الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُمَرَ: «حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْت أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِك، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَوْلَا أَنَّهُ مَلَكَهُ مَا بَاعَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يَأْخُذُهُ مِنْ عُمَرَ فَيُقِيمُهُ لِلْبَيْعِ، فِي الْحَالِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَهُ لِلْبَيْعِ بَعْدَ غَزْوِهِ عَلَيْهِ، أَشَارَ إلَيْهِ أَحْمَدُ، فَإِنْ لَمْ يَغْزُ رَدَّهَا وَمَعْنَى أَضَاعَهُ: أَهْزَلَهُ.
(وَمِثْلُهَا) : الدَّابَّةُ (سِلَاحٌ وَتُرْسٌ وَنَفَقَةٌ) أُعْطِيَ ذَلِكَ لِيَغْزُوَ بِهِ، (فَيَمْلِكُ أَخْذَهُ) بِالْغَزْوِ، فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ الْغَزْوِ لِغَيْرِ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، فَلَا بَأْسَ.
(وَلَا تُرْكَبُ دَوَابُّ السَّبِيلِ فِي حَاجَةِ) نَفْسِهِ، لِأَنَّهَا لَمْ تُسْبَلْ لِذَلِكَ، (بَلْ) تُرْكَبُ وَتُسْتَعْمَلُ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) تَعَالَى لِأَنَّهَا سُبِّلَتْ لِذَلِكَ، أَوْ تُرْكَبُ لِعَلَفِهَا وَسَقْيِهَا؛ لِأَنَّهُ لِحَاجَتِهَا، (وَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ) مُسْتَوْفَى وَسَهْمُ الْفَرَسِ الْحَبِيسِ كَمَنْ غَزَا عَلَيْهِ يُعْطِي مِنْهُ نَفَقَتَهُ وَالْبَاقِي لَهُ.
[بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ]
(بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ) يُقَالُ: غَنِمَ فُلَانٌ الْغَنِيمَةَ يَغْنَمُهَا، وَاشْتِقَاقُهُمَا مِنْ الْغُنْمِ، وَأَصْلُهُ: الرِّبْحُ وَالْفَضْلُ، وَالْمَغْنَمُ مُرَادِفٌ لِلْغَنِيمَةِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ وَقَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا} [الأنفال: 69] وَقَدْ اُشْتُهِرَ وَصَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ الْغَنَائِمَ وَكَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفال: 1]
الْآيَةَ، ثُمَّ صَارَتْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ، وَخُمُسُهَا لِغَيْرِهِمْ، (وَخُصَّتْ بِهَا)، أَيْ: الْغَنِيمَةِ، (هَذِهِ الْأُمَّةُ) دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأُمَمِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّءُوسِ غَيْرَكُمْ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَأْكُلُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَهِيَ)، أَيْ: الْغَنِيمَةُ: (مَا أُخِذَ مِنْ مَالٍ حَرْبِيٍّ) خَرَجَ بِهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ جِزْيَةٍ أَوْ خَرَاجٍ وَنَحْوِهِ (قَهْرًا بِقِتَالٍ) خَرَجَ بِهِ مَا جَلَوْا، (وَتَرَكُوهُ) فَزَعًا وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنْ الْعُشْرِ إذَا اتَّجَرُوا إلَيْنَا وَنَحْوُهُ.
(وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِمَّا أُخِذَ) مِنْ (فِدْيَةِ) أَسْرَى (أَوْ هَدِيَّةٍ لِلْأَمِيرِ أَوْ بَعْضِ قُوَّادِهِ بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ) الْغَانِمِينَ (بِدَارِ حَرْبٍ وَ) ، أَمَّا الْحَاصِلُ لِلْأَمِيرِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْهَدَايَا (بِدَارِنَا) فَهُوَ (لِمُهْدَى لَهُ) بِلَا نِزَاعٍ.
(وَيَمْلِكُ أَهْلُ حَرْبِ مَا لَنَا بِقَهْرٍ) حَتَّى عَبْدَ مُسْلِمٍ، لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ سَبَبٌ يَمْلِكُ بِهِ الْمُسْلِمُ مَالَ الْكَافِرِ، فَكَذَا عَكْسُهُ، كَالْبَيْعِ، وَكَمَا يَمْلِكُ بَعْضُهُمْ مَالَ بَعْضٍ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الصَّوَابُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ (مِلْكًا مُقَيَّدًا لَا يُسَاوِي أَمْلَاك الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ انْتَهَى) لِأَنَّ مَالَ الْمُسْلِمِ إذَا أَدْرَكَهُ يَأْخُذُهُ إمَّا مَجَّانًا أَوْ بِالثَّمَنِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي، فَيَمْلِكُ أَهْلُ حَرْبٍ مَا أَخَذُوهُ مِنَّا قَهْرًا، (وَلَوْ اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ) ، ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ "(أَوْ)، أَيْ: وَيَمْلِكُونَ مَا (شَرَدَ) إلَيْهِمْ مِنْ دَوَابِّنَا (أَوْ أَبَقَ) إلَيْهِمْ مِنْ رَقِيقِنَا (وَيَتَّجِهُ: وَلَوْ) كَانَ الْآبِقُ (قِنًّا مُسْلِمًا) ، فَيَمْلِكُونَهُ، لِأَنَّهُ مَالٌ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْقَوَاعِدِ "، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَتَذْكِرَةِ " ابْنِ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " " وَالْمُحَرَّرِ " وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(أَوْ أَلْقَتْهُ رِيحٌ إلَيْهِمْ) مِنْ سُفُنِنَا، (أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) لِمُسْلِمٍ وَمُكَاتَبٍ، لِأَنَّهُمَا يُضَمَّنَانِ إلَيْهِمْ مِنْ سُفُنِنَا، (أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) لِمُسْلِمٍ وَمُكَاتَبٍ، لِأَنَّهُمَا يُضَمَّنَانِ بِقِيمَتِهِمَا عَلَى مُتْلِفِهِمَا، فَمَلَكُوهُ كَالْقِنِّ، (وَ) مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى مِلْكِهِمْ مَالَ الْمُسْلِمِ بِأَخْذِهِ أَنَّهُ (يَنْفَسِخُ بِهِ)، أَيْ: بِاسْتِيلَاءِ أَهْلِ حَرْبٍ (نِكَاحُ أَمَةٍ) مُزَوَّجَةٍ اسْتَوْلُوا عَلَيْهَا وَحْدَهَا لِمِلْكِهِمْ رَقَبَتَهَا وَمَنَافِعَهَا، وَكَنِكَاحِ كَافِرَةٍ سُبِيَتْ وَحْدَهَا.
(وَ) مِنْهُ (لَوْ بَقِيَ مَالُ مُسْلِمٍ مَعَهُمْ)، أَيْ: الْحَرْبِيِّينَ حَوْلًا (أَوْ أَحْوَالًا، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) ، لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْمُسْلِمِ
، (أَوْ كَانَ) مَا أَخَذُوهُ (عَبْدًا) أَوْ أَمَةً، (فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يُعْتَقْ) ، لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا يَمْلِكُهُ، (أَوْ كَانَتْ) الْمَأْخُوذَةُ (أَمَةً) وَطِئَهَا سَيِّدُهَا، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْكُفَّارُ، (فَلَهُ)، أَيْ: سَيِّدِهَا (وَطْءُ) أُخْتٍ لَهَا (بَاقِيَةٍ) فِي مِلْكِهِ، لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ الْمَأْخُوذَةِ
(أَوْ أَسْلَمَ مَنْ)، أَيْ: حَرْبِيٌّ (بِيَدِهِ) مَالٌ لِمُسْلِمٍ، فَهُوَ لَهُ نَصًّا، لِحَدِيثِ:«مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ» ، قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ ": وَإِذَا أَسْلَمُوا وَفِي أَيْدِيهِمْ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ لَهُمْ، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: لَيْسَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ اخْتِلَافٌ فِي ذَلِكَ.
(أَوْ جَاءَنَا) حَرْبِيٌّ (بِأَمَانٍ) وَفِي يَدِهِ مَالُ مُسْلِمٍ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ قَهْرًا، (فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ) وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ بِسَبَبِهِ، لِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ، (وَلَا يَمْلِكُونَ) حَبِيسًا وَلَا (وَقْفًا) ، عَبْدًا كَانَ أَوْ دَابَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بِاسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ.
(وَلَا يَضْمَنُ) أَهْلُ حَرْبٍ (مَا) أَتْلَفُوهُ مِمَّا (اسْتَوْلُوا عَلَيْهِ) مِنْ أَمْوَالِنَا (مُطْلَقًا)، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ وَقْفًا أَوْ مِلْكًا بِالْإِجْمَاعِ، (وَيُعْمَلُ) بِوَسْمٍ عَلَى حَبِيسٍ، لِقُوَّةِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ، كَمَا يُعْمَلُ (بِقَوْلِ مَأْسُورٍ) اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْآنَ (هُوَ مِلْكُ فُلَانٍ وَيُرَدُّ لَهُ) إذَا عَرَفَهُ وَلَا يُقْسَمُ نَصًّا،
وَكَذَا أُصِيبَ مَرْكَبٌ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ فِيهَا نَوَاتِيَّةٌ، وَقَالُوا: هَذَا لِفُلَانٍ، وَهَذَا لِفُلَانٍ، قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا قَدْ عُرِفَ صَاحِبُهُ لَا يُقْسَمُ (وَلَا) يَمْلِكُونَ (حُرًّا وَلَوْ ذِمِّيًّا) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ، وَلَا تَثْبُتُ الْيَدُ عَلَيْهِ بِحَالٍ، فَإِذَا قَدَرَ الْمُسْلِمُونَ بَعْد ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَجَبَ رَدُّهُمْ إلَى ذِمَّتِهِمْ، وَلَمْ يَجُزْ اسْتِرْقَاقُهُمْ، لِأَنَّ ذِمَّتَهُمْ بَاقِيَةٌ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ مَا يُوجِبُ نَقْضَهَا
(وَيَلْزَمُ فِدَاؤُهُ)، أَيْ: الذِّمِّيِّ مِنْ أَهْلِ حَرْبٍ اسْتَوْلُوا عَلَيْهِ، (ك) مَا يَلْزَمُ فِدَاءُ (مُسْلِمٍ وَلَا) يَجُوزُ (فِدَاءُ) أَسِيرٍ (بِخَيْلٍ وَلَا سِلَاحٍ) ، لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، (وَلَا) فِدَاءُ (بِمُكَاتَبٍ وَ) لَا (أُمِّ وَلَدٍ) وَلَوْ كَافِرَيْنِ، لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا.
(وَلِمُشْتَرٍ أَسِيرًا) مِنْ كَافِرٍ (رُجُوعٌ) عَلَى الْأَسِيرِ (بِثَمَنِهِ بِنِيَّةٍ)، أَيْ: نِيَّةِ رُجُوعٍ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ عُمَرَ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَصَابَ رَقِيقَهُ وَمَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ أَصَابَهُ فِي أَيْدِي التُّجَّارِ بَعْدَ مَا انْقَسَمَ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ، وَأَيُّمَا حُرٍّ اشْتَرَاهُ التُّجَّارُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ إلَيْهِمْ رُءُوسَ أَمْوَالِهِمْ، فَإِنَّ الْحُرَّ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُشْتَرَى، وَلِأَنَّ الْأَسِيرَ يَلْزَمُهُ فِدَاءُ نَفْسِهِ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ حُكْمِ الْكُفَّارِ، فَإِذَا نَابَ عَنْهُ غَيْرُهُ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ عَنْهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (فَيُقْبَلُ قَوْلُ أَسِيرٍ فِي قَدْرِهِ) ، لِأَنَّهُ غَارِمٌ مُنْكِرٌ لِلزَّائِدِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ
(وَإِنْ أُخِذَ مِنْهُمْ)، أَيْ: أَهْلِ حَرْبٍ (مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ) مَالُ (مُعَاهِدٍ) ذِمِّيٍّ أَوْ غَيْرِهِ اسْتَوْلُوا عَلَيْهِ (مَجَّانًا)، أَيْ: بِلَا عِوَضٍ، (وَلَوْ بِسَرِقَةٍ) وَعُرِفَ رَبُّهُ، (فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ) إنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ قِسْمَةٍ (مَجَّانًا) ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ عَبْدًا لَهُ أَبَقَ إلَى الْعَدُوِّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى ابْنِ عُمَرَ» وَعَنْهُ قَالَ: «ذَهَبَ
فَرَسٌ لَهُ فَأَخَذَهَا الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَلِقَوْلِ عُمَرَ: مَنْ وَجَدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ يُقْسَمْ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ.
(وَلَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَبِّهِ) وَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، لِأَنَّ قِسْمَتَهُ كَانَتْ بَاطِلَةً مِنْ أَصْلِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يُقْسَمْ (وَ) إنْ أُخِذَ مِنْهُمْ مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهِدٍ (بِشِرَاءٍ أَوْ) قِتَالٍ وَأَدْرَكَهُ رَبُّهُ (بَعْدَ قِسْمَتِهِ غَنِيمَةً فَهُوَ)، أَيْ: رَبُّهُ، (أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ)، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ بَعِيرًا لَهُ كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَصَابُوهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنْ أَصَبْتَهُ قَبْلَ أَنْ نُقْسِمَهُ فَهُوَ لَك، وَإِنْ أَصَبْتَهُ بَعْدَ مَا قُسِمَ أَخَذْتَهُ بِالْقِيمَةِ» وَلِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى ضَيَاعِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَحِرْمَانِ أَخْذِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَحَقُّهَا يَنْجَبِرُ بِالثَّمَنِ، فَرُجُوعُ صَاحِبِ الْمَالِ فِي عَيْنِ مَالِهِ بِثَمَنِهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ كَأَخْذِ الشَّخْصِ بِالشُّفْعَةِ، (وَلَوْ بَاعَهُ)، أَيْ: مَالَ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُعَاهِدِ أَوْ أَخَذَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ وَقَفَهُ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ، لَزِمَ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ، لِصُدُورِهِ مِنْ مَالِكٍ فِي مِلْكِهِ، (وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ) مَجَّانًا إنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ كُفَّارٍ مَجَّانًا، وَبِثَمَنِهِ إنْ كَانَ أَخَذَ مِنْهُمْ بِشِرَاءٍ أَوْ بَعْدَ قِسْمَةٍ (مِنْ آخَرَ مُشْتَرٍ وَ) آخَرَ (مُتَّهِبٍ) كَأَوَّلٍ أَخْذٍ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي " الْقَوَاعِدِ ": وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَمْنَعُ الصَّرْفَ كَالشُّفْعَةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ (مَا وُقِفَ أَوْ عَتَقَ) لِمَنْعِ نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهِ، وَقِيَاسُهُ: لَوْ اسْتَوْلَدَهَا أَخَذَهَا.
وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُمْ، أَيْ: مِنْ أَهْلِ حَرْبٍ حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً مُزَوَّجَةً أَوْ أَخَذَ مِنْهُمْ أُمَّ وَلَدٍ؛ رُدَّتْ الْحُرَّةُ الْمُزَوَّجَةُ لِزَوْجِهَا، وَرُدَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا، (وَيَلْزَمُ سَيِّدًا أَخْذُهَا) قَبْلَ قِسْمَةٍ مَجَّانًا، وَبَعْدَ قِسْمَةٍ بِثَمَنِهَا، وَلَا يَدَعْهَا يَسْتَحِلُّ فَرْجَهَا مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ وَوَلَدُهُمَا، أَيْ: الْحُرَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مِنْهُمْ، أَيْ: الْحَرْبِيَّيْنِ، كَوَلَدِ زِنَا، وَوَلَدِ