الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنَّكَ عَفُوٌّ تَحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
(وَتَنْتَقِلُ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ) لَا أَنَّهَا لَيْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ، حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، (وَحُكِيَ) ذَلِكَ (عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ) وَغَيْرِهِمْ، (فَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ) ، إنْ كَانَ (قَبْلَ) مُضِيِّ (لَيْلَةِ أَوَّلِ الْعَشْرِ) الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِلَيْلَةِ آخِرِهِ)، أَيْ: آخِرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الْعَشْرَ لَا يَخْلُو مِنْهَا خِلَافًا لِابْنِ عَادِلٍ، (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مَضَى مِنْ الْعَشْرِ لَيْلَةٌ فَأَكْثَرُ، (فَ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (فِي) اللَّيْلَةِ (الْأَخِيرَةِ مِنْهُ)، أَيْ: رَمَضَانَ، (فِي) الْعَامِ (الْقَابِلِ) ؛ لِيَتَحَقَّقَ وُجُودُهَا، (وَكَطَلَاقٍ نَحْوُ عِتْقٍ) وَظِهَارٍ (وَيَمِينٍ) بِاَللَّهِ تَعَالَى.
(وَمَنْ نَذَرَ قِيَامَهَا)، أَيْ: لَيْلَةِ الْقَدْرِ، (قَامَ الْعَشْرَ) الْأَخِيرَ (كُلَّهُ) .
تَتِمَّةٌ: لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ لَيَالِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ رَمَضَانَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: أَنَّ لَيَالِيَ الْعَشْرِ مِنْ رَمَضَانَ إنَّمَا فُضِّلَتْ بِاعْتِبَارِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَهِيَ مِنْ اللَّيَالِي، وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ إنَّمَا فُضِّلَ بِاعْتِبَارِ أَيَّامِهِ، إذْ فِيهِ يَوْمُ النَّحْرِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ.
[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]
(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ) الِاعْتِكَافُ، لُغَةً: لُزُومُ الشَّيْءِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] بِفَتْحِ الْكَافِ فِي الْمَاضِي، وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا فِي الْمُضَارِعِ. وَشَرْعًا:(لُزُومُ مُسْلِمٍ، لَا غُسْلَ عَلَيْهِ، عَاقِلٍ وَلَوْ كَانَ مُمَيَّزًا، مَسْجِدًا) مَفْعُولٌ: لُزُومِ. (وَلَوْ) كَانَ وَقْتُ اللُّزُومِ (سَاعَةً) مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ (لِطَاعَةٍ) ، مُتَعَلِّقٌ بِلُزُومٍ، (عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ) يَأْتِي بَيَانُهَا.
فَلَا
يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ، وَلَا مُحْدِثٍ حَدَثًا أَكْبَرَ، وَلَا غَيْرِ، عَاقِلٍ، وَلَا مِمَّنْ دُونَ تِسْعٍ، وَلَا فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، أَوْ بِغَيْرِ لَبْثٍ وَلَا بِلُزُومِ مَسْجِدٍ لِنَحْوِ صِنَاعَةٍ.
وَمَشْرُوعِيَّتُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا فِي أَنَّهُ مَسْنُونٌ، (فَمَنْ نَذَرَ) اعْتِكَافًا (وَأَطْلَقَ) ، فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةٍ، (أَجْزَأَتْهُ سَاعَةٌ) ، و (لَا) يَكْفِي (عُبُورُهُ) الْمَسْجِدَ مِنْ غَيْرِ لَبْثٍ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُعْتَكِفًا.
(وَسُنَّ أَنْ لَا يَنْقُصَ) الِاعْتِكَافُ (عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَقُولُ: أَقَلُّهُ ذَلِكَ، (وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهُ)، أَيْ: الِاعْتِكَافِ، (جِوَارًا)، لِقَوْلِ عَائِشَةَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم:«وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيُكْرَهُ تَسْمِيَتُهُ)، أَيْ: الِاعْتِكَافِ، (خَلْوَةً وَحَرَّمَهُ)، أَيْ: حَرَّمَ (ابْنُ هُبَيْرَةَ) أَنْ يُسَمَّى بِذَلِكَ، فَقَالَ: هَذَا الِاعْتِكَافُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُسَمَّى خَلْوَةً، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ:
إذَا مَا خَلَوْت الدَّهْرَ يَوْمًا فَلَا تَقُلْ
…
خَلَوْت وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبٌ
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَلَعَلَّ الْكَرَاهَةَ أَوْلَى، أَيْ: مِنْ التَّحْرِيمِ.
(وَسُنَّ) الِاعْتِكَافُ (كُلَّ وَقْتٍ) إجْمَاعًا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ، وَاعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مَعَهُ وَبَعْدَهُ.
(وَ) هُوَ (بِرَمَضَانَ آكَدُ) ، لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم (وَآكَدُهُ)، أَيْ: آكَدُ رَمَضَانَ (عَشْرُهُ الْأَخِيرُ)، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ:«كُنْت أُجَاوِرُ هَذَا الْعَشْرَ - يَعْنِي الْأَوْسَطَ - ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذَا الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي، فَلْيَلْبَثْ فِي مُعْتَكَفِهِ» وَلِمَا فِيهِ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.
(وَيَجِبُ) اعْتِكَافٌ (بِنَذْرٍ)، لِحَدِيثِ:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ، فَلْيُطِعْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَإِنْ عَلَّقَ) نَذْرَ اعْتِكَافٍ (أَوْ غَيْرِهِ) ، كَنَذْرِ صَوْمٍ أَوْ عِتْقٍ، (بِشَرْطِ، تَقَيُّدٍ بِهِ) ، فَلَا يَلْزَمُ حَتَّى يُوجَدَ شَرْطُهُ، (ك) قَوْلِهِ:(لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ رَمَضَانَ إنْ كُنْت مُقِيمًا مَثَلًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) النَّاذِرُ (مُقِيمًا لَمْ يَلْزَمْهُ) الِاعْتِكَافُ، لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ.
(وَيُجْزِئُ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ (بِلَا صَوْمٍ) ، لِحَدِيثِ عُمَرَ، قَالَ:«يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي نَذَرْت فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَوْفِ بِنَذْرِك» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَلَوْ كَانَ الصَّوْمُ شَرْطًا، لَمَا صَحَّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ، لِأَنَّهُ لَا صَوْمَ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَصِحُّ فِي اللَّيْلِ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ الصِّيَامُ كَالصَّلَاةِ وَكَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَلِأَنَّ إيجَابَ الصَّوْمِ حُكْمٌ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْعِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ:«لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ» ، فَمَوْقُوفٌ عَلَيْهَا، وَمَنْ رَفَعَهُ فَقَدْ وَهِمَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ لَوْ صَحَّ، فَالْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ، (إلَّا أَنْ يَقُولَ فِي نَذْرِهِ) : لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ (بِصَوْمٍ) ، فَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ، (فَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا) ، لَزِمَهُ، (أَوْ) نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ (بِصَوْمٍ) ، لَزِمَهُ الْجَمْعُ، (أَوْ) نَذَرَ (أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا) ، لَزِمَهُ الْجَمْعُ، (أَوْ) نَذَرَ أَنْ يَصُومَ (بِاعْتِكَافٍ) ، لَزِمَهُ الْجَمْعُ، (أَوْ) نَذَرَ أَنْ (يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا) ، لَزِمَهُ الْجَمْعُ، (أَوْ) نَذَرَ أَنْ (يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا، لَزِمَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا)، أَيْ: بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَالصِّيَامِ أَوْ الصَّلَاةِ، لِحَدِيثِ:«لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ» وَقِسْ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ، وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الِاعْتِكَافِ، فَلَزِمَتْهُ بِالنَّذْرِ كَالتَّتَابُعِ وَالْقِيَامِ فِي النَّافِلَةِ، و (كَنَذْرِ صَلَاةٍ بِسُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ) مِنْ الْقُرْآنِ، فَلَوْ فَرَّقَ النَّذْرَ وَالصَّلَاةَ مَثَلًا، بِأَنْ صَلَّى فِي وَقْتٍ، وَاعْتَكَفَ فِي وَقْتٍ
آخَرَ، لَمْ يُجْزِئْهُ.
(وَلَا يَلْزَمُهُ) إذَا نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا مَثَلًا مُصَلِّيًا (صَلَاةَ جَمِيعِ زَمَنِ نَذْرِ) اعْتِكَافِهِ، (فَيُجْزِئُهُ رَكْعَتَانِ) فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ.
(وَيَتَّجِهُ: لَا) تُجْزِئُهُ (رَكْعَةٌ) وَاحِدَةٌ (خِلَافًا لَهُ)، أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ يَكْفِيه رَكْعَةٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي بَابِ النَّذْرِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ، فَقَالَ: وَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً، فَرَكْعَتَانِ قَائِمًا لِقَادِرٍ، لَانَ الرَّكْعَةَ لَا تُجْزِئُ فِي الْفَرْضِ انْتَهَى، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا يُجْزِئُهُ)، أَيْ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ بِصَوْمٍ (اعْتِكَافٌ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ) ، كَاعْتِكَافِهِ فِي صَوْمِ كَفَّارَةٍ، إذْ لَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ عَنْ وَاجِبَيْنِ.
(وَيَتَّجِهُ) : لَوْ نَذَرَ صَوْمًا (فِي اعْتِكَافٍ) ، وَكَانَ نَذْرُهُ أَنْ يَصُومَ (بَعْضَ يَوْمٍ) ، فَنَوَى الصِّيَامَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، ثُمَّ اعْتَكَفَ، (صِحَّةُ) فَاعِلُ يَتَّجِهُ (نِيَّةِ صَوْمٍ إذَنْ)، أَيْ: وَقْتَ إرَادَتِهِ الِاعْتِكَافِ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَتَى بِمُنَافٍ لِلصَّوْمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ يَأْبَى صِحَّةَ هَذِهِ النِّيَّةِ، لِاشْتِرَاطِهِمْ تَبْيِيتَهَا لِكُلِّ صَوْمٍ وَاجِبٍ.
(وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ إنْ أَفْطَرَ) مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (أَثْنَاءَ أَيَّامٍ) مَنْذُورٍ تَتَابُعُهَا، (اعْتَكَفَهَا) حَالَ كَوْنِهِ (صَائِمًا) ، فَإِنَّهُ (يَسْتَأْنِفُ) اعْتِكَافَهَا صَائِمًا، لِقَطْعِهِ التَّتَابُعَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إيصَالُهُ بِإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ الْأَخِيرُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي " الشَّرْحِ "، وَعِبَارَتُهُ: فَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ بِصَوْمٍ، فَأَفْطَرَ يَوْمًا، أَفْسَدَ تَتَابُعَهُ، وَوَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ لِإِخْلَالِهِ بِالْإِتْيَانِ بِمَا نَذَرَهُ عَلَى صِفَتِهِ انْتَهَى.
(وَحَرُمَ اعْتِكَافُ زَوْجَةٍ وَقِنٍّ) وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ (بِلَا إذْنِ زَوْجٍ) لِزَوْجَتِهِ، (وَسَيِّدٍ) لِرَقِيقِهِ، لِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمَا وَتَفُوتُ بِالِاعْتِكَافِ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الشَّرْعِ، فَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ، (وَلَهُمَا)، أَيْ: الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ (تَحْلِيلُهُمَا)، أَيْ: الزَّوْجَةِ وَالْقِنِّ (مِمَّا شَرَعَا فِيهِ) مِنْ اعْتِكَافٍ وَلَوْ مَنْذُورًا (بِلَا إذْنِ) زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، لِحَدِيثِ:«لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إلَّا بِإِذْنِهِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ غَيْرِهِمَا إذَنْ، فَكَانَ لِرَبِّ الْحَقِّ الْمَنْعُ، (أَوْ) كَانَا شَرَعَا فِيهِ (بِهِ)، أَيْ: بِإِذْنِ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ، (وَهُوَ)، أَيْ: مَا شَرَعَا فِيهِ (تَطَوُّعٌ) ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَذِنَ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فِي الِاعْتِكَافِ، ثُمَّ مَنَعَهُنَّ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ دَخَلْنَ» وَيُخَالِفُ الْحَجَّ، فَإِنَّهُ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَلَيْسَ لَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا مِنْ مَنْذُورٍ شَرَعَا فِيهِ بِالْإِذْنِ، (وَالْإِذْنُ) لِلزَّوْجَةِ وَالْقِنِّ (فِي عَقْدِ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ) ، كَمَا لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ لَهُمَا فِي نَذْرِ اعْتِكَافِ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، (إذَنْ) لَهُمَا (فِي فِعْلِهِ) ، وَإِنْ أَذِنَا لَهُمَا فِي عَقْدٍ نَذْرٍ زَمَنًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ فِي النَّذْرِ إذْنًا فِي الْفِعْلِ، لِأَنَّ زَمَنَ الشُّرُوعِ لَمْ يَقْتَضِهِ الْإِذْنُ