الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَيْدًا بِالْحِلِّ فَ (شَطَحَ) السَّهْمُ (فَقَتَلَ) صَيْدًا (فِي الْحَرَمِ) ؛ لَمْ يَضْمَنْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ وَلَمْ يُرْسِلْ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ بِالْحَرَمِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ الْكَلْبُ بِاخْتِيَارِ نَفْسِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ، وَكَذَا سَهْمُهُ إذَا شَطَحَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، (أَوْ دَخَلَ سَهْمُهُ)، أَيْ: الرَّامِي، لِصَيْدٍ فِي الْحِلِّ.
(أَوْ) دَخَلَ (كَلْبُهُ الْحَرَمَ، ثُمَّ خَرَجَ) مِنْهُ، (فَقَتَلَ) صَيْدًا (أَوْ جَرَحَهُ) مُحِلٌّ (بِالْحِلِّ) ، ثُمَّ دَخَلَ الصَّيْدُ الْحَرَمَ، (فَمَاتَ فِي الْحَرَمِ، لَمْ يَضْمَنْ) ، لِأَنَّ الْقَتْلَ وَالْجُرْحَ بِالْحِلِّ (كَمَا لَوْ جَرَحَهُ)، أَيْ: الصَّيْدَ، (ثُمَّ أَحْرَمَ، ثُمَّ مَاتَ) الصَّيْدُ فِي إحْرَامِهِ؛ فَلَا يَضْمَنُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ، (وَلَا يَحِلُّ مَا)، أَيْ: صَيْدٌ، (وُجِدَ لِسَبَبِ مَوْتِهِ بِالْحَرَمِ) ، تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ، كَمَا لَوْ وُجِدَ سَبَبُهُ فِي الْإِحْرَامِ، فَهُوَ مَيْتَةٌ.
[فَصْلٌ فِي قلع شَجَرَة مِنْ حرم مَكَّة]
(فَصْلٌ)(وَيَحْرُمُ قَلْعُ شَجَرِهِ)، أَيْ: حَرَمِ مَكَّةَ الَّذِي لَمْ يَزْرَعْهُ آدَمِيٌّ إجْمَاعًا، لِقَوْلِهِ، «صلى الله عليه وسلم وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا» (وَ) يَحْرُمُ قَلْعُ (حَشِيشِهِ)، أَيْ: الْحَرَمِ، لِحَدِيثِ:«وَلَا يُحَشُّ حَشِيشُهَا» (حَتَّى الشَّوْكُ وَلَوْ ضَرَّ) ، لِعُمُومِ " لَا تُخْلَى شَوْكُهَا "(وَ) حَتَّى (الْمِسْوَاكُ وَنَحْوُهُ وَالْوَرَقُ) لِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الشَّجَرِ (إلَّا الْيَابِسَ) مِنْ شَجَرٍ وَحَشِيشٍ، لِأَنَّهُ كَمَيِّتٍ، (وَ) إلَّا (الْإِذْخِرَ)، لِقَوْلِ «الْعَبَّاسِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، قَالَ: إلَّا الْإِذْخِرَ» ، وَهُوَ: نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، وَالْقَيْنُ: الْحَدَّادُ.
(وَ) إلَّا (الْكَمْأَةَ وَالْفَقْعَ)، وَهِيَ: الْبَيْضَاءُ مِنْ الْكَمْأَةِ، وَهُمَا مَعْرُوفَانِ، لِأَنَّهُمَا لَا أَصْلَ لَهُمَا، (وَ) إلَّا (الثَّمَرَةَ) ، لِأَنَّهَا سَتُخْلَقُ، (وَ) إلَّا (مَا زَرَعَهُ آدَمِيٌّ مِنْ نَحْوِ بَقْلٍ وَرَيَاحِينَ وَزَرْعٍ) ، إجْمَاعًا نَصًّا (حَتَّى مِنْ الشَّجَرِ) ، لِأَنَّهُ أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ،
كَزَرْعٍ وَعَوْسَجٍ، (قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ: مَا زَرَعْته أَنْتَ؛ فَلَا بَأْسَ) ، أَيْ: فَيُبَاحُ أَخْذُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، لِأَنَّهُ مَمْلُوكُ الْأَصْلِ كَالْأَنْعَامِ، (وَمَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ؛ فَلَا) يُبَاحُ أَخْذُهُ، لِعُمُومِ الْخَبَرِ.
(وَيُبَاحُ رَعْيُ حَشِيشِهِ)، أَيْ: الْحَرَمِ، لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تَدْخُلُ الْحَرَمَ، فَتَكْثُرُ فِيهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ سَدُّ أَفْوَاهِهَا، وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، أَشْبَهَ قَطْعَ الْإِذْخِرِ، بِخِلَافِ الِاحْتِشَاشِ لَهَا.
(وَ) يُبَاحُ (انْتِفَاعٌ بِمَا زَالَ) مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ، (أَوْ انْكَسَرَ) مِنْهُ (بِغَيْرِ فِعْلِ آدَمِيٍّ) نَصًّا، (وَلَوْ لَمْ يَبْنِ)، أَيْ: يَنْفَصِلُ لِتَلَفِهِ، فَصَارَ كَالظُّفْرِ الْمُنْكَسِرِ، (وَ) إنْ انْكَسَرَ (بِفِعْلِهِ)، أَيْ: الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ (يَحْرُمُ انْتِفَاعٌ بِهِ مُطْلَقًا)، أَيْ: لَا يَنْتَفِعُ بِهِ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إتْلَافِهِ، لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ.
(وَتُضْمَنُ شَجَرَةٌ) قُلِعَتْ أَوْ كُسِرَتْ (صَغِيرَةٌ عُرْفًا بِشَاةٍ، وَ) يُضْمَنُ (مَا فَوْقَهَا)، أَيْ: الصَّغِيرَةُ مِنْ الشَّجَرِ، وَهِيَ: الْمُتَوَسِّطَةُ وَالْكَبِيرَةُ، (بِبَقَرَةٍ) ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «فِي الدَّوْحَةِ بَقَرَةٌ، وَفِي الْجَزْلَةِ شَاةٌ» وَقَالَهُ عَطَاءٌ.
وَالدَّوْحَةُ: الشَّجَرَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالْجَزْلَةُ: الصَّغِيرَةُ، (وَيُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ)، أَيْ: الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرِ، فَيَذْبَحُهَا وَيُفَرِّقُهَا أَوْ يُطْلِقُهَا لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ، (وَبَيْنَ تَقْوِيمِ) مَا ذُكِرَ مِنْ (الْجَزَاءِ) بِدَرَاهِمَ، (وَيَفْعَلُ بِقِيمَتِهِ كَجَزَاءِ صَيْدٍ) ، بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا يُجْزِئُ فِي فِطْرَةٍ، فَيُطْعِمُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّ بُرٍّ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ يَصُومُ عَنْ طَعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا، (وَ) يُضْمَنُ (حَشِيشٌ وَوَرَقٌ بِقِيمَتِهِ) نَصًّا، لِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ، وَيَفْعَلُ بِقِيمَتِهِ كَمَا سَبَقَ، (وَ) يُضْمَنُ (غُصْنٌ بِمَا نَقَصَ) كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ، وَكَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مَالِ آدَمِيٍّ، فَنَقَصَ، وَيَفْعَلُ بِأَرْشِهِ كَمَا مَرَّ، (فَإِنْ اُسْتُخْلِفَ شَيْءٌ مِنْهَا)، أَيْ: الْحَشِيشُ وَالْوَرَقُ وَالشَّجَرُ وَنَحْوُهُ؛ (سَقَطَ ضَمَانُهُ) كَرِيشِ صَيْدٍ نَتَفَهُ وَعَادَ، (كَرَدِّ شَجَرَةٍ، فَثَبَتَتْ وَيُضْمَنُ
نَقْصُهَا) ، أَيْ: الْمَرْدُودَةِ (إنْ كَانَ) لِتَسَبُّبِهِ فِيهِ.
(وَ) لَوْ قَلَعَ شَجَرَةً، ثُمَّ (غَرَسَهَا فِي الْحِلِّ، وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا، أَوْ يَبِسَتْ؛ ضَمِنَهَا) لِإِتْلَافِهَا، (فَلَوْ قَلَعَهَا)، أَيْ: الْمَنْقُولَةَ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ (غَيْرُهُ مِنْ الْحِلِّ) بَعْدَ أَنْ غَرَسَهَا قَالِعُهَا مِنْ الْحَرَمِ؛ (ضَمِنَهَا) ذَلِكَ (الْغَيْرُ) ، وَهُوَ قَالِعُهَا مِنْ الْحِلِّ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَحْدَهُ، بَدَلُ الْغَيْرِ، لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا.
(وَيَتَّجِهُ) : مَحَلُّ ضَمَانِ قَالِعِهَا مِنْ الْحِلِّ (مَعَ إمْكَانِ رَدِّهَا) مِنْ الْحَرَمِ (لَا بِدُونِهِ)، أَيْ: لَا بِدُونِ إمْكَانِ الرَّدِّ، (وَ) يَتَّجِهُ:(أَنَّهُ) يُبَاحُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ (يَنْتَفِعَ بِهَا إذَنْ) ، لِتَعَذُّرِ رَدِّهَا، كَذَا قَالَ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ فِيهِ مَا فِيهِ، إذْ حُرْمَةُ الشَّجَرَةِ بَاقِيَةٌ لَا تَزُولُ بِنَقْلِهَا لِغَيْرِ مَحَلِّهَا، وَغَرَسَهَا فِيهِ، فَمَنْ قَلَعَهَا؛ لَزِمَهُ جَزَاؤُهَا، وَاَلَّذِي غَرَسَهَا خَارِجَ الْحَرَمِ، قَدْ عَرَّضَهَا لِلتَّلَفِ؛ فَيَكُونُ ضَامِنًا لَهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ، لَكِنْ لَمَّا اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ، قُدِّمَتْ الْمُبَاشَرَةُ لِقُوَّتِهَا، فَإِنْ كَانَ مَنْ قَلَعَهَا مِنْ الْحَرَمِ، وَغَرَسَهَا خَارِجَهُ، قَدْ أَخْرَجَ جَزَاءَهَا، فَقَلَعَهَا غَيْرُهُ مِنْ الْحِلِّ؛ لَزِمَ الثَّانِيَ جَزَاءٌ آخَرُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّجَرِ وَالطَّيْرِ: أَنَّ الشَّجَرَ لَهُ نَبَاتٌ فِي مَوْضِعِهِ، لَا يُنْقَلُ بِنَفْسِهِ، فَحُرْمَتُهُ لَا تَزُولُ عَنْهُ، وَالصَّيْدُ حُرْمَتُهُ بَاقِيَةٌ مَا دَامَ فِي الْحَرَمِ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ زَالَتْ حُرْمَتُهُ، لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا فِي الْحَرَكَةِ، بِخِلَافِ الشَّجَرِ، أَفَادَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَغَيْرُهُ.
(وَيَضْمَنُ مُنَفِّرٌ صَيْدًا) مِنْ الْحَرَمِ (قُتِلَ بِالْحِلِّ) ، لِتَفْوِيتِهِ حُرْمَتَهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ بِالْحِلِّ.
(وَيَتَّجِهُ) : إنَّمَا يَضْمَنُ مَنْ نَفَّرَ صَيْدًا (مَعَ قَصْدِ تَنْفِيرِهِ) ، أَمَّا إذَا نَفَّرَ الصَّيْدَ فَزَعًا مِنْ شَخْصٍ مَرَّ قَرِيبًا مِنْهُ، أَوْ أَرَادَ ضَرْبَ دَابَّتِهِ وَنَحْوِهَا، فَنَفَّرَ فَتَلِفَ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ تَنْفِيرَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَكَذَا مُخْرِجُهُ)، أَيْ: صَيْدِ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ، فَيُقْتَلُ بِهِ، فَيَضْمَنُهُ (إنْ لَمْ يَرُدَّهُ) إلَى الْحَرَمِ، فَإِنْ رَدَّهُ إلَيْهِ؛ فَلَا ضَمَانَ، (فَلَوْ فَدَاهُ)، أَيْ: الصَّيْدَ الَّذِي نَفَّرَهُ أَوْ أَخْرَجَهُ إلَى الْحِلِّ، (ثُمَّ وَلَدَ) الصَّيْدُ وَقُتِلَ وَلَدُهُ؛ (لَمْ يَضْمَنْ) مُنَفِّرٌ أَوْ مُخْرِجٌ (وَلَدَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدِ حَرَمٍ، وَيُضْمَنُ غُصْنٌ فِي هَوَاءِ الْحِلِّ أَصْلُهُ)، أَيْ: الْغُصْنُ بِالْحَرَمِ، (أَوْ بَعْضُ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ) ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ، وَ (لَا) يَضْمَنُ (مَا) قَطَعَهُ مِنْ غُصْنٍ (بِهَوَاءِ الْحَرَمِ، وَأَصْلُهُ بِالْحِلِّ) لِمَا سَبَقَ.
(وَكُرِهَ إخْرَاجُ تُرَابٍ وَ) إخْرَاجُ (حِجَارَتِهِ إلَى الْحِلِّ) نَصًّا، قَالَ: لَا يُخْرَجُ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمِ، وَلَا يُدْخَلُ مِنْ الْحِلِّ كَذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ:" وَلَا يُخْرَجُ مِنْ حِجَارَةِ مَكَّةَ إلَى الْحِلِّ " وَالْخُرُوجُ أَشَدُّ كَرَاهَةً.
وَ (لَا) يُكْرَهُ إخْرَاجُ (مَاءِ زَمْزَمَ) ، لِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ، فَهُوَ