الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوُجُوبِ، وَكَانَ الْعَنْبَرُ وَغَيْرُهُ يُوجَدُ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَعَهْدِ خُلَفَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ وَلَا عَنْهُمْ فِيهِ سُنَّةٌ، فَوَجَبَ الْبَقَاءُ عَلَى الْأَصْلِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " لَيْسَ فِي الْعَنْبَرِ شَيْءٌ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ ذَعَرَهُ الْبَحْرُ ". وَعَنْ جَابِرٍ نَحْوُهُ، وَلِأَنَّ وُجُودَهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ، فَهُوَ كَالْمُبَاحَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْبَرِّ
[فَرْعٌ لَا تَتَكَرَّرُ زَكَاةُ مُعْشِرَاتٍ]
(فَرْعٌ: لَا تَتَكَرَّرُ زَكَاةُ مُعْشِرَاتٍ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُوَصَّدَةٍ لِلنَّمَاءِ، فَهِيَ كَعَرَضِ الْقِنْيَةِ بَلْ أَوْلَى لِنَقْصِهَا بِنَحْوِ أَكْلٍ (وَلَا) زَكَاةُ (مَعْدِنٍ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَضٌ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَرْضِ أَشْبَهَ الْمُعْشِرَاتِ (غَيْرَ نَقْدٍ وَعَرَضٍ) فَتَتَكَرَّرُ زَكَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِلنَّمَاءِ كَالْمَوَاشِي.
[فَصْلٌ الرِّكَازُ]
(فَصْلٌ)(الرِّكَازُ الْكَنْزُ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ) بِكَسْرِ الدَّالِ، أَيْ: دَفِينِهِمْ (أَوْ) دِفْنُ (مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ كُفَّارٍ فِي الْجُمْلَةِ) فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ظَاهِرًا إذَا كَانَ بِطَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ، أَوْ خَرِبَةٍ، سُمِّيَ بِهِ مِنْ الرُّكُوزِ، أَيْ: التَّغْيِيبِ، وَمِنْهُ: رَكَزْت الرُّمْحَ، إذَا غَيَّبْتُ أَسْفَلَهُ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْهُ الرِّكْزُ: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ (عَلَيْهِ) كُلِّهِ (أَوْ عَلَى بَعْضِهِ عَلَامَةُ كُفْرٍ فَقَطْ)، أَيْ: لَا عَلَامَةُ إسْلَامٍ (وَفِيهِ)، أَيْ: الرِّكَازِ إذَا وُجِدَ.
(وَلَوْ) كَانَ (قَلِيلًا أَوْ عَرْضًا الْخُمُسُ) عَلَى وَاجِدِهِ (وَلَوْ) كَانَ وَاجِدُهُ (ذِمِّيًّا أَوْ مَدِينًا) كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا، حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا، عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا، لِعُمُومِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَيَجُوزُ إخْرَاجُ الْخُمُسِ مِنْ الرِّكَازِ وَمِنْ غَيْرِهِ (وَلَهُ تَفْرِقَتُهُ بِنَفْسِهِ) وَاحْتُجَّ بِقَوْلِهِ: عَلَيَّ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ.
وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ أَنْ يُمْسِكَ الْوَاجِبَ فِيهِمَا لِنَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا
(يَصْرِفُ)، أَيْ: يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ (مَصْرِفَ الْفَيْءِ الْمُطْلَقِ لِلْمَصَالِحِ كُلِّهَا) نَصًّا، لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بِإِسْنَادِهِ " عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ أَلْفَ دِينَارٍ مَدْفُونَةٍ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَأَتَى بِهَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَأَخَذَ مِنْهَا مِائَتَيْ دِينَارٍ، وَدَفَعَ إلَى الرَّجُلِ بَقِيَّتَهَا، وَجَعَلَ عُمَرُ يَقْسِمُ الْمِائَتَيْنِ بَيْنَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى أَنْ فَضَلَ مِنْهَا فَضْلَةٌ، فَقَالَ: أَيْنَ صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ؟ فَقَامَ إلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: خُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فَهِيَ لَكَ " وَلَوْ كَانَ الْخُمُسُ زَكَاةً لَخُصَّ بِهِ أَهْلُ الزَّكَاةِ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلِلْإِمَامِ رَدُّ خُمُسِ الرِّكَازِ أَوْ بَعْضِهِ لِوَاجِدِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ، وَتَرْكُهُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْخَرَاجِ، لِأَنَّهُ فَيْءٌ (وَبَاقِيهِ)، أَيْ: الرِّكَازَ (لِوَاجِدِهِ) لِلْخَبَرِ. (وَلَوْ) كَانَ (أَجِيرًا) لِنَقْضِ حَائِطٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الدَّارِ
(لَا) إنْ كَانَ أَجِيرًا (لِطَلَبِهِ)، أَيْ: الرِّكَازِ فَيَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، لِأَنَّ الْوَاجِدَ نَائِبُهُ فِيهِ (أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُسْتَأْمَنًا) فَبَاقِي مَا وَجَدَهُ بَعْدَ أَدَاءِ الْخُمُسِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ قِنًّا فَلِسَيِّدِهِ، وَسَوَاءٌ وَجَدَهُ (مَدْفُونًا) بِدَارٍ أَوْ (بِمَوَاتٍ أَوْ شَارِعٍ أَوْ) فِي (أَرْضٍ مُنْتَقِلَةٍ إلَيْهِ)، أَيْ: الْوَاجِدِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَمْ يَدَّعِهِ مُنْتَقِلَةٌ عَنْهُ (أَوْ) فِي أَرْضٍ (لَا يُعْلَمُ مَالِكُهَا أَوْ عُلِمَ) مَالِكُهَا (وَلَمْ يَدَّعِهِ)، أَيْ: الرِّكَازَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، بَلْ مُودَعٌ فِيهَا، أَشْبَهَ الصَّيْدَ يَمْلِكُهُ آخِذُهُ (فَإِنْ ادَّعَاهُ)، أَيْ: الرِّكَازَ (مَالِكُهَا)، أَيْ: الْأَرْضِ (أَوْ) ادَّعَاهُ (مَنْ انْتَقَلَتْ) الْأَرْضُ (عَنْهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا وَصْفٍ) لِلرِّكَازِ (حَلَفَ وَأَخَذَهُ)، أَيْ: الرِّكَازَ، لِأَنَّ يَدَ مَالِكَ الْأَرْضِ عَلَى الرِّكَازِ، وَيَدَ مَنْ انْتَقَلَتْ عَنْهُ الْأَرْضُ كَانَتْ عَلَيْهِ بِكَوْنِهَا عَلَى مَحَلِّهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَنَفَاهُ وَاجِدُهُ فَ) هُوَ (لِمَنْ فَوْقَ)، أَيْ: لِمَنْ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ، وَإِلَّا فَلِمَنْ قَبْلَهُ كَذَلِكَ إلَى أَوَّلِ مَالِكٍ اعْتَرَفَ بِهِ (وَ) هـ (كَذَا
إلَى الْمُحْيِي أَوَّلًا إنْ كَانَ أَوْ) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ (لِوَارِثِهِ بِلَا دَعْوَى؛ إذْ الْكَنْزُ يُمْلَكُ بِإِحْيَاءِ مَوَاتٍ) . وَفِي " الشَّرْحِ "، وَالْإِقْنَاعِ " وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الرِّكَازَ لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْمُصَنِّفُ مَشَى هُنَا عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ (فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا)، أَيْ: الْوَرَثَةَ (فَلِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ نَفَاهُ بَعْضُ وَرَثَةٍ سَقَطَ حَقُّهُ) مِنْ الرِّكَازِ (فَقَطْ) وَيَكُونُ نَصِيبُهُ لِلْوَاجِدِ وَيَبْقَى نَصِيبُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ لِمُوَرِّثِهِ، فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ. وَكَذَا وَرَثَةُ مَنْ انْتَقَلَتْ عَنْهُ (أَوْ ظَاهِرًا) بِأَنْ وَجَدَهُ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ (بِطَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ) فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا بِطَرِيقٍ مَسْلُوكٍ فَلُقَطَةٌ (أَوْ) وَجَدَهُ ظَاهِرًا بِ (خَرِبَةٍ بِدَارِ إسْلَامٍ أَوْ) بِدَارِ (عَهْدٍ أَوْ) بِدَارِ (حَرْبٍ وَقَدَرَ) وَاجِدُهُ (عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَوْ) قَدَرَ عَلَيْهِ (بِجَمَاعَةٍ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ)، أَيْ: لَا قُوَّةَ لَهُمْ عَلَى دَفْعِ الْعَدُوِّ عَنْهُمْ، لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا حُرْمَةَ لَهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَجَدَهُ بِمَوَاتٍ
. (وَ) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَعْدِنٍ بِدَارِ حَرْبٍ (مَعَ) جَمَاعَةٍ ذِي (مَنَعَةٍ فَ) هُوَ (غَنِيمَةٌ) لِأَنَّ قُوَّتَهُمْ أَوْصَلَتْهُمْ إلَيْهِ (كَمَعْدِنٍ) وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ، فَيُخَمَّسُ بَعْدَ إخْرَاجِ رُبُعِ عُشْرِهِ.
(وَمَا) وُجِدَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَ (خَلَا مِنْ عَلَامَةِ كُفْرٍ) كَأَسْمَاءِ مُلُوكِهِمْ، أَوْ صُوَرِهِمْ، أَوْ صُوَرِ أَصْنَامِهِمْ أَوْ صُلْبَانِهِمْ وَنَحْوِهَا (أَوْ كَانَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ عَلَامَةُ مُسْلِمِينَ فَ) هُوَ (لُقَطَةٌ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَالُ مُسْلِمٍ لَمْ يُعْلَمْ زَوَالُ مِلْكِهِ، وَتَغْلِيبًا لِحُكْمِ دَارِ الْإِسْلَامِ. (وَوَاجِدُهَا)، أَيْ: اللُّقَطَةِ (فِي) أَرْضٍ (مَمْلُوكَةٍ أَحَقُّ) بِهَا (مِنْ مَالِكِ) أَرْضٍ، فَيُعَرِّفُهَا ثُمَّ يَمْلِكُهَا (وَرَبُّهَا)، أَيْ: الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ (أَحَقُّ بِرِكَازٍ وَلُقَطَةٍ) بِهَا (مِنْ وَاجِدٍ مُتَعَدٍّ بِدُخُولِهِ) فِيهَا
(وَإِذَا تَدَاعَى دَفِينَةً بِدَارِ مُؤَجِّرِهَا وَمُسْتَأْجِرِهَا فَ) هِيَ (لِوَاصِفِهَا) لِوُجُوبِ دَفْعِ اللُّقَطَةِ لِمَنْ وَصَفَهَا (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْآخَرِ فِي