الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]
(فَصْلٌ)(أَرْكَانُ حَجٍّ أَرْبَعَةٌ) : (إحْرَامٌ) بِحَجٍّ، وَهُوَ نِيَّةُ النُّسُكِ، فَلَا يَصِحُّ إحْرَامٌ بِدُونِهَا، لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . (وَسَعْيٌ) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ:«طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَطَافَ الْمُسْلِمُونَ - تَعْنِي: بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ - فَكَانَتْ سُنَّةً، فَلَعَمْرِي مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِحَدِيثِ «اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. (وَوُقُوفٌ بِعَرَفَةَ) لِحَدِيثِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ، فَمَنْ جَاءَهُ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَطَوَافُ زِيَارَةٍ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مِنْ فَرَائِضِ الْحَجِّ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29](فَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ: طَوَافَ الزِّيَارَةِ، وَأَتَى بِغَيْرِهِ مِنْ فَرَائِضِ الْحَجِّ (وَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ) وَلَمْ يَبْعُدْ عَنْهَا (رَجَعَ) إلَيْهَا (مُعْتَمِرًا) فَأَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ مِنْ سَعْيٍ وَطَوَافِ زِيَارَةٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ.
(وَيَتَّجِهُ) : أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ مُعْتَمِرًا (إنْ بَعُدَ) عَنْ مَكَّةَ مَسَافَةً قَصِيرَةً فَأَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ وَطِئَ أَحْرَمَ مِنْ التَّنْعِيمِ أَوْ غَيْرِهِ وَطَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ، وَحَلَقَ أَوْ قَصَّرَ مِنْ إحْرَامٍ، وَعَلَيْهِ دَمٌ لَوَطِئَهُ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ " لَا رَيْبَ فِيهِ إذْ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيهِ.
(وَأَرْكَانُ عُمْرَةٍ) ثَلَاثَةٌ: (إحْرَامٌ) بِهَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ (وَطَوَافٌ وَسَعْيٌ) كَانَ كَالْحَجِّ.
(وَوَاجِبَاتُهَا) أَيْ: الْعُمْرَةِ (شَيْئَانِ: حَلْقٌ أَوْ تَقْصِيرٌ، وَإِحْرَامٌ مِنْ الْحِلِّ) كَالْحَجِّ (فَمَنْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ لَمْ يَنْعَقِدْ نُسُكُهُ) حَجًّا كَانَ أَوْ عُمْرَةً، لِمَا تَقَدَّمَ. (وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا غَيْرَهُ) أَيْ: الْإِحْرَامِ (لَمْ يَتِمَّ نُسُكُهُ) إلَّا بِهِ (أَوْ) تَرَكَ (شَرْطًا فِيهِ) أَيْ: فِي الرُّكْنِ كَالنِّيَّةِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ فِيهِ كَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ (لَمْ يَتِمَّ نُسُكُهُ إلَّا بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ الرُّكْنِ بِنِيَّتِهِ.
(وَوَاجِبَاتُهُ) أَيْ: الْحَجُّ ثَمَانِيَةٌ: (إحْرَامٌ مِنْ مِيقَاتٍ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ. (وَوُقُوفُ مَنْ وَقَفَ) بِعَرَفَةَ (نَهَارًا لِلْغُرُوبِ) أَيْ: لِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَلَوْ غَلَبَهُ نَوْمٌ بِعَرَفَةَ (وَمَبِيتٌ بِمُزْدَلِفَةَ لِبَعْدِ نِصْفِ لَيْلٍ إنْ وَافَاهَا) أَيْ: مُزْدَلِفَةَ (قَبْلَهُ) أَيْ: نِصْفِ اللَّيْلِ، وَتَقَدَّمَ مُوَضَّحًا (وَمَبِيتٌ بِمِنًى) لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمْرِهِ بِهِ، (وَرَمْيٌ) لِلْجِمَارِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مُفَصَّلًا، وَكَوْنُهُ (مُرَتَّبًا) وَتَقَدَّمَ أَيْضًا (وَحَلْقٌ أَوْ تَقْصِيرٌ وَطَوَافُ وَدَاعٍ وَهُوَ الصَّدْرُ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدَّمَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ ": أَنَّ طَوَافَ الصَّدَرِ هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ. (وَقَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (طَوَافُ الْوَدَاعِ لَيْسَ مِنْ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا هُوَ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ) أَيْ: قَوْلُ الشَّيْخِ (أَظْهَرُ) وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.
(فَمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا وَلَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَعَلَيْهِ دَمٌ) بِتَرْكِهِ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَقَدَّمَ (فَإِنْ عَدَمَهُ) أَيْ: الدَّمِ (فَكَصَوْمِ مُتْعَةٍ) يَصُومُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ وَتَقَدَّمَ فِي الْفِدْيَةِ.
(وَيَتَّجِهُ: مِنْهُ) أَيْ: مِنْ كَوْنِ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا فَعَلَيْهِ دَمٌ لَوْ تَحَلَّلَ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ بِالرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ سِوَى الْحَلْقِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الْحَلْقَ لَا حَدَّ لِآخِرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، فَإِذَا أَخْرَجَ الدَّمَ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ الْحَلْقِ، وَحِينَئِذٍ (لَا شَيْءَ عَلَى فَاعِلِ مَحْظُورٍ) مِنْ مُبَاشَرَةٍ وَوَطْءٍ (قَبْلَ حَلْقِهِ) لِأَنَّ إخْرَاجَهُ الدَّمَ قَامَ مَقَامَ الْحَلْقِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ:(لَكِنَّهُ يَحْرُمُ) عَلَيْهِ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ، أَيْ: قَبْلَ الْحَلْقِ، فَفِيهِ خَفَاءٌ، لِأَنَّ الْفِدْيَةَ قَامَتْ مَقَامَ الْحَلْقِ، نَعَمْ: لَوْ وَطِئَ قَبْلَ الْحَلْقِ وَقَبْلَ الْفِدْيَةِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ، لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَطِئَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الثَّانِي.
(وَالْمَسْنُونُ) مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَأَقْوَالِهِ (كَمَبِيتٍ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَطَوَافِ قُدُومٍ وَرَمَلٍ وَاضْطِبَاعٍ) فِي مَوَاضِعِهَا (وَتَلْبِيَةٍ وَاسْتِلَامٍ