الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَذْكُورِينَ (ثَوَابُ إمْسَاكٍ لَا ثَوَابُ صِيَامٍ) ، لِأَنَّهُمْ مُمْسِكُونَ لَا صَائِمُونَ، (وَكَذَا لَوْ بَلَغَ صَغِيرٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (فِي أَثْنَائِهِ)، أَيْ: يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ (بِسِنٍّ)، أَيْ: تَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (أَوْ) بَلَغَ بِ (احْتِلَامٍ)، أَيْ: إنْزَالِ مَنِيٍّ حَالَ كَوْنِهِ (مُفْطِرًا) ، لَزِمَهُ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ لِتَكْلِيفِهِ وَالْقَضَاءُ. (وَ) إنْ بَلَغَ الصَّغِيرُ (صَائِمًا وَقَدْ نَوَى) الصَّوْمَ (مِنْ اللَّيْلِ، أَتَمَّ) صِيَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ (وَأَجْزَأَ) ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ (كَنَذْرِ إتْمَامِ نَفْلٍ) بِخِلَافِ صَلَاةٍ وَحَجٍّ بَلَغَ فِيهِمَا غَيْرَ مَا يَأْتِي فِي الْحَجِّ، (وَإِنْ عَلِمَ مُسَافِرٌ) بِرَمَضَانَ (أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا) بَلَدَ قَصْدِهِ (لَزِمَهُ الصَّوْمُ) نَصًّا، كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ، وَعَلِمَ يَوْمَ قُدُومِهِ، فَيَنْوِيهِ مِنْ اللَّيْلِ، (لَا صَغِيرٌ عَلِمَ أَنَّهُ يَبْلُغُ غَدًا) بِرَمَضَانَ، فَلَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ مِنْ أَوَّلِ الْغَدِ (لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ) قَبْلَ دُخُولِ الْغَدِ، بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ.
[فَصْلٌ يُقْبَلُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ خَاصَّةً خَبَرُ مُكَلَّفٍ]
(فَصْلٌ)(وَيُقْبَلُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ خَاصَّةً خَبَرُ مُكَلَّفٍ) لَا مُمَيِّزٍ، (عَدْلٍ) لَا مَسْتُورِ الْحَالِ نَصًّا، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«جَاءَ أَعْرَابِيُّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: رَأَيْتُ الْهِلَالَ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: يَا بِلَالُ، أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ «وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ، فَصَامَ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ دِينِيٌّ لَا تُهْمَةَ فِيهِ، بِخِلَافِ آخِرِ الشَّهْرِ. (وَلَوْ) كَانَ الْمُخْبِرُ بِهِ (عَبْدًا أَوْ أُنْثَى) كَالرِّوَايَةِ، (أَوْ) كَانَ إخْبَارُهُ (بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ) لِلْخَبَرَيْنِ، (أَوْ) كَانَ مَعَ مَنْ رَآهُ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَرَوْهُ، أَوْ رَآهُ وَحْدَهُ (بِصَحْوٍ) أَوْ غَيْمٍ، دَاخِلَ الْبَلَدِ أَوْ خَارِجَهُ، (وَلَا يَخْتَصُّ)
ثُبُوتُهُ (بِحَاكِمٍ، فَيَلْزَمُ الصَّوْمُ مَنْ سَمِعَ رُؤْيَتَهُ مِنْ عَدْلٍ وَلَوْ رَدَّهُ الْحَاكِمُ) ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِحَالِ الْمُخْبِرِ، وَقَدْ يَجْهَلُ الْحَاكِمُ مَنْ يَعْلَمُ غَيْرُهُ عَدَالَتَهُ.
(وَتَثْبُتُ) بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ مِنْ وُقُوعِ) طَلَاقٍ (مُعَلَّقٍ وَنَحْوِهِ) كَحُلُولِ دَيْنٍ تَبَعًا، (وَلَا يُقْبَلُ فِي بَاقِي الشُّهُورِ إلَّا رَجُلَانِ عَدْلَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ) كَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ لِلْعِبَادَةِ (وَلَوْ صَامُوا)، أَيْ: النَّاسُ (ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ)، أَيْ: هِلَالَ شَوَّالٍ، (قَضَوْا يَوْمًا) وَاحِدًا (فَقَطْ) نَصًّا، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَلِبُعْدِ الْغَلَطِ بِيَوْمَيْنِ. (وَ) إنْ صَامُوا (بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ) عَدْلَيْنِ (ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (وَلَمْ يَرَوْهُ)، أَيْ: هِلَالَ شَوَّالٍ، (أَفْطَرُوا) مَعَ الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ، لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلَيْنِ يَثْبُتُ بِهَا الْفِطْرُ ابْتِدَاءً، فَتَبَعًا لِثُبُوتِ الصَّوْمِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُمَا أَخْبَرَا بِالرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ عَنْ يَقِينٍ وَمُشَاهَدَةٍ، فَلَا يُقَابِلُهَا الْإِخْبَارُ بِنَفْيٍ وَعَدَمِ يَقِينٍ مَعَهُ، لِاحْتِمَالِ حُصُولِ الرُّؤْيَةِ بِمَكَانٍ آخَرَ، وَ (لَا) يُفْطِرُوا إنْ صَامُوا (بِ) شَهَادَةِ (وَاحِدٍ) ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَرَوْهُ، لِحَدِيثِ:«وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا» وَلِأَنَّ الْفِطْرَ لَا يَسْتَنِدُ إلَى شَهَادَةِ وَاحِدٍ، كَمَا لَوْ شَهِدَ بِهِلَالِ شَوَّالٍ، بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْقَرَائِنِ، (وَلَا) إنْ صَامُوا (لِغَيْمٍ) ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَرَوْهُ، فَلَا يُفْطِرُونَ، لِأَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا كَانَ احْتِيَاطًا، فَمَعَ مُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ، وَهُوَ بَقَاءُ رَمَضَانَ أَوْلَى.
(فَلَوْ غُمَّ) الْهِلَالُ (لِشَعْبَانَ، وَ) غُمَّ أَيْضًا لِ (رَمَضَانَ، وَجَبَ تَقْدِيرُ رَجَبٍ، وَ) تَقْدِيرُ (شَعْبَانَ نَاقِصَيْنِ) احْتِيَاطًا، لِوُجُوبِ الصَّوْمِ (فَلَا يُفْطِرُوا قَبْلَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ) يَوْمًا (بِلَا رُؤْيَةٍ) ، لِأَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا كَانَ احْتِيَاطًا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ رَمَضَانَ (وَكَذَا الزِّيَادَةُ)، أَيْ: زِيَادَةُ صَوْمِ يَوْمَيْنِ عَلَى الصَّوْمِ الْوَاجِبِ (لَوْ غُمَّ) الْهِلَالُ (لِرَمَضَانَ وَشَوَّالٍ، وَ) صُمْنَا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ ثُمَّ (أَكْمَلْنَا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ)، أَيْ: فَرَضْنَاهُمَا
كَامِلَيْنِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ (وَ) بَانَ أَنَّهُمَا (كَانَا نَاقِصَيْنِ) قَالَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "(وَ) عَلَى هَذَا فَ (قِسْ لَوْ غُمَّ رَجَبٌ وَشَعْبَانُ وَرَمَضَانُ)، أَيْ: فَلَا يُفْطِرُونَ قَبْلَ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ بِلَا رُؤْيَةٍ. (وَلَا يَقَعُ النَّقْصُ مُتَوَالِيًا فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ") نَقْلًا عَنْ الْعُلَمَاءِ وَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: قَدْ يَتَوَالَى شَهْرَانِ وَثَلَاثَةٌ وَأَكْثَرُ ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ، وَقَدْ يَتَوَالَى شَهْرَانِ وَثَلَاثَةٌ وَأَكْثَرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، يَعْنِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَقَطْ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ «شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ: رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ» نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُمَا: لَا يَجْتَمِعُ نُقْصَانُهُمَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: غَالِبًا، وَقِيلَ لَا يَنْقُصُ أَجْرُ الْعَمَلِ فِيهِمَا بِنَقْصِ عَدَدِهِمَا، وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ تَأْوِيلَهُ عَلَى السَّنَةِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ فِيهَا. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا أَدْرِي مَا هَذَا، وَقَدْ رَأَيْنَاهُمَا يَنْقُصَانِ. (وَقَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ:(مَنْ قَالَ: إنْ رُئِيَ الْهِلَالُ صَبِيحَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ، فَالشَّهْرُ تَامٌّ، وَإِنْ لَمْ يُرَ، فَنَاقِصٌ) هَذَا إنْ ثَبَتَ (فَ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اسْتِتَارَ الْهِلَالِ لَا يَكُونُ إلَّا لَيْلَتَيْنِ، وَ (لَيْسَ بِصَحِيحٍ) ، لِوُجُودِ خِلَافِهِ، بَلْ قَدْ يَسْتَتِرُ لَيْلَةً تَارَةً، وَثَلَاثَ لَيَالٍ أُخْرَى.
(وَمَنْ رَآهُ)، أَيْ: الْهِلَالَ (وَحْدَهُ لِ) شَهْرِ (رَمَضَانَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ) لِفِسْقٍ أَوْ غَيْرِهِ، (لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَجَمِيعُ أَحْكَامِ الشَّهْرِ مِنْ نَحْوِ طَلَاقٍ) كَظِهَارٍ (وَعِتْقٍ مُعَلَّقٍ بِهِ) ، لِأَنَّهُ يَوْمٌ عَلِمَهُ مِنْ رَمَضَانَ فَلَزِمَهُ حُكْمُهُ، كَاَلَّذِي بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مِنْ شَعْبَانَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ظَاهِرًا لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ، وَيَلْزَمُهُ إمْسَاكُهُ لَوْ أَفْطَرَ فِيهِ، وَالْكَفَّارَةُ إنْ جَامَعَ فِيهِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُقُوبَةً مَحْضَةً بَلْ عِبَادَةً أَوْ فِيهَا شَائِبَتُهَا.
(وَ) إنْ رَآهُ وَحْدَهُ (لِ) شَهْرِ (شَوَّالٍ لَمْ يُفْطِرْ وُجُوبًا) نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": هَذَا الْمَذْهَبُ، لِحَدِيثِ «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُونَ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحُّونَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَلِلتِّرْمِذِيِّ مَعْنَاهُ عَنْ عَائِشَةَ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. (وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَجِبُ الْفِطْرُ سِرًّا، وَحَسَّنَهُ فِي)" الْإِنْصَافِ "(" وَالْإِقْنَاعِ ") لِأَنَّهُ تَيَقَّنَهُ يَوْمَ عِيدٍ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ صَوْمِهِ. (وَيَتَّجِهُ: وَهُوَ) ، أَيْ: مَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ: (الصَّوَابُ لِمَنْ تَيَقَّنَهُ تَيَقُّنًا لَا لَبْسَ مَعَهُ) وَقَالَ فِي " الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ": وَعَنْهُ: يُفْطِرُ، وَقِيلَ: سِرًّا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ رُؤْيَتَهُ وَحْدَهُ لَا يَثْبُتُ بِهَا الْيَقِينُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، إذْ يَجُوزُ أَنَّهُ خُيِّلَ إلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّهَمَ فِي رُؤْيَتِهِ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، وَمُوَافَقَةً لِمَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. (وَالْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ: هِلَالِ شَوَّالٍ (بِنَحْوِ مَفَازَةٍ) كَمُعْتَقَلٍ فِي مَكَان لَا يَدْخُلُ إلَيْهِ أَحَدٌ (يَبْنِي عَلَى يَقِينِ رُؤْيَتِهِ) فَيُفْطِرُ (لِأَنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ مُخَالَفَةَ الْجَمَاعَةِ)، قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ عَلَى " الْهِدَايَةِ ". (وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ: شَهِدَ اثْنَانِ (بِهِ)، أَيْ: بِهِلَالِ شَوَّالٍ (عِنْدَ حَاكِمٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا)، أَيْ: رَدَّهَا الْحَاكِمُ لِجَهْلِهِ بِحَالِهِمَا، لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا، وَلَا لِمَنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُمَا الْفِطْرُ بِقَوْلِهِمَا فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَتَشْتِيتِ الْكَلِمَةِ، وَجَعْلِ مَرْتَبَةِ الْحَاكِمِ لِكُلِّ إنْسَانٍ، قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ " وَقَالَ الْمُوَفَّقُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ " الْإِقْنَاعِ ": وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ عِنْدَ حَاكِمٍ فَرَدَّ شَهَادَتَهُمَا لِجَهْلِهِ بِحَالِهِمَا، (فَلِعَالَمٍ بِعَدَالَتِهِمَا) الْفِطْرُ. (وَيَتَّجِهُ: بَلْ) يَجِبُ (عَلَيْهِ) - أَيْ: عَلَى الْعَالِمِ بِعَدَالَتِهِمَا، وَهَذَا
الِاتِّجَاهُ لَا بَأْسَ بِهِ، - (الْفِطْرُ لِأَنَّ رَدَّهُ)، أَيْ: الْحَاكِمِ لِشَهَادَتِهِمَا هَهُنَا (تَوَقُّفٌ) مِنْهُ عَنْ الْحُكْمِ بِهَا، لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِحَالِهِمَا (لَا حُكْمٌ)، أَيْ: لَيْسَ بِحُكْمٍ مِنْهُ بِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا، فَأَشْبَهَ الْمُنْتَظِرَ لِبَيِّنَةٍ بِخَبَرِ عَدَالَتِهِمَا، وَلِهَذَا لَوْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَنْ زَكَّاهُمَا كَانَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِهَا، لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي، وَأَمَّا إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِفِسْقِهِمَا، فَلَيْسَ لَهُمَا، وَلَا لِغَيْرِهِمَا الْفِطْرُ بِشَهَادَتِهِمَا. وَإِنْ رَآهُ عَدْلَانِ، وَلَمْ يَشْهَدَا عِنْدَ الْحَاكِمِ جَازَ لِمَنْ سَمِعَ بِشَهَادَتِهِمَا الْفِطْرُ إذَا عَرَفَ عَدَالَتَهُمَا، (وَيُفْطِرُ كُلٌّ مِنْهُمَا)، أَيْ: الشَّاهِدَيْنِ (بِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ وَ) رُؤْيَةِ (رَفِيقِهِ) إذَا عَرَفَ عَدَالَتَهُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«إذَا شَهِدَ اثْنَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا» رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَحَدُهُمَا عَدَالَةَ الْآخَرِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ، لِاحْتِمَالِ فِسْقِهِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ فَيَزُولُ اللَّبْسُ، وَكَذَا لَوْ جَهِلَ غَيْرُهُمَا عَدَالَتَهُمَا، أَوْ عَدَالَةَ أَحَدِهِمَا. فَلَيْسَ لَهُ الْفِطْرُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ الْحَاكِمُ.
(وَيُنْكَرُ عَلَى مَنْ أَكَلَ بِرَمَضَانَ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ)، قَالَهُ الْقَاضِي. (وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَانَتْ أَعْذَارٌ خَفِيَّةٌ مَنَعَتْ مِنْ إظْهَارِهِ كَ) مَرِيضٍ لَا أَمَارَةَ عَلَيْهِ، وَ (مُسَافِرٍ لَا عَلَامَةَ عَلَيْهِ) بِخِلَافِ الْأَعْذَارِ الظَّاهِرَةِ، (وَإِنَّمَا مُنِعَ) إظْهَارُهُ (لِئَلَّا يُتَّهَمَ) . انْتَهَى. (قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ: أَكْرَهُ الْمَدْخَلَ السُّوءَ) لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّيبَةِ.
(وَإِنْ اشْتَبَهَتْ الْأَشْهُرُ عَلَى مَنْ أُسِرَ أَوْ طُمِرَ أَوْ بِمَفَازَةٍ وَنَحْوِهِ) كَمَنْ بِدَارِ حَرْبٍ، (تَحَرَّى)، أَيْ: اجْتَهَدَ فِي مَعْرِفَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ (وُجُوبًا) ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ تَأْدِيَةُ فَرْضِهِ بِالِاجْتِهَادِ، فَلَزِمَهُ كَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ،