الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيَنْعَقِدُ) إحْرَامُهُ (فَاسِدًا حَالَ جِمَاعٍ) ، لِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُهُ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِهِ إنْ وَقَعَ فِي أَثْنَائِهِ، وَإِنَّمَا يَفْسُدُ (وَيَلْزَمُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) وَيَقْضِيهِ كَمَا يَأْتِي، (وَيَبْطُلُ) إحْرَامُهُ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ (بِرِدَّةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] ، و (لَا) يَبْطُلُ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ (بِجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَسُكْرٍ وَمَوْتٍ) ، لِخَبَرِ الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ، (وَلَا يَنْعَقِدُ) الْإِحْرَامُ (مَعَ وُجُودِ أَحَدِهَا)، أَيْ: الْإِغْمَاءِ أَوْ الْجُنُونِ أَوْ السُّكْرِ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ
[فَصْلٌ تخيير الْمُحْرِم بَيْن ثَلَاثَة أَشْيَاء]
(فَصْلٌ)(وَيُخَيَّرُ مَرِيدُ إحْرَامٍ بَيْنَ) ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: (تَمَتُّعٍ، وَهُوَ أَفْضَلُ) نَصًّا، قَالَ: لِأَنَّهُ آخِرُ مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ: كَانَ اخْتِيَارُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدُّخُولَ بِعُمْرَةٍ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ لَمَّا طَافُوا وَسَعَوْا أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إلَّا مَنْ سَاقَ هَدْيًا وَثَبَتَ عَلَى إحْرَامِهِ، لَسَوْقِهِ الْهَدْيَ، وَتَأَسَّفَ بِقَوْلِهِ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا سُقْت الْهَدْيَ، وَلَأَحْلَلْت مَعَكُمْ» وَلَا يَنْقُلُ أَصْحَابَهُ إلَّا إلَى الْأَفْضَلِ، وَلَا يَتَأَسَّفُ إلَّا عَلَيْهِ، لَا يُقَالُ: أَمَرَهُمْ بِالْفَسْخِ، لَيْسَ لِفَضْلِ التَّمَتُّعِ، وَأَنَّمَا هُوَ لِاعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوهُ، ثُمَّ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخُصَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ، لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الِاعْتِقَادِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَأَسَّفْ هُوَ، لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَجَعَلَ الْعِلَّةَ فِيهِ سَوْقَ الْهَدْيِ، وَلِمَا فِي التَّمَتُّعِ مِنْ الْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ مَعَ كَمَالِ أَفْعَالِ النُّسُكَيْنِ.
(فَإِفْرَادٌ) ، لِأَنَّ فِيهِ كَمَالَ أَفْعَالِ النُّسُكَيْنِ.
(فَقِرَانٌ)، وَاخْتُلِفَ فِي حَجَّتِهِ صلى الله عليه وسلم لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا، وَالْمُتْعَةُ أَحَبُّ إلَيَّ.
(فَالتَّمَتُّعُ: أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ مَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ جَابِرٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْرِمْ بِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ فِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، وَيَفْرُغُ مِنْهَا، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "(ثُمَّ) يُحْرِمُ (بِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ فِي عَامِهِ (مِنْ أَيْنَ شَاءَ)، أَيْ: مَكَّةَ أَوْ قُرْبِهَا أَوْ بَعِيدٍ مِنْهَا، (بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، فَلَوْ كَانَ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ أَتَمَّ أَفْعَالَهَا فِي أَشْهُرِهِ، وَإِنْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ صَارَ قَارِنًا.
(وَالْإِفْرَادُ: أَنْ يُحْرِمَ) ابْتِدَاءً (بِحَجٍّ ثُمَّ) يُحْرِمَ (بِعُمْرَةٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ)، أَيْ: الْحَجِّ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ، اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْإِسْلَامِ.
(وَالْقِرَانُ: أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا) أَيْ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (مَعًا، أَوْ يُحْرِمَ بِهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، ابْتِدَاءً (ثُمَّ يُدْخِلَهُ)، أَيْ: الْحَجَّ، (عَلَيْهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، وَيَصِحُّ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَعَلَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَيَكُونُ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا (قَبْلَ شُرُوعٍ فِي طَوَافِهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، فَلَا يَصِحُّ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ لِمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، كَمَا لَوْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ سَعْيِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لَا
(وَيَصِحُّ) إدْخَالُ حَجٍّ عَلَى عُمْرَةٍ (مِمَّنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَلَوْ بَعْدَ سَعْيِهَا)، بَلْ يَلْزَمُهُ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] ، (وَيَصِيرُ قَارِنًا) عَلَى الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُبْدِعِ وَ " الشَّرْحِ " وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى " هُنَا، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي " الْإِنْصَافِ "، وَقَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى ": فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَصِيرُ قَارِنًا (وَلَوْ)
كَانَ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ (بِغَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ) ، لِصِحَّةِ الْإِحْرَامِ بِهِ قَبْلَهَا، كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَتَنْدَرِجُ أَفْعَالُ عُمْرَةِ قَارِنٍ بِحَجٍّ) ، فَيَكْفِيهِ طَوَافٌ وَسَعْيٌ لَهُمَا، قَالَ فِي " الْإِقْنَاعِ وَشَرْحِهِ ": وَيَسْقُطُ تَرْتِيبُ الْعُمْرَةِ، وَيَصِيرُ التَّرْتِيبُ لِلْحَجِّ، كَمَا يَتَأَخَّرُ الْحِلَاقُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ، فَوَطْؤُهُ قَبْلَ طَوَافِ الْقُدُومِ لَا يُفْسِدُ عُمْرَتَهُ، أَيْ: إذَا وَطِئَ وَطْئًا لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ، مِثْلُ إنْ وَطِئَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ دَخَلَهَا وَلَمْ يَطُفْ لِقُدُومِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ، وَإِذَا لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ لَمْ تَفْسُدْ عُمْرَتُهُ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ:" وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(وَمَنْ أَحْرَمَ بِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ، (ثُمَّ أَدْخَلَهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةَ (عَلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ بِهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ أَثَرٌ وَلَمْ يُسْتَفَدْ بِهِ فَائِدَةٌ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، فَلَا يَصِيرُ قَارِنًا.
(وَيَجِبُ عَلَى مُتَمَتِّعٍ دَمٌ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] ، (وَ) يَجِبُ عَلَى (قَارِنٍ دَمٌ) ، لِأَنَّهُ تَرَفَّهَ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ كَالْمُتَمَتِّعِ، وَهُوَ دَمُ (نُسُكٍ لَا) دَمُ (جُبْرَانٍ) ، إذْ لَا نَقْصَ فِي التَّمَتُّعِ يُجْبَرُ بِهِ، (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَا)، أَيْ: الْمُتَمَتِّعُ وَالْقَارِنُ (مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196](وَهُمْ)، أَيْ: حَاضِرُوا الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: (أَهْلُ الْحَرَمِ، وَمَنْ هُوَ مِنْهُ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ) ، لِأَنَّ حَاضِرَ الشَّيْءِ مَنْ حَلَّ فِيهِ، أَوْ قَرُبَ مِنْهُ، أَوْ جَاوَرَهُ، بِدَلِيلِ رُخَصِ السَّفَرِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْزِلَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ،
فَلَا دَمَ، (فَلَوْ اسْتَوْطَنَ أُفُقِيٌّ) لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ (مَكَّةَ، أَوْ مَا قَارَبَهَا، فَحَاضِرٌ) لَا دَمَ عَلَيْهِ، لِدُخُولِهِ فِي الْعُمُومِ، (أَوْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِهِ بِمَكَّةَ) ، أَوْ قُرْبَهَا، (وَالْبَعْضُ الْآخَرُ عَنْهَا)، أَيْ: مَكَّةَ، بِمَنْزِلِهِ (فَوْقَ مَسَافَةِ قَصْرٍ) ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْمَنْزِلِ الْأَبْعَدِ، أَوْ كَانَتْ إقَامَتُهُ أَوْ إقَامَةُ مَالِهِ بِهِ)، أَيْ: الْبَعِيدِ، (أَكْثَرَ) ، لَمْ يَلْزَمْهُ دَمُ تَمَتُّعٍ، لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِهِ (مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) ، فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ.
(وَمَنْ دَخَلَهَا)، أَيْ: مَكَّةَ، مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا، (وَلَوْ نَاوِيًا لِإِقَامَةٍ) بِهَا، فَعَلَيْهِ دَمٌ، (أَوْ) كَانَ الدَّاخِلُ (مَكِّيًّا اسْتَوْطَنَ بَلَدًا بَعِيدًا) مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ عَنْ الْحَرَمِ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا (مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا، لَزِمَهُ دَمٌ) ، وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِهَا، لِأَنَّهُ حَالَ أَدَاءِ نُسُكِهِ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا.
(وَشُرِطَ فِي) وُجُوبِ دَمِ (مُتَمَتِّعٍ وَحْدَهُ)، أَيْ: دُونَ الْقَارِنِ، زِيَادَةً عَمَّا تَقَدَّمَ (سِتَّةُ) شُرُوطٍ:(أَحَدُهَا: أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) ، وَالِاعْتِبَارُ بِالشَّهْرِ الَّذِي أَحْرَمَ بِهَا فِيهِ، لَا بِاَلَّذِي حَلَّ مِنْهَا فِيهِ، (فَمَنْ أَحْرَمَ بِرَمَضَانَ، وَفَعَلَ الْعُمْرَةَ بِشَوَّالٍ، فَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) : لِأَنَّ الْإِحْرَامَ نُسُكٌ يُعْتَبَرُ لِلْعُمْرَةِ لَا مِنْ أَعْمَالِهَا، فَاعْتُبِرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَالطَّوَافِ.
(وَالثَّانِي أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ) ، فَلَوْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَحَجَّ مِنْ عَامٍ آخَرَ، فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، لِلْآيَةِ، لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا، وَلِأَنَّهُمْ إذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، فَهَذَا أَوْلَى، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَبَاعُدًا.
(وَ) الثَّالِثُ: (أَنْ لَا يُسَافِرَ بَيْنَهُمَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ (مَسَافَةَ قَصْرٍ، فَإِنْ سَافَرَ) بَيْنَهُمَا الْمَسَافَةَ (فَأَحْرَمَ بِحَجٍّ، فَلَا دَمَ) نَصًّا، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: إذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ، فَهُوَ
مُتَمَتِّعٌ، فَإِنْ خَرَجَ وَرَجَعَ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ، وَلِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ أَوْ مَا دُونَهُ، لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَقَدْ أَنْشَأَ سَفَرًا بَعِيدًا لِحَجِّهِ، فَلَمْ يَتَرَفَّهْ بِتَرْكِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ.
(وَ) الرَّابِعُ: (أَنْ يَحِلَّ مِنْهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، (قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ، (وَأَلَّا) يَحِلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بِأَنْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، (صَارَ قَارِنًا) ، فَيَلْزَمُهُ دَمُ الْقِرَانِ (بِشَرْطِهِ) ، وَهُوَ أَنْ لَا يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ سَعْيِهَا، لِكَوْنِهِ سَاقَ الْهَدْيَ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَفِي الْإِنْصَافِ يَصِيرُ قَارِنًا، وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ " وَهُوَ الْمَذْهَبُ
(وَ) الْخَامِسُ: (أَنْ يُحْرِمَ بِهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، (مِنْ مِيقَاتِ) بَلَدِهِ، (أَوْ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ مَكَّةَ) ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ دُونِهَا، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، (وَإِلَّا، بِأَنْ) جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ فِي حَالٍ يَجِبُ فِيهَا الْإِحْرَامُ، (لَزِمَهُ دَمٌ، لِمُجَاوَزَةِ مِيقَاتٍ) مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ بِلَا إحْرَامٍ، (وَكَلَامُ الْإِقْنَاعِ هُنَا غَيْرُ مُحَرَّرٍ) كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ.
(وَ) السَّادِسُ: (أَنْ يَنْوِيَ التَّمَتُّعَ فِي ابْتِدَائِهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، (أَوْ) فِي (أَثْنَائِهَا) ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَحُصُولِ التَّرَفُّهِ، هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ، إذْ لَا يُقَالُ مُتَمَتِّعٌ لِمُحْرِمٍ قَبْلَ فَرَاغِهِ، إلَّا إذَا كَانَ عَازِمًا عَلَى ذَلِكَ، نَاوِيًا لَهُ، خِلَافًا لِلْمُوَفَّقِ، (فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْعُمْرَةِ فَقَطْ) ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ الْحَجِّ، وَلَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ دَمِ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ (وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ)، أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، (فَلَوْ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ وَحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ) ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ
اعْتَمَرَ عَنْ غَيْرِهِ، وَحَجَّ لِنَفْسِهِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، (أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ اثْنَيْنِ) بِأَنْ اعْتَمَرَ عَنْ وَاحِدٍ وَحَجَّ عَنْ آخَرَ (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُمَا، (فَعَلَيْهِ دَمُ تَمَتُّعٍ) مِنْ مَالِهِ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الْمِيقَاتِ، فَيُحْرِمُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ بِسَبَبِ مُخَالِفَتِهِ.
(وَيَتَّجِهُ: وَإِلَّا) يُحْرِمُ مُتَمَتِّعًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، (فَعَلَيْهِمَا) الدَّمُ (نِصْفَيْنِ إنْ تَمَتَّعَ بِإِذْنِهِمَا) ، لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أَذِنَا لَهُ فِيهِ، وَإِنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ، فَعَلَيْهِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي عَلَى النَّائِبِ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَيَتَّجِهُ أَيْضًا:(وَكَذَا صَوْمٌ) وَجَبَ عَلَى نَائِبٍ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّمَتُّعِ، فَعَلَى مُسْتَنِيبِهِ وَإِنْ كَانَ بِلَا إذْنٍ؛ فَعَلَيْهِ.
هَذَا إنْ كَانَ نَائِبًا عَنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ نَائِبًا عَنْ اثْنَيْنِ فَأَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا بِلَا إذْنِهِمَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ الْعَشَرَةَ أَيَّامٍ، (وَ) إنْ كَانَ بِإِذْنِهِمَا (احْتَمَلَ) أَنَّهُ (يَصُومُ نَائِبٌ الثَّلَاثَةَ، وَهُمَا)، أَيْ: الْآذِنَانِ (السَّبْعَةَ) ، وَيُجْبَرُ الْكَسْرُ، فَيَصُومُ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، لِأَنَّ الْيَوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ فِي الصِّيَامِ، (أَوْ) احْتَمَلَ أَنْ يَصُومَا (الْعَشَرَةَ) ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، لِوُجُوبِ ذَلِكَ بِسَبَبِهِمَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا) تُعْتَبَرُ
(هَذِهِ الشُّرُوطُ) جَمِيعُهَا (فِي كَوْنِهِ) يُسَمَّى (مُتَمَتِّعًا) ، فَإِنَّ الْمُتْعَةَ تَصِحُّ مِنْ الْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ، مَعَ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَى الْمَكِّيِّ، (وَيَلْزَمُ الدَّمُ)، أَيْ: دَمُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، (بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]، أَيْ: فَلْيُهْدِ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَفْعَالِهِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى إحْرَامِهِ، كَقَوْلِهِ:«الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَيَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، (وَيَأْتِي وَقْتُ ذَبْحِهِ) فِي بَابِ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ.
(وَلَا يَسْقُطُ دَمُ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ بِفَسَادِ نُسُكِهِمَا) ، لِأَنَّ مَا وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ وَجَبَ فِي الْفَاسِدِ، كَالطَّوَافِ وَغَيْرِهِ، (أَوْ)، أَيْ: وَلَا يَسْقُطُ دَمُهُمَا (بِفَوَاتِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ، كَمَا لَوْ فَسَدَ، (وَإِذَا قَضَى
الْقَارِنُ قَارِنًا، لَزِمَهُ دَمَانِ، دَمٌ لِقِرَانِهِ الْأَوَّلِ، وَدَمٌ ل) قِرَانٍ (ثَانٍ وَإِنْ قَضَى) الْقَارِنُ (مُفْرِدًا، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) ، لِقِرَانِهِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّهُ أَتَى بِنُسُكٍ أَفْضَلَ مِنْ نُسُكِهِ، (وَجَزْمُ جَمْعٍ) بِأَنَّهُ (يَلْزَمُهُ دَمٌ لِقِرَانِهِ الْأَوَّلِ) ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ الْأَدَاءُ، وَهَذَا مَرْجُوحٌ، وَالْمَذْهَبُ: لَا دَمَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، (فَإِذَا فَرَغَ) مَنْ قَضَى مُفْرَدًا مِنْ الْحَجِّ، (أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَبْعَدِ مِيقَاتَيْهِ) اللَّذَيْنِ أَحْرَمَ فِي أَحَدِهِمَا بِالْقِرَانِ، وَفِي الْآخَرِ بِالْحَجِّ، كَمَنْ فَسَدَ حَجُّهُ ثُمَّ قَضَاهُ، يُحْرِمُ مِنْ أَبْعَدِ الْمِيقَاتَيْنِ، (وَإِلَّا) يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَبْعَدِ الْمِيقَاتَيْنِ، (ف) يَلْزَمُهُ (دَمٌ) ، لِتَرْكِهِ وَاجِبًا، (وَإِنْ قَضَى) الْقَارِنُ (مُتَمَتِّعًا، أَحْرَمَ بِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ، (مِنْ الْأَبْعَدِ) مِنْ الْمِيقَاتَيْنِ (إذَا فَرَغَ مِنْهَا)، أَيْ: الْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَبْعَدُ الْأَوَّلَ فَالْقَضَاءُ يَحْكِيهِ، لِأَنَّ الْحُرُمَاتِ قِصَاصٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِحُلُولٍ فِيهِ، لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ، فَلِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى صِفَةٍ أَعْلَى وَلَا لِلْقَضَاءِ، لِأَنَّهُ لَا تَرَفُّهَ فِيهِ بِتَرْكِ السَّفَرِ، إذْ يَلْزَمُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْعُمْرَةِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ أَبْعَدِ الْمِيقَاتَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحْرَمَ مِنْ أَحَدِهِمَا قَارِنًا، وَمِنْ آخَرَ بِالْعُمْرَةِ.
(وَسُنَّ لِمُفْرَدٍ وَقَارِنٍ فَسْخُ نِيَّتِهِمَا بِحَجٍّ) نَصًّا، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ أَفْرَدُوا الْحَجَّ، وَقَرَنُوا أَنْ يَحِلُّوا كُلُّهُمْ، وَيَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ لِأَحْمَدَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْك حَسَنٌ جَمِيلٌ، إلَّا خَلَّةً وَاحِدَةً، فَقَالَ مَا هِيَ؟ قَالَ: تَقُولُ بِفَسْخِ الْحَجِّ، قَالَ: كُنْت أَرَى أَنَّ لَك عَقْلًا، عِنْدِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا صِحَاحًا جِيَادًا، كُلُّهَا فِي فَسْخِ الْحَجِّ، أَتْرُكُهَا لِقَوْلِك؟ ، وَقَدْ رَوَى فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ: ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَعَائِشَةُ، وَأَحَادِيثُهُمْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَرَوَاهُ غَيْرُهُمْ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ.
وَفِي " الِانْتِصَارِ " وَ " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ":
لَوْ ادَّعَى مُدَّعٍ وُجُوبَ الْفَسْخِ لَمْ يَبْعُدْ، مَعَ أَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ: وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا قَدِمَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، صَلَّى الصُّبْحَ بِالْبَطْحَاءِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا» وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَرُدَّ بِأَنَّ الْفَسْخَ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ لَا إبْطَالَهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا، قَالَهُ الْقَاضِي.
(وَيَنْوِيَانِ)، أَيْ: الْمُفْرَدُ وَالْقَارِنُ (بِإِحْرَامِهِمَا ذَلِكَ) الَّذِي هُوَ إفْرَادٌ أَوْ قِرَانٌ، (عُمْرَةً مُفْرِدَةً) ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمَا قَدْ طَافَ وَسَعَى، قَصَّرَ وَحَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ وَسَعَى، فَإِنَّهُ يَطُوفُ وَيَسْعَى وَيُقَصِّرُ وَيَحِلُّ، (فَإِذَا حَلَّا) مِنْ الْعُمْرَةِ (أَحْرَمَا بِهِ)، أَيْ: الْحَجِّ، (لِيَصِيرَا مُتَمَتِّعَيْنِ) ، وَيُتِمَّانِ أَفْعَالَ الْحَجِّ، (وَلَوْ طَافَا وَسَعَيَا، فَيُقَصِّرَانِ وَقَدْ حَلَّا، مَا لَمْ يَسُوقَا هَدْيًا) ، فَإِنْ سَاقَاهُ لَمْ يَصِحَّ الْفَسْخُ لِلْخَبَرِ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: الْهَدْيُ يَمْنَعُهُ مِنْ التَّحَلُّلِ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَفِي الْعَشْرِ وَغَيْرِهِ، (أَوْ يَقِفَا بِعَرَفَةَ) ، فَلَا يَفْسَخَانِ، فَإِنَّ مَنْ وَقَفَ بِهَا أَتَى بِمُعْظَمِ الْحَجِّ، وَأَمِنَ مِنْ فَوْتِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
(فَلَوْ فَسَخَا فِي الْحَالَتَيْنِ)، أَيْ: فِيمَا إذَا سَاقَا هَدْيًا أَوْ وَقَفَا بِعَرَفَةَ، (فَلَغْوٌ) لِمَا سَبَقَ، وَهُمَا بَاقِيَانِ عَلَى نُسُكِهِمَا الَّذِي أَحْرَمَا بِهِ، (وَإِنْ سَاقَهُ)، أَيْ: الْهَدْيَ (مُتَمَتِّعٌ) ، بِأَنْ أَتَى بِهِ مَعَهُ مِنْ الْحِلِّ، (لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ) مِنْ عُمْرَتِهِ، (فَيُحْرِمُ بِحَجٍّ إذَا طَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ قَبْلَ تَحْلِيلٍ بِحَلْقٍ)، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ:«تَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فَقَالَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ» (فَإِذَا ذَبَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، حَلَّ مِنْهُمَا) ،
أَيْ: مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (مَعًا) نَصًّا، لِأَنَّ التَّمَتُّعَ أَحَدُ نَوْعِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، كَالْقِرَانِ، وَلَا يَصِيرُ قَارِنًا لِاضْطِرَارِهِ لِإِدْخَالِ حَجٍّ عَلَى عُمْرَتِهِ.
(وَيَتَّجِهُ: أَنَّهُ)، أَيْ: سَائِقُ الْهَدْيِ (فِي هَذِهِ) الْحَالَةِ (قَارِنٌ) لَا مُتَمَتِّعٌ، عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي " الْإِنْصَافِ " وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ " وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَحِلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، بَلْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا، صَارَ قَارِنًا، وَمُقْتَضَى صَنِيعِ شَارِحِ الْمُنْتَهَى " فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ يَأْبَى ذَلِكَ.
(وَالْمُعْتَمِرُ غَيْرُ الْمُتَمَتِّعِ، يَحِلُّ بِكُلِّ حَالٍ) إذَا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ (فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ) " لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرَ سِوَى عُمْرَتِهِ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهَا، بَعْضُهُنَّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، فَكَانَ يَحِلُّ» .
(وَالْمُتَمَتِّعَةُ إنْ حَاضَتْ) أَوْ نَفِسَتْ (قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ، فَخَشِيَتْ) فَوَاتَ الْحَجِّ، (أَوْ) خَشِيَ (غَيْرُهَا فَوَاتَ الْحَجِّ، أَحْرَمَتْ بِهِ) وُجُوبًا، كَغَيْرِهَا مِمَّنْ خَشِيَ فَوْتَهُ، لِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ، فَهَذَا طَرِيقُهُ، (وَصَارَتْ قَارِنَةً)، لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ:«إنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ مُتَمَتِّعَةً، فَحَاضَتْ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَهِلِّي بِالْحَجِّ» (وَلَمْ تَقْضِ طَوَافَ الْقُدُومِ) ، لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ، كَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ، (وَيَجِبُ عَلَى قَارِنٍ وَقَفَ) بِعَرَفَةَ زَمَنَهُ (قَبْلَ طَوَافٍ وَسَعْيٍ) ، أَوْ بَعْدَهُ (دَمُ قِرَانٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قِيَاسًا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ، كَمَا تَقَدَّمَ، (وَتَسْقُطُ الْعُمْرَةُ) عَنْ الْقَارِنِ، فَتَنْدَرِجُ أَفْعَالُهَا فِي الْحَجِّ، (كَذَا) مُقْتَضَى