الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]
(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ) هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ قَوْلِكَ: أَفْطَرَ الصَّائِمُ إفْطَارًا. وَأُضِيفَتْ إلَى الْفِطْرِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي وُجُوبِهَا، فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ. وَقِيلَ لَهَا: فِطْرَةٌ، لِأَنَّ الْفِطْرَةَ الْخِلْقَةُ. قَالَ تَعَالَى:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] ، وَهَذِهِ يُرَادُ بِهَا الصَّدَقَةُ عَنْ الْبَدَنِ وَالنَّفْسِ، وَهِيَ بِضَمِّ الْفَاء: كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِمَّا يَلْحَنُ فِيهِ الْعَامَّةُ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، لِاسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ لَهَا، قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ ". وَهِيَ (صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ بِالْفِطْرِ مِنْ) آخِرِ (رَمَضَانَ) قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي قَوْله تَعَالَى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] هُوَ زَكَاةُ الْفِطْرِ (وَلَا تَسْقُطُ) الْفِطْرَةُ (بَعْدَ وُجُوبِهَا) وَهُوَ غُرُوبُ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ (بِمَوْتٍ وَلَا غَيْرِهِ) كَعِتْقِ عَبْدٍ أَوْ بَيْعِهِ، وَإِبَانَةِ زَوْجَةٍ لِاسْتِقْرَارِهَا. (وَلَا تَجِبُ) الْفِطْرَةُ (إنْ وُجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ) شَمْسِ (لَيْلَةِ الْعِيدِ مَوْتٌ أَوْ رِدَّةٌ أَوْ بَانَتْ زَوْجَةٌ أَوْ عَتَقَ أَوْ بِيعَ عَبْدٌ أَوْ أَيْسَرَ قَرِيبٌ مُعْسِرٌ) بِسَبَبٍ، أَوْ انْتِقَالِ مِلْكٍ، فَلَا فِطْرَةَ فِي الْكُلِّ لِزَوَالِ السَّبَبِ قَبْلَ زَمَنِ الْوُجُوبِ (وَلَا) تَجِبُ الْفِطْرَةُ (إنْ أَسْلَمَ) كَافِرٌ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ قَرِيبٌ بَعْدَ غُرُوبِ لَيْلَةِ الْعِيدِ (أَوْ مَلَكَ قِنًّا أَوْ) تَزَوَّجَ (زَوْجَةً أَوْ وُلِدَ لَهُ) مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ نَحْوِ وَلَدٍ أَوْ أَخٍ (بَعْدَهُ)، أَيْ: بَعْدَ غُرُوبِ لَيْلَةِ الْعِيدِ.
(وَهِيَ)، أَيْ: زَكَاةُ الْفِطْرِ: (طُهْرَةٌ لِصَائِمٍ مِنْ لَغْوٍ وَرَفَثٍ وَتُسَمَّى فَرْضًا) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ. وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَدَعْوَى أَنَّ فَرَضَ بِمَعْنَى قَدَّرَ، مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ كَلَامَ الرَّاوِي لَا يُحْمَلُ إلَّا عَلَى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ. بِدَلِيلِ الْأَمْرِ بِهَا فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ
(وَمَصْرِفُهَا)، أَيْ: زَكَاةِ الْفِطْرِ (كَزَكَاةِ الْمَالِ)، لِعُمُومِ:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] الْآيَةُ
(وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَهَا)، أَيْ: زَكَاةِ الْفِطْرِ (دَيْنٌ) لِتَأَكُّدِهَا، بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا عَلَى الْفَقِيرِ وَكُلِّ مُسْلِمٍ قَدَرَ عَلَيْهَا، وَتَحَمَّلَهَا عَمَّنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ، وَلِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْبَدَنِ، وَالدَّيْنُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، بِخِلَافِ الْمَالِ (إلَّا مَعَ طَلَبٍ) بِالدَّيْنِ فَتَسْقُطُ لِوُجُوبِ أَدَائِهِ بِالطَّلَبِ، وَتَأَكُّدِهِ بِكَوْنِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، وَبِكَوْنِهِ أَسْبَقُ سَبَبًا. (وَتَجِبُ) الْفِطْرَةُ (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ (فَلَا تَلْزَمُ) الْفِطْرَةُ (كَافِرًا مَانَ مُسْلِمًا تَلْزَمُهُ)، أَيْ: ذَلِكَ الْمُسْلِمَ (مُؤْنَةُ نَفْسِهِ) بِخِلَافِ مَنْ لَا يُمَوِّنُ
نَفْسَهُ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، كَعَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ، هَلَّ عَلَيْهِ شَوَّالٌ، فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُهَا عَلَى الْكَافِرِ، قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ ". (وَلَوْ) كَانَ (مُكَاتَبًا) فَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ نَفْسِهِ كَمُؤْنَتِهَا (أَوْ صَغِيرًا) لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ نَفْسِهِ لِغِنَاهُ بِمَالٍ أَوْ كَسْبٍ (فَيُخْرِجُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ وَلِيُّهُ) لِمَفْهُومِ حَدِيثِ «أَدُّوا الْفِطْرَ عَمَّنْ تَمُونُونَ» فَإِنَّهُ خَاطَبَ بِالْوُجُوبِ غَيْرَهُ، وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ لَخُوطِبَ بِهَا (بِفَاضِلٍ عَنْ قُوتِهِ)، أَيْ: الْمُسْلِمِ الَّذِي يُمَوِّنُ نَفْسَهُ (وَ) عَنْ (مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ وَلَوْ) كَانَ الْفَاضِلُ (دُونَ صَاعٍ وَيُكْمِلُهُ)، أَيْ: الصَّاعَ (مَنْ تَلْزَمُهُ) فِطْرَةُ مَنْ فَضَلَ عَنْهُ بَعْضُ صَاعٍ (لَوْ عَدِمَ) وَلَمْ يَفْضُلْ عِنْدَهُ شَيْءٌ (بَعْدَ حَاجَتِهِمَا)، أَيْ: الْمُخْرِجِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ (لِمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَدَابَّةٍ وَثِيَابٍ بِذْلَةٍ) بِالْكَسْرِ، وَالْفَتْحُ لُغَةٌ، أَيْ: مِهْنَةٍ فِي الْخِدْمَةِ (وَلِحَافٍ وَفِرَاشٍ وَمِخَدَّةٍ، وَكُتُبِ عِلْمٍ يَحْتَاجُهَا لِنَظَرٍ وَحِفْظٍ وَدَارٍ يَحْتَاجُ أُجْرَتَهَا لِنَفَقَةٍ، وَسَائِمَةٍ يَحْتَاجُ لِنَمَائِهَا، وَبِضَاعَةٍ يَحْتَاجُ لِرِبْحِهَا، وَحُلِيِّ امْرَأَةٍ لِلُبْسِهَا أَوْ كِرَاءٍ تَحْتَاجُ إلَيْهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ، فَيُقَدَّمُ عَلَى الْفِطْرَةِ. (وَتَلْزَمُهُ)، أَيْ: الْمُسْلِمَ إذَا فَضَلَ عِنْدَهُ عَمَّا تَقَدَّمَ وَعَنْ فِطْرَتِهِ (عَمَّنْ يُمَوِّنُهُ مِنْ مُسْلِمٍ) كَزَوْجَةٍ وَوَلَدٍ (حَتَّى زَوْجَةِ عَبْدِهِ الْحُرَّةَ وَقِنِّ تِجَارَةٍ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِمْ عَلَيْهِ، وَكَذَا زَوْجَةُ وَالِدٍ وَوَلَدٍ تَجِبُ نَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِ.
(وَ) حَتَّى (مَالِكِ نَفْعِ قِنٍّ فَقَطْ) بِأَنْ وَصَّى لَهُ بِنَفْعِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ، فَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَفِطْرَتِهِ (وَ) حَتَّى قِنٍّ (مَرْهُونٍ) وَكَذَا مَبِيعٌ فِي مُدَّةِ خِيَارٍ تَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ حَكَمَ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَذْهَبِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِرَاهِنٍ) شَيْءٌ (غَيْرُهُ)، أَيْ: غَيْرُ الْقِنِّ الْمَرْهُونِ، (بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ فِطْرَتِهِ) كَأَرْشِ جِنَايَةٍ.
(وَ) حَتَّى (مَرِيضٍ لَا يَحْتَاجُ نَفَقَةً) لِعُمُومِ حَدِيث ابْنِ عُمَرَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَدَقَةِ
الْفِطْرِ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ عَمَّنْ تَمُونُونَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. وَعَبْدُ الْمُضَارَبَةِ فِطْرَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَنَفَقَتِهِ (وَ) حَتَّى (عَمَّنْ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَتِهِ رَمَضَانَ كُلَّهُ) نَصًّا، لِعُمُومِ حَدِيثِ «أَدُّوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَمَّنْ تَمُونُونَ» وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَلِيٍّ " زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُكَ " وَإِنْ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَتِهِ بَعْضَ الشَّهْرِ أَوْ جَمَاعَةٌ فَلَا (وَ) حَتَّى (آبِقٍ وَمَغْصُوبٍ وَمَأْسُورٍ وَغَائِبٍ) وَمَحْبُوسٍ (وَلَوْ أَيْسَرَ مِنْهُمْ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُمْ، وَكَنَفَقَتِهِمْ، بِدَلِيلِ رُجُوعِ مَنْ رَدَّ الْآبِقَ بِنَفَقَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ، وَلَا يَلْزَمُ إخْرَاجُهَا حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ. زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ يَعْلَمَ مَكَانَ الْآبِقِ. قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ "(لَكِنْ لَا تَجِبُ) فِطْرَةُ الْآبِقِ (مَعَ شَكِّ) سَيِّدِهِ (فِي حَيَاتِهِ) نَصًّا، لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَقَاءَ مِلْكِهِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ، وَكَالنَّفَقَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ (فَإِنْ تَبَيَّنَتْ) حَيَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (أَخْرَجَ لِمَا مَضَى) لِأَنَّهُ بَانَ لَهُ وُجُودٌ سَبَبُ الْوُجُوبِ فِي الْمَاضِي، فَوَجَبَ الْإِخْرَاجُ، كَمَالِ غَائِبٍ بَانَتْ سَلَامَتُهُ.
(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ) مَا يَكْفِي (لِجَمِيعِهِمْ، بَدَأَ بِنَفْسِهِ) لِحَدِيثِ «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» وَكَالنَّفَقَةِ، وَلِأَنَّ الْفِطْرَةَ تُبْنَى عَلَيْهَا (فَزَوْجَتُهُ) إنْ فَضَلَ عَنْ فِطْرَةِ نَفْسِهِ شَيْءٌ، لِتَقَدُّمِ نَفَقَتِهَا عَلَى سَائِرِ النَّفَقَاتِ، وَلِوُجُوبِهَا مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، لِأَنَّهَا عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ (فَرَقِيقُهُ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ مَعَ الْإِعْسَارِ، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ لِأَنَّهَا صِلَةٌ (فَأُمُّهُ) لِأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ فِي الْبِرِّ، «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْأَعْرَابِيِّ حِينَ قَالَ: مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أَبُوكَ» وَلِضَعْفِهَا عَنْ الْكَسْبِ (فَأَبِيهِ) لِحَدِيثِ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» ، (فَوَلَدُهُ) لِقُرْبِهِ (فَأَقْرَبُ فِي مِيرَاثٍ) لِأَوْلَوِيَّتِهِ، فَقُدِّمَ كَمِيرَاثٍ (وَيُقْرَعُ مَعَ تَسَاوٍ) كَأَوْلَادٍ وَإِخْوَةٍ وَأَعْمَامٍ، وَلَمْ يَفْضُلْ
مَا يَكْفِيهِمْ، لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ
(وَتُسَنُّ) الْفِطْرَةُ (عَنْ جَنِينٍ) لِفِعْلِ عُثْمَانَ. " وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ: كَانَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يُعْطُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، حَتَّى عَنْ الْحَمْلِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ " رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي. وَلَا تَجِبُ عَنْهُ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، إجْمَاعُ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. (وَيَتَّجِهُ: لَا) يُسَنُّ إخْرَاجُ الْفِطْرَةِ (مِنْ مَالِهِ)، أَيْ: الْجَنِينِ بَلْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ تَنْمِيَتُهُ لَهُ، وَالْإِخْرَاجُ مِنْهُ يُنَافِيهَا وَهُوَ مُتَّجِهٌ، (وَكَانَ عَطَاءٌ يُعْطِي عَنْ أَبَوَيْهِ) بَعْدَ مَوْتِهِمَا (صَدَقَةَ الْفِطْرِ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ تَبَرُّعٌ) مِنْهُ (اسْتَحْسَنَهُ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ) رضي الله عنه. (وَفِطْرَةُ مُبَعَّضٍ) ، وَلَوْ مُهَايَأَةً تُقَسَّطُ (وَ) فِطْرَةُ (قِنٍّ مُشْتَرَكٍ) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ تُقَسَّطُ (وَ) فِطْرَةُ (مَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَارِثٍ) كَجَدٍّ وَأَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ وَكَجَدَّةٍ وَبِنْتٍ تُقَسَّطُ (أَوْ مُلْحَقٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ) بِأَنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَبَوَيْنِ فَأَكْثَرَ (تُقَسَّطُ) فِطْرَتُهُ (بِحَسَبِ مِلْكٍ) فِي الْأُولَيَيْنِ (أَوْ إرْثٍ) فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ تُقْسَمُ بِحَسَبِ الْمُلَّاكِ وَالْوَرَثَةِ، وَالْفِطْرَةُ تَابِعَةٌ لَهَا، وَلِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ، فَكَانَتْ عَلَى السَّادَةِ وَالْوَارِثِ بِالْحِصَصِ، كَمَاءِ غُسْلِ جَنَابَةٍ.
وَلَا تَدْخُلُ فِطْرَةٌ فِي مُهَايَأَةٍ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ كَالصَّلَاةِ (وَمَنْ عَجَزَ مِنْهُمْ)، أَيْ: الْمُلَّاكِ وَالْوَارِثِ (لَمْ يَلْزَمْ الْآخَرَ) الَّذِي لَمْ يَعْجَزْ (سِوَى قِسْطِهِ) مِنْ فِطْرَةٍ (كَشَرِيكٍ ذِمِّيٍّ) فِي مَالٍ زَكَوِيٍّ
(وَلَا تَجِبُ) فِطْرَةٌ (عَمَّنْ نَفَقَتُهُ بِبَيْتِ مَالٍ كَلَقِيطٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِنْفَاقِ، بَلْ إيصَالُ مَالٍ فِي حَقِّهِ (أَوْ) قِنٍّ (لَا مَالِكَ لَهُ مُعَيَّنٌ كَعَبْدِ غَنِيمَةٍ وَفَيْءٍ) قَبْلَ قِسْمَتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا) فِطْرَةُ أَجِيرٍ وَظِئْرٍ (عَلَى مُسْتَأْجِرٍ أَجِيرًا وَ) مُسْتَأْجِرِ (ظِئْرٍ بِطَعَامِهِمَا) لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا أُجْرَةٌ تَعْتَمِدُ الشَّرْطَ فِي الْعَقْدِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ بِدَرَاهِمَ، وَلِهَذَا تَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مُقَدَّرٍ كَسَائِرِ الْأُجَرِ
(وَلَا) فِطْرَةَ (عَنْ زَوْجَةٍ نَاشِزٍ، وَإِنْ) كَانَتْ (حَامِلًا) ، لِأَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا فَهِيَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَنَفَقَةُ الْحَامِلِ لِلْحَمْلِ، وَلَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ، (أَوْ) زَوْجَةٍ (لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا لِنَحْوِ صِغَرٍ) لَهُمَا عَنْ تِسْعِ سِنِينَ (وَحَبْسِ) هَا وَغِيبَتهَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا وَلَوْ بِإِذْنِهِ، لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ، (أَوْ) زَوْجَةٍ (أَمَةٍ تَسَلَّمَهَا) زَوْجُهَا (لَيْلًا فَقَطْ) دُونَ نَهَارٍ، لِأَنَّهَا زَمَنُ وُجُوبٍ فِي نَوْبَةِ سَيِّدٍ، (وَهِيَ)، أَيْ: نَفَقَةُ أَمَةٍ تَسَلَّمَهَا زَوْجُهَا لَيْلًا فَقَطْ، (عَلَى سَيِّدِهَا، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْهَا)، أَيْ: عَنْ الْفِطْرَةِ (مَنْ لَزِمَتْهُ) وَهُوَ زَوْجُ الْأَمَةِ (بِتَسَلُّمِهَا نَهَارًا) وَلَيْلًا مَعًا، لِأَنَّهُ إذَنْ كَالْمَعْدُومِ، (أَوْ عَجَزَ عَنْهَا)، أَيْ: الْفِطْرَةِ (زَوْجُ حُرَّةٍ، فَتُخْرِجُ) الْفِطْرَةَ (هِيَ)، أَيْ: الزَّوْجَةُ الْحُرَّةَ عَنْ نَفْسِهَا.
(وَلَا يَرْجِعَانِ)، أَيْ: الزَّوْجَةُ وَالسَّيِّدُ (بِهَا)، أَيْ: الْفِطْرَةُ (عَلَى زَوْجٍ أَيْسَرَ) ، لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَبْلُ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلتَّحَمُّلِ وَالْمُوَاسَاةِ. (وَلِمَنْ لَزِمَتْ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ) كَزَوْجَةٍ وَوَلَدٍ مُعْسِرٍ (طَلَبُهُ بِإِخْرَاجِهَا)، أَيْ: الْفِطْرَةِ عَنْهُ كَالنَّفَقَةِ، لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا، (وَ) لَهُ (أَنْ يُخْرِجَهَا)، أَيْ: الْفِطْرَةَ (حُرٌّ) مُكَلَّفٌ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ (عَنْ نَفْسِهِ) مِمَّا اقْتَرَضَهُ أَوْ اتَّهَبَهُ. (وَيَتَّجِهُ: لَا) يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا (مِنْ مَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ) فِطْرَتُهُ بِدُونِ إذْنِهِ إلَّا أَنْ يُطَالَبَ، وَيَمْتَنِعَ مِنْ إخْرَاجِهَا عَنْهُ، فَلَهُ الْأَخْذُ حِينَئِذٍ مِنْ مَالِهِ وَالْإِخْرَاجُ، لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.