتَابًا فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ لَا نَخْرُجَ بَاعُوثًا وَلَا سَعَانِينَ، وَلَا نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا مَعَ مَوْتَانَا، وَأَنْ لَا نُجَاوِرَهُمْ بِالْجَنَائِزِ، وَلَا نُظْهِرَ شِرْكًا. وَقِيسَ عَلَى ذَلِكَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِرَمَضَان لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ. وَالْبَاعُوثُ: اسْتِسْقَاءُ النَّصَارَى. وَالسَّعَانِينُ: عِيدٌ لِلنَّصَارَى قَبْلَ الْفِصْحِ بِأُسْبُوعٍ، يَخْرُجُونَ فِيهِ بِصُلْبَانِهِمْ، قَالَهُ فِي " الْقَامُوسِ ":(وَإِنْ صُولِحُوا)، أَيْ: الْكُفَّارُ، (فِي بِلَادِهِمْ)، أَيْ: مَا فُتِحَ صُلْحًا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ (عَلَى جِزْيَةٍ أَوْ خَرَاجٍ لَمْ يُمْنَعُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ فِيمَا سَبَقَ، لِأَنَّهُمْ فِي بِلَادِهِمْ أَشْبَهُوا أَهْلَ الْحَرْبِ زَمَنَ الْهُدْنَةِ.

(وَبَائِعُ خَمْرٍ) مِنْ الذِّمِّيِّينَ (لَنَا يُعَاقَبُ وَيُؤْخَذُ)، أَيْ: يَأْخُذُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ (مِنْهُ الثَّمَنَ) الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ، لِبُطْلَانِ بَيْعِ الْخَمْرِ، وَتَحْرِيمِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ (يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ) ، وَ (لَا) يُرَدُّ الثَّمَنُ (لِمُشْتَرٍ) مِنْهُمْ الْخَمْرَ، (فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ عِوَضٍ وَمُعَوَّضٍ) ، وَمَنْ بَاعَ خَمْرًا لِلْمُسْلِمِينَ لَمْ يَمْلِكْ ثَمَنَهُ، لِحَدِيثِ:«إنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» فَيُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ (كَ) مَا قِيلَ فِي (مَهْرِ بَغْيٍ وَحُلْوَانِ كَاهِنٍ، وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ عِوَضٌ عَنْ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ مُحَرَّمَةٍ) قَدْ (اُسْتُوْفِيَتْ) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: (أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ) ، لِأَنَّهُ كَالْمَالِ الْمَجْهُولِ

ص: 613

مَالِكُهُ، (وَ) هَذَا (قَالَهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا، (وَقَالَ فِي بَيْعِ سِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ وَعِنَبٍ لِخَمْرٍ: يُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ) وَلَا يُرَدُّ لِمَالِكِهِ وَلَا لِلْبَائِعِ زَجْرًا لَهُمَا عَنْ ارْتِكَابِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، (كَذَا قَالَ) فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ. وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ فِي بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ وَالْعِنَبِ لِلْخَمْرِ تَقْتَضِي بُطْلَانَ الْعَقْدِ، وَرَدَّ الثَّمَنِ الَّذِي قُبِضَ لِلْمُشْتَرِي وَالْمُثَمَّنِ لِلْبَائِعِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِنْ تَلِفَ فَيَبْقَى الثَّمَنُ بِيَدِ الْبَائِعِ، لِئَلَّا يَذْهَبَ عَلَيْهِ مَالُهُ مَجَّانًا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْ فَيُقْضَى لِلْبَائِعِ بِعِوَضِهِ، بِخِلَافِ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَمَهْرِ الْبَغْيِ، وَأُجْرَةِ الْمَلُوطِ بِهِ وَالنَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فِي نَفْسِهَا، كَبَائِعِ نَحْوِ الْمَيْتَةِ أَوْ الْخِنْزِيرِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ بِثَمَنِهَا، لِأَنَّ نَفْسَ هَذِهِ الْعَيْنِ مُحَرَّمَةٌ، أَفَادَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

(وَيُمْنَعُونَ)، أَيْ: الْكُفَّارُ، (دُخُولُ حَرَمِ مَكَّةَ) بِحُدُودِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَجِّ لَا الْمَسْجِدِ (فَقَطْ)، أَيْ: وَلَا حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ كَانَ دُخُولُهُمْ حَرَمَ مَكَّةَ لِلْإِسْلَامِ، كَمَا فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] وَالْمُرَادُ حَرَمُ مَكَّةَ {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} [التوبة: 28]، أَيْ: ضَرَرًا بِتَأْخِيرِ الْجَلْبِ وَيُؤَيِّدُهُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1]، أَيْ: الْحَرَمِ، لِأَنَّهُ «أُسْرِيَ بِهِ مِنْ بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ» ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ دُونَ الْحِجَازِ، لِأَنَّهُ أَفْضَلُ أَمَاكِنِ الْعِبَادَاتِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَعْظَمُهَا، لِأَنَّهُ مَحَلُّ النُّسُكِ، فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ، سَوَاءٌ أَذِنَ بِالدُّخُولِ مُسْلِمٌ أَوْ لَا، لِإِقَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، (وَلَوْ بَذَلُوا مَالًا) لِأَجْلِ الدُّخُولِ (أَوْ صُولِحُوا عَلَيْهِ)، أَيْ:

ص: 614

الدُّخُولِ، لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ، وَلَمْ يُمَكَّنُوا، (وَمَا اُسْتُوْفِيَ مِنْ الدُّخُولِ مَلَكَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمَالِ) الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ، فَإِنْ دَخَلُوا إلَى انْتِهَاءِ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ، فَعَلَيْهِمْ جَمِيعُ الْعِوَضِ، لِأَنَّهُمْ اسْتَوْفَوْا مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ (حَتَّى غَيْرَ مُكَلَّفٍ) كَصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ، (وَ) حَتَّى (رَسُولُهُمْ)، أَيْ: الْكُفَّارُ، فَيُمْنَعُونَ دُخُولَ حَرَمِ مَكَّةَ، لِعُمُومِ الْآيَةِ. (وَيَخْرُجُ إمَامٌ إلَيْهِ)، أَيْ: الرَّسُولِ إنْ أَبَى أَدَاءَ الرِّسَالَةِ إلَيْهِ (وَيُعَزِّرُ مَنْ دَخَلَ) مِنْهُمْ حَرَمَ مَكَّةَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْمَنْعِ، وَ (لَا) يُعَزَّرُ إنْ دَخَلَ (جَهْلًا) ، لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالْجَهْلِ، (وَيُخْرَجُ) وَيُهَدَّدُ، قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ. (وَلَوْ) صَارَ الدَّاخِلُ مَرِيضًا أَوْ (مَيِّتًا) فَيُخْرَجُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ إخْرَاجُهُ حَيًّا، فَإِخْرَاجُ جِيفَتِهِ أَوْلَى وَإِنَّمَا جَازَ دَفْنُهُ بِالْحِجَازِ سِوَى حَرَمَ مَكَّةَ، لِأَنَّ خُرُوجَهُ مِنْ حَرَمِ مَكَّةَ سَهْلٌ مُمْكِنٌ لِقُرْبِ الْحِلِّ مِنْهُ، وَخُرُوجُهُ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ مَيِّتٌ صَعْبٌ مُشِقٌّ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ. (وَيُنْبَشُ إنْ دُفِنَ بِهِ)، أَيْ: بِالْحَرَمِ، وَيُخْرَجُ مِنْهُ (مَا لَمْ يَبْلُ) ، فَيُتْرَكُ. وَكَذَا لَوْ تَصَعَّبَ إخْرَاجُهُ لِنَتِنِهِ وَتَقَطُّعِهِ لِلْمَشَقَّةِ فِي إخْرَاجِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ ".

(وَ) يُمْنَعُونَ (مِنْ إقَامَةٍ بِالْحِجَازِ كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ وَالْيَنْبُعِ وَفَدَكَ)، بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: قَرْيَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ (وَقُرَاهَا) ، وَسُمِّيَ حِجَازًا لِأَنَّهُ حَجَزَ بَيْنَ تِهَامَةَ - بِكَسْرِ التَّاءِ، وَهِيَ: اسْمٌ لِكُلِّ مَا نَزَلَ عَنْ نَجْدٍ مِنْ بِلَادِ الْحِجَازِ، وَمَكَّةَ مِنْ تِهَامَةَ - وَبَيْنَ نَجْدٍ، وَهُوَ: مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ وَ (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (وَمِنْهُ)، أَيْ: الْحِجَازِ، (تَبُوكَ وَنَحْوَهَا وَمَا دُونَ الْمُنْحَنَى، وَهُوَ: عُقْبَةُ الصَّوَّانُ مِنْ الشَّامِ كَمَعَانٍ)، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ «إنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَخْرِجُوا الْيَهُودَ

ص: 615

مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَقَالَ عُمَرُ: «سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَلَا أَتْرُكُ فِيهَا إلَّا مُسْلِمًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالْمُرَادُ: الْحِجَازُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ أَخْرَجَ أَحَدًا مِنْ الْيَمَنِ وَتَيْمَاءَ. قَالَ أَحْمَدُ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْمَدِينَةُ وَمَا وَالَاهَا، يَعْنِي: أَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْ سُكْنَى الْكُفَّارِ بِهِ الْمَدِينَةِ وَمَا وَالَاهَا، وَهُوَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَخَيْبَرُ وَالْيَنْبُعُ وَفَدَكُ وَمَخَالِيفُهَا، (وَلَيْسَ لَهُمْ دُخُولُهُ)، أَيْ: الْحِجَازِ (بِلَا إذْنِ إمَامٍ)، كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَا يَدْخُلُونَ دَارَ الْإِسْلَامِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. (وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ ": وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِمَنْعِهِمْ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ (قَالَ أَصْحَابُنَا: الْمُرَادُ بِهِ: الْحِجَازُ)، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ حُجِزَ بَيْنَ تِهَامَةَ وَنَجْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَحَدُّ الْجَزِيرَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ) الْأَصْمَعِيُّ وَ (أَبُو عُبَيْدٍ) الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ:(مِنْ عَدَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ) وَالرِّيفُ: أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ، وَالْجَمْعُ: أَرْيَافٌ (طُولًا، وَمِنْ تِهَامَةَ إلَى مَا وَرَاءَهَا إلَى أَطْرَافِ الشَّامِ) عَرْضًا قَالَ الْخَلِيلُ: إنَّمَا قِيلَ لَهَا جَزِيرَةٌ، لِأَنَّ بَحْرَ الْحَبَشَةِ وَبَحْرَ فَارِسَ وَالْفُرَاتِ أَحَاطَتْ بِهَا وَنُسِبَتْ إلَى الْعَرَبِ، لِأَنَّهَا أَرْضُهَا وَمَسْكَنُهَا وَمَعْدِنُهَا، (فَإِنْ دَخَلُوا الْحِجَازَ لِتِجَارَةٍ) أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يُقِيمُوا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، بَلْ يَنْتَقِلُوا)" لِأَنَّ عُمَرَ أَذِنَ لِمَنْ دَخَلَ تَاجِرًا فِي إقَامَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ " فَدَلَّ عَلَى الْمَنْعِ فِي الزَّائِدِ وَلَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَكَذَا فِي مَوْضِعٍ ثَالِثٍ، وَمَوْضِعٍ رَابِعٍ، وَهَكَذَا، (فَإِنْ أَقَامُوا بِمَوْضِعٍ) وَاحِدٍ مِنْ الْحِجَازِ (أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ عُزِّرُوا) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُذْرٌ فِي الْإِقَامَةِ (وَيُوَكَّلُونَ فِي) دَيْنٍ (مُؤَجَّلٍ) مَنْ يَقْبِضْهُ لَهُمْ، (وَيُجْبَرُ مَنْ لَهُمْ عَلَيْهِ) دَيْنٌ (حَالٌّ عَلَى وَفَائِهِ) ، لِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ، (فَإِنْ

ص: 616

تَعَذَّرَ) وَفَاؤُهُ لِنَحْوِ مَطْلٍ أَوْ تَغَيُّبٍ، (جَازَتْ إقَامَتُهُمْ لَهُ) إلَى اسْتِيفَائِهِ، لِأَنَّ التَّعَدِّيَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَفِي إخْرَاجِهِمْ قَبْلَهُ ذَهَابٌ لِمَا لَهُمْ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَوْكِيلٌ.

(وَمَنْ مَرِضَ) مِنْ كُفَّارٍ بِالْحِجَازِ (لَمْ يَخْرُجْ) مِنْهُ (حَتَّى يَبْرَأَ) ، لِمَشَقَّةِ الِانْتِقَالِ عَلَى الْمَرِيضِ، فَتَجُوزُ إقَامَتُهُ، (وَ) مَنْ يُمَرِّضُهُ.

وَ (إنْ مَاتَ) كَافِرٌ بِالْحِجَازِ (دُفِنَ بِهِ) ، لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ إقَامَتِهِ لِلْمَرَضِ.

(وَلَيْسَ لِكَافِرٍ دُخُولُ مَسْجِدٍ) مِنْ مَسَاجِدِ الْحِلِّ (وَلَوْ أَذِنَ) لَهُ فِيهِ (مُسْلِمٌ)" لِأَنَّ عَلِيًّا بَصَرَ بِمَجُوسِيٍّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَنَزَلَ وَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ " وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَلِأَنَّ حَدَثَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ يَمْنَعُ، فَالشِّرْكُ أَوْلَى. (وَعِنْدَ الْقَاضِي) أَبُو يَعْلَى:(يَجُوزُ) لِكَافِرٍ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ (إنْ رُجِيَ) مِنْهُ (إسْلَامٌ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ أَهْلِ الطَّائِفِ، فَأَنْزَلَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ إسْلَامِهِمْ» وَأُجِيبَ عَنْهُ وَعَنْ نَظَائِرِهِ بِأَنَّهُ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ إلَيْهِ، وَبِأَنَّهُمْ كَانُوا يُخَاطِبُونَهُ صلى الله عليه وسلم وَيَحْمِلُونَ إلَيْهِ الرَّسَائِلَ وَالْأَجْوِبَةَ، وَيَسْمَعُونَ مِنْهُ الدَّعْوَةَ، وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَخْرُجَ لِكُلِّ مَنْ قَصَدَهُ مِنْ الْكُفَّارِ.

(وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ)، أَيْ: الْكَافِرِ (لِبِنَائِهِ)، أَيْ: الْمَسْجِدِ (وَالذِّمِّيِّ) التَّاجِرِ (وَلَوْ أُنْثَى صَغِيرَةً) أَوْ زَمِنًا أَوْ أَعْمَى وَنَحْوَهُ، (أَوْ تَغْلِيبًا إنْ اتَّجَرَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ) وَلَوْ إلَى غَيْرِ الْحِجَازِ (بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَصَاعِدًا) ، فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا (ثُمَّ عَادَ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ الْوَاجِبُ فِيهَا)، أَيْ: فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي (سَافَرَ إلَيْهِ مِنْ بِلَادِنَا، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْعُشْرِ مِمَّا مَعَهُ) ، لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي " كِتَابِ الْأَمْوَالِ " عَنْ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ " أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ إلَى الْكُوفَةِ، فَجَعَلَ عَلَى

ص: 617

أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي أَمْوَالِهِمْ الَّتِي يَخْتَلِفُونَ فِيهَا فِي كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا " وَكَانَ ذَلِكَ بِالْعِرَاقِ، وَاشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِمَّا مَعَهُمْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ نَصًّا، وَلَا فِيمَا اتَّجَرُوا فِيهِ مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ.

(وَيَمْنَعُهُ)، أَيْ: وُجُوبَ نِصْفِ الْعُشْرِ (دَيْنٌ كَزَكَاةٍ) ، فَلَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِمَّا يُقَابِلُهُ (إنْ ثَبَتَ) الدَّيْنُ (بِبَيِّنَةٍ) ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ.

(وَيُصَدَّقُ) كَافِرٌ تَاجِرٌ (أَنَّ جَارِيَةً مَعَهُ أَهْلُهُ)، أَيْ: زَوْجَتُهُ، (أَوْ) أَنَّهَا (بِنْتُهُ، وَنَحْوَهُمَا) كَأُخْتِهِ لِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ مِلْكِهِ لَهَا، فَلَا تُعْشَرُ (وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَعَ حَرْبِيٍّ اتَّجَرَ إلَيْنَا الْعُشْرُ) سَوَاءٌ عَشَرُوا أَمْوَالَنَا أَوْ لَا، " لِأَنَّ عُمَرَ أَخَذَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرَ " وَاشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ. و (لَا) يُؤْخَذُ عُشْرٌ وَلَا نِصْفُهُ (مِنْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَعَهُمَا)، أَيْ: الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ، لِأَنَّ الْعَشَرَةَ مَالٌ يَبْلُغُ وَاجِبُهُ نِصْفَ دِينَارٍ فَوَجَبَ فِيهِ كَالْعِشْرِينِ فِي زَكَاةِ مُسْلِمٍ.

(وَلَا) يُؤْخَذُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ (أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ كُلَّ عَامٍ)، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ " أَنَّ شَيْخًا نَصْرَانِيًّا جَاءَ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: إنَّ عَامِلَك عَشَرَنِي فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الشَّيْخُ النَّصْرَانِيُّ، قَالَ: وَأَنَا الشَّيْخُ الْحَنِيفُ. ثُمَّ كَتَبَ إلَى عَامِلِهِ أَنْ لَا يَعْشُرَ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً " وَكَالْجِزْيَةِ وَالزَّكَاةِ. وَمَتَى أَخَذَ مِنْهُمْ كَتَبَ لَهُمْ بَرَاءَةً، لِتَكُونَ حُجَّةً مَعَهُمْ، فَلَا يُعْشَرُونَ ثَانِيًا، لَكِنْ إنْ كَانَ مَعَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ الْأَوَّلِ أُخِذَ مِنْ الزَّائِدِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُعْشَرْ.

(وَلَا يُعْشَرُ ثَمَنُ خَمْرٍ، وَ) لَا ثَمَنُ (خِنْزِيرٍ) نَصًّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ " وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا وَخُذُوا أَنْتُمْ مِنْ الثَّمَنِ " حَمَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَلَى مَا كَانَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ جِزْيَةً وَخَرَاجًا، وَاسْتَدَلَّ لَهُ، (وَالْمُرَادُ: مَا لَمْ يَقْبِضُوا ثَمَنَهُمَا) مِمَّنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهُمَا، فَيُعْشَرُ كَبَاقِي أَمْوَالِهِمْ، فِي

ص: 618